لماذا تتجنب تركيا التصعيد ضد روسيا في البحر الأسود؟

الأحد 20 أغسطس 2023 10:08 ص

"يعكس تجنب أنقرة المواجهة العلنية مع موسكو في البحر الأسود تصميمها على الحفاظ على توازن بين روسيا والغرب، حيث أنه على الرغم من شكوك الأتراك تجاه الغرب منذ قرون، فإن الصورة الروسية بالكاد أفضل في أذهان الأتراك.

هكذا يخلص تحليل لموقع "المونيتور"، وترجمه "الخليج الجديد"، والذي يشير إلى أن تجنب تركيا الأخير للمواجهة العلنية مع روسيا تعكس جهودها للحفاظ على توازنها، بينما تعمل على حل المشكلات خلف الأبواب المغلقة.

وتمتعت العاصمتان بعلاقة وردية قبل الانتخابات العامة في تركيا في مايو/أيار، ولكن في الأشهر الأخيرة، اتخذت أنقرة سلسلة من الخطوات لتنأى بنفسها عن موسكو، بما في ذلك الإعراب عن دعمها الكامل لعضوية أوكرانيا في الناتو خلال زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إسطنبول أوائل يوليو/تموز الماضي.

كما كان هناك صداما آخر بين البلدين بعد الإفراج عن قادة من كتيبة آزوف الأوكرانية، الذين كان من المفترض أن يظلوا في تركيا حتى نهاية الحرب، بموجب اتفاق لتبادل الأسرى، فضلا عن إعطاء الرئيس رجب طيب أردوغان الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى الناتو.

وأمام ذلك، ووفق التحليل، لم يجلس الروس مكتوفي الأيدي، ففي 17 يوليو/تموز، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين انسحاب بلاده من الاتفاق الذي يسمح بشحن الحبوب الأوكرانية بأمان عبر البحر الأسود، الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة، العام الماضي.

في 6 أغسطس/آب، قصفت القوات الروسية شركة تصنيع المحركات الأوكرانية "موتور سيش"، التي تزود شركة "بايكار" التركية العملاقة للطائرات بدون طيار المشهورة عالميًا.

ولعبت طائرات (TB2) بدون طيار التابعة للشركة دورًا مهمًا في الدفاع الأوكراني ضد القوات الروسية، وهو ما وصفه دبلوماسي تركي رفيع الهجوم، بأنه "تحذير روسي رمزي.. على بعض المبادرات التركية".

وأخيرًا في 13 أغسطس/آب، داهمت القوات الروسية سفينة شحن متجهة إلى أوكرانيا مملوكة لمواطن تركي، وكان طاقمها تركيًا في المياه الدولية في البحر الأسود، على بعد حوالي 50 كيلومترًا من الساحل التركي.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نشرت موسكو لقطات من الغارة.

من جانبه، يقول المحلل الجيوسياسي المقيم في إسطنبول والباحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط يوروك إيزيك ، إن الغارة الروسية كانت "غريبة"، ولكن الأكثر غرابة كانت استجابة أنقرة المنخفضة المستوى.

وخرج الجانب التركي عن صمته الخميس، وحذر موسكو من أي إجراءات أخرى قد تؤدي إلى تصعيد التوترات في البحر الأسود.

ويضيف إيشيك: "روسيا في ورطة خطيرة بسبب الحرب في أوكرانيا، لكن الجانب التركي لا يضغط على مزاياها"، مضيفًا أن الصمت النسبي لأنقرة قد يتعلق بجهودها لإقناع موسكو بالعودة إلى صفقة الحبوب.

فيما يشرح الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية بجامعة قادر هاس في إسطنبول أونور إيسي، نهج تركيا من خلال جهودها للحفاظ على التوازن بين روسيا والغرب.

ويضيف: "توثيق العلاقات مع الغرب لا يعني الانفصال عن روسيا، لكن الامتثال غير المشروط للعقوبات الغربية على روسيا، ليس خطة مجدية لتركيا، كما أنه غير ممكن".

فيما يتساءل مراقبون، عما إذا كان أردوغان وبوتين سيجتمعان شخصيًا هذا الشهر، فمن المرجح أن يجد الجانبان أرضية مشتركة.

ووضعت الحرب في أوكرانيا الاقتصاد الروسي في حالة يرثى لها، علاوة على ذلك، تحتاج كل من أنقرة وموسكو إلى تقليص التزاماتهما في سوريا، للتركيز على القضايا الجيوسياسية الأكثر إلحاحًا.

وفي وقت سابق، أكد مصدر في الرئاسة التركية، أن أردوغان، يخطط لعرض وساطة جديدة، خلال محادثات مقرر عقدها، الشهر الجاري، مع بوتين، لاستئناف محادثات السلام بشأن أوكرانيا ووقف إطلاق النار.

والأسبوع الماضي، ذكرت صحيفة "ميلييت" التركية، أن بوتين سيزور تركيا "في الأيام المقبلة".

كما أفادت قناة "إيه هابر" التلفزيونية التركية، بأنه في حال لم يقم بوتين بزيارة تركيا، سيقوم أردوغان بالسفر إلى الاتحاد الروسي بدلا من ذلك.

وسبق أن أبلغ بوتين نظيره أردوغان، استعداد موسكو للعودة إلى اتفاق الحبوب وتصديره عبر البحر الأسود، شريطة "وفاء الغرب بالتزاماته" فيما يتعلق بصادرات الحبوب الروسية.

و"اتفاق الحبوب" وقعته روسيا وتركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة في 22 يوليو/ تموز 2022، ويقضي بإخراج الحبوب والمنتجات الغذائية الأوكرانية عبر البحر الأسود من 3 موانئ.

وتتهم روسيا الغرب بإخراج الجزء الأكبر من الحبوب الأوكرانية إلى دوله، بينما لم يتم الوفاء بالهدف الرئيسي من الصفقة، وهو إيصال الحبوب إلى الدول المحتاجة بما فيها الدول الأفريقية.

المصدر | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا روسيا أردوغان بوتين البحر الأسود صفقة الحبوب

جيوبوليتيكال فيوتشرز: الضعف الروسي المتزايد يؤشر بعودة نفوذ تركيا على البحر الأسود