تأخُر تطبيع العلاقات بين مصر وإيران.. ماذا يعني؟

الأربعاء 23 أغسطس 2023 12:30 م

قلل رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية (غير حكومي)، وزير الخارجية الأسبق، محمد العرابي، الثلاثاء، من أهمية التأخر في الاستئناف الكامل للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين بلاده وإيران، قائلا إن "الاتصالات مع طهران موجودة، وعودة العلاقات الكاملة ستأتي، لكن مصر لها محدداتها ولا يُضغط عليها لتغييرها".

وطيلة العقود الأربعة الماضية، عانت العلاقات بين البلدين من التوتر والجمود، فعقب اندلاع ثورة الخميني الإسلامية في إيران عام 1979، توترت العلاقات ثم انقطعت رسميا إثر توقيع الرئيس المصري آنذاك أنور السادات على اتفاق سلام مع إسرائيل، لكن كلا من القاهرة وطهران احتفظت ببعثة رعاية مصالح.

  • مسار التطبيع بين مصر وإيران بدأ قبل نحو عامين عبر جولات متقطعة من اللقاءات والمحادثات، وبحسب تقارير إخبارية زار وفد استخباراتي إيراني القاهرة في يوليو/تموز 2021 وأجرى مباحثات مع نظرائه في جهاز الاستخبارات العامة المصري.
  • اكتسبت جهود التطبيع زخما منذ أن استأنفت إيران علاقاتها  الدبلوماسية مع السعودية، بموجب اتفاق بوساطة الصين في 10 مارس/ آذار الماضي، أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج صراعات عديدة في المنطقة.
  • عُقد اجتماع أمني مصري إيراني خلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عمان في يونيو/حزيران 2022، ثم استضافت القاهرة اجتماعا مماثلا في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، ليتطور الأمر قبل عام مع بدء وساطة عمانية مصحوبة بجهود عراقية، ما قاد إلى اجتماعات بين مسؤولين مصريين وإيرانيين في بغداد، فثارت تكهنات بإحراز تقدم كبير وقرب الإعلان عن العودة الكاملة للعلاقات.
  • لكن يبدو أن ثمة معوقات على هذا المسار، منها أن مصر على ما يبدو ترى أن المصالحة السعودية الإيرانية لا تزال تحت الاختبار، وبحاجة إلى وقت لإثبات جدية طهران في التهدئة، لاسيما في الدول التي شهدت تنافسا بين طهران والرياض، وخاصة اليمن ولبنان والعراق.
  • ملف إيران معقد في ظل برنامج نووي مثير للجدل وعقوبات غربية خانقة، ما يؤكد، وفقا لمراقبين، محدودية المكاسب التي يمكن أن تحصل عليها مصر من الإقدام على مثل هذا الاختراق التاريخي.
  • القاهرة تخشى أن تتغلغل إيران (ذات أغلبية شيعية) تدريجيا داخل المجتمع المصري وصولا إلى المطالبة بفتح حسينيات وترميم المقامات والمطالبة بحرية ممارسة الشعائر الشيعية وتدريس المذهب الجعفري.
  •  استعادة العلاقات مع مصر قد تحبط جهود الولايات المتحدة وإسرائيل لعزل إيران، إذ يعمل البلدان على إنشاء تحالف إقليمي لمواجهة طهران وربما شن ضربات عسكرية على منشآتها النووية.
  • يمكن القول، بحسب مصدر دبلوماسي مصري في وقت سابق، إن القاهرة حصلت على "إشارات أمريكية تدل على عدم الممانعة" لتحسين العلاقات بين مصر وإيران، لكن الملف لم يُطرح لنقاش موسع بين، ما يجعل القاهرة تتحسس خطواتها على مسار التطبيع، لعدم إثارة أي أزمات مع الولايات المتحدة، في وقت تواجه في مصر أزمة اقتصادية حادة ومتفاقمة.
  • تحسين العلاقات مع مصر سيعزز وجود إيران الإقليمي ويصون مصالحها الاستراتيجية في المنطقة العربية ويحد من التوترات الإيرانية مع دول الخليج العربي، حيث تحتل مصر موقعا مهما كحليف لهذه الدول. وهكذا فإن التطبيع بين القاهرة وطهران ربما يمثل انتكاسة لجهود تل أبيب لتعزيز العلاقات القائمة بالفعل مع عواصم عربية وإقامة علاقات مماثلة مع عواصم أخرى، ولاسيما الرياض.
  • تطبيع العلاقات مع مصر من شأنه أن يمهد الطريق لتعزيز التعاون الاقتصادي والوصول إلى السوق المصري الواسع، مما يوفر إمكانات كبيرة للمنتجات الإيرانية، وسيؤدي بدوره إلى زيادة العائدات المالية لطهران ويساعد في التخفيف من أزمتها الاقتصادية في ظل عقوبات أمريكية وأوروبية على خلفية برنامجيها النووي والصاروخي.
  • مصر تتخذ موقفا حذرا تجاه دور ونفوذ إيران الإقليمي، إذ تعتبرها تهديدا محتملا لمصالحها الإقليمية، فعلى الرغم من مشاكلها الاقتصادية وتراجع دورها الاستراتيجي، لا تزال  القاهرة تطمح إلى الحفاظ على وضعها كقوة إقليمية؛ مما قد يؤدي إلى توترات مع الجهات الإقليمية الفاعلة الأخرى، لا سيما إيران وتركيا.

موضوعات متعلقة