4 خطوات تنقذ قيادة أمريكا المترنحة للعالم.. هل ينجح بايدن في إجرائها؟

الخميس 24 أغسطس 2023 01:45 م

تعرف الولايات المتحدة أن  عليها إكمال 4 خطوات شديدة الأهمية للحفاظ على قيادتها لما يسمى "النظام العالمي القائم على القواعد"، وهي 4 خطوات تمضي واشنطن إليها وسط دائرة مأزق جيوسياسي معقد، كما يقول الدبلوماسي الإيطالي السابق والمبعوث الخاص لروما في سوريا حتى 2017 وسفيرها السابق في العراق  ماركو كارنيلوس.

ويعدد كارنيلوس هذه الخطوات الأربعة، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست آي"، وترجمه "الخليج الجديد"، وهي:

أولا: هزيمة روسيا في أعقاب الفرصة الذهبية التي قدمها الرئيس فلاديمير بوتين بغزوه السيئ التخطيط لأوكرانيا، والذي استمر لأكثر من 18 شهراً.

ثانيا: احتواء الصين سياسيا واقتصاديا وتقنيا لمنعها من أن تصبح القوة المهيمنة في القرن الحادي والعشرين.

ويتطلب هذا حشد حلفاء الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين والآسيويين بأي ثمن، من خلال إعادة إصدار مرسوم "إما أن تكون معنا أو علينا".

ثالثا: إنقاذ ما تبقى من النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، وهذا يستلزم إبعاد الصين عن المنطقة، وزيادة عزلة إيران، وإغراء السعودية عبر ترتيب ثلاثي معقد مع إسرائيل، دون مطالبة الأخيرة بأي تنازلات كبيرة بشأن القضية الفلسطينية.

رابعا: منع ولادة نظام مختلف متعدد الأقطاب من خلال المغازلة المكثفة للهند، والتي تهدف في الأساس إلى تفكيك مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا).

ويقول الكاتب إن المسار الرابع تحديدا سيظل غير واضح، وسيتعين على المراقبين انتظار نتائج قمة بريكس التي تستضيفها جنوب أفريقيا، هذا الأسبوع، لتكوين صورة أوضح.

وبشكل عام، يؤكد كارنيلوس أن الكيفية التي ستنجح بها واشنطن في ضبط التحركات المعقدة التي تتطلبها مثل هذه المجموعة الطموحة من السياسات تظل لغزا؛ خاصة وأن الولايات المتحدة سوف تدخل في غضون أسابيع قليلة الحملة الانتخابية الرئاسية الأكثر غموضا وربما انفجارا في تاريخ البلاد.

وفيما يلي تصور الكاتب للمسارات الثلاثة الأولى

المسار الأول: هزيمة روسيا

يقول الكاتب إن أمريكا روجت لسحق روسيا في أوكرانيا بـ"ضربة قاضية"، وكان من المفترض أن تجبر العقوبات الضخمة بوتين وأعوانه على الركوع في الصيف الماضي، ولكن يبدو أن تأثيرها كان ضئيلاً للغاية.

ويضيف أن  أوروبا تبنت هذه العقوبات بحماس وعلى نحو أعمى، فألحقت بنفسها الفعل الكارثي الثالث من أذى الذات خلال ما يزيد قليلاً عن قرن من الزمان، بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.

والواقع أن النتيجة العكسية المتمثلة في التخلي عن إمدادات الغاز الروسية الرخيصة، جنباً إلى جنب مع سياسات الحماية التي تنتهجها الولايات المتحدة مثل قانون خفض التضخم، تدفع القارة العجوز إلى حافة التراجع عن التصنيع.

وفي أوكرانيا، قالت مصادر الاستخبارات الأمريكية إن الهجوم المضاد الأوكراني ضد روسيا كان محبطا، لذلك من المتوقع أن تستمر روسيا وأوكرانيا في النزيف، هناك، غير أن الثانية باتت أضعف كثيرا.

المسار الثاني: احتواء الصين

يرى الكاتب أن سياسة احتواء الصين لا تزال تنطوي على علامات استفهام كبرى، والشعور السائد الآن هو أن الأوان قد فات.

وكانت إدارة بايدن تعمل بشكل محموم على إعداد صيغ سياسية مثل الحوار الأمني الرباعي (الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا) وحوار أوكوس (أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة)، بهدف احتواء بكين. وهذا الأخير سيكلف أستراليا فاتورة فلكية تتراوح بين 268 مليار دولار و368 مليار دولار، فقط للحصول على عدد قليل من الغواصات النووية و20 ألف وظيفة جديدة.

في الأسبوع الماضي، استضاف بايدن زعماء اليابان وكوريا الجنوبية في كامب ديفيد لتعزيز التنسيق الثلاثي الذي يهدف إلى إبقاء الصين في مأزق.

وفي كل الأحوال، فقد أصبحت "سياسة الصين الواحدة" التي استمرت أربعة عقود من الزمان، والتي احترمتها الولايات المتحدة، الآن منتهية الصلاحية.

ومن وجهة نظر القيادة الصينية فإن هذا يعني ضمناً حرباً محتملة حول مستقبل تايوان، حيث تصبح الجزيرة أكبر منتج على مستوى العالم للرقائق الدقيقة الضرورية للثورة الصناعية الرابعة الجارية.

ويرى الكاتب أن التحرك مع الصين سوف يكون لعبة طويلة الأمد. تاريخياً وثقافياً، والصين تتفوق في مثل هذه المسرحيات؛ ومن ناحية أخرى، فإن أمريكا (مع العامل الإضافي المتمثل في النظام السياسي المختل بشكل واضح الآن) لا تفعل ذلك.

ويضيف أنه من السهل على واشنطن الإعلان عن الانفصال عن الصين، ولكن من الصعب تحقيقه.

وحتى أحد أبرز دعاة المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وهو الرئيس التنفيذي لشركة رايثيون، جريج هايز، اعترف بصراحة بأن الولايات المتحدة لا تستطيع الانفصال عن الصين، وحتى صناعتها العسكرية، ولكن ينبغي لها أن تعمل على التخلص من المخاطر.

إن إعادة تصنيع الرقائق إلى الولايات المتحدة، وهي الأولوية القصوى لبايدن، تشكل صداعا.

وسيكون من الصعب أن تجد في الولايات المتحدة المهارات اللازمة لإنشاء مصنع تصنيع متقدم، حيث قامت شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية بتأخير المصنع الذي تم تكليفها ببنائه في ولاية أريزونا بسبب نقص العمال المهرة.

كما أصبح من الواضح أكثر فأكثر أن المورد الأكثر أهمية للتحول إلى الطاقة الخضراء هو الصين الآن.

إنه أمر مأساوي، بالنظر إلى مدى الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة على حلفائها الأوروبيين للتخلي عن الغاز الروسي الرخيص، لكي ينتهي بهم الأمر إلى الاعتماد بشكل كامل على الصين للحصول على الطاقة الخضراء.

المسار الثالث: النفوذ الأمريكي بالشرق الأوسط

أما بالنسبة للشرق الأوسط، فقد تعرضت أمريكا على مدى السنوات العشرين الماضية لسلسلة من الصدمات.

فالحربان في أفغانستان والعراق لم تحققا شيئا، وكذلك سنوات العقوبات والضغوط القصوى ضد إيران لم تؤدي إلا إلى تدهور المعادلة الاستراتيجية لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتحاول واشنطن الآن تهدئة الوضع الخطير مع إيران، بعد انسحابها من الاتفاق النووي السابق، من خلال ترتيبات مخصصة، بما في ذلك تبادل السجناء وتخفيف بعض العقوبات المتواضعة.

وفي الوقت نفسه، تحاول واشنطن جذب السعودية للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، التي أصبحت لا تحظى بشعبية متزايدة في العالم العربي بسبب سياسات إسرائيل الوحشية ضد الفلسطينيين ونشاطها الاستيطاني المتواصل.

وفي المقابل، ستحصل الرياض على اتفاق أمني غامض على غرار حلف شمال الأطلسي مع الولايات المتحدة، ومشتريات ضخمة من الأسلحة، ودعم الولايات المتحدة في تطوير برنامج نووي مدني، وبعض "التنازلات" الإسرائيلية غير المحددة لإبقاء حل الدولتين للقضية الفلسطينية حياً. .

ويقول الكاتب: يبدو أن هناك عددًا كبيرًا جدًا من القطع التي لا يمكن وضعها في مثل هذه الفسيفساء المعقدة. وفيما يتعلق بشراء الأسلحة والبرنامج النووي المدني السعودي، فإن إسرائيل وأنصارها في الكونجرس الأمريكي قد يثيرون أكثر من اعتراض.

إن مثل هذا الاتفاق الثلاثي له غرضان محددان: زيادة عزلة إيران وتعقيد العلاقات المتطورة بين المملكة العربية السعودية والصين.

لذلك، تحاول إدارة بايدن من ناحية وقف التصعيد مع إيران وتأخير أي قرارات رئيسية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية عام 2024، وفي الوقت نفسه، تتبع سياسات تهدف إلى عزل طهران.

ومن غير الواضح ما إذا كانت إيران والصين ستبقى مكتوفي الأيدي بينما تعمل الإدارة الأميركية على «تخريب» المسارين السعودي الإيراني والسعودي الصيني، يقول الكاتب.

ومن ناحية أخرى، تنزلق إسرائيل، التي تمثل حجر الزاوية في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ببطء إلى دولة استبدادية من خلال الإصلاحات القضائية المثيرة للجدل التي يفرضها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على البلاد.

ويختم كارنيلوس مقاله بالقول: "إذا نجحت الدبلوماسية الأمريكية في حل هذه الدائرة المعقدة، فهذا يعني أن القدرات الدبلوماسية لفريق بايدن أفضل بكثير مما كان متصورًا سابقًا.. سنرى".

المصدر | ماركو كارنيلوس / ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

النفوذ الأمريكي إدارة بايدن العلاقات الأمريكية الروسية العلاقات الأمريكية الصينية الشرق الأوسط

خبراء: تفكك العلاقات بين واشنطن والرياض يضعف النفوذ الأمريكي في الخليج

مراوغة بايدن في الشرق الأوسط قبل الانتخابات الرئاسية.. هل تنجح؟