إدانة أمريكية أوروبية لتصريحات بن غفير العنصرية.. وإحباط وغضب إسرائيلي

الجمعة 25 أغسطس 2023 06:57 م

أدانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، التصريح "العنصري" لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي ادعى أن حق المستوطنين اليهود في التنقل بين طرقات الضفة الغربية يفوق حق الفلسطينيين الذين يعيشون هناك بحرية في التنقل.

وفي الوقت الذي برر مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، تفوهات بن غفير، تسود أوساط سياسية إسرائيلية حالة من الإحباط، جراء تواصل ردود الفعل الدولية المنددة بتصريحات الوزير الإسرائيلي.

وزعم بن غفير خلال مقابلة للقناة ""12 العبرية، الأربعاء، أن "حقي وحق زوجتي وأولادي في التنقل في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية المحتلة)، أهم من حق العرب في الحركة.. حقي في الحياة يأتي قبل حقهم في الحركة.. هذا هو الواقع".

وأمام ذلك، نددت وزارة الخارجية الأمريكية بشدة بالتفوهات العنصرية لبن غفير، وقال متحدث باسمها في بيان: "ندين بشدة التصريحات التحريضية للوزير الإسرائيلي بن غفير، وندين أي تصريح عنصري".

وأضاف أن "مثل هذه التصريحات تسبب ضررًا كبيرًا، خاصة عندما يطلقها أشخاص في مناصب قيادية".

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: "نحن ندين أي تعبير عنصري.. مثل هذه الرسائل ضارة بشكل خاص عندما يرددها أشخاص في مناصب قيادية، ولا تتفق مع احترام حقوق الإنسان للجميع، لأنها تصريحات تحريضية"، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن أوضحا أن الإسرائيليين والفلسطينيين يجب أن يتمتعوا بالحرية والأمن على قدم المساواة.

وحسب موقع "والاه" العبري، فإن كلمات بن غفير، لاقت صدىً كبيراً في وسائل الإعلام الأمريكية، وصدمت كبار أعضاء الإدارة الأمريكية.

كما زاد تصريح بن غفير، وفق الموقع، من تعزيز التصور السائد في الإدارة الأمريكية والكونجرس، بأن "حكومة نتنياهو" مكونة من عناصر متطرفة تقود سياسات عنصرية، وفق الموقع.

من جانبه، أدان الاتحاد الأوروبي "بشدة" تصريحات بن غفير، التي زعم فيها أن حقه وعائلته بالحركة في الضفة الغربية، "يفوق حق العرب"، على حد وصفه.

وقال الاتحاد في بيان الجمعة: "ندين بشدة تصريحات بن غفير، بشأن حرية تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة"، مجددًا التذكير بأن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، و"تشكل عائقًا أمام السلام وتهدد بجعل حل الدولتين مستحيلًا".

وعبّر الاتحاد الأوربي عن "معارضته القوية لسياسة الاستيطان الإسرائيلية" والإجراءات المتخذة في هذا السياق، داعيًا سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى السماح بتحسين ملموس في حرية التنقل للفلسطينيين.

كما قال البيان، إن "العلاقات بين إسرائيل والاتحاد يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية"، مشددًا على معاملة الجميع على حد سواء بالطريقة نفسها، بما في ذلك الشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال.

من جانبها، رحبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، بالمواقف الدولية التي شجبت وأدانت ونددت بالتصريحات التحريضية العنصرية التي أطلقها بن غفير.

واعتبرت الخارجية الفلسطينية في بيان الجمعة، أن "هذه خطوة بالاتجاه الصحيح، إلا أنها غير كافية وخصوصا أن تلك التصريحات تعبر عن حقد وكراهية مطلقة تجاه الفلسطينيين العرب".

وطالبت بضغط أمريكي ودولي حقيقي على نتنياهو لإقالة بن غفير واعتقاله عقابا له، وخصوصًا أن إرهاب المستوطنين تصاعد بشكل غير مسبوق ضد المواطنين الفلسطينيين، لشعورهم بالحماية والدعم والإسناد من أمثال بن غفير وسموتريتش؛ وفقا لما جاء في البيان.

وحملت الخارجية الفلسطينية حكومة الاحتلال الإسرائيلي ورئيسها نتنياهو، المسؤولية المباشرة والكاملة عن تكرار هذه المواقف والتصريحات.

واستنادًا إلى معطيات حركة "السلام الآن" اليسارية الإسرائيلية الرافضة للاستيطان، فإن نحو نصف مليون مستوطن يقيمون في 132 مستوطنة، و146 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية.

ولا تشمل هذه المعطيات نحو 230 مستوطناً في 14 مستوطنة إسرائيلية مقامة على أراضي القدس الشرقية.

وبحسب معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطينيين، فقد بلغ عدد الفلسطينيين بالضفة الغربية نحو 3.2 ملايين نسمة بنهاية العام 2022.

من جانبه، عقب مكتب نتنياهو، على تصريحات بن غفير، مبررا في بيان مقتضب بالإنجليزية بالقول، إن "إسرائيل تضمن وتمنح الحرية الكاملة للحركة للإسرائيليين والفلسطينيين في يهودا والسامرة".

وأضاف أن "هناك إرهابيين فلسطينيين يستغلون حرية الحركة من أجل قتل النساء والأطفال وعائلات إسرائيلية في كمائن بمواقع ومحاور مختلفة".

ولم يدن نتنياهو تصريحات بن غفير، فيما قال إن الأخير "قصد أن الحق في الحياة يسبق حرية الحركة، ومن أجل منع جرائم القتل المروعة هذه، تقوم قوات الأمن بتطبيق إجراءات أمنية خاصة في هذه المناطق".

وأشار مكتب نتنياهو إلى أن "34 إسرائيليا قتلوا على يد فلسطينيين في العام 2023، وعدد كبير منهم قتلوا بينما كانوا في طريقهم إلى منازلهم".

وتابع: "ستواصل إسرائيل سياستها المتمثلة في الحفاظ على الأمن مع توفير حرية الحركة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين".

وعلى الرغم من هذا التبرير، نقل موقع "واينت" الإلكتروني، عن مسؤولين سياسيين وإعلاميين إسرائيليين قولهم إن الضرر السياسي والإعلامي والقانوني بسبب أقوال بن غفير "هائل".

وأضافوا إن تفوهات بن غفير هي "هجوم إعلامي ضخم ويكشف لأسفنا عن وجه الحكومة".

وتابع المسؤولون أن "بن غفير جسد قبل أي شيء آخر العنصرية والأبارتهايد التي يتميز بها هو وحزبه، وحقيقة أنه لم يكن هناك أي مسؤول رسمي إسرائيلي – لا رئيس الدولة، ولا رئيس الحكومة، ولا وزير الخارجية ولا وزير الأمن، يصرح ضد تفوهات بن غفير بشكل فوري هو أمر خطير ويندمج مع المس الذي بات موجودا في قيمة العلامة التجارية التي تسمى إسرائيل".

وشدد المسؤولون أيضا على أنه "بعد نفوهات بن غفير أصبح أصعب الادعاء أن إسرائيل ليست دولة أبارتهايد. وأخيرا، حصل الذين ينتقدون إسرائيل على ’الإثبات الذهبي’ لادعاءاتهم حول العنصرية الإسرائيلية".

ونقل "واينت" عن المحامي الإسرائيلي نيك طاوفمان، الخبير في القانون وسبق أن تولى منصب محامي دفاع في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قوله، إن "بن غفير اعترف بأقواله بأن السياسة التي يريدها والتي يسعى إلى دفعها قدما كوزير في الحكومة الإسرائيلية هي سياسة أبارتهايد بصورة قاطعة".

ويضيف: "وفقا للتحليل الرسمي لدستور المحكمة الجنائية الدولية، فإن بن غفير يدعو إلى نظام قمع منهجي وسيطرة أحادية الجانب لمجموعة عرقية واحدة على مجموعة عرقية أخرى في مناطق محتلة".

كما نقل موقع "I24News" العبري، عن مسؤولين كبار في الحكومة الإسرائيلية الجمعة، وصفهم تصرفات بن غفير بـ"الصبيانية"، لافتين إلى أنها "تكلف دولة إسرائيل غاليا".

وأضاف المسؤولين أن "بن غفير فعل ما فشلت حركة المقاطعة فعله لسنوات".

وتابعوا أنه "لا يمكن السيطرة عليه، ويتصرف مثل طفل مجنون أُعطي لعبة ليلعب بها.. والمشكلة هي أن اللعبة هي دولة إسرائيل".

وفي خطوة لافتة، دعت صحيفة "هاآرتس" العبرية، في افتتاحيتها الخميس، إلى إقالة بن غفير من منصبه فوراً، على خلفية عدم جديته بمكافحة الجريمة في الوسط العربي بإسرائيل.

وتحت عنوان "اطردوا بن غفير فوراً"، كتبت الصحيفة: "الحكومة الكاهانية برئاسة نتنياهو غير مهتمة بمحاربة الجريمة في البلدات العربية، ويمكن فهم ذلك من تعيين رئيس الوزراء رجلاً غير مناسب في المنصب الأكثر حساسية في الحكومة".

كما أشارت إلى أن "تعيين بن غفير وزيراً للأمن القومي يكفي للتوصل إلى استنتاج مفاده أن حياة المواطنين العرب لا تساوي شيئاً بالنسبة لنتنياهو".

وأردفت الصحيفة: "كان التعيين بمثابة إعلان نوايا"، مشيرة إلى أن "أداء بن غفير حتى الآن يدور حول تنفيذ هذا الهدف؛ السماح للعرب بقتل أنفسهم".

وتابعت: "مادام نتنياهو أبقى بن غفير في منصبه، فإن الرسالة الموجهة إلى المواطنين العرب واضحة: بالنسبة لنا، موتوا". وتقع شرطة الاحتلال تحت المسؤولية المباشرة لبن غفير.

أما صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، فقالت إن "تصريح بن غفير انتشر كالنار في الهشيم في وسائل الإعلام العالمية، وتلقفته حملة المقاطعة، معتبرة إياه اعترافا إسرائيلياً بأنها تدير دولة نظام الفصل العنصري، وقد تم مشاركة هذا التصريح من قبل الصحفيين الذين يتابعهم الملايين حول العالم".

وأضافت الصحيفة، أن "عارضة الأزياء الأمريكية بيلا حديد من أصل هولندي فلسطيني، المعروفة بدعم النضال الفلسطيني، وغالباً ما تنتقد إسرائيل بسبب سياستها في الأراضي الفلسطينية، شاركت هي الأخرى كلام بن غفير أمام متابعيها البالغ عددهم 60 مليونا على "إنستجرام".

وكتبت بيلا حديد أنه "في أي مكان، وفي أي وقت، خاصة في عام 2023، يجب أن تكون حياة أي شخص أكثر قيمة من حياة شخص آخر فقط بسبب أصله أو ثقافته، أو بسبب كراهيته".

وأشارت إلى أنه "بعد الانتقادات الموجهة إليه، نشر بن غفير تغريدة على تويتر باللغة الإنجليزية، زاعما فيها أنه سعى لتوضيح كلامه، لكنه كررها بالضبط مرة أخرى.

وأكد تقرير الصحيفة، أن "بن غفير هاجم اليسار الإسرائيلي والعالمي بزعم أنه يواصل تأجيج التحريض في العالم ضد حكومة الاحتلال، وبسبب استراتيجيتهم الساخرة، فإننا نشهد الآن موجات من كارهي إسرائيل الذين يهاجمونني ويهاجمون الدولة، ويواصل اليسار إلحاق الضرر بها، تمامًا كما أضر بالاقتصاد، وتماسكنا الاجتماعي والجيش خلال الأشهر الثمانية الماضية".

في المقابل، أصدر بن غفير بيانا، وجهه إلى بيلا حديد ووصفها بأنها "كارهة إسرائيل".

وكرر بن غفير زعمه: "نعم، حقي وحق إخوتي اليهود بالسفر والعودة إلى البيت بسلام في شوارع يهودا والسامرة، يفوق حق المخربين الذين يلقون الحجارة ويقتلوننا.. ولن أعتذر ولن أتراجع عن أقوالي.. وسأقولها 1000 مرة أخرى أيضا".

في سياق متصل، كشفت الصحيفة أن وزيرا كبيرا في الليكود، لم تكشف عن اسمه، شنّ هجوما كاسحا على بن غفير، واتهمه بأنه "مريض بالإعلام والدعاية"، وأنه "همجي"، ويلحق الضرر على المستويين المحلي والدول".

ويُنظر إلى بن غفير على أنه ظاهرة صعود اليمين المتشدد في إسرائيل، ويهتف أنصاره بشعار "الموت للعرب".

كما أنه معروف بمواقفه المتطرفة تجاه الفلسطينيين، وهو من سكان مستوطنة "كريات أربع"، المقامة على أراضي الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة.

وسبق أن أظهرت تقارير إسرائيلية، أن البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة تضاعف وسجل أرقامًا قياسية جديدة منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة نتنياهو.

ومنذ مطلع العام الجاري، صادقت الحكومة على إقامة أكثر من 13 ألف وحدة مقابل 10 آلاف وحدة تمت المصادقة عليها في عام 2020، ويرصد هذا التقرير تفاصيل التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فلسطين الضفة بن غفير إسرائيل تصريحات عنصرية نتنياهو أمريكا الاتحاد الأوروبي