رفض روسيا استئناف نقل الحبوب وتأثيره على تركيا.. ماذا يعني؟

الأربعاء 6 سبتمبر 2023 11:29 ص

رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يعيد إحياء الاتفاقية، المدعومة من الأمم المتحدة، التي تسمح لأوكرانيا بشحن حبوبها عبر البحر الأسود، ما لم تُرفع العقبات التي تعترض الصادرات الزراعية الروسية.

إعلان رفض بوتين جاء بعد اجتماع استمر ثلاث ساعات، في منتجع سوتشي الروسي الإثنين الماضي، مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي سبق وأن توسط في هذه الاتفاقية عام 2022، ولا يزال يأمل في إقناع بوتين بالعودة إليها.

  • يفرض الغرب عقوبات على موسكو تشمل صادرات الحبوب والأسمدة؛ ردا على شن روسيا منذ 24 فبراير/ شباط 2022 حربا في أوكرانيا، تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، تهدد الأمن القومي الروسي.
  • لمعالجة أزمة غذاء عالمية، تم التوصل في يوليو/ تموز 2022 إلى اتفاقية معروفة باسم "مبادرة البحر الأسود لنقل الحبوب"، بوساطة من تركيا وباتفاق بين روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، وتنص على تصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر إنساني فتحه الأسطول الروسي في البحر الأسود، شريطة السماح بوصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية.
  • جرى تمديد العمل بالاتفاقية عدة مرات، وسمحت بشحن 36.2 مليون طن متري من الحبوب والمواد الغذائية من أوكرانيا، أحد أكبر مصدري القمح والذرة والشعير وعباد الشمس في العالم، منذ أغسطس/آب 2022، أكثر من نصفها إلى الدول النامية.
  • في 17 يوليو/ تموز الماضي، أخطرت موسكو الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا بأنها لن تمدد الاتفاقية؛ لأن العقوبات الغربية حالت دون تنفيذ الجزء الثاني منها المتعلق بوصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى الأسواق العالمية؛ إذ تعاقب القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، شركات التأمين وخدمات الموانئ التي تتعامل مع روسيا.
  • الغرب يرفض حديث موسكو عن أن العقوبات انتهكت اتفاقية الحبوب، ويبدو من غير المرجح أن يقدم ضمانات إضافية، إذ وصفت ألمانيا التصريحات الروسية بأنها "ساخرة"، وقالت الولايات المتحدة إن صادرات القمح الروسي زادت بالفعل خلال فترة العقوبات في 2022 و2023.
  • يبدو أن روسيا مترددة في العودة إلى الاتفاقية؛ لأنها ترى أنها تمكّن صادرات القمح الأوكراني، بما يعزز اقتصاد كييف ويزيد من عزم الأوكرانيين على مواصلة القتال، لاسيما في ظل دعم غربي متنوع ومكثف لهم.
  • خلال عودته من روسيا، قال أردوغان إن لدى موسكو طلبين هما ربط البنك الزراعي الروسي بنظام "سويفت" للمدفوعات الدولي، وتأمين السفن المستخدمة بالنقل، معربا عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى حل قريبا.
  • أردوغان كان يأمل في الانتهاء من المحادثات مع روسيا لتقديم النتائج إلى قادة العالم في قمة مجموعة الدول العشرين بالهند في 9 و10 سبتمبر/ أيلول الجاري، قبل أن يحضر اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بين 18 و26 من الشهر نفسه، حيث يعتزم مناقشة هذا الملف مع الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش.
  • بالنسبة لتركيا، فإن صفقة الحبوب لها اعتبارات محلية أيضا، إذ أثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى جانب تعثر الليرة، على مستوى معيشة الأتراك، فيما يحرص حزب العدالة والتنمية الحاكم، بزعامة أردوغان، على تخفيف هذه التحديات قبل إجراء انتخابات بلدية مهمة بمدينتي إسطنبول وأنقرة في مارس/ آذار 2024.
  • حظيت تركيا بإشادات دولية كثيرة حين نجحت في التوسط بصفقة الحبوب، لكن على الرغم من الفشل في استئنافها، فإن أنقرة وموسكو ستحتفظان بعلاقتهما بفضل الفوائد التجارية والدفاعية المستمرة لهما والتهديد المتناقص الذي تشكله روسيا على المصالح التركية في مناطق الصراع مثل سوريا والقوقاز، وإذا زادت ضرورة أنقرة السياسية لخفض أسعار المواد الغذائية في الداخل، فربما تتوصل إلى ترتيبات ثنائية مع روسيا.
  • لم تنضم أنقرة إلى العقوبات الغربية على موسكو، وزادت التجارة التركية الروسية بنسبة 93% على أساس سنوي من 2021 إلى 2022، إذ تحولت التجارة الروسية، المتأثرة بالعقوبات، إلى شركاء تجاريين بديلين مثل تركيا، كما تستفيد أنقرة من الوصول إلى صادرات الغذاء والطاقة الروسية بسعر مخفض في وقت ترتفع فيه معدلات التضخم.
  • إذا تضررت تركيا داخليا من عدم استئناف صفقة الحبوب، فربما تبتعد عن التنسيق مع موسكو وتبدأ في إلقاء اللوم عليها علانية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وهي خطوة من شأنها أن تضعف موقف روسيا الدبلوماسي في العالم.
  • من أجل خفض أسعار المواد الغذائية، قد تحاول تركيا أيضا مساعدة أوكرانيا في إيجاد طرق بديلة لتصدير حبوبها والتحايل على الحصار الروسي، فمثلا يمكنها تقديم معلومات استخباراتية لسفن الحبوب الأوكرانية وتسريع وتيرة صادرات أسلحة، بينها طائرات بدون طيار، إلى كييف، قد تُستخدم لردع النشاط البحري الروسي وإضعاف حصارها في البحر الأسود.
  • لكن توجد حدود لمثل هذا الاحتمال، إذ ستظل تركيا تسعى إلى تجنب أي أعمال قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا في البحر الأسود، الأمر الذي سيمنع أنقرة من استخدام قواتها البحرية لمرافقة السفن عبر المنطقة.

موضوعات متعلقة