تحليل: أردوغان فشل في إقناع بوتين بالعودة لصفقة الحبوب

الثلاثاء 5 سبتمبر 2023 07:20 ص

سلطت الكاتبة المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط، أمبرين زمان، الضوء على ما اعتبرته فشلا للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في إقناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالعودة إلى اتفاق الحبوب المهم في البحر الأسود بعد اجتماعهما، الإثنين، في مدينة سوتشي الروسية.

وذكرت أمبرين، في تقرير نشره "المونيتور" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الزعيمين أكدا أنهما يعملان على خطة منفصلة لإرسال الحبوب إلى الدول الإفريقية الأكثر احتياجا بدعم مالي من قطر.

وأشارت أمبرين أن نتيجة اجتماع أردوغان-بوتين ضربة للجهود التي تقودها الولايات المتحدة لإعطاء الأولوية لمبيعات الحبوب الأوكرانية بشكل آمن عبر البحر الأسود، ما قد يترك أوكرانيا دون وسائل لتخزين الإمدادات غير المباعة.

وقال بوتين، في مؤتمر صحفي بعد المحادثات مع أردوغان إنه مستعد لإحياء اتفاق الحبوب السابق لكن فقط إذا تم الوفاء بشروط روسيا.

وتقول روسيا إن الاتفاق الذي توسطت فيه مع الأمم المتحدة بالتوازي مع اتفاق آخر، تم التوصل إليه بين تركيا والأمم المتحدة وأوكرانيا في يوليو/تموز 2022 لم يتم تنفيذه بشكل عادل، إذ تعرقلت صادراتها الزراعية.

وهنا تشير الكاتبة إلى أن روسيا غاضبة بشكل خاص لأنها لم تتمكن من تصدير الأمونيا التي تستخدم لإنتاج الأسمدة، ولأن القيود لاتزال مستمرة على وصولها إلى نظام المعاملات المالية "سويفت".

وأضافت أن أردوغان بدا مؤيدا لبوتين بعد المباحثات، قائلا: "نعتقد أن المبادرة يجب أن تستمر من خلال تصحيح أوجه القصور"، بل انتقد أوكرانيا قائلاً إنها بحاجة إلى أن تكون أقل عناداً فيما يتعلق بممر الحبوب.

وأضاف أردوغان بعد محادثاته مع بوتين: "ممر البحر الأسود سيخدم الدول الأكثر فقرا التي سيتم شحن هذه الحبوب إليها".

واعتبرت أمبرين هذه التصريحات دليلا على فشل أردوغان في التصدي لخطابات بوتين المناهضة لأوكرانيا، وادعائه بأن كييف "مزقت وألقت في سلة المهملات" مخطط وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه تركيا في الأيام الأولى من الحرب.

واستشهدت الكاتبة بوصف يفغينيا جابر، الزميلة غير المقيمة في المجلس الأطلسي والدبلوماسية الأوكرانية السابقة التي خدمت في تركيا، للمشهد في سوتشي بأنه "صورة غير عادلة وغير سارة"، مضيفة: "كان من المحزن أن نرى زعيم بالناتو يقف إلى جانب مجرم حرب، ويستمع إلى أكاذيبه ودعايته وتضليله حول صفقة الحبوب ولا يرد على ذلك".

وشدد الزعيمان على أن مبادرة قطر لم يكن المقصود منها أن تكون بديلاً لمبادرة حبوب البحر الأسود، ولا يزال من غير الواضح كيف سيؤثر ذلك على الجهود التي تقودها الولايات المتحدة وأوكرانيا لتصدير الحبوب الأوكرانية عبر الموانئ البلغارية والرومانية. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان مخطط قطر هو لمرة واحدة أم أنه سيستمر.

وأعلنت روسيا في 17 يوليو/تموز انسحابها من المبادرة، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار الحبوب العالمية. وشنت روسيا منذ ذلك الحين سلسلة من الهجمات على ميناء أوديسا الأوكراني على البحر الأسود.

وتضغط تركيا، التي لعبت دور الوسيط منذ بداية الصراع الأوكراني في فبراير/شباط 2022، على الكرملين للانضمام مرة أخرى إلى الاتفاق الذي يسمح لأوكرانيا بتصدير حبوبها إلى الأسواق العالمية دون مواجهة هجوم من السفن البحرية الروسية في البحر الأسود.

وضمنت الصفقة نقل ما يقرب من 33 مليون طن من المحاصيل من الموانئ الأوكرانية تحت الحماية التركية، وكان من شأن نجاح مباحثات أردوغان-بوتين أن تعزز مكانة الرئيس التركي قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في الهند في 8 سبتمبر/أيلول.

لكن الزعيمين اتفقا، بدلاً من ذلك، على تنفيذ مخطط منفصل يرسل بموجبه مليون طن من الحبوب إلى 6 دول أفريقية بعد معالجة الحبوب وتحويلها إلى دقيق في المصانع التركية. وسيتم تمويل شراء الحبوب من روسيا من قبل قطر، الحليف الوثيق لتركيا، وسيتم منحها للأفارقة مجانًا، بموجب هذا الاتفاق.

وفي السياق، قال يوروك إيشيك، المحلل الجيوسياسي المقيم في إسطنبول والذي يراقب الصراع عن كثب: "هذه صفعة كبيرة على وجه أوكرانيا (..) قد يكون ذلك جيدًا للأفارقة، لكن روسيا ستحصل على أموال يمكنها من خلالها الاستمرار في تمويل حربها ضد أوكرانيا".

وقال مايكل تانشوم، الزميل غير المقيم في معهد الشرق الأوسط: "هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لأوكرانيا لأنهم كانوا يحاولون بيع القمح من السنوات السابقة. لن يكون لديهم مساحة تخزين كافية وقد يخسرون المحاصيل والعائدات نتيجة لذلك".

وتفاقمت المشكلة بسبب الهجمات الروسية على البنية التحتية البحرية ومنشآت تخزين الحبوب في أوكرانيا، التي تقول إن ما يصل إلى 60 ألف طن من الحبوب تم حرقها في الضربات حتى الآن.

والنتيجة هي أن المزارعين الأوكرانيين سيفتقرون إلى الوسائل اللازمة لزراعة منتجات جديدة، ما قد يدفع الدولة، التي مزقتها الحرب، إلى الخروج من تجارة الحبوب العالمية تمامًا، حسبما قال تانشوم لـ "المونيتور".

وعلى الجانب الآخر، ستستفيد أفريقيا، فإحدى أهم الشكاوى المتعلقة بالصفقة الحالية هي أن أكثر من نصف القمح الذي يتم شحنه عبر البحر الأسود، وهو ما يمثل 51% من إجمالي شحنات الحبوب، لا يذهب إلى الدول الأكثر احتياجًا، بل إلى الدول الغربية.

وهنا تشير أمبرين إلى مفارقة، وهي أن تركيا هي ثالث أكبر مشتر لهذا القمح، بعد الصين وإسبانيا، وهي أكبر مصدر للدقيق في العالم والثانية للمعكرونة، وهو ما علقت عليه بالقول: "هذا فوز كبير لتركيا، فبدلاً من مجرد الحصول على القمح الأوكراني، ستحصل على المزيد من القمح الروسي وتحافظ على دورها المهيمن في سلسلة توريد القمح إلى صناعة الخبز".

وتشير الكاتبة إلى أن مباحثات أردوغان-بوتين انطوت على ما هو أكثر من القمح والخبز، مثل الخطط الروسية لإنشاء مركز للطاقة في تركيا، حيث ستقوم بتسويق غازها الطبيعي من خلاله، إضافة إلى ملف سوريا، حيث أقام البلدان علاقة تنسيق على الرغم من دعمهما لأطراف المتعارضة في الصراع المستمر منذ 12 عامًا.

كما بحث كل من أردوغان وبوتين العلاقات الاقتصادية، وتحدثا عن أرقام عدد السياح الروس الذين زاروا تركيا هذا العام حتى الآن وفي العام الماضي.

وأشار بوتين إلى أن الوحدة الأولى من أول محطة للطاقة النووية في تركيا، والتي تبنيها شركة روساتوم الروسية وتوظف أكثر من 20 ألف تركي وروسيا، ستدخل حيز التنفيذ العام المقبل.

المصدر | أمبرين زمان/المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا روسيا أوكرانيا البحر الأسود صفقة الحبوب أردوغان بوتين

الكرملين: محادثات بوتين وأردوغان لم تستهدف الوصول لاتفاقيات محددة

رفض روسيا استئناف نقل الحبوب وتأثيره على تركيا.. ماذا يعني؟

مسيّرات روسية تقصف ميناء استراتيجيا لتصدير حبوب أوكرانيا

إسرائيل توقع اتفاقا مع أذربيجان وأوزبكستان لتأمين إمدادات الحبوب

أردوغان يفتح ملف اتفاق الحبوب على هامش زيارته لاجتماعات الأمم المتحدة

الهدوء في سوق صادرات الحبوب خادع.. كارنيجي: إحياء الصفقة احتمال ضعيف

زيارة أردوغان الأخيرة إلى روسيا.. ماذا تعني للسياسة الإقليمية؟