وسط تحذيرات من كارثة صحية وبيئية.. درنة تواجه صعوبة في دفن قتلاها

السبت 16 سبتمبر 2023 06:26 ص

تواصل فرق الإنقاذ المحلية والأجنبية في مدينة درنة (شرقي ليبيا) وباقي المناطق المتضررة من الإعصار والفيضانات جهودها في البحث عن مفقودين، وإخراج أحياء من بين الركام رغم صعوبة التحرك في شوارع المدينة، وسط تحذيرات من كارثة صحية وبيئية في المناطق المنكوبة.

وجرفت الفيضانات أحياء بأكملها في مدينة درنة الليبية، وقد مات الآلاف، بينما لا يزال آلاف آخرون في عداد المفقودين، وتجري الجهود للعثور عليهم، لكن المهمة شاقة.

وجرفت الفيضانات آلاف الجثث إلى البحر، وجلبت موجات المد والجزر بعضها إلى الشاطئ على بعد أكثر من 100 كيلومتر من مكانها الأصلي.

وبدأت الجرافات في تطهير الشوارع في درنة، لكن العمليات تجري ببطء، ولا تزال أنقاض المباني المدمرة تخفي العديد من الضحايا الذين كانوا محاصرين بالداخل، عندما ضربت الفيضانات المدينة.

ويؤدي تهالك البنية التحتية إلى إبطاء عمل فرق الإغاثة، إذ أن الطرق المؤدية إلى درنة مغلقة ولا تتمكن الفرق الموجودة على الأرض من الحصول على الطاقة والمياه والوقود.

وهناك دعوات لإنشاء ممر بحري كوسيلة للوصول السريع للمنكوبين.

وتداوال ناشطون مشاهد تظهر انتشال جثث لضحايا الفيضانات جرفتها المياه صوب شواطئ مدينة درنة.

وتظهر المشاهد جثثا أعادها البحر إلى شاطئ المدينة بعد وفاة أصحابها جراء الكارثة.

وقال عضو بالهيئة الليبية للإغاثة في درنة، إن العمل جار للتعرف على هويات الجثث التي انتهى بها المطاف على الشاطئ.

ووصفت الأمم المتحدة آثار الفيضانات المدمرة في ليبيا بأنها "كارثة صادمة للغاية ولا يمكن تصوّر عواقبها"، وتقول إن درنة بحاجة ماسة إلى المزيد من المساعدات، وإن تغير المناخ لعب دورا في الكارثة.

وأطلقت الأمم المتحدة الآن نداء عاجلا لجمع ما يزيد قليلا علي 71 مليون دولار، للاستجابة لاحتياجات المتضررين من الفيضانات.

فيما حثت منظمة الصحة العالمية ووكالات إغاثة أخرى السلطات الليبية، على التوقف عن دفن ضحايا الفيضانات في مقابر جماعية.

وحسب تقرير للأمم المتحدة، فقد تم دفن أكثر من 1000 شخص حتى الآن في مقابر جماعية.

وحث البيان على ضرورة دفن الضحايا في قبور محددة وموثقة، لأن الدفن المتسرع يمكن أن يؤدي إلى ضائقة نفسية طويلة الأمد لأفراد العائلات المكلومين.

من جانبه، يقول وزير الصحة في الحكومة المكلفة من مجلس النواب عثمان عبدالجليل، أنه تم دفن 3166 متوفى في مدينة درنة حتى الجمعة، في حين تشير بعض التقديرات إلى وفاة وفقدان نحو 15 ألفا ونزوح نحو 30 ألفا من السكان الذين كان يقدر عددهم بنحو 100 ألف حتى حلول الإعصار الذي ضرب المنطقة الشرقية الأحد الماضي.

ومع تصاعد أعداد القتلى والمفقودين، ارتفعت وتيرة المناشدات من داخل درنة والمناطق الأخرى طلبا لمزيد من الآليات والمعدات وفرق الإنقاذ والخدمات.

ويواجه السكان وفرق الإغاثة صعوبة كبيرة في التعامل مع آلاف الجثث التي أعادتها الأمواج لليابسة أو تتحلل تحت الأنقاض، بعد أن دمرت الفيضانات المباني وألقت بالكثيرين في البحر.

وقد تواصلت جهود انتشال الجثث المتناثرة في الشوارع وفي البيوت المتأثرة بالفيضانات، وهي الجهود التي تقوم بها فرق ليبية وأجنبية أملا في العثور على جثث ضحايا قذفت بهم السيول إلى البحر قبالة شواطئ مدينة درنة.

وتوقع نائب رئيس المجلس المحلي في مدينة درنة أحمد مدورَد، إمكانية إخلاء المدينة بشكل كلي أو جزئي، تحسبا لانتشار الأوبئة، بسبب الجثث التي بدأت في التحلل تحت الأنقاض.

كما لفت مدورد إلى إمكانية إخلاء حي الجبيلة وحي المغار وما تبقى من سكان وسط المدنية التي تعرضت لدمار واسع جراء السيول التي تسبب فيها انهيار سدين، وقال إن هناك دراسة تجري لتقييم الوضع.

وأكد المسؤول الليبي نزوح أعداد كبيرة من سكان الأحياء المنكوبة إلى مناطق باب طبرق وباب شيحا ومنطقة الفتائح والساحل الشرقي ومدن ومناطق أخرى.

وذكر نائب رئيس المجلس المحلي في درنة، أن الكهرباء عادت إلى أغلب أحياء المدينة عدا منطقة وادي الناقة وحي مارينا، لافتا إلى تسجيل نقص في المواد الغذائية رغم المساعدات التي تصل تباعا إلى درنة.

وتتصاعد تحذيرات من حدوث كارثة صحية وبيئية في المناطق المنكوبة جراء الإعصار وعلى وجه الخصوص مدينة درنة، إذ يحذر خبراء البيئة من انتشار الأمراض المعدية والأوبئة نتيجة تلوث مياه الشرب في المدينة.

وقال وزير البيئة في حكومة الوحدة الوطنية الليبية إبراهيم العربي منير، إن الفرق التابعة لوزارته تحلل المياه الجوفية في مدينة درنة للتأكد مما إذا كانت ملوثة أم لا، ونصح السكان بعدم شرب أو استخدام المياه الجوفية في المدينة.

ولفت إلى أن الحكومة ليس لديها "خطط للتعامل مع كارثة كبرى بمثل هذا الحجم الذي وقعت به كارثة الإعصار بمدينة درنة".

وأضاف أن "جزءًا كبيرًا من مدينة درنة كان في قلب مجرى السيل ما فاقم الكارثة، وأن ربع المدينة اختفى بالكامل في أقل من نصف ساعة".

في الأثناء، قال وزير الشباب في حكومة الوحدة الوطنية الليبية ونائب رئيس الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة فتح الله الزُّنّي، إن هناك تقدما ملحوظا في مجال الإغاثة والرعاية الصحية وانتشال الجثث في درنة.

وأضاف، أن هناك تكاتفا وتوحيدا للجهود وتنسيقا ميدانيا بالمناطق المتضررة من الفيضانات بغض النظر عن الانقسام السياسي في ليبيا بين الشرق والغرب، على حد قوله.

وأثار انهيار سدود درنة الكثير من الجدل وعلامات الاستفهام عن السبب وراء هذا الانهيار، وما إذا كان ممكنًا تجنيب المدينة هذا الدمار غير المسبوق الذي خلّف آلاف الضحايا.

وأعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، الخميس، أنه "كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا"، جراء الفيضانات المدمرة.

وقال الأمين العام للمنظمة، بيتيري تالاس، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إنه "لو كان بالإمكان إصدار إنذارات، لكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكنت من إجلاء السكان، ولكنا تفادينا معظم الخسائر البشرية".

من جانبه، قال النائب العام الليبي الصِديق الصور، إن مكتبه باشر في استدعاء إدارة السدود ووزارة الموارد المائية، وإن التحقيقات الجارية حاليا بشأن الفيضانات في شرقي البلاد تركز على أسباب انهيار السدين والأموال التي تم دفعها لصيانة سدي وادي درنة وكيفية صرفها.

وأكد الصور، في مؤتمر صحفي من مدينة درنة، أن التحقيقات ستشمل السلطات المحلية والحكومات المتعاقبة بشأن أي تقصير أو إهمال، والكشف والمعاينة وتحديد الضحايا وسبب الوفاة.

وفي ردود الفعل الدولية، وصفت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس الفيضانات التي اجتاحت شرقي ليبيا بـ"الأزمة الإنسانية غير المسبوقة".

واعتبرت هاريس، أن الأمر الملح حاليا في المناطق المتضررة هو "تمكين الناجين من الوصول إلى مصادرِ مياهٍ نظيفة وصالحةٍ للشرب".

بدوره، قال مسؤول المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن جريفيث، إن "ليبيا بحاجة إلى معدات للعثور على الأشخاص المحاصرين في الوحل والمباني المتضررة في درنة".

وشدد غريفيث، على حاجة المدينة إلى رعاية صحية عاجلة لمنع تفشي الكوليرا بين الناجين.

ومن جهته، قال فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن المنظمة الدولية لديها فريق تقييم في درنة يعمل على تحديد الاحتياجات الإنسانية المطلوبة وعدد المحتاجين إليها.

وأكد أن الأمم المتحدة بحاجة إلى معلومات محدثة لتتمكن من تلبية الاحتياجات الملحة.

فيما أفادت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، الجمعة، بأن أكثر من 38 ألفاً و640 شخصاً نزحوا من المناطق الأكثر نكبة في شمال شرق ليبيا بسبب الفيضانات.

وأوضحت، أن ترميم بعض الطرق التي أغلقت بسبب الإعصار "دانيال" سمح لبعض المتضررين من الفيضانات بمغادرة المناطق المنكوبة، فيما تواصل فرق الإنقاذ بحثها عن ناجين.

فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، إن نحو 300 ألف طفل تأثروا بتداعيات الإعصار.

وأوضحت أن المنظمة تحتاج إلى 6.5 مليون دولار بشكل عاجل لتقديم الدعم للأطفال ومساعدة الأسر بالمناطق المنكوبة بشرق ليبيا.

وتابع البيان: "كما أن الأطفال الذين يفقدون والديهم أو ينفصلوا عن عائلاتهم يصبحون أكثر عرضة لأخطار منها العنف والاستغلال".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

درنة ليبيا كارثة صحية كارثة بيئية انتشال جثث إعصار ليبيا دانيال

تضاؤل الآمال في العثور على أحياء جراء فيضانات ليبيا

بدلا من السفن والبضائع.. ميناء درنة يتحول إلى مكبّ لسيارات وحطام وجثث