السيسي يواصل الاعتماد على صبر المصريين.. والانتخابات المبكرة في الأفق

الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 07:44 م

شرع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بالفعل، بتدمير المقابر التاريخية في موقع تراثي؛ لإفساح المجال أمام طريق سريع، وهو تحدٍ للشعب المصري الذي بات غضبه يتزايد.

وقال السيسي في تصريح له: "أطلب منكم قبول توضيحاتي للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر، وأشكركم على صبركم وتحملكم العبء. أطلب من الله أن يساعدنا. نحن لا نفعل أشياء سيئة لمصر من خلال أي قرارات أو سياسات نتخذها، ولا نؤذي أحدا، نحن ببساطة نريد أن نفعل الخير".

يتناول تقرير صحيفة "هآرتس" العبرية، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، التطورات في مصر ويقتبس ما طلبه الرئيس المصري من الحضور في حفل افتتاح العديد من المشروعات في محافظة بني سويف جنوب القاهرة.

وبخلاف إلقاء اللوم على الحرب في أوكرانيا، التي تسببت في ارتفاع أسعار الحبوب، لم يكن لدى السيسي تفسيرات مقنعة لجمهوره وعامة الناس، كما أنهم لم يستمتعوا بتصريح الرئيس بأنه لولا "السياسة الحكيمة" التي تنتهجها حكومته، لكان الوضع في مصر أسوأ بكثير.

ويرى التقرير أنه يجب على السيسي أن يخشى اللحظة التي يقرر فيها المصريون أنه ليس لديهم ما يخسرونه، ويضيف أنه في القاهرة وتل أبيب هناك حوار وطني بين النظام ونفسه، لكن الفرق في أن الحياة في مصر تزداد صعوبة، لكن لا يجرؤ أحد على الاحتجاج عليها.

فالمصريون الذين اضطروا إلى تحمل القفزات الهائلة في أسعار المنتجات الأساسية والوقود والكهرباء واجهوا منذ فترة طويلة صعوبة في فهم السبب الذي يجعلهم يواجهون مثل هذه الانقطاعات المتكررة للكهرباء عندما يعيشون في بلد يمتلك احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي.

كما لم يشرح السيسي لماذا اضطرت البلاد إلى تنفيذ مشاريع ضخمة تهدر الموارد بينما يعمل المصريون في نوبات عمل إضافية فقط لتغطية نفقاتهم.

هدم التراث

وأوضح التقرير أن أحد المشاريع التي أثارت غضب الجمهور مؤخرًا هو الطريق السريع الذي سيربط القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

ويكلف بناء المدينة الجديدة الحكومة حوالي 60 مليار دولار، ومن المقرر أن يمر الطريق السريع بأحد أكثر المواقع التاريخية في مصر، مدينة الموتى، والتي تعد جزءًا من موقع التراث العالمي لليونسكو الذي تم إعلانه في عام 1979.

ومدينة الموتى عبارة عن مجمع ضخم من المقابر والأضرحة التي تم إنشاؤها منذ حوالي 1400 عام. ومن بين القبور صحابة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وقادة من العصر الإسلامي المبكر، بالإضافة إلى الخلفاء والفلاسفة المهمين والقادة الثقافيين.

ووفقا للتقرير، اندهش المصريون في الأسابيع الأخيرة عندما رأوا الجرافات تدمر هياكل الدفن القديمة ذات الأهمية المعمارية والتاريخية الكبرى.

وقد تمت الموافقة على خطط الطريق في عام 2020، ولكن في الشهر الماضي فقط قرر الرئيس المصري تشكيل لجنة للنظر في بدائل لخطة الطريق السريع، كما أعرب عن نيته إنشاء "حديقة الخالدين" التي سينقل إليها رفات الموتى.

وأوصت اللجنة بوقف المشروع، وقدرت أن وقت السفر الذي يوفره الطريق السريع لن يتجاوز بضع دقائق، وهذا لا يبرر تدمير الموقع التاريخي.

لكن التوصيات لم تجدي نفعا، ولم تتوقف الجرافات، واستقال معظم أعضاء اللجنة. وفي هذا الشهر فقط قرر السيسي وقف العمل للسماح بإعادة النظر في الخطة.

ويشير التقرير إلى أن مدينة الموتى ليست فقط مقبرة لشخصيات بارزة من التاريخ المصري، ولكنها أيضًا موطن لأكثر من مليوني مصري على قيد الحياة لا يستطيعون شراء أو استئجار منزل حقيقي.

ويشعر الأشخاص الذين يعيشون هناك بقلق مبرر من أن يؤدي العمل على الطريق السريع إلى طردهم، ومن أن الحكومة لن تجد لهم سكناً بديلاً.

ولا يعتقد قادة الاحتجاج على الطريق السريع أن الحكومة ستوقف العمل بشكل كامل، معتبرين أنه توقف مؤقت لتهدئة الغضب الشعبي. ولكن حتى لو تم إلغاء خطط إنشاء الطريق السريع، فسيكون لدى مواطني مصر البالغ عددهم 110 ملايين نسمة أسباب أخرى كافية للتذمر من الحكومة.

ويدرك السيسي جيدًا الغضب المتزايد بين أفراد الشعب، لكنه لا يكتفي بالخطابات العاطفية التي يشيد فيها بصمود المصريين.

انتخابات مبكرة

ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام العربية، حذر مسؤولو المخابرات المصرية من احتمال حدوث احتجاجات كبرى يمكن أن تهدد استقرار النظام. ولعل هذا هو السبب وراء بدء الاستعدادات لإجراء انتخابات مبكرة، يعتقد أنها ستجرى نهاية العام الجاري.

لقد اكتفى الرئيس المصري في الأزمات السابقة بتعديل وزاري، لكن احتمال إجراء انتخابات مبكرة يشير إلى أن المخاوف هذه المرة أعمق، فحتى عندما يتعلق الأمر بزعيم استبدادي مثل السيسي، فإن شرعيته العامة ضرورية، حتى لو كان ذلك للاستعراض وليس انعكاسًا للإرادة العامة.

ويسمح الدستور للسيسي بالرئاسة حتى عام 2030، بعد إجراء برلماني واستفتاء مدد فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، لكنه سيحتاج إلى الفوز في الانتخابات لتطبيق التغيير في القانون.

وبحسب التقرير، تدرك جماعات حقوق الإنسان في مصر جيدًا أهمية الانتخابات وانعكاساتها على الحالة الحقوقية في البلاد.

وفي الدورتين الانتخابيتين السابقتين اللتين واجه فيهما السيسي الناخبين (في عامي 2014 و2018)، اتسمت الحملات بموجة من الاعتقالات والاحتجازات للناشطين السياسيين ومنتقدي الحكومة. وتقول منظمات حقوق الإنسان إن أكثر من 60 ألف شخص سُجنوا كسجناء سياسيين منذ الانتخابات الأولى عام 2014.

ومع التسليم بأن الحكومة لا تحتاج إلى انتخابات لاعتقال معارضيها، فإنها توفر فرصة لسحق أي منظمة أو حركة سياسية يمكنها تحدي الرئيس.

ورغم كل المشكلات، يشير التقرير إلى أنه يبدو أن السيسي يستطيع هذا العام أيضًا الاعتماد على صبر المصريين.

المصدر | زيفي برئيل / هآرتس – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي مدينة الموتى الانتخابات المصرية

الانتخابات الرئاسية تشغل بال المصريين.. مسرحية أم فرصة للتغيير؟

طالب بعدم تكرار مشاهد الماضي.. فريد زهران يعلن عزمه الترشح لرئاسة مصر

رئاسيات مصر.. أمر واقع آخر بالنسبة للسيسي وربما المعارضة