لماذا قد تقبل تركيا تطبيع علاقاتها مع النظام المصري؟

السبت 20 فبراير 2016 09:02 ص

تقوم المملكة العربية السعودية بالضغط على حلفائها، تركيا ومصر، من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد زيارة استغرقت ثلاثة أيام قام بها وفد تركي إلى الرياض، حيث أجرى مشاورات على هامش اجتماع تآخر عقده في دولة الإمارات العربية المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر.

ويبدو أن المملكة العربية السعودية حريصة على إحداث المصالحة بين البلدين قبل اجتماع قمة منظمة التعاون الإسلامي المقرر في إسطنبول في أبريل/نيسان المقبل، حيث قامت تركيا بوصفها الرئيس القادم بدعوة مصر، والرئيس «عبد الفتاح السيسي» بالتبعية، الرئيس السابق لدورة المؤتمر، للحضور. وتأتي هذه المساعي كجزء من خطط الرياض لتعزيز قدرات التحالف السني ضد إيران، والاستعداد لمزيد من التدخل المباشر في سوريا للإطاحة بالرئيس السوري «بشار الأسد».

وتعتمد مصر على دول الخليج لإبقاء اقتصادها المتعثر واقفا على قدميه بعد أن تلقت 20 مليار دولار على الأقل من المساعدات خلال عام 2013 -2014 مع تعهدات بلغت قيمتها 12.5 مليار دولار خلال العام الماضي.

ويقتضي الاتفاق الذي تسعى السعودية للضغط على الطرفين من أجل إبرامه أن تقوم أنقرة بالاعتراف بـ«السيسي» كحاكم شرعي في مصر، التي بدورها سترفع أحكام الإعدام التي صدرت بشكل جماعي على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين خلال العامين الماضين.

في عام 2013، قام «رجب طيب أردوغان»، والذي كان رئيسا للوزراء في ذلك التوقيت، والذي يعد حليفا وثيقا لجماعة الإخوان المسلمين، بقطع العلاقات مع مصر في أعقاب قيام «السيسي»، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع، بقيادة انقلاب عسكري ضد الرئيس «محمد مرسي»، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في عام 2013.

ومنذ ذلك الحين، صنف «السيسي» جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، كما قاد حملة وحشية ضدها ما أسفر عن مقتل الآلاف من مؤيديها وسجن الآلاف وحبس الصحفيين والأكاديميين والمعارضين في السجون العسكرية، وقد لقي العديد منهم مصرعه على أيدي السلطات بعد تعرضهم للتعذيب والضرب.

المئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فروا من مصر نحو تركيا، التي تعد الآن موطنا للعديد من القنوات التلفزيونية المعادية لنظام «السيسي». وقد ردت مصر على هذه التوجهات التركية عبر إلغاء تدريبات بحرية مشتركة مع تركيا.

وتشمل العوامل الأخرى التي تؤثر على العلاقات بين البلدين قيامهما بالتنافس للقيام بدور قيادي في المنطقة ومواقفها المختلفة حول الحرب بالوكالة في سوريا. فبينما تصر أنقرة أن الهدف الرئيسي للحرب ينبغي أن يركز على الإطاحة بالرئيس السوري «بشار الأسد»، فإن القاهرة ترى أن محاربة «الدولة الإسلامية» تأتي في الأولوية الأولى، ويرجع ذلك إلى نشاط الفرع التابع للتنظيم في شبه جزيرة سيناء المصرية.

وتأتي الجهود السعودية لاستعادة العلاقات بين مصر وتركيا في أعقاب اتفاق إطاري جرى التوصل إليه في ديسمبر/كانون الأول لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين (إسرائيل) وتركيا. وقد أعربت مصر عن قلقها بشأن هذا الاتفاق بسبب إصرار أنقرة أن تقوم (إسرائيل) برفع حصارها البحري على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر، والتي تتهمها مصر بمساعدة المسلحين في سيناء، وهو الاتهام الذي تصر حركة حماس على نفيه.

وقال «أردوغان» إن تركيا تريد إرسال سفن المساعدات إلى غزة من أجل توفير مواد الكهرباء والبناء إلى غزة، والتي سبقت أن وعدت (إسرائيل) أنها سوف تسمح بدخولها كجزء من اتفاق تخفيف الحصار. ووفقا لصحيفة حريت التركية، فإن كبار المسؤولين الأتراك أكدوا أنه إذا وفت (إسرائيل) بهذا الالتزام، فإن تركيا ستنظر إليه على أنه وفاء بشرطها في رفع الحصار عن غزة.

من جهة أخرى، فإن هذا أمر غير مقبول بالنسبة لحكومة «السيسي»، التي عملت بشكل وثيق مع (إسرائيل) في تعزيز الحصار على قطاع غزة وتحويل الحافة الجنوبية إلى منطقة عازلة، هذا بالإضافة إلى تدمير مئات الأنفاق التي تستخدم من أجل تهريب السلع الأساسية والأشخاص والأسلحة بين غزة وسيناء.

وفيما تسبب في الكثير من الإحراج بالنسبة إلى مصر، فقد قام وزير الطاقة الإسرائيلي «يوفال شتاينتز» في وقت سابق من هذا الشهر بالتأكيد أن «السيسي» قد قام بغمر وإغراق الأنفاق بين سيناء وقطاع غزة بناء على طلب من (إسرائيل). ومنذ منتصف شهر يناير/كانون الثاني، فقد فشلت العديد من محاولات حفر الأنفاق في غزة، مما أدى إلى مقتل 10 فلسطينين على الأقل.

وقد وافق «أردوغان» حتى الآن على إجراء محادثات على المستوى الوزاري مع مصر، لكنه استبعد لقاء الرئيس المصري.

تأتي هذه المحاولة للتقارب أيضا في وقت يجري التوصل خلاله إلى عدد من الاتفاقات الإطارية المختلفة حول اكتشافات النفط والغاز بين مصر وإسرائيل) وقبرص واليونان، وجميع هذه الدول تتمتع بعلاقات متوترة مع تركيا. قامت (إسرائيل) وقبرص واليونان، مصر، بالتوقيع على اتفاقات لتأسيس علاقات في مجال الطاقة الأمن والتي تشمل إجراء مناورات بحرية مشتركة.

خلال عامي 2009 و2010، اكتشفت (إسرائيل) احتياطيات للغاز تبلغ 10 تريلليونات قدم مكعب في حقل تامار إضافة إلى 22 تريلليون قدم مكعب في حقل ليفياثان، ويقع كلاهما قبالة ساحلها على البحر المتوسط، ويضمنان قدرة تكفي إلى تغطية الاحتياجات المحلية إضافة إلى فوائض كبيرة للتصدير.

ومع ذلك، فقد تأخر تطوير حقل «ليفياثان» بموجب حكم قضائي صادر عن المفوضية الإسرائيلية لمكافحة الاحتكار في عام 2014 بعد اتهامات بأن الحكومة قد أعطت المستثمرين عروضا سخية بأسعار منخفضة للغاز. الآن، فقد تحدى المحكمة العليا قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» إلى البرلمان عن طريق تمرير مسودة لإطار استثماري إلى البرلمان.

وفي عام 2011، اكتشف قبرص احتياطيات الغاز في حقل أفروديت قبالة سواحلها، وتشير التقديرات الأولية إلى احتياطيات مبدئية تقدر قيمتها بحوالي 4 ترلليونات قدم مكعب.

وكان كلا البلدين قد وفقا اتفاقيات لبيع الغاز إلى مصر، التي أصبحت مستوردا صافيا للغاز بسبب ارتفاع الطلب وتراجع إنتاج الغاز والهجمات على خطوط الأنابيب في سيناء. ولكن في العام الماضي، أعلنت مصر اكتشاف حقل تقدر طاقته بحوالي 30 ترلليون قدم مكعب، وهو رقم يفوق احتياطيات حقل ليفياثان. ومن المرجح أن يفشل هذا الاكتشاف الخطط القبرصية والإسرائيلية بتصدير الغاز إلى مصر كما أنه سوف يضمن أمن الطاقة في مصر ويحولها إلى أحد المراكز الإقليمية للغاز الطبيعي.

ومع ذلك، فإن كل هذه الاكتشافات تتطلب طرق العبور للأسواق الأوروبية، وبالتالي فإنها تحتاج إلى المرور عبر تركيا. هذا الأمر هو الذي تسبب في دفع محادثات لوحدة بين قادة كل من قبرص التركية وقبرص اليونانية، فضلا عن دفع تركيا إلى تطبيع علاقاتها مع (إسرائيل) وربما مع مصر.

وتجعل التطورات الأخيرة الجارية منذ قيام تركيا بإسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر/تشرين الأول الماضي الأمور أكثر إلحاحا، مع تدهور العلاقات السياسية والاقتصادية بين تركيا وروسيا، المورد الأول للطاقة في البلاد. وفي الوقت نفسه، فإن عضوية تركيا في الحلف السعودي ضد إيران ومشاركتها العسكرية المتزايدة في سوريا تستبعد الاعتماد على إمدادات الغاز من إيران، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطي للغاز في العالم في العالم.

المصدر | وورلد سوشياليستس

  كلمات مفتاحية

السعودية تركيا مصر العلاقات التركية المصرية السيسي أردوغان العلاقات السعودية التركية

«ستراتفور»: بوادر تقارب مصري تركي بوساطة سعودية

«شكري»: لا وساطة سعودية بين مصر وتركيا

«خاشقجي»: لا وساطة سعودية بين مصر وتركيا

«إيني» الإيطالية تعلن أكبر كشف للغاز الطبيعي في المياه المصرية

لهذه الأسباب .. لن يرعى الملك «سلمان» مصالحة بين «السيسي» و«أردوغان»