توقعات بوصول الدولار إلى 45 جنيهاً.. هل تخفض مصر قيمة عملتها المحلية خلال أسابيع؟

الأحد 17 ديسمبر 2023 11:01 ص

توقع بنك "إتش إس بي سي"، بدء مصر تنفيذ خفض قيمة عملتها المحلية (الجنيه) خلال الربع الأول من العام المقبل، بالتعاون مع صندوق النقد والدولي، وذلك كجزء للتحول إلى نحو نظام سعر صرف أكثر مرونة.

ورفع البنك، الذي يتخذ من لندن مقرا رئيسيا له، في ورقة بحثية، توقعاته لسعر الدولار مقابل الجنيه في الربع الأول من عام 2024، مع الخفض المتوقع لقيمة العملة المحلية، ليتراوح سعر العملة الأمريكية بين 40 و45 جنيها، مقابل توقعات سابقة له بمستوى بين 35 و40 جنيها.

ومن المفترض أن يؤدي هذا الخفض في قيمة الجنيه، وفق تقرير البنك، إلى إطلاق التمويل من صندوق النقد الدولي وغيره من الكيانات متعددة الأطراف، كمؤسسات التمويل الدولية والإقليمية والاتحاد الأوروبي، بهدف دعم عملية إعادة التوازن للعملة المحلية مقابل العملات الاجنبية.

وكانت مصر، ممثلة في البنك المركزي المصري، خفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار على مدار آخر 21 شهرا ليرتفع الدولار إلى 15.76 جنيها في مارس/آذار 2022 إلى قرب 31 جنيها، حتى نهاية آخر تعاملات البنوك الأحد، وهو السعر المستقر عليه من مارس/آذار الماضي.

وتواجه مصر ضغوطا شديدة من نقص النقد الأجنبي وانتشار السوق السوداء بعد خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة بنحو 22 مليار دولار، بسبب التبعات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية خلال النصف الأول من العام الماضي.

ودفعت هذه الأزمة مصر، إلى طرق أبواب صندوق النقد الدولي مجددا، والحصول على موافقته في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بقرض بقيمة 3 مليارات دولار، يصرف على 46 شهرا، تلقت منه أول دفعة بقيمة 347 مليون دولار.

لكن صندوق النقد الدولي أرجأ صرف دفعتين بنحو700 مليون دولار من القرض لمصر بسبب تأجيل المراجعتين الأولى والثانية على برنامج الإصلاح الاقتصادي المقررتين في مارس/آذار وسبتمبر/أيلول الماضيين، وهو ما أرجعه البعض إلى عدم التزام مصر بسعر صرف حر للجنيه.

ورغم كل محاولات الإصلاح، يتداول الدولار في السوق السوداء لتجارة العملة (السوق غير الرسمية) نحو 50 جنيها، بسبب زيادة الطلب مقابل نقص المعروض وعدم قدرة البنوك على تدبير الدولار لكافة العملاء والقيود المفروضة على بطاقات الدفع بالتعاملات الدولية، كالسحب والشراء خارج مصر أو من الإنترنت على المواقع الأجنبية بالعملة الأجنبية، وهو ما تسبب في زيادة المضاربة على العملة.

ووفق ما أورده تقرير البنك البريطاني، هناك شكوك حول الأهمية التي يوليها البنك المركزي المصري وصندوق النقد الدولي، لإصلاح سوق الصرف الأجنبي على المدى القريب، ووراء هذه الشكوك تكمن أسئلة أكثر جوهرية حول أولويات السياسات، واحتياجات التمويل، والحصول على الدعم.

في السابق، بدا أن مصر وصلت إلى الحد الأقصى للتمويل الجديد من صندوق النقد الدولي، وكانت تكافح من أجل تلبية متطلبات السياسة الصارمة، ولكن يدور الحديث الآن على أنها تستطيع الحصول على دعم إضافي وبشروط أكثر سخاء، وفقا للتقرير.

وكانت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، قالت في وقت سابق قبل أسبوعين، إن الصندوق يدرس بجدية زيادة محتملة لبرنامج القرض المقدم لمصر، وذلك بسبب الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن التصعيد في غزة.

وأوضح البنك، أنه إذا تحقق ذلك وحصلت مصر على تمويل إضافي، فسوف تهدأ الضغوط على المدى القريب وتتلاشى المخاوف بشأن إعادة الهيكلة، ولكن لتغيير هذه التوقعات الأساسية، يستلزم أن تكون إجراءات السياسات وتدفقات التمويل على نطاق يغطي فجوة التمويل ويستعيد الثقة في الجنيه.

وتابع البنك في تقريره، أن هذه المهمة تبدو صعبة بسبب ارتفاع معدلات التضخم، وضعف النمو، وتزايد الضغوط المالية، وارتفاع الدين العام، وتراكم كبير للطلب على الدولار، بخلاف سنوات من القيود الصارمة على صرف العملات الأجنبية.

يأتي ذلك في وقت تباينت توقعات بنوك الاستثمار حول قرار البنك المركزي المصري بشأن سعر الفائدة، الخميس المقبل، وسط ضبابية المشهد الاقتصادي في مصر، خصوصاً فيما يتعلق بتوقيت رفع سعر الوقود وتخفيض سعر العملة.

ونصف بنوك الاستثمار البالغ عددها 8 التي استطلعت "الشرق" آراءها، توقعت رفع المركزي المصري خلال اجتماعه الثامن والأخير لعام 2023 أسعار الفائدة بما يتراوح بين 100 و500 نقطة أساس لكبح جماح التضخم الذي يُعد ضمن الأولويات في برنامج الإصلاح الاقتصادي، ضمن إطار الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فيما توقع النصف الآخر تثبيت الفائدة.

وكان البنك المركزي أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير الشهر الماضي، بعدما رفعها بمقدار 1100 نقطة أساس منذ مارس/آذار 2022، عندما قام بخفض قيمة الجنيه.

وتوقعت سارة سعادة محللة الاقتصاد الكلي في "سي آي كابيتال"، أن يلجأ البنك المركزي إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال الاجتماع المقبل، على أن يقوم برفع أسعار الفائدة ما بين 200 إلى 300 نقطة أساس مطلع العام المقبل، في اجتماع طارئ.

وقالت: "توفير سيولة دولارية قبل رفع أسعار الفائدة ضرورة حتى تجدي الخطوة نفعها في مواجهة التضخم، خصوصاً أن مصر اقتربت من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة تمويلات إضافية ستعمل على توفير الدولار".

ولا تزال مستويات التضخم في مصر مرتفعة، وإن كانت تباطأت الشهر الماضي.

وبلغ الارتفاع في أسعار المستهلكين الشهر الماضي 34.6% على أساس سنوي، مقابل 35.8% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مع استمرار الضغوط التضخمية في أسعار المأكولات والمشروبات، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ورجح هاني عامر محلل الاقتصاد الكلي بـ"العربي الأفريقي لتداول الأوراق المالية"، قيام البنك المركزي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية المقبل.

ويرى أنه ليست هناك تغييرات جوهرية تدفع المركزي إلى رفع أسعار الفائدة الآن.

وأشار إلى أن زيادة أسعار الطاقة المتوقع مطلع العام المقبل، لا سيما السولار الذي سيؤثر على كل السلع والخدمات، قد يدفع المركزي وقتها إلى رفع أسعار الفائدة.

ورفعت مصر في نوفمبر/كانون الثاني الماضي، أسعار كل فئات البنزين للمرة الثانية خلال العام الجاري، فيما أبقت على سعر السولار دون تغيير.

يشار إلى أن مصر تعاني من ارتفاع الديون الخارجية التي وصلت في نهاية يونيو/حزيران الماضي، إلى نحو 164.7 مليار دولار، كما أنها ملزمة بجدول سداد مدفوعات الديون الخارجية لنحو 42.26 مليار دولار تستحق في عام 2024 وحده، منها 4.89 مليارات لصندوق النقد الدولي.

كما تفاقم العجز الكلي في مصر خلال الربع الأول من السنة المالية الحالية 2023-2024 إلى 3.85% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 2.05% للفترة نفسها من السنة المالية الماضية، بضغط من زيادة المصروفات، خاصة فوائد الدين والدعم الحكومي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر التعويم الجنيه الدولار أسعار الفائدة الديون التضخم إتش إس بي سي

مركز حكومي مصري يرصد تداعيات الأزمة الاقتصادية على شح فرص العمل

المترو والاتصالات والكهرباء.. المصريون يستقبلون 2024 بانفجار في الأسعار

آمال مصر بحزمة أكبر من صندوق النقد تقلص رهانات خفض الجنيه بشكل حاد