مجازر غزة.. هل تعلم الصهاينة من اضطهاد اليهود شيئا؟ 

الخميس 28 ديسمبر 2023 05:42 م

اعتبر الكاتب والمحلل جمال كانج المتخصص في الشؤون العربية، أن أحفاد اليهود في إسرائيل الناجين من هجمات ليلة الكريستال التي نفذها النازيون ليلة 9 و10 نوفمبر/ تشرين الثاني 1938، لم يتعلموا الدروس المستفادة من اضطهادهم في تلك الليلة وما تلاها، بل ويكررون نفس أخطاء الغرب سابقا في الوقت الحالي مع في الفلسطينيين بقطاع غزة. 

خلال تلك الليلة قتل 91 شخصاً ودُمّر ما لا يقل عن 267 معبداً يهودياً، ودُمّرت العديد من المتاجر والمنازل، وأرسل 30 ألف يهودي إلى معسكرات الاعتقال، أجبر النازيون مئات آلاف اليهود على العمل القسري في معسكرات الاعتقال لدعم الحرب، وهجّروهم من أحيائهم في إطار خطة "الحل الأخير للمسألة اليهودية"، التي وضعها مسؤولو النازية في يناير/ كانون الثاني 1942. 

ووضع الضحايا في عربات قطار مخصصة لنقل الحيوانات ونقلوا إلى مراكز القتل ومعسكرات الإبادة -تحتوي مرافق الغاز- في بولندا. 

وجرى تنفيذ عمليات إعدام على الطراز الصناعي باستخدام مبيد لقتل الفئران في معسكرات مثل "أوشفيتس، تريبلينكا، خيلمنو"، تديرها قوات الأمن الخاصة النازية. كان كبار السن والقصر والضعفاء جسدياً وغير القادرين على العمل أوّل من يقتل، وقُتل الأقوياء بعد أن باتوا ضعفاء وغير قادرين على العمل. 

 بحلول منتصف 1943، قُتل جميع اليهود تقريباً، الذين وصلوا إلى معسكرات الاعتقال والموت، وعندما دخلت جيوش الحلفاء إلى ألمانيا وبولندا، أنقذت الباقين منهم، أسفرت هذه المذبحة التي سُميت بـ"الهولوكوست"، عن مقتل ما يقرب من ثلثي اليهود الأوروبيين البالغ عددهم 9 ملايين. 

تعطش للانتقام 

وذكر الكاتب أنه منذ 7 أكتوبر يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الخميس 21 ألفا و320 قتيلا و55 ألفا و603 مصابين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة. 

وأضاف الكاتب إن قيام الجيش الإسرائيلي بقتل المزيد من الفلسطينيين يشبع التعطش الثقافي للانتقام الذي من المحتمل أن يقلل من الغضب الشعبي الإسرائيلي بسبب إخفاقاته. 

ورأي أن الهجوم الإسرائيلي الممنهج على غزة، والذي يهدف إلى إلحاق مستوى عالٍ من المعاناة الجسدية والنفسية، هو نتاج عقلية ثقافية ثابتة على شيطنة الآخر. 

وأوضح أن ذلك يتجلى في الخسائر غير المتوازنة التي أعقبت الغزو الإسرائيلي، حيث كانت غالبية الضحايا في الجانب الإسرائيلي من العسكريين، في حين أن الغالبية العظمى من الضحايا الفلسطينيين هم من المدنيين. 

وأضاف أنه بعد فشلها في تحقيق أي من أهدافها الإستراتيجية مثل إطلاق سراح السجناء الإسرائيليين، أو إنهاء المقاومة أو قتل القادة المعروفين، لجأت إسرائيل إلى القصف العشوائي للمستشفيات والمنازل في طقوس القتل ضد السكان المدنيين العزل. 

وأوضح أن حتى سكان غزة الذين حالفهم الحظ وظلوا على قيد الحياة بعد 83 يوما من العدوان الإسرائيلي يواجهون الواقع المرير المتمثل في المجاعة التي تُستخدم "كوسيلة من وسائل الحرب"، كما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش. 

تحيز غربي 

وعلى الرغم من التقارير الموثقة جيدًا الصادرة عن المنظمات الدولية، فإن أي تصوير لمعاناة الفلسطينيين في وسائل الإعلام الغربية، عادة ما يتبع ديباجة خارجة عن السياق لتذكير القراء، مرة أخرى، بـ "هجوم حماس المروع" في 7 أكتوبر/ تشرين أول. 

وفي غضون أيام من السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تسابق الزعماء الغربيين لدعم زعيم الحكومة الإسرائيلية الأكثر عنصرية في تاريخ الصهيونية. 

وتتجلى مفارقة العنصرية عندما يحزن هؤلاء القادة على ما يقرب من 700 مدني إسرائيلي، في حين يبررون قتل الجيش الإسرائيلي لـ20 ألف مدني فلسطيني، 70% منهم من الأطفال والنساء. 

وأصبح التحيز الغربي أكثر وضوحا عندما استغرق الأمر منهم أكثر من 60 يوما للاعتراف بألم الفلسطينيين والدعوة إلى وقف الإبادة الجماعية. 

وذكر الكاتب أن رد الفعل المبالغ فيه من جانب الغرب في أعقاب هجوم طوفان الأقصى الذي شنته كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ضد إسرائيل بالإضافة إلى التجاهل الفادح للحياة الفلسطينية، هو جزء من تلك العنصرية المتأصلة في اللاوعي. 

وتابع "نفس الثقافة الغربية التي تجاهلت ذات يوم تجريد اليهود من إنسانيتهم في أوروبا، أعماها اليوم خطيئة جديدة ارتكبتها ذرية هؤلاء الضحايا. لقد دفع الفلسطينيون ثمن خطيئة أوروبا الأصلية قبل 75 عاماً، وما زالوا يفعلون ذلك". 

وأشار إلى أن حياة الفلسطينيين يتم ذبحها اليوم على المذبح الإسرائيلي للتكفير عن الذنب الغربي وتاريخهم الماضي تجاه سكانهم اليهود، لقد ولّد الغرب ثقافة كراهية صهيونية عدمية غريبة نمت لتصبح صورة طبق الأصل للتفوق الأبيض الغربي. 

على سبيل المثال، يمثل اليهود الأمريكيون حوالي 10% من المستوطنين الصهاينة غير الشرعيين في الضفة الغربية. 

ورأي أن أحفاد الناجين من المحرقة اليهودية لم يستوعبوا الدروس المستفادة من ليلة الكريستال، مشيرا إلى أنه يعيدون بث برنامج شهر نوفمبر/تشرين أول، في شهر نوفمبر من كل عام، من كل عام، لترويع الفلسطينيين الذين يقطفون أشجار الزيتون ويتركون وراءهم أغصانًا مكسورة بدلاً من الزجاج المكسور خلال ليلة الكريستال. 

 وأوضح أن الصهاينة لم يتعلموا من صور القديمة (الأبيض والأسود) لليهود الأوروبيين الذين تم شحنهم في القطارات إلى غرف الغاز، بل قاموا بتحديث المشهد بصور ملونة لرجال فلسطينيين تم إخراجهم من "الملاجئ الآمنة"، وجردوا من ملابسهم وساقوا مثل الأغنام في شاحنات مفتوحة. 

وتتجسد الكراهية عندما تصبح الدروس العميقة المستفادة من معسكرات الاعتقال الأوروبية أمثلة يجب أن يتبعها الإسرائيليون الذين يدعون إلى تسوية غزة بالأرض "تمامًا مثل أوشفيتز"، كما عبر عن ذلك السياسي الإسرائيلي ديفيد أزولاي في مقابلة أجريت معه مؤخرًا. 

لم يدع أزولاي إلى جعل غزة مثل أوشفيتز فحسب، بل دعا أيضًا إلى إصدار أوامر للمدنيين بـ "الذهاب إلى الشواطئ"، ليتم تحميلهم على متن السفن الإسرائيلية وإلقائهم "على شواطئ لبنان". 

وعلى هذا النحو، لم يكن تشكيك الرئيس الأمريكي جو بايدن بأرقام الشهداء الذين سقطوا جراء العدوان الإسرائيلي في غزة لأنها تأتي من مصادر فلسطينية، زلة من زلاته. 

وتابع الكاتب أن بايدن منخرط بشكل مباشر في الترويج للأكاذيب الإسرائيلية التي لم يتم التحقق منها مثل غير الموجودة حتى الآن لأطفال إسرائيليين قطعت المقاومة رؤسهم. 

أو اتهام المقاومة باستخدام المدنيين الفلسطينيين دروعا بشرية، أو الترديد بلا خجل للادعاءات الإسرائيلية التي لا أساس لها من الصحة بوجود مركز قيادة عسكري مفترض تحت مستشفى، وتبرئة إسرائيل من مجزرة المستشفى الأهلي المعمدان. 

وخلص الكاتب إن تجريد إسرائيل الفلسطينيين من إنسانيتهم صبغ جدران البيت الأبيض في عهد بايدن بشكل أعمق مما يرغب هو ونائبه في الاعتراف به. 

 

المصدر | جمال كانج/ ميدل إيست مونيتور

  كلمات مفتاحية

المحرقة اليهودية إسرائيل قطاع غزة عدوان غزة

حمدان: لن يرى قادة الاحتلال أسراهم أحياء إلا بعد وقف شامل للعدوان

فصائل المقاومة الفلسطينية: وقف العدوان شريط أساسي لتبادل الأسرى

موظفون يهود في "BBC" يشكون مذيعا نشر منشورات عن عدوان غزة

أوبزرفر: كيف تحولت إسرائيل من ضحية تاريخية إلى متنمر قاتل؟