إبلاغ بالموعد ومقرات تم إخلائها.. تشكيكات في جدوي القصف الأمريكي لسوريا والعراق

السبت 3 فبراير 2024 09:00 ص

انتظار الضربات الانتقامية الأمريكية منح الميليشيات المرتبطة بإيران متسعًا من الوقت للاستعداد وإخلاء مقراتهم ونقل الأسلحة، ولا يمكن قياس نجاح الضربات إلا بوقف استهداف القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.

هكذا قلل ساسة ونواب بمجلسي النواب والشيوخ الأمريكي، من الضربات الانتقامية في سوريا والعراق، والتي استهدفت ليل الجمعة/السبت، الحرس الثوري وفصائل مرتبطة بإيران، ردا على مقتل 3 جنود أمريكيين وإصابة 40 آخرين، في هجوم على موقع "البرج 22"، بالحدود السورية الأردنية، الأسبوع الماضي.

ووفق القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، فإن "القوات العسكرية الأمريكية ضربت أكثر من 85 هدفا، بالتعاون مع العديد من الطائرات التي تضم قاذفات بعيدة المدى انطلقت من الولايات المتحدة".

وأشارت إلى أنها "استخدمت خلال الغارات الجوية أكثر من 125 ذخيرة دقيقة التوجيه".

ووفق وزير الدفاع الأمريكي لوريد أوستن، فإن هذه الضربات هي "بداية للرد الأمريكي"، مؤكداً أن الولايات المتحدة "لا تسعى للصراع في الشرق الأوسط، لكننا لن نتسامح مع الهجمات ضد القوات الأمريكية".

وأحصت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أكثر من 150 هجوما على قواتها منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن هجوم الأردن هو أول استهداف يسفر عن مقتل جنود أمريكيين منذ بدء الحرب.

واستهدفت الضربات "منشآت عمليات القيادة والسيطرة ومراكز الاستخبارات والصواريخ والقذائف ومخازن الطائرات المُسيرة، والمرافق اللوجستية وسلسلة توريد الذخيرة لمجموعات الميليشيات ورعاتها من الحرس الثوري الإيراني، الذين سهلوا الهجمات ضد القوات الأمريكية وقوات التحالف"، حسب "سنتكوم".

وفي حين أشارت تقارير إيرانية، إلى أن "معظم المواقع التي تم استهدافها من قبل الولايات المتحدة كانت قد أُخليت بالكامل قبل العدوان".

ووفق مسؤول عراقي كبير، فإن الميليشيات المدعومة من إيران استعدت للضربات الأمريكية المتوقعة، بإخلاء العديد من مقراتها داخل العراق وعلى الحدود مع سوريا، ونقلت أسلحتها إلى مواقع جديدة خوفا من استهدافها من قبل الأمريكيين.

ومع ذلك، أسفرت الضربات عن وقوع عدد من القتلى في صفوف المليشيات المدعومة من إيران، حيث أحصى "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، ما لا يقل عن 18 قتيلاً من عناصر تلك المليشيات.

وندد العراق العراق، بالهجمات الأمريكية واعتبرها "انتهاكا لسيادة بغداد"، وقال متحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية إن هذه "الغارات وقعت في وقت يسعى فيه العراق لضمان الاستقرار في المنطقة".

وأشار إلى أن هذه الهجمات تشكل تهديدا يجر العراق والمنطقة إلى عواقب غير مرغوب فيها، وستكون وخيمة على أمن واستقرار العراق والمنطقة.

بعد دقائق من تنديد الجيش العراقي بالضربات، قال البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة أبلغت العراق قبل شن الضربات.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي: "أبلغنا الحكومة العراقية بالفعل قبل أيام، بشن الضربات"، مؤكدا أن أن "الرد الأمريكي بدأ الليلة ولن ينتهي الليلة".

وأمام ذلك، وجه مسؤولون أمريكيون بارزون انتقاداتٍ حادة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، واتهموها بالفشل والتأخر في الاستجابة للتهديدات وإرسال إشاراتٍ بتنفيذ "الضربات" بغرض بقائها محسوبة.

وعلق كبير الجمهوريين في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي روجر ويكر، على القصق، قائلاً إنّ "إدارة بايدن أمضت ما يقرب من أسبوعٍ في بعث إشاراتٍ بحماقة، بشأن نوايا الولايات المتحدة"، معتبراً أنّها أمضت وقتاً يضمن إخلاء المواقع التي استهدفتها في عدوانها الأخير.

وانتقد ويكر في تدوينة نشرها على حسابه الشخصي على منصة "إكس" (تويتر سابقا): "لقد حاولت إيران ووكلاؤها قتل جنودٍ أمريكيين، وإغراق سفننا الحربية 165 مرة، بينما تهنئ إدارة بايدن نفسها على قيامها بالحد الأدنى".

وأضاف أنّ "إدارة بايدن أمضت ما يقرب من أسبوعٍ في بعث إشاراتٍ بحماقة، بشأن نوايا الولايات المتحدة إلى خصومنا، مما منحهم الوقت للانتقال والتخفي"، وذلك في إشارةٍ واضحة إلى سعي واشنطن لضمان إخلاء أي مواقع ستستهدفها.

فيما نقلت شبكة "فوكس نيوز" عن رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، قوله إنّ إدارة بايدن "انتظرت أسبوعاً للرد على الهجمات التي استهدفت القوات الأميركية في الأردن".

وأشار جونسون في حديثه إلى أنّ الإدارة الأمريكية "أخطرت العالم، بما فيه إيران، بطبيعة الرد الذي تنوي القيام به"، مُشدّداً في تصريحاته على أنّ "الإشارات المفرطة لإدارة بايدن تضعف مكانة أمريكا".

ومن جهته، صرّح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو، لشبكة "فوكس نيوز"، بأنّ "الضربات الانتقامية" الأمريكية "لن تنجح إلا إذا أقنعت إيران بالتوقف عن دفع وكلائها لمهاجمة الأفراد الأمريكيين في أي مكانٍ في العالم".

وأشار بومبيو إلى أنّه بسبب "تأخر استجابة إدارة بايدن"، فإنّ البيت الأبيض "سيحتاج إلى إظهار استعداده "لفرض تكاليف حقيقية على إيران"، مُضيفاً أنّ "هذا الفشل تسبب في تصعيد لن يتوقف حتى تستعيد إدارة بايدن -إلى جانب حلفائنا- الردع".

وضمن أبرز التعليقات على الـضربات، قال النائب الجمهوري عن ولاية إنديانا جيم بانكس، في بيانٍ له، إنّ "الضربات قليلة للغاية، ومتأخرة خمسة أيام"، مُضيفاً أنّ "الإيرانيين لم يحذروا قواتنا قبل قتلهم".

كما صرّح النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا مايك والتز، بأنّه سيكون "مهتماً بمعرفة تأثير إرسال إدارة بايدن إشاراتٍ بشأن هذه الضربات، خلال الأيام الخمسة الماضية، على قدرتنا على فرض تكاليف حقيقية على إيران".

بدوره قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي الجمهوري مايك مكول، إن الضربات الأمريكية ضد أهداف في سوريا والعراق "جاءت متأخرة"، مضيفاً أنها "سمحت لأعداء أمريكا بالاستعداد".

كما دعا مكول إدارة بايدن إلى أن تكون حاسمة في توجيه ضربات انتقامية متواصلة، و"البدء في فرض عقوبات على النفط وغيرها من العقوبات لقطع مصدر تمويل الإرهاب".

كما شدد السيناتور ديب فيشر (جمهوري من ولاية نبراسكا) على أن هذه الضربات، التي تم الإعلان عنها مسبقاً بوقت طويل، لم تحقق ما يكفي تقريباً لوقف محور إيران، و"مهما كانت الخطوات التالية التي سيتخذها الرئيس يجب أن تكون أقوى بكثير".

كما قال السيناتور بيت ريكيتس (جمهوري من ولاية نبراسكا): "لاستعادة الردع الفعال، يجب على بايدن ضرب إيران حيثما يكون ذلك مؤلماً.. الردود الضعيفة والمرسلة بالبرقية لن تحسم الأمر. نحن بحاجة إلى القيادة، وليس الاسترضاء".

ونشرت النائبة نانسي ميس (جمهورية عن ولاية كارولينا الجنوبية) أن بايدن، عندما أمر بشن الضربات، "تحايل على الكونجرس".

وتابعت: "قواتنا بحاجة إلى العودة إلى الوطن، على رئيسنا أن يتبع الدستور".

أما النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا كارلوس خيمينيز، فقال إنّ "الرئيس بايدن ضعيف، وأعداؤنا يعرفون ذلك"، مُضيفاً أنّ "السياسة الخارجية المُضلّلة" لبايدن، أدّت إلى الهجمات ضد الولايات المتحدة، ومعتبراً أنّه كان ينبغي على بايدن أن يتخذ إجراءاتٍ "في وقتٍ أقرب بكثير".

فيما أوردت قناة "سكاي نيوز" البريطانية، تحليلاً للمحلّل العسكري شون بيل، أكّد فيه أنّ الولايات المتحدة "لا تريد أن تجعل الوضع السيئ أسوأ"، مُشيراً إلى أنّها تعلم أنّ ما يحدث لقواتها يمثّل "أعراضاً، وليس المرض".

وأكد أنّ "المرض هو في الواقع القتال الإسرائيلي المستمر في غزة".

واعتبر بيل أنّ "الضربات" الأمريكية ليست مفاجأةً كبيرة، إنّما المفاجأة هي أنّ الأمر استغرق وقتاً طويلاً قبل أن يتم".

ورأي المحلّل العسكري أنّ الولايات المتحدة تعلم أنّها في مأزق، وقد اضطرت إلى التحرك بعد مقتل جنودها الأسبوع الماضي في الأردن، مُشدّداً على أنّ "جزءاً مما نراه، هو الاستجابة المحسوبة والمدروسة للغاية منها.

وأضاف بيل أنّ "إيران كانت واضحةً للغاية في موقفها، المتمثّل في أنّه إذا أوقفتم الحرب الإسرائيلية على غزة، فسوف نوقف التصعيد"، مُعتبراً أنّ الولايات المتحدة "تحاول يائسةً تقديم ردٍ عسكري على ما يحدث".

كما أشار إلى أنّه "من المثير للاهتمام حقاً رؤية الوضع الصعب للغاية الذي يجد الأمريكيون أنفسهم فيه".

وكانت مصادر إيرانية قالت إن الضربات الأمريكية "عدوان صريح ومعلن على سوريا والعراق، وتضرب الاستقرار الإقليمي"، وفق تعبيرها.

وأكدت المصادر ذاتها أنه لا وجود لقواعد للحرس الثوري الإيراني أو "فيلق القدس" في المناطق التي تعرضت للقصف، وأن حديث واشنطن عن استهداف فيلق القدس في سوريا "غير واقعي وذر للرماد في العيون".

وسبق أن حذرت إيران، الولايات المتحدة مرارا من أن استمرار المجازر الإسرائيلية في غزة سيؤدي إلى اتساع نطاق الحرب إقليميا.

في حين تؤكد واشنطن أنها لا تسعى إلى توسيع الصراع، لكنها تواصل مد تل أبيب بآلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر عبر جسر جوي دعما لما تسميه "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس".

وتعرضت القوات الأمريكية لأكثر من 150 هجوما في العراق وسوريا والأردن منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل وتسبب في مقتل 1200 شخص وفقا للإحصاءات الإسرائيلية والذي أشعل الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

ووفقا لوزارة الصحة في غزة، استشهد أكثر من 27 ألف شخص في العدوان الإسرائيلي على القطاع.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العراق سوريا تشكيك انتقام أمريكي إيران أمريكا

العراق ينفي تنسيق الولايات المتحدة معه قبل الضربات الصاروخية

مقتل 18 شخصا وتدمير عشرات الأهداف.. حصلية القصف الأمريكي الانتقامي على سوريا والعراق

الرئاسة العراقية تدين القصف الأمريكي والخارجية تستدعي سفير الولايات المتحدة

مجلس الأمن يبحث الضربات الأمريكية في الشرق الأوسط

تحذيرات إيرانية عمانية من التصعيد العسكري الأمريكي: يهدد استقرار المنطقة