لماذا يجب على الولايات المتحدة التدخل مجددا في الشرق الأوسط المضطرب؟

الاثنين 14 مارس 2016 06:03 ص

في ظل حالة عدم الاستقرار التاريخي الذي تعاني منه منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي، فإن الكثيرين في واشنطن يقومون بمناقشة الدور الذي ينبغي على الولايات المتحدة القيام به في المنطقة.

هل ينبغي أن تستمر مع تدخل محدود (مثل التركيز على المخاوف الأمنية القومية الهامة مثل مكافحة الإرهاب)، أم الانسحاب من المنطقة التي تبدو مستعصية، أو العودة إلى موقع القيادة المركزية؟

في تقرير نشره «بروكينغز» والمجلس الأطلسي بشكل مشترك ، يحدد «كينيث بولاك»، الباحث في مركز الشرق الأوسط السياسات تحديات كبيرة للأمن في الشرق الأوسط المعاصر، ويقدم طرقا وحلول هيكلية يمكن تحقيقها على المدى الطويل.

«بولاك» يؤكد على أن أمن / انعدام أمن الشرق الأوسط سوف يبقى أولوية عالمية ومصدر قلق عالمي وذلك لعدة أسباب منها الأهمية الدائمة لموارد الطاقة في المنطقة، وتركز الجماعات الإرهابية، والتكاليف الإنسانية الغير عادية من الصراع، والمركزية الجغرافية.

 ويضيف أنه من غير المحتمل أن مشاكل الشرق الأوسط سوف تحل نفسها بنفسها أو أن القوى الإقليمية يمكنها فعل ذلك أيضا. في الواقع، وكما كتب «بولاك»، فقد شهدت السنوات القليلة الماضية امتداد مدمرا كان يمكن التنبؤ به كأثر ناجم عن فشل الدولة والحرب الأهلية، والاضطرابات العامة على نطاق واسع. وفي الوقت نفسه، ظلت الولايات المتحدة البعيدة استراتيجيا منذ انسحابها من العراق، رافضة للانخراط مجددا بعد سنوات من المشاركة الفعالة.

ووفقا لـ«بولاك»، فإن انهيار نظام الدولة القومية العربية يتطلب الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بشكل أساسي. ومع ذلك، قبل أن تتمكن من تنفيذ أي إصلاح ذي معنى، فإن الأسباب الرئيسية لعدم الاستقرار والحروب الأهلية يجب أولا أن تحل. وكما يخلص التقرير، «فالولايات المتحدة لديها مزيج من القدرات والاستعداد المحتملين للقيادة والتطوير والتنفيذ» للاستراتيجيات اللازمة التي قد توفر الأمل في تحقيق الاستقرار الدائم في المنطقة.

هذه المرة مختلفة

تاريخيا، اعتادت دول الشرق الأوسط على نوع مختلف من انعدام الأمن والذي كان يتمحور حول التهديدات الداخلية، والتي خصصت لمكافحتها موارد وجهود هائلة و كما يلاحظ «بولاك»، على مدى عقود، غطت الثروة الناتجة عن احتياطيات النفط الضخمة والمنافسة العظمى التي تدعم هذه السياسات الأمنية المكلفة بما فيه الكفاية على فشل منهجي في السياسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.

ويضيف أن الربيع العربي في عام 2011 عرض بشكل كبير لحالة الاستياء الشعبي المتأجج منذ فترة طويلة ضد نظام الدولة الفاشلة. ولم تؤد أعمال العنف التي تلت ذلك مع انهيار الدولة إلا إلى زيادة تأكيد المشاكل الهيكلية واسعة الانتشار في المنطقة.

ويتناول «بولاك» في تقريره، مجالات الاهتمام الأمريكي الحاسمة، التي يعد بعضها ذو أمد طويل وبعضها الآخر جديد، كما يقدم خارطة طريق شاملة للولايات المتحدة إذا ما اختارت العودة إلى وضع القيادة التقليدي.

المنطقة المتناقضة

وكتب «بولاك» يقول: «بما أنه الشرق الأوسط، فإن المفارقات لا نهاية لها»، وهذا ما أصبح واضحا تماما في جميع أجزاء التقرير. ويضيف «بولاك» أنه يتوجب على صانعي السياسة «التفكير ما وراء النماذج الأمنية التقليدية» والاعتراف بالحاجة إلى إجراء إصلاحات أساسية لمجتمع الشرق الأوسط.

و وفقا لـ«بولاك» ، فإن من التناقضات لما سبق أن الاهتمام المباشر والرئيسي، يجب أن يكون إنهاء الحروب الأهلية الكارثية التي «أصبحت من محركات عدم الاستقرار».

وقد أضعف الانهيار غير المتوقع لأسعار الطاقة من الدول الريعية في المنطقة، وربما هذا يعطى الفرصة لإصلاح اقتصادي ذي معنى. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن الشغل الشاغل هو تهديد الجماعات الإرهابية الإسلامية، ولكن «بولاك» يحذر من المبالغة في التركيز الأمريكي على مكافحة الإرهاب ففي نهاية المطاف، فإن الإرهاب ليس إلا نتيجة لمشاكل إقليمية أعمق.

الأمر المركزي لـ«بولاك» هو أنه من الممكن إنهاء الحروب الأهلية عن طريق تدخل طرف ثالث. وإذا قامت الولايات المتحدة حقا بالتدخل المساعدة والتدريب والدعم الدبلوماسي فإن بإمكانها أن تدعم تغييرا حاسما في التوازن العسكري في أي من الحروب الأهلية. ويقول إن واشنطن يمكنها أن تخلق فرصة عن طريق التفاوض وتقاسم الأدوار مع الجميع (دون الانخراط في مهمات كبيرة ومكلفة، و لا تحظى بشعبية).

ولكن، حتى مع تأكيد التزام القوة الأمريكية، فإن الحروب الأهلية في العراق وليبيا وسوريا واليمن سوف تتطلب استعدادا استراتيجيا. ومما يعقد هذه الاستراتيجية لا محالة هي القضايا المتزامنة، بداية من الانقسام الشيعي السني (بما في ذلك المنافسة الجيوسياسية السعودية الإيرانية)، والقضية الإسرائيلية الفلسطينية التي لم تحل بعد، والحاجة الملحة في جميع أنحاء المنطقة لإصلاح قطاع الأمن.

الفكرة القديمة الجديدة

يتطلع «بولاك» إلى أوروبا لأخذ الدروس، مشيرا إلى أنها انتقلت من كونها «القارة غير المستقرة والأكثر عنفا في العالم» إلى مكان هاديء وآمن إلى درجة الملل الجيوسياسي.

يوصي «بولاك» ببنية مماثلة للبنية الأمنية الأوروبية الدائمة التي أصبحت في نهاية المطاف منظمة للأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) وعاملة على السلام المركزي الدائم في القارة. ولكن على نطاق واسع من أجل جلب الأصدقاء والأعداء معا في حوار لمنطقة الشرق الأوسط.

وليس من شأن الإطار الأمني ​​الجديد أن يحل جميع الخلافات، ولكن، كما يقول «بولاك»، فإنه سيكون «آلية لتسهيل الإجراءات التي من شأنها أن تكون أكثر صعوبة للإنجاز دون ذلك».

إن تحقيق الاستقرار في المنطقة المنهارة في دوامة العنف سوف يبقى مشروعا طموحا، ولكنه محاط باحتمالات الفشل، ويخلص التقرير إلى الاعتراف بأن اختيار القيادة الأميركية ينحصر في العودة للانخراط في العمل، كما يوصي «بولاك»، أو الانسحاب الاستراتيجي الذي يسعى للاحتواء. لا هذا ولا ذاك يبدو خيارا كبيرا، ولكن كما يحذر «بولاك»، فإن الخيار الأسوأ سوف يكون ألا تختار.

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة أوباما الشرق الأوسط الانسحاب الأمريكي الربيع العربي غزو العراق

«الغارديان»: الولايات المتحدة لا تستبعد أن ترسل السعودية قوات برية إلى سوريا

«ستراتفور»: لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة مغادرة الشرق الأوسط؟

«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

«أوباما» يتعهد بمواجهة دور إيران «المزعزع للاستقرار» في الشرق الأوسط

«أوباما» وفوضى الشرق الأوسط

هل يمكن للولايات المتحدة أن تنهي حروبها في الشرق الأوسط؟

أي شرق أوسط جديد؟