استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«عقيدة» أوباما أم عقيدة غولدبرغ؟

الأحد 20 مارس 2016 05:03 ص

«عندما تفكر بأنك أذكى شخص في الغرفة، سيكون مغريًا أن تخلق استراتيجياتك الكبرى».

بهذا التعليق بدأ (نيل فيرغسون) المؤرخ البريطاني، وأستاذ التاريخ في جامعة هارفرد، تعليقه الوافي على ما يحسبهُ البعض مقابلة للرئيس الأمريكي باراك أوباما مع مجلة The Atlantic الأمريكية، في حين أن المادة تمثل تقريرًا شاملًا كتبه (جيفري غولدبرغ)، الصحفي فيها، نتيجة لقاءات مطولة مع الرئيس، ثم نشرهُ بعنوان (عقيدة أوباما).

لوضع الأمور في نصابٍ أوضح، غولدبرغ صحفي أمريكي إسرائيلي الجنسية، ترك الولايات المتحدة في شبابه للخدمة في الجيش الإسرائيلي أثناء الانتفاضة الفلسطينية الأولى، عاد بعدها إلى أمريكا وعمل في عدة صحف، وهو الذي اقترح عام 2008 إحدى الخرائط الشهيرة التي تقترح تقسيمات جديدة للشرق الأوسط(خارطة غولدبرغ)، كما أنه كان من أكبر مؤيدي ودعاة الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، فضلًا عن قيامه بكتابة مقالات استفزازية شهيرة منها واحدةٌ، عام 2015، بعنوان «هل آن الأوان ليغادر اليهود أوروبا؟»، كانت إجابته فيها «نعم».

لا تهدف هذه المقدمة للحكم على الرجل بإيحاءات الوقائع أعلاه، وما يمكن أن توحيه للبعض من(تفسير المؤامرة) والخبث في النية، فالرجل كما اتُهم بأنه (صهيوني) و(يميني مُتطرف) في بعض الأوساط، وُصفَ بأنه مُعادٍ لإسرائيل في أوساط أخرى، وكتب مقالة بعنوان (كيف أخطأتُ فيما يتعلق بالعراق). المهم في المسألة ألا نقرأ الظاهرة بسذاجة وأحادية، فالمؤكد أن آراء الرجل وَجَّهت طريقة كتابته للتقرير، سواء من خلال اختيار وانتقاء ما نَقلهُ عن أوباما، أو من خلال تعليقاته على تلك النقولات.

هذا مشهدٌ مُعبرٌ عن طريقة صناعة رأي النخبة في أمريكا، وكيفية تحويل ذلك الرأي إلى سياسات، بكل ما فيه من تعقيد.

لاشك بأن تقرير غولدبرغ يُعبرُ بشكلٍ صريح عن آراء الرئيس الأمريكي في نهاية المطاف، كما يقول الكثير عن شخصيته، وعن رؤيته، ليس فقط لشؤون السياسة الخارجية، بخلفياتها الثقافية والتاريخية، وإنما أيضًا عن تقويمه لمؤسسة صناعة السياسة الخارجية في واشنطن، والتي أوحت بمعان لا نُبالغ إذا قلنا إنها تُختصر بـ(الاحتقار).

لكن المشهد يحمل أيضًا دروسًا مهمة عن التفاعل بين أداء وعلاقات النُخب الأمريكية، السياسية والإعلامية والأكاديمية والاقتصادية، ذات الأجندات المختلفة، عندما يتعلق الأمر والتوظيف المتبادل فيما بينها، لتنفيذ تلك الأجندات.

ففي حين ظلت آراء أوباما، بهذه الصراحة مثلًا، طي الكتمان على مدى سبع سنوات من رئاسته، تمكن غولدبرغ من بلورتها بشكلٍ مُحكَم، ثم تجاوزَ ذلك إلى وضعها، إعلاميًا ونفسيًا، في إطارٍ أسماهُ هو (عقيدة أوباما)، بحيث باتت هذه الصورة من الآن فصاعدًا جزءًا من تاريخٍ وسيرةٍ للرئيس الأمريكي لا يمكن إغفالُها.

بمثل هذا الجهد، ليس بعيدًا أن يكون من أهداف الصحفي المخضرم أن يُرسِّخ تلك (العقيدة)، بعناصرها الحساسة، في مؤسسة السياسة الخارجية، باعتبارها باتت ركيزةً لا يمكن تجاوزها من قبل تلك المؤسسة، يُفترض فيها أن تؤثر في، إن لم تَحكُم، قرارات الرئيس القادم تحديدًا، وهو إنجازٌ استراتيجيٌ يتعدى الأجندات الشخصية بدرجةٍ واضحة.

قد يكون في هذا التحليل ما هو أدعى للتفكير من الغرق المُبالغ فيه بخصوص تصريحات أوباما، ومحاولة التعامل معها إعلاميًا على المدى القصير. فبدلًا من القبول بسحبِ تفكيرنا واهتمامنا وتركيزنا نحو تفاصيل ظواهر(تبدو) إستراتيجية، سيكون من الأجدى تحليلُ جذور تلك الظواهر وإدراك ما فيها من عناصر هي حقًا إستراتيجية.

هكذا، لا يصبح ممكنًا معالجة التفاصيل بفعاليةٍ أكبر فقط، بل تتطور القدرة على فهم المنظومة المعقدة نفسها، وصولًا إلى إدراك آليات ومداخل التعامل معها، أيضًا بشكلٍ جذري. وعلى كثرة الحديث عن هذا الموضوع، والعمل عليه، يبدو إحداثُ النقلة النوعية فيه مطلوبًا، أفكارًا وكوادرَ ومؤسسات.

في التفاصيل، ثمة دلائل على أن تقرير (غولدبرغ) أصبح (القشة) الأوبامية التي قصمت ظهر (بعير) مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية التي يتصاعد انزعاجها «ديمقراطيين وجمهوريين وعسكر وخبراء ودبلوماسيين»، من طريقة الرجل في التفكير، وقراراته الناتجة عنها.

بل إن ثمة تذمرًا وتململًا من طريقة الرئيس في التعامل المُستخِّف، بلغة اللسان والجسد، حتى بأقرب مساعديه، وفي مجال الشؤون الخارجية تحديدًا.

فما أن يرى في يد وزير الخارجية كيري ورقةً عن سوريا حتى يقول له بلهجة متعالية: «اقتراحٌ آخر؟»، وينفجر في وجه مندوبته في الأمم المتحدة، سامانثا باورز طالبًا منها السكوت بكلمة: «كفى». ليكمل قائلًا: «حسنًا حسنًا، تعرفين أنني قرأت كتابكِ»، هذا فضلًا عن كلامه المسيء تجاه حلفاء آخرين منهم ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني.

وبالإضافة إلى مقال (فيرغسون) المذكور أعلاه، ثمة مقالٌ موسوعي أيضًا نشره في (الواشنطن بوست) قبل أقل من أسبوع (ستيفن هايدمن)، الباحث في مركز بروكنغز لسياسات الشرق الأوسط، والمقالان يحللانِ بشكلٍ متكامل الأخطاء والتناقضات السياسية والأخلاقية المتعلقة بتفكير أوباما في مجال السياسة الخارجية.

لهذا، وغيره من أسباب تتعلق بالخلط في قراءته للواقع والتاريخ والتناقض في مقاييس الأخلاقية لديه، يبدو القلقُ العربي من تصريحات أوباما مبالغًا فيه.

والأرجحُ أن إرث وسياسات و(عقيدة) هذا الرئيس الذكي، الذي وضع عليه العرب الآمال يومًا، ستخرجُ معه في الصناديق التي سيحملها يوم مغادرته البيت الأبيض، وقد يكون من أسباب هذا ما ذكره المؤرخ (فيرغسون)، في إشارةٍ إلى ما يمكن أن يفعلهُ غرور القوة والذكاء بالإنسان، حين قال إن قراءته لتقرير (غولدبرغ) أعطته انطباعًا قويًا بأن «الرئيس يشعر "في الحقيقة" أنه ليس فقط أذكى رجلا في الغرفة، وإنما أذكى رجلا في العالم، عرفهُ التاريخ».

  كلمات مفتاحية

أوباما الولايات المتحدة (إسرائيل) الشرق الأوسط خارطة غولدبرغ العرب بريطانيا كيري سوريا

«دعمناك وخذلتنا»: رد فعل سعودي عنيف على عقيدة «أوباما»

«خاشقجي»: أسوأ ما في «عقيدة أوباما» القبول بتقاسم النفوذ بين السعودية وإيران

”عقيدة“ «أوباما» و”مبدأ“ «سلمان»

كيف يمكن للعرب وإيران فهم عقيدة الرئيس الأمريكي في التعامل مع الشرق الأوسط؟

«عقيدة» أوباما الجديدة 

«عقيدة أوباما» و«عقدة حلفائه» الخليجيين

«عقيدة أوباما».. تعميمات استشراقية وفوقية ووصاية ثقافية