معهد «هدسون»: السياسات قصيرة النظر للمملكة العربية السعودية

الخميس 21 أبريل 2016 05:04 ص

مرة أخرى، فإن وسائل الإعلام تتناول الأمور من الزاوية الخاطئة. في القوت الذي يلتقي فيه الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» مع قادة دول الخليج العربية، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، فإن المشكلة الرئيسية التي يواجهها ليست الكشف أو عدم الكشف عن تلك الوثائق التي تدعم المزاعم بأن بعض المسؤولين السعوديين من ذوي الرتبة المنخفضة كان لهم دور في مساعدة المسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر/أيلول أو ما إذا كان سوف يستخدم الفيتو من أجل نقض أي تشريع في الكونغرس من شأنه أن يسمح لعائلات ضحايا أحداث 11 سبتمبر/أيلول بمقاضاة الحكومة السعودية.

مشكلة المملكة العربية السعودية مع «أوباما» هي تحالفه غير المعترف به مع طهران والذي يهدف لإزاحة المملكة العربية السعودية عن موقعها كقوة مهيمنة في الشرق الأوسط. إنها السياسة التي يسعى إليها منذ توليه منصبه والتي قادته إلى اتفاق نووي محرج مع إيران. إنها أيضا سياسته في زعزعة الأنظمة المستقرة في المنطقة التي قد تجبر السعوديين على جنبا إلى جنب مع مصر وربما الأردن، للبحث عن السلاح النووي الخاص بهم في الوقت الذي يدركون فيه أن إدارة «أوباما» قد سلمت، إلى حد كبير، القنبلة إلى طهران في العقد المقبل.

هذا هو سباق التسلح النووي الذي يمكن فقط لـ«دونالد ترامب» أن يحبه.

ولكن ما يثير القلق بشكل أكبر في الوقت الراهن هو إجبار السعوديين على شن حرب اقتصادية ضد طهران باستخدام السلاح الوحيد الذي يملكونه وهو سلاح النفط. من خلال الإصرار على الحفاظ على إنتاجها النفطي وفي بعض الأحيان زيادته، فقد دفعت المملكة العربية السعودية أسعار النفط نحو الانهيار منذ منصف عام 2014 في حين يأمل السعوديون ألا ينتهي بهم المقام إلى الغرق في بحر الانخفاض الدائم للأسعار بعد أن تتحول إيران إلى منتج رئيسي للنفط في أعقاب رفع العقوبات.

كان لهذا القرار عواقب بالغة الأهمية في جميع أنحاء العالم. لا يوجد أحد يكره أن يدفع أقل من أجل الحصول على النفط. ولكن مع قيام السعوديين برفع مستويات إنتاج النفط من أجل الحفاظ على الأسعار العالمية منخفضة، فإن المملكة العربية السعودية تعيث فسادا في أسواق النفط والغاز، ليس فقط داخل حدودها ولكن في الأسواق العالمية أيضا.

الشركات الأمريكية الكبيرة منها والصغيرة تقوم بإيقاف إنتاجها، وفي كثير من الأحيان فإنها تواجه شبح الإفلاس. في الوقت نفسه، فإن الاقتصادات التي يحركها النفط في جميع أنحاء العالم تواجه الخراب، بما في ذلك حلفاء السعودية وجيرانها في الكويت.

كان هناك القليل من الأمل المعقود على اجتماع الدوحة نهاية الأسبوع الماضي، حيث كان البعض يأملون أن السعوديين بإمكانهم التوصل إلى اتفاق مع روسيا والمنتجين الآخرين لكبح إنتاج النفط ودفع الأسعار إلى أعلى. ولكن السعوديين قد منعوا هذا الاتفاق حين أعلن نائب ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» أنه لن يتم الوصول إلى أي اتفاق ما لم تتعهد إيران أيضا بخفض إنتاجها. هذا أمر غير قابل للنقاش في طهران لذا فقد كانت النهاية المتوقعة أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق. في حين أن ما يقرب من نصف أعضاء اجتماع الدوحة بما يشمل العراق، نيجيريا، أنغولا، أذربيجان، وفنزويلا يتطلعون إلى العالم وصندوق النقد الدولي لأجل الحصول على مساعدات تبقي اقتصادياتهم واقفة على قدميها.

مرة أخرى، لا يحتاج المرء إلى الشعور بآلام أوبك. تحملت الدول الأعضاء الكثير من الألم على مر السنين مع انعكاسات عل شعوبهم. ولكن الاقتصادات الفاشلة يمكن أن تعني أيضا دولا فاشلة، بما يعني المزيد من عدم الاستقرار والمزيد من التطرف وليس أقل من ذلك.

وفي الوقت نفسه، فإن «بن سلمان» يمثل مشكلة أخرى لـ«أوباما» في المملكة العربية السعودية. إنه صاحب الثلاثين عاما الذي برز بوصفه الناصح الأكثر تأثيرا على والده الملك «سلمان». وهو الشخص المسؤول عن الدفع تجاه استمرار ضخ النفط والحملة العسكرية الحالية في المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من غيران في اليمن. كلا الاستراتيجيتين قد ولدتا من رحم اليأس في الوقت الذي يتزايد فيه قلق المملكة العربية السعودية من أن سيطرة الشيعة في اليمن يمكن أن تتالي عبر الحدود وتسبب مشاكل مع السكان الشيعة في البلاد. في الوقت الذي يأمل فيه الكثيرون أن السياسة النفطية لولي العهد سوف تكون قادرة على إلحاق ضرر دائم لقطاع النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة ويحد من قدرتها على تحدي السعودية كمنتج مرجح في أسواق النفط العالمية.

كلا الاستراتيجيتين يغلب عليهما قصر النظر بشكل مثير للدهشة. الحروب طويلة الأمد في شبه الجزيرة العربية على شاكلة الحرب في سوريا لا تخدم إلا المتطرفين على كلا الجانبين من خط الانقسام الشيعي السني. ومن شأن تراجع طويل في أسعار النفط أن يؤذي في نهاية المطاف بيت آل سعود عبر الحد من قدرتهم على استخدام المدفوعات السخية، التي يمولها النفط، لشراء الولاء الداخلي. كلا الاتجاهين يجعلان من مستقبل بقاء العائلة الحاكمة السعودية وغيرها من الأنظمة المعتدلة في المنطقة أكثر غموضا. والذي يمكن أن يعني نهاية أي أمل في تحقيق السلام في الشرق الأوسط.

ولكن في نهاية المطاف، فإن مشكلة «أوباما» الحقيقية في المملكة العربية السعودية هي «أوباما» نفسه. عبر تسليح حلفائه في المملكة العربية السعودية ومصر و(إسرائيل) في ذات الوقت الذي يقوم فيه باحتواء غريمهم اللدود إيران وكذا جماعة الإخوان المسلمين فإنه يقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب في الوقت الذي يسمح فيه بتدمير صناعة النفط والغاز في الولايات المتحدة والتي تعد النقطة المضيئة الوحيدة في السجل الاقتصادي الكئيب لهذه الإدارة. هذا في النهاية هو ميراثه. وإذا انتهى هذا الأمر بسقوط بيت آل سعود فإن ذلك سوف يجعل من «أوباما» مهندسا لشرق أوسط جديد متفجر.

المصدر | معهد هدسون

  كلمات مفتاحية

السعودية اليمن محمد بن سلمان انخفاض أسعار النفط أوباما الملك سلمان العلاقات السعودية الأمريكية

«بوليتيكو»: العلاقات السعودية الأمريكية تتدهور .. ولا أحد يمكنه إصلاح ذلك

الطلاق الطويل: كيف صارت العلاقات السعودية الأمريكية أكثر برودة في عهد «أوباما»؟

«بروكينغز»: قراءة في أوراق التاريخ .. لماذا لا يمكن التخلي عن العلاقات السعودية الأمريكية؟

«ديفينس وان»: استعدوا لانهيار المملكة السعودية

«الجارديان»: وثائق مسربة تظهر توجه الحكومة السعودية نحو تطبيق خطة تقشفية

«تليغراف»: حرب أسعار النفط قد تؤدي إلى انهيار حكومتي الرياض وموسكو