هل تضطر تركيا إلى الاختيار بين جماعة الإخوان وحلفائها الإقليميين؟

الثلاثاء 3 مايو 2016 11:05 ص

يرى مقال نشره معهد الشرق الأوسط أن تركيا تبذل جهودا كبيرا في محاولات كسر عزلتها الإقليمية. تمثلت أحدث محاولة في هذا الصدد في قيام وزير الخارجية التركي «مولود جاويش أوغلو» خلال الأسبوع الماضي بزيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وهي زيارة وصفها الوزير نفسه بأنها نقطة تحول. قام وزير الخارجية التركي بعقد اجتماعات مع قادة رفيعي المستوى سعيا إلى تحسين العلاقات مع دولة عربية رئيسية طالما عارضت السياسات الإقليمية التركية المناصرة لجماعة الإخوان المسلمين. وقد أعلنت الإمارات أثناء الزيارة أنها قد قررت تعيين سفير لها في تركيا بعد ثلاث سنوات من برودة في العلاقات بين البلدين.

ووفقا للمقال، فقد كانت هذه الزيارة هي أول زيارة رفيعة المستوى لمسؤول تركي إلى الإمارات منذ مايو/أيار 2013 بسبب توتر العلاقات بين البلدين على خلفية إسقاط أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا، «محمد مرسي»، في يوليو/تموز 2013، حيث أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة هي الممول الرئيسي لنظام «السيسي». ويلفت المقال إلى قيام الإمارات بسحب سفيرها من أنقرة بعد قيام القيادة التركية بتوجيه نقد لاذع للانقلاب في مصر وللدول العربية التي قدمت الدعم لنظام «عبدالفتاح السيسي».

ويرى المقال أن جذور الخلافات بين البلدين تعود إلى تباين وجهات النظر بينهما بشأن جماعة الإخوان المسلمين. منذ بداية الربيع العربي، قامت الإمارات بشن حملة ضد فرعها المحلي من جماعة الإخوان المسلمين، المعروف باسم جمعية الإصلاح. تم القبض على ما يقرب من 100 من أعضاء الجماعة قبل إعلان جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014. تركيا، من ناحية أخرى، أصبحت ملاذا آمنا بالنسبة لأعضاء الجماعة الفارين من مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة.

ويأتي التقارب مع الإمارات في وقت تجد فيه تركيا نفسها معزولة بشكل متزايد في منطقة مضطربة. ليس لدى تركيا أي علاقات مع القاهرة، كما أن علاقاتها مع (إسرائيل) والعراق وإيران تبقى باردة في أفضل الأحوال. وعلى الرغم من التصريحات المتكررة من كلا الطرفين أن تطبيع العلاقات صار وشيكا، لا تزال العلاقات التركية الإسرائيلية متوترة في وجود الكثير من الحواجز التي تعوق الوصول إلى تطبيع كامل.

وقد تم سحب أنقرة إلى قلب الصراع في سوريا، ويرجع ذلك جزئيا إلى سياساتها الخاصة والتي عرضتها لانتقادات من قبل حلفائها الغربيين بسبب سماحها للجهاديين الأجانب بالمرور عبر أراضيها، وفقا للمقال. وكانت تركيا قد هاجمت أهداف حزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا في تناقض مع سياسة الولايات المتحدة التي تسعى لبناء تحالف مع الجماعة الكردية لمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وقد أنعشت الصفقة المثيرة للجدل بين تركيا والاتحاد الأوروبي والتي تهدف إلى وقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا آمال أنقرة في إحياء المفاوضات المتعثرة لعضويتها في الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك يبدو أن الاتفاق يواجه صعوبات بسبب المخاوف بشأن حرية التعبير في البلاد وكذا بسبب تهديدات أنقرة بالتراجع عن الصفقة في حال لم يقم الاتحاد الأوروبي بمنح حق الانتقال الحر للأتراك إلى دول الاتحاد (دون تأشيرات) بحلول يونيو/حزيران. في حين لا تزال علاقات تركيا مع روسيا متوترة منذ قيامها بإسقاط الطائرة الروسية التي قامت بانتهاك المجال الجوي التركي في الخريف.

ويرى المقال أن تركيا تسعى إلى إعادة التواصل مع الجهات الفاعلة الإقليمية التي تراجعت علاقتها معها خلال الفترة السابقة بهدف كسر عزلتها الإقليمية. علاقات تركيا مع المملكة العربية السعودية قد تحسنت بشكل ملحوظ في ظل الحاكم السعودي الجديد الملك «سلمان»، بعد سنوات من التوتر بسبب الانقلاب العسكري في مصر والسياسات المتضاربة بشأن جماعة الإخوان المسلمين. يشرع البلدان عن كثب في تنسيق جهودهما في دعم المعارضة السورية بينما يدفع السعوديون بقوة نحو تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة. ويشير المقال إلى تقارير أفادت أن الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» قد سمح بتجديد العلاقات مع مصر على المستوى الوزاري في وقت سابق من هذا العام. في الوقت نفسه، تسعى تركيا أيضا نحو إصلاح علاقاتها مع (إسرائيل)، ولكن موقفها الداعم لجماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس يقف حاجزا رئيسيا أمام التطبيع الكامل مع هذه الدول.

ويرصد المقال قيام الآلاف من المصريين بمغادرة بلادهم إلى تركيا في أعقاب الانقلاب العسكري خوفا من الملاحقات القانونية، ضمنهم قيادات في جماعة الإخوان المسلمين. وهم يعيشون الآن في تركيا ويشرعون في بناء تحالفاتهم الخاصة واللقاء مع القادة الغربيين وفتح المحطات الفضائية الإخبارية، وحتى رفع القضايا أمام المحاكم الدولية ذات الولاية ضد النظام في مصر. منوها إلى اتهامات مصر لتركيا بإيواء العقول المدبرة لمقتل النائب العام المصري «هشام بركات» ومطالبتها للإنتربول بتسليم النشطاء الذين تدعي تورطهم في القضية.

ويلفت المقال أيضا إلى قضية التقارب بين تركيا و(إسرائيل). تطالب (إسرائيل) تركيا باستبعاد كافة نشطاء حركة حماس المقيمين على أراضيها، في حين تواصل مصر الإعراب عن سخطها بشأن التقارب التركي الإسرائيلي. الإمارات بدورها قامت بإثارة هذه القضية مع أنقرة في عدة مناسبات، مطالبة تركيا بعدم إيواء المنشقين الإماراتيين.

ويشير المقال إلى أن تركيا قد استخدمت منذ فترة طويلة تحالفها مع الإخوان وحركة حماس من أجل تعزيز قوتها الناعمة في المنطقة، واستقطاب الجمهور الأكثر محافظة في الداخل. ولكن هذه السياسات اليوم تضر موقفها الآخذ بالتآكل فعليا في المنطقة، وتشكل عقبة أمام جهودها لكسر عزلتها الإقليمية. ويرى المعهد أن «أردوغان» قد يكون في مواجهة خيار صعب، إما إعطاء الأولوية لجماعة الإخوان المسلمين على حساب علاقاته مع جيرانه الإقليميين، أو إنهاء عزلته الإقليمية على حساب جماعة الإخوان المسلمين. سوف يكون قرارا صعبا ويبقى أن نرى ما الذي سوف يقدم عليه «أردوغان».

المصدر | معهد الشرق الأوسط

  كلمات مفتاحية

تركيا الإمارات (إسرائيل) السعودية أردوغان جماعة الإخوان المسلمين السيسي مصر الإخوان

التحالف الخليجي التركي: هل يصمد في بيئة إقليمية مضطربة؟

انهيار الإخوان: هل تستطيع الجماعة البقاء في ظل الضربات الأخيرة؟

هل بدأ موسم التقارب الإماراتي التركي؟

«الإخوان المسلمون» ودعاة الخليج يهنئون الشعب التركي بفوز «العدالة والتنمية»

الخليج والإخوان: طلاق غير بائن

وثيقة: السعودية تعمّق اتصالاتها بتركيا وقطر وتجمّد خطط ملاحقة «الإخوان»

«التركي»: السعودية تعتبر «الإخوان» جماعة إرهابية الانتماء لها أو تأييدها «مُجَرّم»