«فورين أفيرز» تحذر من عواقب ملاحقة وقمع الإخوان بالأردن

الخميس 5 مايو 2016 10:05 ص

حذرت مجلة «فورين أفيرز»، من عواقب ملاحقة وقمع جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، مشيرة إلى أن الإخوان يتمتعون بدعم شعبي واسع داخل البلاد، فضلا عن رغبة النظام في الظهور أمام المجتمع الدولي أنه بلد ديمقراطي.

وفي تقرير نشرته المجلة الأمريكية، التي يصدرها مجلس العلاقات الخارجية، للصحفي المقيم في عمان «آرون ميغيد»، قال: «هناك محذورا يتعلق بمداهمة مقرات الإخوان وإغلاقها، الأمر الذي قد يدفع بعض العناصر لتبني تيار العنف في وقت تواجه فيه الحكومة تهديد تنظيم الدولة، وعليه فإنه ليس من الحكمة تهميش جماعة ذات جذور قوية في المجتمع، حيث تعترف الحكومة بأن هناك حوالي ألفي أردني سافروا وانضموا لتنظيم الدولة الإسلامية».

عواقب

وأشار التقرير إلى أن نسبة 25 إلى 30% من السكان تدعم الجماعة، أي حوالي مليون شخص داخل الأردن، موضحة أن الجماعة أظهرت قوتها السياسية أولا في عام 1989 في الفترة السياسية المفتوحة، حيث أصبحت أكبر كتلة في البرلمان، ومن ثم قامت الحكومة بتغيير قوانين الانتخابات بطريقة أضعفت فيها المناطق التي يسيطر فيها الإسلاميون، ولهذا السبب قاطع الإخوان انتخابات عام 2010 و2013.

واعتبر التقرير أن قمع الأردن للإسلاميين سيؤثر في موقفه الدولي، خاصة أنه يحبذ أن ينظر إليه في الغرب على أنه بلد ديمقراطي، حيث ظهر الملك «عبد الله»، في برنامج «ديلي شو» الأمريكي، الذي يقدمه «جون ستيوارت» عام 2012، مشيرة إلى أن المحللين الكبار للسياسات دعوا واشنطن إلى تخفيض مستويات علاقاتها مع مصر؛ بسبب قمع الإسلاميين وجماعات العمل المدني، مستدركة بأنه رغم أن الوضع في مصر أسوأ، إلا أن زيادة في درجة القمع قد تدفع جماعات حقوقية في الغرب واشنطن لإعادة تقييم سياستها تجاه الأردن.

ورأى «ميغيد»، في تقريره، أن الإخوان المسلمين ليسوا أهم مشكلة تواجه الأردن في الوقت الحالي، حيث إن هناك مشكلات اقتصادية، بينها زيادة البطالة بين الشباب، التي تصل نسبتها إلى 28%، بالإضافة إلى وجود دين عام بالنسبة للدخل القومي، واستقبل الأردن حوالي 642 ألف لاجئ سوري، ما أثر في مصادره المحدودة، لافتا إلى أن «ديفيد شينكر» قدم تقييما عام 2013، لخص فيه التهديدات التي تواجه الأردن، مبينا أنه مع تراجع حظوظ الإخوان في مصر، فإن مشكلات الجماعة في الأردن هي أقل هموم الملك «عبد الله الثاني».

عداء ظاهر

التقرير قال إن الملك الأردني «عبد الله الثاني»، لا يخشى إظهار عدائه لجماعة الإخوان المسلمين، وهي الحركة التي أنشئت في مصر، ولها فروع دولية عدة، وتحظى بدعم واسع في المملكة الأردنية الهاشمية.

وأشار إلى النقد الذي وجهه الملك في مقابلة له مع مجلة «ذا أتلانتك» عام 2013، للجماعة، حيث وصفها بأنها «حركة ماسونية تديرها ذئاب في ثياب حملان»، مستدركا بأن عمّان صعدت في الأشهر الأخيرة من خطابها المعادي للحركة، وقامت بعملية قمع واسعة، وصلت ذروتها إلى إغلاق مقرات الجماعة يوم 13 أبريل/ نيسان في عمان، ومكاتب أخرى لها في المفرق ومأدبا وإربد والكرك.

تفكيك إداري

وأوضحت المجلة أن ما دفع لهذه التحركات هو قانون صدر عام 2014، يطالب الأحزاب بإعادة التسجيل، أو تجديد رخص الإذن بالعمل، وهو ما سمح ببروز جماعة إخوان مسلمين جديدة منافسة للأصلية، التي نافستها وتحدت شرعيتها، وسجلت نفسها في مارس/ آذار 2015، باسم «جمعية الإخوان المسلمين»، مشيرة إلى أن هذه الجماعة الجديدة يقودها «عبد المجيد الذنيبات»، الذي قال إنه يعارض ارتباط الحركة بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، خاصة بعد حظر الجماعة في مصر، وتصنيفها بالإرهابية.

ولفت «ميغيد» إلى أن «الذنبيات» يؤكد أن جناحه يرغب بتأكيد الهوية الأردنية، حيث قبلت الحكومة الأردنية الجماعة الجديدة، وفي نهاية أبريل/ نيسان 2015، منعت الجماعة القديمة من عقد احتفال في الذكرى السبعين لإنشائها في الأردن، مشيرا إلى أنه بعد أشهر بدأت مؤسسة الأراضي والمساحة بنقل ملكية العقارات، التي تقدر قيمتها بملايين الدولارات، من الجماعة القديمة إلى الجناح الجديد.

وقبل شهر، وفي 29 مارس/ آذار، منعت عمّان الحركة الإسلامية من عقد اجتماع داخلي وتنظيم انتخابات، التي لا تستطيع الحركة دونها انتخاب قيادات لها بطريقة قانونية.

واستدرك التقرير، أنه مع أن الجماعة تعمل في الأردن بطريقة شرعية منذ 70 عاما، وشاركت في البرلمان في أكثر من مرة، وتم تسجيلها مرتين في عام 1946 و1953، وقابل الملك «عبدالله الثاني» أعضاء في الجماعة عام 2011؛ لمناقشة دعوات الإصلاح السياسي بعد اندلاع الربيع العربي، إلا أن الحكومة قمعت الحركة، واعتقلت نائب المراقب العام «زكي بني أرشيد» في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2014؛ بتهمة انتقاد دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 13 شهرا، قضاها في الحبس، قبل أن يفرج عنه.

وأشارت المجلة إلى رفض الناطق الإعلامي باسم الحكومة الأردنية الدكتور «محمد المومني» مقابلة الكاتب، لكنها نقلت عنه تصريحات سابقة للإعلام قال فيها إن «الإجراءات ضد الحركة ليست سياسية، لكنها تتعلق بفشل الحركة في الالتزام بشروط التسجيل»، وقال: «ولا أحد فوق القانون».

إلا أن المتحدث باسم الإخوان «معاذ الخوالدة»، قال إنه ليس مقتنعا بكلام «المومني»، وأضاف: «إجراءات الحكومة الأخيرة غير عادلة، وتعيد الأردن إلى عهد قوانين الطوارئ»، موضحا أن الحرية السياسية لم تعد كما كانت.

وتابع «الخوالدة» بحسب المجلة، أن «هناك جناحا في الأردن يسعى إلى سحق الإخوان»، لكنه يجد أن الخطة ليست واقعية، إن أخذنا بعين الاعتبار الدعم الشعبي الذي يلقاه الإخوان في المملكة الهاشمية.

وأصر «الخوالدة» أن الإجراءات القمعية الحالية هي «الثمن» الذي تعتقد الحكومة أن على الإخوان دفعه بسبب مشاركتهم في الحراك الشعبي عام 2011، ومطالبتهم الأولى بالإصلاح.

الكاتبة «جيليان شويدلر»، من كلية هانتر في جامعة سيتي بنيويورك، ومؤلفة كتاب عن الإخوان المسلمين في الأردن، وصفت مطالبة الحكومة الجماعة بالتسجيل بـ«تمثيلية».

وأضافت عبر المجلة، أن تحرك الحكومة دافعه سياسي، ويهدف إلى إضعاف الجماعة التي تعارض سياساتها، حيث قاطع الإخوان المسلمون انتخابات عام 2010 و2013، وهما قراران أغضبا المسؤولين البارزين في الحكومة، وحاول رئيس الوزراء في حينها «سمير الرفاعي» إقناع الجماعة بالمشاركة؛ لمنح الانتخابات شرعية، لكنه لم ينجح.

كما عرض التقرير وجهة نظر «عبد اللطيف عربيات»، رئيس البرلمان سابقا، وهو أرفع منصب يتولاه مسؤول في حركة الإخوان المسلمين، الذي يرى أن التيار المنشق عن الجماعة أو الإخوان الجدد «ضعيف جدا»، وأن الحركة الأم أوسع، وتحظى بدعم واسع من المؤيدين لها.

أما «مراد العضايلة»، وهو أحد مسؤولي الجماعة، فقال للمجلة، إن الحكومة أدت دورا في هندسة انشقاق المجموعة الجديدة، وأضاف: «هذا الانقلاب دعمه النظام»، لافتا إلى أنه في عام 2013 تحدث الصحفي «جيفري غولدبيرغ» عن دور المخابرات العامة في الأردن، التي أدت أحيانا دورا في زرع الشقاق في الجماعات الإسلامية، عبر شراء بعض قادتها، حيث تشير تقارير تم تداولها في عمان، إلى أن الحكومة أدت دورا في هندسة الانشقاق؛ لإضعاف قاعدة التأثير السياسي التي تتمتع بها الحركة.

تاريخ متقلب

ونوه «ميغيد» في هذه النقطة، إلى الأوقات السعيدة في العلاقات بين العائلة الحاكمة وجماعة الإخوان المسلمين، حيث رحب الملك «عبدالله الأول» بالجماعة عام 1945، وعلى خلاف سوريا ومصر، فقد منح الأردن لمواطنيه، الذين يدعمون الإسلام المعتدل الذي ينبذ العنف، مساحة للتحرك، لافتا إلى أن الإخوان دعموا الملكية حتى في الفترة التي واجهت فيها تهديدات حركة التحرير الوطني الفلسطيني في السبعينيات، حيث وقف الإخوان مع الملك، وعندما حرق تنظيم الدولة الطيار «معاذ الكساسبة» العام الماضي، أصدرت جماعة الإخوان بيانا يتناغم مع موقف الديوان الملكي، حيث تم اعتباره عملا شريرا يتعارض مع معاملة الأسرى في الإسلام.

واستدرك التقرير أن الوضع بدأ بالتغير عندما بدأت الحكومة بقمع الإسلاميين بعد سقوط نظام أول رئيس مدني منتخب في مصر «محمد مرسي» في عام 2013، إثر انقلاب عسكري، لافتا إلى أن موقف الملك «عبدالله الثاني» من الإخوان كان وراء هذا القمع، حيث إنه لا يحبهم، وربما انضم للحملة التي تستهدفهم في المنطقة.

أما «جواس واغاميكر» المحاضر في جامعة أوتريخت، فقال إن الإخوان يتلقون ضربات في عموم الشرق الأوسط، خاصة في مصر، وربما اعتقدت المملكة الهاشمية أن هذه فرصة لـ«دفع الإخوان للإذعان»، عبر أساليب بيروقراطية.

وأضاف أن الأردن يقوم باستغلال الانقسامات الجديدة بين الإسلاميين: بين الجناح الجديد والقديم، وذلك عبر دعم التيار الجديد القريب من الحكومة.

واختتمت «فورين أفيرز» تقريرها بالقول إن «عمليات القمع الأخيرة، وإغلاق المقرات، ومنع الانتخابات الداخلية، تعكس قصة مختلفة، حيث إن قيادة المملكة تريد إظهار أنه حتى بتراجع حظوظ الإسلاميين في المنطقة، فإنها لا تزال تتعامل مع الإخوان المسلمين بوصفهم تهديدا جوهريا، ولهذا تقوم بتصعيد القمع ضدهم».

  كلمات مفتاحية

الإخوان الأردن فورين أفيرز الملك عبد الله الثاني

رغم الأزمة.. إخوان الأردن يكتسحون انتخابات نقابة الأطباء

إخوان الأردن: سنرد بالقانون على إغلاق مقر الجماعة

«ما بعد» إخوان الأردن!

«فورين أفيرز»: قيادات الإخوان الشابة تقود المرحلة

إخوان الأردن يواجهون تحديات جديدة .. وبني ارشيد اختار «السجن» عن «الإعتذار» للإمارات

حزب «إخوان الأردن» يتشح بالسواد ويغلق أبوابه الإثنين ويعتزم مقاضاة الحكومة

«الإخوان المسلمين» في الأردن تشكل «لجنة مؤقتة» لإدارة شؤونها

«إخوان الأردن» يعلنون مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة