قيادي بإخوان مصر يطالب الجماعة بمراجعة أخطائها ويؤكد: فصل العمل الحزبي عن الدعوي قريبا

الأربعاء 18 مايو 2016 04:05 ص

قال «محمد جمال حشمت»، عضو مجلس شورى جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، أعلى هيئة رقابية بالجماعة، إن الجماعة كانت لها أخطاء، ومطلوب الاعتراف بها وتجاوزها، في ظل اعتراف مماثل من جميع القوى السياسية المصرية، وكذلك تفعيل جانب المحاسبة بداخلها، ودعا جميع أطراف الأزمة الداخلية الحالية، التي وصفها بأنها نخبوية بالتعالي فوق الخلافات وعدم شحن النفوس، أو ترك الجماعة متمنياً ألا تكون خلافات الجماعة الحالية نهاية مطافها بل بداية لتجددها.

وأضاف في حوار مع وكالة الأناضول: «تأكد عزم كل الأطراف» داخل الجماعة على ضرورة «فصل الجانب الحزبي التنافسي عن الجانب الدعوي والتربوي»، و«سيُعلن هذا قريبا»، مشيرا أن هناك «سعي لمراجعات كبرى، لكنها تحتاج وقت، وإرادة، وتقديم الشباب».

وأسست جماعة الإخوان «حزب الحرية والعدالة» عقب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وكانت انتقادات كثيرة توجّه للجماعة بهيمنتها على القرار داخل الحزب، الذي تم حله بقرار قضائي عقب انقلاب الجيش المصري، في 3 يوليو/ تموز 2013 على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.

وشدّد «حشمت»، المقيم حاليا خارج مصر، على أن «الأزمة الحالية ليست بين تنظيم يبقى أو ينتهي أو مواجهة أو تراجع، بقدر ما هي محاولة جادة وحقيقية لتطوير الجماعة، وعودتها للرأي العام بشكل أفضل وأحسن من فتراتها السابقة، وقد عولجت الأخطاء، وتمت الاستفادة من الدروس السابقة في تاريخ الوطن والجماعة».

وحالياً، تشهد «جماعة الإخوان» خلافات داخلية، وصلت ذروتها خلال ديسمبر/كانون أول الماضي، حول إدارة التنظيم، وشكل الثورة التي تنتهجها ضد السلطات المصرية الحالية، وصارت الأزمة يتزعمها تيار بقيادة «محمود عزت» القائم بأعمال مرشد الإخوان، وآخر يتزعمه الدكتور «محمد كمال» عضو مكتب الإرشاد الذي أعلن استقالته مؤخرا داعيا لتقديم الشباب، بالإضافة إلى قيادات بالجماعة أبرزهم الدكتور «أحمد عبدالرحمن» مسؤول مكتب الإخوان بالخارج لإدارة الأزمة الذي انتخب في الخارج عقب خروج المئات من كوادر الجماعة من مصر.

وقبل أسبوعين، طرحت «اللجنة الإدارية العليا للإخوان»،كانت معنية بإدارة شؤون الجماعة، ولها خلافات حالية مع جبهة عزت، ما أسمته «خارطة طريق لإنهاء الخلاف"، تضمنت عدة نقاط تتمحور حول «إجراء انتخابات شاملة لهيئاتها، ورجوع طرفي الأزمة خطوة للوراء».

 وحول رأيه في استمرار الأزمة قال: «تسعى الجماعة لتبنّي الشكل الديمقراطي الشُوري، داخل آليات عملها الداخلي، رغم أن أزمتها الكبيرة ضد انقلاب (في إشارة إلى الإطاحة بالرئيس المعزول من الجيش محمد مرسي) لم يتورّع عن حظرها وقتل عدد من قياداتها، وسجن آلاف آخرين منهم ومن كوادرها وأنصارها، بشكل خاص، فضلا عن إنهاك وتدمير شامل لكل مقدّرات مصر، والأمر الأهم، أنه إذا نجحت مصر في حل أزمتها الأكبر مع هذا الانقلاب، نجح كل من فيها بما فيهم الإخوان، في حل أي أزمة طارئة».

وعن حجم الأزمة داخل الجماعة أقر حشمت «لا شك أخطأت الجماعة في بعض من قراراتها وخطواتها، لكن الإقرار بالخطأ والاعتراف مهم، وقد عبّر عن ذلك كثير من القيادات، وأعتقد أنه لابد من إقرانه باعتراف وإقرار من باقي التيارات والمؤسسات والشخصيات (لم يسمها) التي ارتكبت خطأ بحق الوطن أيضًا، وتجاوزته إلى جرائم في حق الضمير الإنساني، وحق الإنسان السياسي والاجتماعي».

وأضاف: «أن خطوات حلّ الأزمة ستبقى مستمرة، وأنها ليست مرتبطة بشخص، أيا كان مقامه، أو بمصالح ضيقة أو بتغييب وقائع أو تجريح أو تشويه ليس من أخلاقنا».

 وعن استقالة  الدكتور «محمد كمال عضو مكتب الإرشاد (أعلى هيئة تنفيذية)، قال حشمت: «نحتاج كجماعة إلى تجديد دماء القيادات، بروح وعقول شبابية، لا تأخذ السنّ معيارًا، وبالتالي أي خطوة من شأنها أن تحلّ الأزمة الداخلية، مرحّب بها، ويجب أن تنظر لها الجماعة بإيجابية، وليس بروح المكايدة والتمسك بآليات محل نظر واختلاف أو لوائح ليست مقدسة، وما ينفع منها لوقت ما ربما لا يصلح لوقت أخر».

وحول إمكانية قبول الجماعة بالتهدئة مع النظام المصري الحالي قال: «ليس هناك عاقل يقول إن انقلابا ينهار اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، يجب أن نعطي له أملًا في البقاء؛ فهذا إجرام، ولا أتصور أن هناك عاقلا داخل الجماعة يمكن أن يعقد صفقة مع هذا الانقلاب، وبالتالي المستقبل يحمل انتهاء هذا النظام الإنقلابي وكل صوره الفاسدة التي أضرت بحاضر مصر مستقبلها».

أما عن مصير المبادرات السابقة لحل الأزمة، قال: «يسأل عنه كل من كان سببًا في إطالة أمد الخلاف الداخلي، وهنا يجب أن نعلي من الضمير والمصلحة العليا، وإبداء مرونة؛ لأنني أثق أن روابط الإخوة والقيم والفكرة، إن حافظنا عليها، أكبر من تلك الأزمات الطارئة التي نأمل أن تنتهي قريبا كما قلنا سالفا».

وعن التمسك بالتنظيم الإخواني وفق بينته المعتادة قال حشمت: «لاشك أن التمسك بالتنظيم وكأنه صنم، كان جزءًا من أزمة سابقة وحالية بالجماعة، لكن علينا أن نعترف أنه يحتاج تطويرًا ومؤسسية ومحاسبة وضخ قيادات شبابية في كافة هياكله، ..وقد تأكد عزم كل الأطراف على ضرورة فصل (الجانب) الحزبي التنافسي، عن الدعوي والتربوي، وسيعلن هذا قريبًا».

وعن المراجعات في واقع الجماعة اليوم أفاد: «لا يجب أن تمس الإخوان فقط؛ فالتيار اليساري لابد أن يتحرك شبابه، وكذلك باقي التيارات العلمانية بمصر، تحتاج لمراجعات كبرى، فقد آن أن ينتهي عصر من دمّر وخرّب تلك التنظيمات أيا كانت إسلامية أو علمانية».

وعن ماهية الصراع اليوم داخل الجماعة برأيه أهو على مال ومصالح قال:«في عهد الانقلابات والأزمات التي تواجه الجماعات والمنظمات، ستسمع مثل هذا الكلام كثيرا، لكن نحن قدّمنا تفسيرًا واضحًا لأزمة الإخوان، ومحاولة أخد النقاش لتلك الاتهامات لن يفيد كثيرًا، وأربأ بالجميع أن ننتقل من مربع إيجاد تغيير حقيقي داخل الجماعة إلى نقاشات تفرغ المطالب من مضمونها وتشحن النفوس، وفي النهاية قد لا تصح».

ودعا حشمت الجميع إلى عدم ترك مكانه في الجماعة، وأيضاً عدم شحن النفوس بالدفع بمزيد من الخلافات، مذكراً بما كان من خلافات سابقة داخلها ومتمنياً ألا تكون خلافاتها اليوم مؤذنة بنهايتها كما يتمنى أعداؤوها بخاصة النظام المصري الحالي بحسب قوله، وعن آليات تحقيق هذا اختتم كلماته قائلاً: «خلال آليات وليس أمنيات، من خلال إجراءات حقيقية، وتطوير مؤسسي وفكري حقيقي، ونأمل في وجود الحراك الشبابي أن تعود الإخوان للمجتمع والرأي العام المصري وتبث روحًا جديدة بالفعل تحتاج إليها البلاد».

وبحسب ويكيبديا الإخوان (الموسوعة الرسمية للجماعة) فقد ولد الدكتور محمد جمال حشمت في مدينة دمنهور عام 1956م، وتخرج في كلية الطب جامعة الإسكندرية عام 1980. وحصل على الماجستير في طب المناطق الحارة من جامعة الإسكندرية عام 1986. وعلي الدكتوراه في علم مناعة الأمراض المتوطنة بإشراف مشترك بين جامعتي الإسكندرية وبوخوم في ألمانيا عام 1993.و على دبلوم العلوم السياسية في الدراسات البرلمانية عام 2003 كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة. وكان يعمل أستاذاً للأمراض الطفيلية المتوطنة واستشاري للحميات وأمراض الكبد في معهد البحوث الطبية بجامعة الإسكندرية. بالإضافة لكونه نائبا بالبرلمان المصري عام 2012م عن دائرة دمنهور بالبحيرة.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جمال حشمت قيادي إخواني أزمة الجماعة الحالية تمكين الشباب اعتراف بالأخطاء تعالي فوق الخلافات علاج القصور

أزمة الإخوان المسلمين... سوسيولوجيا عن الفرد والجماعة

عضو بمكتب الإرشاد في «إخوان مصر» يستقيل ويدعو القيادات لتقديم الشباب

الغنوشي: «حركة النهضة» بصدد التحول إلى حزب سياسي

«الإخوان المسلمون» ظالمون ومظلومون

الإخوان المسلمون والتعامل مع الأزمات السـياسـية

التمايز بين الدعوي والسياسي في التجربة المغربية

مأزق إخوان مصر بين الدعوي والسياسي