كشفت مصادر قبلية عن أن طائرات تابعة للجيش المصري قتلت عائلة كاملة في محافظة شمال سيناء، شمال شرقي مصر، مساء أمس الأول الثلاثاء، بعد أن قصفت منزلاً سكنياً جنوب مدينة الشيخ زويد، فيما اعتبرت منظمة حقوقية ما جرى مخالفة لجميع المواثيق وعهود حقوق الإنسان.

وفي التفاصيل، التي يرويها أحد سكان منطقة الزوارعة في الشيخ زويد لـصحيفة «العربي الجديد» اللندنية، فوجئ أهالي مدينتي رفح والشيخ زويد بغارات متتالية من الطيران الحربي المصري، دون سابق إنذار، وعلى مناطق متفرقة.

وبحسب الشاهد على الحدث، فإن إحدى الغارات التي شنتها طائرات «إف16» استهدفت خيمة مصنوعة من القماش تؤوي عائلة داخل أرض زراعية؛ ما أدى لتناثر أشلاء العائلة المكونة من سيدة وأبنائها الستة.

وقالت مصادر قبلية إن القصف استهدف عدة قرى جنوب مدينتي رفح والشيخ زويد، فيما تركز على الأراضي الزراعية وبعض الغرف، التي يستخدمها المزارعون، فيما لم يلاحظ تأثر الجماعات المسلحة بهذه الغارات، بعد أن شاهدوا تحركات طبيعية لهم في اليوم التالي للقصف.

وتسبب انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت في تأخر وصول المعلومات من سيناء حول الجريمة الجديدة، وكذلك تأخر وصول الأهالي لمكان القصف؛ نظرا لاستمرار هذا الانققطاع خلال ساعات ما بعد الغارات.

وتشير المصادر القبلية إلى أن طواقم الإسعاف لم تحضر إلى أي مكان تعرض للقصف الجوي، فيما تم نقل الجثث عبر سيارات مدنية تتبع للمواطنين، الذين وصلوا إلى المكان بعد العثور على الجثث.

فصول أخرى من المأساة

ولحكاية هذه العائلة فصول أخرى من المأساة؛ إذ أكد «أبو عبد الله السواركة»، أحد سكان المنطقة، أن العائلة التي تعرضت للقصف كان الجيش قد دمر منزلها في إحدى قرى الشيخ زويد قبل عدة شهور؛ فلجأت إلى هذا المكان المصنوع من القماش؛ بدلا من المنزل الذي أصبح كومة من الركام.

وفي معرض سؤاله عن مصير رب العائلة، قال «السواركة» إن والد الأطفال مختفٍ قسريا منذ عدة شهور؛ حيث فُقدت آثاره خلال ذهابه إلى العمل، فيما يُتوقع أن يكون مسجونا لدى قوات الجيش المصري بعد أن دمرت منزله.

وفي السياق نفسه، اعتبر «المرصد السيناوي لحقوق الإنسان» «هذه المجزرة مخالفة لجميع المواثيق وعهود حقوق الإنسان الموقعّة عليها من قبل الدولة المصرية»، مشددا على أن «الدولة تعمل على تكريس جرائم مُحرمة دوليًا بنصوص القوانين والمواثيق، بلا مُراجعٍ أو حساب».

وقال المرصد، في بيان صحفي صادر عنه، إنه استلم شكوى تُفيد بقصف طائرات الجيش من طراز «إف16» لعِدة أهداف جنوب مدينتي الشيخ زويد، ورفح، شمالي سيناء، وبحسب الذين أرسلوا الشكوى للمرصد، فإن القصف وصف بـ«العنيف»، ونتج عنه مقتل سيدة وأبنائها الستة بعد سقوط صاروخ على منزلهم.

وأضاف البيان أن «الدولة المصرية تنتهك نص المادة 1/6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على أن الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفًا».

ويرى «المرصد» أنّ قوات الجيش تكرس جريمة القتل خارج إطار القانون، بل وتقوم بعملية تطهير عرقي لأهالي سيناء، مطالبا السُلطات المصرية بالكف عن استهداف المدنيين، ووضع رادع للقوات التي تقوم بعمليات ممنهجة تجاههم بربوع سيناء.

وناشد المقرر الخاص بالقتل خارج إطار القانون لدى الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني، والسُلطة القضائية بمصر، التدخل الفوري لوقف تلك الجرائم التي ترتكب يوميًا بحق المدنيين الأبرياء العُزّل ويروح ضحيتها النساء والأطفال، ومحاسبة المتسببين في تلك الجرائم وتقديمهم بشكل عاجل للمحكمة الجنائية الدولي بصفتهم مُجرمي حرب.