الفصل والقتل والاعتقال.. مصير طلبة الجامعات في عهد «السيسي»

الخميس 2 يونيو 2016 04:06 ص

تقول جماعات حقوقية وطلاب إن الجامعات المصرية في عهد الرئيس «عبد الفتاح السيسي» لاحقت الطلبة فسمحت بمرابطة قوات الأمن في حرم الجامعات وفصلت المئات من الطلبة الذين يشتبه أنهم من الإسلاميين وتعرض كثيرون للتعذيب أو انتهاك حقوقهم بعد القبض عليهم، فضلا عمن سقطوا قتلى على يد قوات الأمن.

وتروي رويترز في تقرير لها ماحدث في يونيو/ حزيران 2014 مع طالب الهندسة «محمد بدوي» البالغ من العمر 23 عاما الذي فصلته جامعة القاهرة.

وقالت الجامعة إنها فصلته لأنه أعاق العملية التعليمية ولمشاركته في أعمال شغب وتدمير في احتجاج على حكومة «السيسي».

بينما قال «بدوي» إنه فصل لأنه احتج على الحكومة وأيد جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها الحكومة.

وقال إن الأجهزة الأمنية داهمت منزله عدة مرات. وأضاف أنه دفع مبلغا من المال لمهربين لتهريبه إلى خارج البلاد خوفا على حياته وحرصا على مواصلة دراسته.

وقال «بدوي» طالب الهندسة إنه قرر الهرب من مصر خوفا من أن يكون السجن مصيره ويدرس حاليا في جامعة تركية.

لكن في الأيام الأخيرة أصدر قضاة أحكاما بعودة عشرات الطلبة ومنهم «بدوي» إلى جامعاتهم.

وبعد مرور عامين على فصله يقول إنه يشعر بالغضب لضياع سنتين من عمره وما فاته من تعليم.

ولفتت رويترز إلى أن مقتل الباحث الإيطالي «جوليو ريجيني» ركز الاهتمام من جديد على ممارسات وحشية في صفوف الشرطة في مصر.

 وقال ما يقرب من 10 طلبة مصريين إنهم تعرضوا للاستهداف على مدى السنوات الثلاث الأخيرة ويواجهون عنفا ومضايقات على أيدي قوات الأمن بانتظام.

وكان «ريجيني» (28 عاما) اختفى في القاهرة في 25 يناير/ كانون الثاني. وعثر على جثته ملقاة في حفرة على أطراف العاصمة المصرية في 3 فبراير/ شباط وعليها آثار تعذيب شديد تقول جماعات لحقوق الانسان إنها تشير إلى أن أفرادا من الشرطة أو أجهزة الأمن ربما تكون متورطة فيه.

وقال مسؤولون بالمخابرات المصرية ومصادر بالشرطة لرويترز إن الشرطة احتجزت «ريجيني» في اليوم الذي اختفى فيه ثم نقلته إلى مجمع للأمن الوطني. وتنفي الشرطة ووزارة الداخلية تورطهما وتقولان إنهما لم تعتقلا «ريجيني».

ويسلم بعض من اعتقلوا من الطلاب أنهم يؤيدون الإخوان المسلمين أو حتى ينتمون للجماعة وأنهم شاركوا في احتجاجات كانت في كثير من الأحيان رد فعل لانتهاكات قوات الأمن.

وذكرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير وهي منظمة أهلية من المحامين والباحثين تقول إن لها مراسلين في أغلب الجامعات أن 20 طالبا قتلوا على أيدي قوات الأمن في حرم جامعات سواء أثناء مشاركتهم في احتجاجات أو تواجدهم قرب احتجاجات.

كما قالت المؤسسة إن أكثر من 790 طالبا ألقي القبض عليهم لأسباب أهمها احتجاجهم على الحكومة. وأحيل 89 طالبا على الأقل منهم إلى محاكم عسكرية وصدرت على البعض أحكام بالإعدام أو السجن المؤبد.

ويقول مسؤولون من أكبر جامعتين في مصر إن ما لا يقل عن 819 طالبا من بين حوالي 700 ألف طالب فصلوا من الجامعتين منذ عام 2013.

وامتنع مسؤول بوزارة الداخلية عن التعقيب على الاتهامات العامة وقال إنه لا يمكنه الرد سوى على حالات بعينها.

وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية لرويترز إن أغلب الطلبة المسجونين متهمون بالانضمام إلى تنظيمات إرهابية أو التحريض على العنف"

وأضاف «لا يوجد تعذيب في أقسام الشرطة أو أي مكان احتجاز. أي واقعة تحدث تكون فردية».

وقال «محمد ناجي» الباحث في مؤسسة حرية الفكر والتعبير إن من الواضح أن ثمة جهد منسق لملاحقة الطلبة.

وأضاف «ناجي»  «هذا هو أسوأ عهد للطلبة. لم يحدث من قبل أن فصل مئات الطلبة من الجامعات. ولم يكن التعامل مع الطلبة بهذه القسوة».

وألقي القبض على «ناجي» نفسه في 25 أبريل/ نيسان لمشاركته في احتجاج مناهض للحكومة حسبما قال محاميه.

 وفي 14 مايو/ أيار حكمت محكمة عليه بالسجن خمس سنوات وتغريمه 100 ألف جنيه (11261 دولارا). وبعد عشرة أيام ألغت محكمة استئناف حكم السجن وأبقت على الغرامة.

وبدأ تضييق الخناق على الطلبة بعد فترة غير طويلة من الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب «محمد مرسي» المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو/ تموز عام 2013.

وبدأت أيضا أشرس حملة على الإسلاميين في تاريخ مصر الحديث فقتلت قوات الأمن المئات من أنصار «مرسي» في فض اعتصامين بالقاهرة. وتم اعتقال آلاف غيرهم.

وكان حرم الجامعات من بين الأهداف الرئيسية لتلك الحملة. وفي فبراير/ شباط 2014 عدلت الحكومة القانون لتمنح رؤساء الجامعات سلطة فصل الطلبة دون إنذار أو تحقيق.

وفي يونيو/ حزيران من ذلك العام وبعد حوالي شهر من انتخاب «السيسي» رئيسا للبلاد ألغى الانتخابات لشغل المناصب الجامعية وأعاد للحكومة سلطة تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات. كما سمح بعودة قوات الأمن التي كان قد فرض حظر على دخولها حرم الجامعات في أعقاب ثورة 25 يناير .

وفي يناير كانون الثاني 2014 حظر المجلس الأعلى للجامعات التابع للحكومة على الجامعات الخاصة قبول الطلبة المفصولين من جامعات أخرى.

ويقول كثير من الطلبة الذين فصلوا إن مصر لا تسمح لهم بالسفر لمتابعة تعليمهم في الخارج لأن لهم سجلات جنائية إما تتصل بقرارات الفصل أو لمشاركتهم في الاحتجاج على الحكومة.

 ولا يسمح للشباب بمغادرة البلاد دون إتمام الخدمة العسكرية أو الحصول على إعفاء رسمي منها. وهذا ما يدفع البعض من أمثال بدوي للهرب سرا.

وقال المسؤول الكبير بالشرطة إن أغلب الطلبة الموجودين الآن في السجون كانوا يدرسون في جامعتي الأزهر والقاهرة.

وقد فصلت جامعة الأزهر وحدها 419 طالبا في العامين الأخيرين أغلبهم للمشاركة في احتجاجات على الحكومة وفقا لما قاله حسام شاكر المتحدث باسمها. وأضاف أن قرارات الفصل عادلة وليست جزءا من أي حملة حكومية.

وقال طالب كان يدرس بجامعة الأزهر عمره 20 عاما إنه فصل بعد أن قاد احتجاجات على الحكومة.

وأضاف أنه ضرب عميد إحدى الكليات وصفه بأنه ابن عاهرة لمشاركته في مظاهرات تأييد للإخوان المسلمين وحاول منعه من آداء امتحان نهاية العام.

وأضاف أنه بعد إشعال النار في سيارتين من سيارات الشرطة انتهى به الحال إلى قسم الشرطة ومبنى تابع للأمن الوطني.

وقال الطالب الذي وصف نفسه بأنه متعاطف مع الإخوان المسلمين إنه تعرض لصدمات كهربائية والتعليق من قدميه وذراعيه أياما وتعرض لاعتداءات جنسية عدة مرات.

وقال «شعرت وكأني آخذ آخر أنفاسي. كنت ميتا تقريبا. وكان جسمي في غاية الضعف. واعتادوا أن يمنحوني فترة راحة من التعذيب لمدة ساعتين تقريبا يوميا»"

وأضاف أنه بعد 22 يوما أرسل إلى حبس انفرادي حيث ظل شهرين.

وبمجرد الإفراج عنه قال إنه قام برحلة استغرقت 30 ساعة من القاهرة إلى ميناء بور سودان في السودان مع مجموعة من الركاب في شاحنات بيك أب انطلقت بهم صوب الحدود.

وقال عبر الهاتف من الخرطوم "أحلم باليوم الذي أتمكن فيه من العودة. وأفكر في الانتقام كل يوم. لكني أحاول التمسك بالصبر».

الطالبة جهاد فايز» (23 عاما) المؤيدة للإخوان المسلمين كانت في السنة الرابعة في كلية التجارة بفرع الزقازيق بجامعة الأزهر عندما علمت بفصلها، حيث وجدت اسمها ضمن قائمة الطلبة المفصولين المعلقة على سور الجامعة بدعوى أنها أعاقت العملية التعليمية وشاركت في مظاهرات احتجاج. 

وهي ترفض هذه الاتهامات وتقول إنها لم يتم استدعاؤها لأي مقابلة إلا بعد شهر من فصلها، وتعتقد أنها استهدفت لأنها صورت احتجاجات مناهضة للحكومة ونشرت المقطع المصور على الانترنت وكشفت انتهاكات قوات الأمن.

وقالت إنها تقدمت بطلبات للالتحاق بعدة جامعات خاصة لكن طلباتها قوبلت بالرفض وهي تعتقد أن ذلك يرجع إلى القانون الصادر عام 2014.

واستأنفت قرار الفصل وقدمت شكوى للمحكمة الإدارية بعد شهر من فصلها في ديسمبر كانون الأول عام 2014. لكن قضيتها تأجلت.

 

  كلمات مفتاحية

مصر طلاب الجامعات المصرية احتجاجات على السيسي انتهاكات حقوق الإنسان التعذيب فصل الطلبة من الجامعات الإخوان المسلمون الحكومة المصرية الأجهزة الأمنية توجهات عنف مقتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني ممارسات الشرطة الوحشية

«السيسي»: لا يمكن قياس حقوق الإنسان في مصر حسب المعايير الأوروبية

«القدس العربي»: صفعة المصريين على وجه نظام «السيسي»؟

«هيومن رايتس ووتش» تطالب مصر بكشف أماكن عشرات المختفين قسريا

«التعذيب» في مصر.. سلاح الدولة الذي ينقلب عليها

«هيومن رايتس ووتش» تطالب مصر بالتحقيق في تعذيب الأكاديمي «عبدالله شحاتة»

رئيس اتحاد طلاب جامعة مصرية يرفض الإفطار مع «السيسي»

رئيس اتحاد جامعة أسيوط ثاني ممثل للطلاب يرفض الإفطار مع «السيسي»