«القدس العربي»: صفعة المصريين على وجه نظام «السيسي»؟

الثلاثاء 20 أكتوبر 2015 04:10 ص

تنوعت آراء المراقبين بشأن ضعف الإقبال القياسي في المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية المصرية التي انتهت أمس وسط حالة من الذهول والتخبط التي لامست حدود الهيستيريا أحيانا لدى بعض الأبواق الإعلامية المؤيدة للنظام. 

ولم يتورع بعض أولئك المحسوبين زورا وبهتانا على مهنة الإعلام عن توجيه إهانات وشتائم للشعب بسبب إحجامه عن المشاركة، وهو ما كشف غضب تلك الأبواق من افتضاح فقدان مصداقيتها عند أغلب المصريين، وتحولها عبئا على النظام نفسه، كما أشرنا في هذا المكان من قبل.

وشملت التعليقات محاولات يائسة لإنقاذ ماء وجه النظام بعد أن تحولت الانتخابات إلى «صفعة» عليه، بدلا من أن تنتج صورا تخبر العالم أن مصر تعيش «عرسا ديمقراطيا»، وهو الهدف الرئيسي من إجرائها.

ومثال ذلك ما بدأ البعض في ترويجه من أن «الشعب اختار عدم التصويت لأنه يخشى أن يقوم البرلمان بعرقلة عمل الرئيس السيسي». ويجادل هؤلاء بأن «السيسي» نفسه كان حذر المصريين من «خطورة» هذا البرلمان(..). إلا أن هذا في الواقع كلام يسهل الرد عليه، إذ أن «السيسي» نفسه ظهر في خطاب عشية التصويت، وقد بدت عليه علامات القلق، وهو يحث المصريين بشدة على التصويت. وإذا كان الناخبون قلقين من هذا البرلمان حقا فلماذا لم ينزلوا لإعطاء أصواتهم إلى قائمة «في حب مصر» التي أصبح واضحا أنها «قائمة السيسي»، دعما له في مواجهة الأخطار المحتملة؟ 

الواقع أن هذا الموقف التاريخي للشعب المصري، إنما يعود إلى حزمة من العوامل والمعطيات الثقافية والسياسية والاقتصادية لا يمكن إجمالها في هذه العجالة، لكنها تثبت بما لا يدع مجالا للشك مدى ما يتمتع به من وعي تلقائي، ومناعة ضد الاحتواء والانجرار وراء الحملات الاعلامية، سواء من هذا الطرف أو ذاك في الصراع السياسي. ومن بينها:

أولا: أن نظام «السيسي» فشل في تهدئة مخاوف متعاظمة لدى كثير من المصريين بأن الانتخابات البرلمانية ما هي الا خطوة في العودة إلى الوراء، وليست حلقة تستكمل «خارطة المستقبل» كما يفترض أن تكون. بل إنه أسهم في تقوية تلك المخاوف عندما سمح للفلول ليصبحوا مجددا قيادات ووزراء ونجوما في العديد من القطاعات والمؤسسات، وكذلك ترك أبواقا إعلامية لا تخفي عداءها لثورة يناير تتحدث باسمه، ولا تتورع عن أن تلوح بعصا الأمن الغليظة ليس فقط ضد «الإخوان» او الإرهابيين بل ضد كل من تسول له نفسه معارضة النظام، حتى اذا كان اصلا من المشاركين في الثلاثين من يونيو. وهكذا وجد الشعب نفسه مدعوا إلى انتخاب أعضاء لمجلس النواب لا يعرف أغلبهم، أما المعروفون لديه فهي وجوه قديمة من التي شاركت في نهب البلاد وتجريفها سياسيا لسنوات طويلة في عهد الرئيس الأسبق «حسني مبارك»

ثانيا: لا يمكن إهمال دور الخلل والتعقيدات غير المسبوقة في العملية الانتخابية، والتي تستعصي على فهم كثيرين، في إضعاف نسبة التصويت. أما السبب فيعود إلى «السيرك القانوني» الذي أدى إلى تعطيل اجراء الاتخابات التي كانت مقررة اصلا في شهر مارس/آذار الماضي، ثم أفرز قانونا انتخابيا «مهلهلا»، يتوقع كثيرون أن يؤدي إلى إبطال البرلمان الجديد بسبب شبهة عدم الدستورية. ومن المثير للسخرية أن مصر التي طالما اشتهرت بفقهاء دستوريين أسهموا في كتابة دساتير العديد من الدول غير قادرة على صياغة قانون لتقسيم الدوائر الانتخابية لا يتناقض مع الدستور، ولا يحير الناخبين. ناهيك عن أن الأبواق الإعلامية المنشغلة بالتطبيل للنظام فاتها أن تخصص بعض الوقت لشرح القانون الانتخابي المعقد في بلد تبلغ نسبة الأمية فيه 30%.

ثالثا: إن المصريين لم يغيروا عقيدتهم السياسية منذ سبعة آلاف عام، فالدولة هي حكم الرئيس أو الملك أو الفرعون أيا كان اسمه، وليست دولة البرلمان. وسواء كانوا من المؤيدين أو المعارضين لنظام «السيسي»، فإن أغلبهم أصبح يشعر بإحباط عميق، تتوزع المسؤولية عنه بين النظام وأبواقه الاعلامية التي طالما رفعت سقف التوقعات الاقتصادية في إطار ترويجها الهيستيري للنظام. وفي كل مرة بالغت في ربط المشاركة السياسية بتحقق حالة من الرخاء، كان الشعب يشعر بالمزيد من المعاناة الاقتصادية بشكل خاص، دون أن ينفي هذا حدوث تقدم على الصعيد الأمني، وبعض الخدمات مثل الكهرباء. 

وأخيرا فإن هذه الصفعة من المصريين على وجه النظام لا يجب أن تمنح ثقة أو سببا للاحتفال إلى مناهضي النظام أو معارضيه، الذين فقدوا حتى اإشعار آخر، مكانتهم كبديل واقعي، لكنها رسالة إنذار واضحة وغير مسبوقة بأن هذا الشعب لن يعود إلى الوراء، وأنه لن يتردد في أن يفاجئ النظام مجددا إن لم يستوعب فحواها.

  كلمات مفتاحية

مصر العسكر الانتخابات البرلمان المحليات الفساد التزوير السيسي الانقلاب

لماذا يحتاج العسكر الانتخابات؟

«رويترز»: مصر تدخل اليوم الثاني لـ«انتخابات بلا ناخبين»

فيديو.. رئيس نادي القضاة المصري: «لا يوجد مخالفات ولا حتى ناخبين»

الانتخابات المصرية .. «محدش راح» و«الحضيف» يدعو لإعادتها في الإمارات

مصر .. أسباب مقاطعة انتخابات البرلمان

رويترز: «السيسي» سيشدد قبضته مع وجود البرلمان .. والعمال لا يرون بصيص أمل

في أن مصر بحاجة لخريطة طريق جديدة

السيسي يغادر الهند متوجها للبحرين في ختام جولته الخارجية

إفلاس الجنرال

«ناصر الدويلة»: مصر ستشهد أحداثا كبيرة وهناك ضوء أخضر دولي لتحطيمها

الفصل والقتل والاعتقال.. مصير طلبة الجامعات في عهد «السيسي»

«أمن الدولة العليا» تحقق في مخطط «اغتيال السيسي» بسيارات ملغومة