رويترز: «السيسي» سيشدد قبضته مع وجود البرلمان .. والعمال لا يرون بصيص أمل

الخميس 15 أكتوبر 2015 02:10 ص

عندما خلع المشير «عبد الفتاح السيسي» الزي العسكري وارتدى المدني قبيل أن يصبح رئيسا لمصر رسم خارطة [خريطة] لعودة الديمقراطية.. تتوجها انتخابات تشريعية. وهذه الانتخابات تبدأ غدا الأحد لكن من غير المرجح أن يتحدى البرلمان الجديد ما يصفه منتقدو «السيسي» بأنه حكم شمولي آخذ في التزايد.

فبعد مضي أكثر من عام من فترة رئاسته الأولى وبعد عامين من عزله أول رئيس يجيء لمصر باقتراع حر يشدد «السيسي» قبضته على السلطة في وقت يقبع فيه معظم معارضيه في السجون وتقف وراءه قوي غربية بثبات.

وهذا سيناريو مألوف في مصر التي كان جل حكامها ضباط جيش منذ الإطاحة بالملك فاروق عام 1952 وهو سيناريو قال عنه بعض المراقبين: العسكريون السابقون يعدون بالحرية والرخاء لكن ينتهي بهم المطاف إلى الحكم بقبضة من حديد واعتبار أنفسهم فوق مستوى الشبهات.

قال «ناثان براون» الأستاذ في جامعة جورج واشنطن الأمريكية «ظهرت علامات على أن السيسي يعتبر نفسه فوق السياسة... إحساسي أنه يعتبر نفسه زعيما مختارا ومن غير اللائق أن يخضع لأي رقابة».

كان السيسي قائدا للجيش عندما أعلن في 2013 عزل «محمد مرسي» المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وهي الجماعة التي قتل مئات من مؤيديها في مواجهات مع قوات الأمن وألقي القبض على ألوف آخرين في خضم أقسى حملة على المعارضة في تاريخ مصر الحديث.

وبعد أقل من عام انتخب المصريون الذين عارضوا الإخوان السيسي رئيسا للبلاد ورأوا فيه قائدا حازما يمكن أن يعيد الاستقرار. وبلغت نسبة من أيدوه 97% من المشاركين في تصويت كان الإقبال عليه ضعيفا وهي نتيجة أعادت إلى الذاكرة الانتخابات الرئاسية التي كان يجريها مبارك وتثير تهكم منتقديه.

ملأت صور السيسي بزيه العسكري ونظارته الشمسية اللافتات ووضعت على قمصان تي. شيرت وعلى قطع شوكولاتة بل وعلى ملابس نسائية.

هذا الهوس تبخر. ورغم أن السيسي لا يزال يتمتع بتأييد كبير توجد علامات متزايدة على استياء شعبي مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية وزيادة الضرائب وتدني الرعاية الصحية العامة في دولة تبلغ فيها نسبة العاطلين بين حديثي التخرج 44%.

قال مايكل دان مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز كارنيجي إنداومنت للأبحاث «بشكل عام.. سير الأمور في مصر في مجال الأمن والاقتصاد يعطي انطباعا متزايدا بأن الأمور ليست على ما يرام... الصورة ليست مبهجة والوعود التي قطعها السيسي لا تتحقق».

وعــود

مثل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أطاح بالملكية أعلن السيسي عن مشروعات كبرى وسط ضجيج إعلامي من بينها مشروع إقامة عاصمة جديدة بها مطار أكبر من مطار هيثرو في لندن ومبنى أطول من برج إيفل في باريس.

وحدث بالفعل أن تمت توسعة قناة السويس في عام واحد فقط. لكن منتقدي الحكومة يقولون إن مثل هذه المشروعات تحول الانتباه عن إصلاحات حساسة سياسيا مثل خفض الدعم أو تقليص الخدمات المدنية وهي إصلاحات لازمة لزيادة النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

ورغم العجز الكبير في الميزانية والضغوط على العملة انطلق السيسي في حملة إنفاق عسكري واشترى أسلحة فرنسية تشمل طائرات مقاتلة وحاملتي طائرات هليكوبتر. ووقعت مصر أيضا صفقة سلاح قيمتها 3.5 مليار دولار مع موسكو وسط دهشة الغرب.

من الناحية النظرية سيكون البرلمان الذي سينتخب على مرحلتين أولاهما تبدأ في 18 أكتوبر تشرين الأول قويا. فبإمكانه على سبيل المثال إبطال قرار السيسي بمساندة السعودية في حربها على الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. وبإمكانه أيضا رفض من يختاره السيسي لرئاسة الحكومة بل وبإمكانه سحب الثقة من السيسي نفسه.

لكن في غيبة مرشحين من الإخوان المسلمين أو النشطاء الشبان الذين تصدروا انتفاضة 2011 يرجح أن يغص البرلمان بأعضاء من الصفوة السياسية المؤيدة للسيسي بشكل عام.

وقال خالد داود -منتقد الحكومة الذي استقال في الآونة الأخيرة من منصب المتحدث باسم حزب الدستور- إن مؤيدي السيسي ربما يريدون تغيير بند في الدستور يقصر فترة الرئاسة على فترتين كل منهما أربع سنوات وليس الحد من صلاحيات البرلمان.

لابصيص أمل

وفي مدينة المحلة الكبرى بدلتا النيل حيث توجد كبرى مصانع النسيج في مصر لا يرى العمال بصيص أمل أن تضع الانتخابات البرلمانية حدا لتدهور حالهم أو حتى أن تأتي بنواب يعملون على النهوض بصناعتهم التي تخلفت لعقود.

في المدينة التي يغلب عليها الطابع العمالي أدت المصاعب الاقتصادية المتنامية على مدى سنوات إلى إضرابات عمالية يرى البعض أنها كانت الإرهاصات الأولى لاحتجاجات أوسع أسقطت الرئيس حسني مبارك في 2011.

تأسست شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى عام 1927 وظلت لعقود قلعة للصناعة المصرية إلى أن تدهورت أوضاعها في آخر عقدين ومنيت بخسائر فادحة. وبلغ عدد عمال الشركة في عصرها الذهبي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي نحو 40 ألف عامل وتراجع العدد ليصل إلى قرابة النصف في السنوات الأخيرة.

وخلت تقريبا شوارع مدينة المحلة التابعة لمحافظة الغربية من أي مظاهر للدعاية الانتخابية مع اقتراب انتخابات مجلس النواب التي تجرى بالمحافظة في 22 نوفمبر تشرين الثاني. ويجرى التصويت في الغربية على مدى يومين ضمن المرحلة الثانية من الانتخابات بينما ستجرى المرحلة الأولى في محافظات أخرى يومي 18 و19 أكتوبر تشرين الأول.

وفي منزله البسيط بأحد الأحياء الشعبية القريبة من المصنع يقول كمال الفيومي (50 عاما) وهو ناشط عمالي تعرض للفصل التعسفي قبل أشهر بتهمة التحريض على الإضراب «بعد أن كانت شركة المحلة أحد قلاع الصناعة وكانت الشركة رقم واحد في مصر والشرق الأوسط أصبحت الآن محملة ومكبلة بالتخسير وليس الخسائر... تخسير لأن ذلك يحدث بفعل فاعل».

واعتقل الفيومي في أعقاب إضراب 2008 ثم أفرج عنه وعاد إلى العمل. وهو يرى أن العامل يتعرض لضغوط شديدة وظروف عمل صعبة في إطار مخطط كبير لسياسات الخصخصة يهدف أن يؤدي إلى الموت المبكر لشركات القطاع العام من أجل بيعها.

لا يرى الفيومي أي بادرة أمل في انتخابات مجلس النواب المقبلة ويقول إن غالبية كبيرة من المرشحين يمثلون الحزب الوطني الديمقراطي المنحل أو رجال الأعمال ولا يوجد من يمثل العمال.

قال الفيومي: «إذا كانت الحكومة والرئيس السيسي يقولون إنهم يحاربون الإرهاب وإرهاب الدم.. فنحن نقول إن هناك إرهابا أخطر من إرهاب الدم وهو إرهاب الفساد.

«إرهاب الفساد يحدث عندما يخرج كل العمال كحالات معاش مبكر وعندما تدفع الشباب لركوب مراكب الموت لأنه لا يجد فرصة عمل في مصر».

بين شقي رحى

كانت مدينة المحلة التي توجد فيها مئات المصانع الخاصة العاملة في صناعة الغزل والنسيج قد شهدت إضرابات في عامي 2006 و2008 للمطالبة بصرف علاوات واحتجاجا على ارتفاع الأسعار.

وشهدت المدينة في أبريل نيسان 2008 اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين قتل فيها ثلاثة على الأقل من المدنيين وأصيب المئات واعتقل كثيرون.

ولم تسكن الأوضاع منذ ذلك الحين ومازالت الشكاوى مستمرة.

قال خالد كرم (50 عاما) وهو يعمل بمصنع المحلة منذ ما يزيد على 30 عاما «التخريب داخل الشركة والفساد الإداري يصب في صالح شركات القطاع الخاص... زارنا محلب في يناير وقدم الوعود ولم يتم تنفيذ أي شيء».

خالد علي الناشط الحقوقي والمرشح السابق في انتخابات الرئاسة قال «الحكومة ليس في ذهنها إطلاقا العمال ولا يوجد أي قرار إداري صدر في السنوات الثلاث أو الأربع الماضية كان يمثل قرارا إيجابيا لصالح العمال. حتى القرارات الاقتصادية التي تصدر.. لها آثار اجتماعية واقتصادية سلبية على العمال بشكل كبير جدا ولا تتم مراعاة هذه الآثار».

وأضاف «عمال مصر بين شقي رحى.. بين ظروف اقتصادية ضاغطة عليهم بفعل تكثيف استغلالهم سواء من رجال الأعمال أو من الدولة ثم آلة أمنية وقمعية تكمم أفواههم وتعرضهم لمخاطر عديدة جدا وتهددهم بوصفهم إرهابيين لو تحركوا أي حراك اجتماعي أو حراك عمالي داخل مواقعهم».

يعبر «كرم» العامل بمصنع المحلة عن رأي كثيرين من زملائه «لا ننتظر من البرلمان القادم شيئا... الانتخابات القادمة مثل الانتخابات السابقة كلها مصالح شخصية وكل مرشح بعد أن يفوز يعمل لمصلحة نفسه».

ويلخص سعيد العامل بنفس المصنع توقعاته هو ومعظم العاملين..

«لا نعلق آمالا كبيرة على البرلمان لكننا دائما لا نفقد الأمل».

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي الديمقراطية الانتخابات البرلمانية المصرية عمال المحلة العمال الانقلاب العسكري

رئيس وزراء مصر: نحتاج 4 مليارات دولار من الخارج خلال شهرين

مصادر: نجل «السيسي» يدير غرفة عمليات الانتخابات البرلمانية

هدية «السيسي» لنفـسه: قناة السويـس «الجديدة» من التدشين إلى التتويج

«بلومبرغ»: مصر أهدرت 8 مليار دولار في ”تفريعة القناة“ من أجل الدعاية للسيسي

«السيسي» يستعين بشبكة حقوقية إماراتية لمراقبة الانتخابات البرلمانية المقبلة

مصر .. أسباب مقاطعة انتخابات البرلمان

الانتخابات المصرية .. «محدش راح» و«الحضيف» يدعو لإعادتها في الإمارات

فيديو.. رئيس نادي القضاة المصري: «لا يوجد مخالفات ولا حتى ناخبين»

«رويترز»: مصر تدخل اليوم الثاني لـ«انتخابات بلا ناخبين»

«القدس العربي»: صفعة المصريين على وجه نظام «السيسي»؟

لماذا يحتاج العسكر الانتخابات؟

«السيسي» يعين 28 عضوا في «البرلمان الموالي» والقائمة تخلو من «النور»