«بروكينجز»: السعودية هي القوة الإقليمية الأكثر احتمالا لتبني الخيار النووي

الخميس 2 يونيو 2016 03:06 ص

قال تقرير لمعهد «بروكينجز» ومجلة «فورين بوليسي»، حول مرور عام على توقيع القوي الكبرى الاتفاق النووي مع إيران، أنه برغم أن الهدف من توقيع الاتفاق هو الحد من انتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الشواهد، وخرق إيران للاتفاق باستمرار أبحاث التكنولوجيا النووية الحساسة ذات الاستخدام المزدوج، يشيران لاحتمالات أكبر لانتشار السلاح النووي في منطقة الشرق الأوسط.

وأشار التقرير الذي أعده «ريتشارد نيفيو» مسؤول برنامج السياسات الخارجية وضبط التسلح بمركز للأمن والاستخبارات، و«روبرت إنهورن» أحد العاملين في إدارتي «كلينتون» و«أوباما» في مجال منع الانتشار النووي، إلى أن هذا هو السبب وراء سعي إدارة «أوباما» لإبرام هذا الاتفاق «إدراكا للمخاطر أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديدا لنظام الأمن الدولي والإقليمي».

3 اعتراضات خليجية على الاتفاق

ويؤكد تقرير «بروكينجز» على تحفظ دول الخليج علي الاتفاق النووي الإيراني، ويلخص هذه الاعتراضات في ثلاثة أمور.

(الأول): أن هذا الاتفاق سيؤخر منع إيران من الحصول على السلاح النووي فقط ولن يمنعها من التسلح به مستقبلا، حيث إن السعوديين والإماراتيين مقتنعون بأن إيران لا تزال مصممة على امتلاك أسلحة نووية.

ويقولون إن الحظر على تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم سوف ينتهي بعد 10 و15 عاما، ما يعني السماح إيران بتوسيع قدراتها النووية لاحقا وإنتاج سلاح نووي إذا ما اختارت أن تفعل هذا مستقبلا، وأن إيران ستحسن اقتصادها خلال هذه الفترة كذلك.

(الثاني): أن الاتفاق لم يعرقل السلوك العدواني الإقليمي لإيران بشأن زعزعة الاستقرار، حيث تتهم الدول المجاورة إيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها، باستخدام وكلاء مثل حزب الله والحوثيين لتحقيق أهدافها، والتدخل مباشرة في الحروب الأهلية السورية واليمنية، وتقويض الحكومات الأخرى كي تصبح هي القوة المهيمنة في المنطقة.

وترى هذه القوى أن الاتفاق قد يؤدي إلى تفاقم ذلك، بسبب الإفراج عن عشرات المليارات من الدولارات من الأصول المجمدة لإيران في الغرب، وإنهاء عزلة طهران الدولية، وإسهام القدرات الاقتصادية في تحديث جيشها وتوسيع نفوذها الإقليمي.

(الثالث): أن الاتفاق النووي الإيراني يعتبر جزءا من خطط أمريكية لإعادة توازن القوي الإقليمية وترتيب شركاء أمريكا في المنطقة، ويشير إلى شبهات في سعي واشنطن للتحالف مع إيران على حساب حلفاءها التقليديين من العرب السنة.

وبالتالي فإن هؤلاء الخلفاء يخشون من أن تقبل الولايات المتحدة دورا بارزا ومركزيا لإيران في المنطقة، وأن تصبح إيران، وليس عرب الخليح، الشريك الأبرز للولايات المتحدة في تعزيز الاستقرار وحل الصراعات. وبرغم بذل إدارة «أوباما» جهدا كبيرا لتبديد هذه المخاوف، فإنها لا تزال قائمة إلى حد كبير.

أما فيما يخص (إسرائيل)، فهي تري أن ما فعلته أمريكا يتعارض مع الأمن الإسرائيلي، ولكنها تعمل الآن بشكل وثيق مع الولايات المتحدة لضمان تنفيذ الاتفاق بدقة وامتثال إيران بوقف أي برامج نووية.

الحد من المساعي النووية العربية

ويشير تقرير «بروكينغز» إلى أن الهدف الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران هو إزالة خطر أن تصبح إيران مسلحة نوويا على المدى القريب، ومن ثم عدم إعطاء دول المنطقة المبرر للسعي للحصول على التكنولوجيا أو الأسلحة النووية، بدعوي الخوف من النووي الإيراني. إلا أنه يربط بين التزام إيران بالاتفاق، وتقييم سلوك إيران الإقليمي، والثقة في الولايات المتحدة كشريك في حفظ أمن دول المنطقة، وبين محفزات توجه الدول الخليجية للدخول للمجال النووي.

ويحصر التقرير الدول التي يمكن اعتبارها «الأكثر احتمالا لاقتناء أسلحة نووية»، في: المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وتركيا.

معضلة النووي السعودي

يري التقرير أن السعودية هي الدولة الإقليمية الأكثر احتمالا للجوء للخيار النووي، وهو انطباع يعززه تصريحات بين الحين والآخر تصدر من قبل السعوديين البارزين، الذين يربطون بين لجوء المملكة لهذا الخيار وبين قدرات إيران.

فالمملكة تعتبر إيران «عدوا عنيدا»، وليس مجرد «تهديد خارجي»، وهي تسعي للهيمنة الإقليمية ولديها النية على تقويض نظام الحكم في السعودية. وقد زاد القلق السعودي بسبب التحول الأمريكي من اعتبار الرياض شريكا إقليميا إلى التحول نحو إيران.

ويقول التقرير إن السعودية لديها مبررات أخري لعدم الثقة في الأمريكين، بسبب دعمهم للإطاحة بالرئيس المصري السابق «حسني مبارك»، وعدم فرضهم للخط الأحمر ضد استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية، وتقديم دعم ضعيف للمعارضين السوريين، والقبول بدور إقليمي أكبر لإيران.

ويقول التقرير أن الرياض تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية التقليدية، والتعاون مع روسيا وشركاء آخرين، والسعي لدور مستقل عن الولايات المتحدة فيما يخص الصراعات الإقليمية، كان أبرزه الحملة العسكرية الشرسة في اليمن.

ويشير التقرير إلى أن السعوديين كانوا واثقين من قدرتهم على التعامل مع التهديد العسكري التقليدي الإيراني، ولكن بعد رفع العقوبات والانتعاش الاقتصادي الإيراني، واحتمالات امتلاك إيران قدرات نووية في المستقبل، فإن ذلك قد مثل بالنسبة إليهم «تغييرا في قواعد اللعبة»، قد يدفع السعوديين للنظر في خيارات نووية خاصة بهم.

ولم يغفل التقرير تقييم قدرة السعودية على اللجوء لهذا الخيار النووي مشيرا إلى افتقارها إلى البنية التحتية البشرية والمادية واضطرارها إلى تأجيل خطط الطاقة النووية الطموحة لمدة ثمان سنوات لتدريب الموظفين اللازمين. كما يلفت إلى أنه، وبسبب صعوبة تطوير المملكة وحدها القدرة على صنع أسلحة نووية أصلية، تتزايد التكهنات بشأن الحصول عليها من باكستان مقابل دعم مالي سخي رغم كبار المسئولين السعوديين والباكستانيين لهذا الأمر.

النووي الإماراتي

وبسبب قناعة الإماراتيين، مثل السعوديين، أن إيران تشكل تهديدا خطيرا لأمن المنطقة، وأن طهران لا تزال تحاول تصدير الثورة، فهم قد يسعون للحصول على أسلحة نووية لو سمحت لهم الظروف.

ومثل الرياض، فقدت أبو ظبي ثقتها الكبيرة في مصداقية الولايات المتحدة كشريك أمني في المنطقة، والتعاون في الدفاع عنها ضد القوى الخارجية الأخرى. ولذلك فإنها تلعب دورا عسكريا مستقلا في المنطقة، وخاصة في حملة اليمن.

ولكن الإمارات، مثل المملكة العربية السعودية، ليس لديها خيار حقيقي سوى الاعتماد بشكل كبير على الولايات المتحدة في حماية أمنها.

وبسبب العلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات وإيران، يميل الإماراتيين لاتباع نهج أكثر واقعية مع طهران بخلاف السعوديين. فبينما تميل السعودية لرؤية أن الصراع مع إيران لا يمكن الوصول لحل له، تميل الإمارات للاعتقاد بإمكانية التوصل إلى اتفاقات إقليمية مع إيران، وترتيب توازن إقليمي والوصول إلى تسوية مؤقتة في نهاية المطاف.

وبالنسبة لبرنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية، فإنه يتم الإشراف عليه من قبل كونسورتيوم تقوده كوريا الجنوبية، ويتضمن بناء أربعة مفاعلات للطاقة، ويعد مؤشرا على أن أبو ظبي ليس لديها أي نية لاتباع مسار نووي مستقل.

وخلال المفاوضات التي جرت بين الولايات المتحدة والإمارات بشأن مشروعها النووي السلمي، قبلت الإمارات بالالتزام بتخصيب أمريكا اليورانيوم وإعادة معالجته، بما يحول بينها وبين امتلاك أسلحة نووية.

مصر تفتقد الحافز والمال

على الرغم من أن مصر حاولت تطوير الأسلحة النووية في الخمسينات والستينات، ولم تقدم تقارير عن بعض التجارب النووية الحساسة التي نفذتها بين عامي 1990 و2003، إلى وكالة الطاقة الذرية إلا أنه يبدو أن القاهرة «تفتقر إلى كل من الحافز والمال الكافي للقيام بإنتاج أسلحة نووية»، بحسب تقرير «بروكينجز».

وعلى الرغم من أن طهران والقاهرة تتنافسان أحيانا حول القضايا الإقليمية، وأن إيران تدعم بنشاط تقويض مصالح حلفاء مصر في الخليج الذين يدعمون اقتصادها، إلا أن مصر لا ترى في إيران تهديدا عسكريا مباشرا.

ويتركز القلق المصري الرئيسي حول البيئة المتطرفة الأيديولوجية المضطربة المحيطة بها وبأمنها الإقليمي، مثل تفتيت سوريا والعراق، وعدم الاستقرار في ليبيا وتأثيره السلبي على الأمن الداخلي. ولكن خلافا لدول الخليج، تدعم مصر الاتفاق النووي الغربي مع إيران وتعتقد أن التقارب الأمريكي الإيراني يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الاستقرار في المنطقة.

ورغم عمل روسيا على إنشاء أول مفاعل نووي مصري، فليس هناك ما يدعو للاعتقاد بأن النتيجة ستكون مختلفة هذه المرة، من حيث احتمالات تكرار نفس الأخطاء المصرية السابقة والفشل في المشروع، لاسيما في ضوء التحديات الاقتصادية الحادة التي تواجهها الحكومة المصرية الحالية.

ورغم أن مصر كانت تقوم بتدريب عدد كبير من العلماء النوويين منذ الخمسينات والستينات، إلا أن البنية التحتية النووية الخاصة بالعلماء المدربين «ضمرت عندما لم تتحقق خطط الطاقة النووية الطموحة».

ونظرا لانشغالها بمواجهة التحديات الأمنية والإرهاب ونقص الخبرات الفنية والموارد المالية، فإنه من غير المحتمل أن تعيد مصر النظر في وضعها النووي الحالي.

تركيا

بسبب ظهورها في العقد الماضي كقوة صاعدة، وقاعدة علمية وصناعية كبيرة وطموحها أن تكون لاعبا إقليميا مؤثرا، تدرج تركيا على قائمة الدول التي قد تقرر، في أعقاب الاتفاق النووي الإيراني، متابعة قدرات إنتاج مواد تصلح للأسلحة للنووية، لكن سعيها للحصول على أسلحة نووية هو بعيد الاحتمال في الوقت الراهن.

حافظت تركيا على علاقات جيدة مع إيران، وقاومت مقاطعة إيران حتى في ذروة حملة العقوبات الدولية. وبرغم أن تركيا وإيران يساندان أطرافا متنازعة مختلفة في الحرب السورية، لا يري معظم الأتراك في إيران تهديدا عسكريا مباشرا، ولا تري تركيا أن حل الصراعات في المنطقة والتهديدات الأمنية الرئيسية، يمكن معالجتها عن طريق حيازة الأسلحة النووية.

كما يتردد الأتراك في وضع علاقاتهم مع حلف شمال الأطلسي في خطر لو سعوا إلي امتلاك أسلحة نووية في وقت يعانون فيه من مشاكل مع روسيا ويحتاجون لحماية الحلف لهم.

ومع هذا، فلدي تركيا خطط للطاقة النووية لتعويض النقص في الطاقة، عبر شراء مفاعلات نووية من روسيا واليابان. ويقول مسؤولو الطاقة الأتراك أنه ليس لديهم خطط حاليا لتخصيب اليورانيوم، لاسيما في ضوء الصعوبات السياسية الراهنة مع روسيا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر السعودية تركيا الاتفاق النووي النووي السعودي إيران

30 اتفاقية نووية لروسيا بـ10 مليارات دولار منها بناء 16 مفاعلا للسعودية

«ناشيونال إنترست»: الاتفاق النووي لم يجعل إيران أكثر اعتدالا

«أتلانتيك كاونسل»: سباق الصواريخ في الشرق الأوسط

الاتفاق النووي وتداعياته الخليجية والخيار النووي السعودي

«إيكونوميست»: الاتفاق النووي الإيراني قد يشعل الصراع السني الشيعي

«ناشيونال إنترست»: كيف تستعد كل من السعودية و(إسرائيل) لانهيار الاتفاق النووي؟