«ناشيونال إنترست»: الاتفاق النووي لم يجعل إيران أكثر اعتدالا

الأربعاء 4 مايو 2016 03:05 ص

بموجب الاتفاق النووي الإيراني، سوف يتم رفع القيود الرئيسية على برنامج إيران النووي خلال ما بين 10 إلى 15 عاما. هذا لا معنى له ما لم تعتقد إدارة «أوباما» أن ديكتاتورية إيران قد تغيرت وأنه قد يمكن الوثوق بها وبقدرتها على الوفاء بالتزامات حظر الانتشار النووي التي انتهكتها مرارا في الماضي.

وقد ألمحت الإدارة إلى أن الاتفاق النووي في ذاته يسهم في جعل هذا التحول ممكنا من خلال مساعدة المعتدلين بطريقة ما في صراعهم على السلطة ضد المتشددين. لكن نتيجة الصراع الداخلي المبهم على السلطة في إيران لا يمكن التنبؤ به وسوف يكون من الحكمة ألا تبالغ واشنطن في تقدير قدرتها على تشكيل السياسة الإيرانية. عند هذه النقطة، فإن الإدارة لديها اتفاق مع فصيل الرئيس «حسن روحاني»، والذي هو أكثر واقعية من المتشددين، ولكنه ليس معتدلا بأي حال من الأحوال.

«روحاني» هو الوجه المبتسم للدولة الإيرانية، لكن «خامنئي»، المرشد الأعلى الإيراني، يبقى المسير الرئيسي لنظام الثورة الإسلامية في طهران. وقد عمل كلاهما عن كثب معا لسنوات، وهما يواصلان التعاون ضمن لعبة الشرطي الجيد والشرطي السيئ الشهيرة.

الدليل على أن النظام الإيراني لم يتغير يكمن في حقيقة أنه لا يزال يمارس اختطاف الرهائن. في يوم 16 يناير/كانون الثاني، نفس اليوم الذي دخل فيه الاتفاق النووي حيز التنفيذ، قامت إيران بمبادلة 4 رهائن أمريكيين في مقابل سبعة إيرانيين احتجزوا بتهمة انتهاك العقوبات. أطلق النظام الإيراني أيضا سراح أمريكي خامس، وهو طالب تم سجنه لأسباب غير معروفة.

كجزء من صفقة الرهائن، التي كانت الإدارة الأمريكية تتفاوض عليها بمعزل من الاتفاق النووي، قامت الإدارة الأمريكية بإسقاط التهم الموجهة إلى 14 من الإيرانيين الذين تم اعتقالهم خارج الولايات المتحدة بتهمة ارتكاب جرائم مختلفة. كانت صفقة المجرمين في مقابل الرهائن أشبه ما تكون بمكافأة لإيران على احتجازها للرهائن، ومن المؤكد أنها سوف تشجع طهران على احتجاز المزيد من الرهائن.

ويقدم الحرس الثوري الإيراني أدلة متتالية على أن إيران لم تتغير بأي شكل. الحرس الثوري، الذي يسيطر على البرنامج النووي وقوة الصواريخ البالستية في طهران، قام مرارا بتحدي البحرية الأمريكية في الخليج منذ التوصل إلى الاتفاق النووي خلال العام الماضي.

أطلقت سفن الحرس الثوري قذائف ذات مدى 1500 ياردة تجاه الناقلة هاري ترومان بالقرب من مضيق هرمز في أواخر ديسمبر/كانون الأول. وفي يناير/كانون الثاني، حلقت طائرات فوق السفن الحربية الأمريكية وقامت باعتقال عشرة من البحارين الأمريكيين بشكل مذل. صحيح أن البحارة كانوا قد انجرفوا عن غير قصد نحو المياه الإقليمية الإيرانية، ولكن ذلك لم يكن مبررا لأجل القيام بتركيعهم، فضلا عن تصوير ذلك واستغلاله في أشرة الفيديو الدعائية.

وفي مارس/آذار الماضي، قام الحرس الثوري بإطلاق سلسلة من الصواريخ بما في ذلك صاروخين كان قد كتب عليهما عبارة «إسرائيل يجب أن تمحى من الوجود» باللغة العبرية. حيث يبدو بشكل واضح أن النمر غير قادر على تغيير بقاع جلده.

ولسوء الحظ فإن الرئيس «أوباما» ينظر إلى نفسه باعتباره شخصية انتقالية وينظر إلى اشتباكه مع إيران والاتفاق النووي على أنه عملية تحول وليس مجرد صفقة. ولكن هذا لن يغير شيئا من الوقائع. حوافز تخفيف العقوبات سوف يتم توزيعها وفق إملاءات المرشد الأعلى الذي سيضمن أن مؤيديه من المتشددين سوف يحصلون على نصيب «الأسد» من الفوائد الاقتصادية. وقد كان المستفيدون الرئيسيون من العديد من الصفقات التجارية الموقعة بين إيران والقوى الأجنبية منذ رفع العقوبات هم الشركات الإيرانية العملاقة المملوكة للدولة، وليست الشركات الخاصة الصغيرة التي لديها مصالح حقيقية في الانفتاح على الغرب.

الطريق إلى تشجيع ظهور قيادة أكثر اعتدالا ليس عبر استرضاء الفصائل الواقعية، ولكنها عبر معاقبة وإحباط المؤامرات من المتشددين. البحث عن الانفراج مع الفصائل الأكثر واقعية يسهم فقط في إغضاب المتشددين ويؤدي بهم إلى إثارة الأزمات للحفاظ على التوتر وتقويض منافسيهم.

يجب أن تتحلى واشنطن بالتواضع حول تقديرها لمدى قدرة أي قوة أجنبية على التأثير في الصندوق الأسد للسياسة الداخلية الغامضة للديكتاتورية الإسلامية في طهران. وقد كان البحث عن المعتدلين الإيرانيين الكأس المقدسة لإدارات الرؤساء الأمريكيين. وقد وجدت إدارات «كارتر» و«ريغان» أن الاتفاقات التي يحظون بها مع بعض الفصائل، غالبا ما يتم تخريبها من قبل الفصائل الأخرى.

مغازلة إدارة «أوباما» لطهران تبدو تكرارا لهذا المشهد من جديد. «آية الله خامنئي» يقرر في نهاية المطاف جميع القضايا الهامة، وبإمكانه ببساطة أن يقتل الاتفاق النووي في أي وقت عن طريق سحب دعمه له.

عبر إدماج طهران دون أي شروط مسبقة، تكون الإدارة قد منحت النظام هناك كل شيء دون مقابل. ما زالت إيران أهم دولة راعية للإرهاب في العالم، وقد تمت مكافأتها على ذلك مقابل تنازلات مؤقتة يمكن عكسها بسهولة في برنامجها النووي. ويرى الرئيس «أوباما» نفسه وكأنه «نيكسون» في ذهابه إلى الصين. ولكن واشنطن وبكين كانتا تعتبران أن لديهما عدوا مشتركا يكمن في الاتحاد السوفيتي. وقد تقاسما توقعات مماثلة من انخراطهما معا.

هذا الإجماع غير موجود بأي شكل بين واشنطن وطهران. وعلى الرغم من أن «الدولة الإسلامية» تمثل خطرا مشتركا يتهدد كل منهما، فإنه خطر يتم توظيفه من قبل إيران لأجل تعزيز نفوذها على الأحزاب السياسية الشيعية العراقية ونظام «الأسد» في سوريا. وعلاوة على ذلك، فقد استبعد المرشد الأعلى أن يحدث تعاون بين بلاده وبين الولايات المتحدة لمكافحة «الدولة الإسلامية». في الواقع، فإنه يلفي باللوم على الولايات المتحدة في وجود التنظيم من الأساس.

سيكون من الخطأ الفادح الاعتماد على إيران كشريك موثوق ضد الدولة الإسلامية ما دام «خامنئي» لا يزال في السلطة. إيران هي جزء كبير من المشكلة في كل من العراق وسوريا. وقد لعبت دورا كبيرا في مفاقمة الحالة العدائية الطائفية بين السنة والشيعة التي خلقت الظروف لصعود «الدولة الإسلامية». قامت إيران عن عمد بإذكاء حريق الطائفية لتحقيق أهدافها الخاصة، ولا يمكن الاعتماد عليها في إخماد الحريق.

وقد تم سحق المعتدلين الحقيقيين الذين كان يمكن للإدارة أن تتعاون معهم من قبل النظام في عام 2009. كان الرئيس «أوباما» فأرا خلال هذه الأزمة، وقد عزم على الانخراط غير المشروط مع المتشددين الذين قاموا بسحق الحركة الخضراء بكل وحشية. ونتيجة لذلك، هناك القليل من الأمل أن نشهد أي تغيير في إيران في الوقت الراهن.

  كلمات مفتاحية

إيران الولايات المتحدة أوباما خامنئي الاتفاق النووي روحاني الإرهاب السياسة الإيرانية رفع العقوبات

«ستراتفور»: صور الأقمار الصناعية تظهر الاستراتيجية النووية المزدوجة لإيران

«ناشيونال إنترست»: المتشددون في الولايات المتحدة وإيران يسعون إلى تخريب الاتفاق النووي

إيران بعد الاتفاق النووي

ما بعد الاتفاق النووي.. إيران بين خيارين

«بيزنس إنسايدر»: واشنطن اختارت «الوهم» و«خامنئي» اختار «البنادق»

مقتل وإصابة 30 جنديا إيرانيا في اشتباكات مع أكراد غربي البلاد

هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة؟!

المشروع الإيراني في المنطقة العربية!

«أميركان إنترست»: لماذا لا يمكن أن نشهد إيران أكثر اعتدالا؟

واشنطن تعترف بحذف تفاصيل صحفية حول محادثات سرية مع إيران

«بروكينجز»: السعودية هي القوة الإقليمية الأكثر احتمالا لتبني الخيار النووي

«ظريف»: الاتفاق النووي لا يعني انتهاء الخلافات مع الجانب الآخر

هل ربحت إيران الاتفاق النووي مع الغرب؟

تعثر خطط التبادل الطلابي بين أمريكا وإيران خوفا من «التجسس»