«ناشيونال إنترست»: المتشددون في الولايات المتحدة وإيران يسعون إلى تخريب الاتفاق النووي

الخميس 14 يناير 2016 03:01 ص

يبدو أن المتشددين، على اختلاف أسبابهم بين مختلف البلدان التي تحوي هذا النوع من المتشددين، والذين يبدون مصممين على تخريب الاتفاق بشأن البرنامج النووي، قد سال لعابهم عندما سمعوا أمس أن إيران قد قامت باحتجاز اثنين من الزوارق الدورية للبحرية الأمريكية وطواقمها في الخليج. وقع هذا الحادث في الوقت الذي تتصاعد فيه مؤخرا حدة التوتر بين المملكة العربية السعودية وإيران، ما يجعل احتمالات التصعيد في الخليج أعلى من المعتاد. المتشددون يرون هذه الأحداث فرصة سانحة لتنفيذ أغراضهم وخاصة أنها تأتي قبل التنفيذ الرسمي المتوقع للاتفاق النووي قريبا.

 ورغم أن الكثير من التفاصيل حول حادثة الزوارق لا تزال غير واضحة، فإن هناك حقيقتين مهمتين: أولها هي أن القوارب الأمريكية قد دخلت إلى المياه الإقليمية الإيرانية، وثانيها أن هذا الدخول لم يكن متعمدا وقد نجم في الأغلب عن أسباب فنية لها علاقة بفشل نظام الملاحة أو بعض المشاكل المتعلقة بالمعدات. كانت الحقيقة الأولى واضحة لكلا الجانبين منذ البداية، الحقيقة الثانية تم قبولها من قبل الإيرانيين بمجرد أن منحت لهم الفرصة لاستجواب الطاقة الأمريكي.

للتفكير في ماهية الرد المناسب من قبل دولة ما على مثل هذا التدخل في مياهها، تخيل أن زورقيان إيرانيين قد عبرا إلى داخل المياه الإقليمية للولايات المتحدة الأمريكية. بطبيعة الحال فإن الاستجابة لم تكن لتكون عبر تمني لهم رحلة سعيدة. كانت الولايات المتحدة لتصر على استجواب الطواقم الإيرانية حتى لو كانت مقتنعة أنها تعرف جيدا ما يجري. كان المتشددون الأمريكيون سيدفعون غالبا نحو استجابة أكثر عدائية ولكن يأمل المرء، أنه في مثل هذه الظروف، فسوف تغلب الحكمة بين متخذي القرارات من جانب الولايات المتحدة.

كانت الاستجابة الإيرانية لحادث هذا الأسبوع في الخليج في المستوى المناسب. بعد قيام الإيرانيين باستجواب الأمريكيين لمعرفة ما يجري، فقد قاموا بمرافقة الطاقم الأمريكي وقواربه إلى حين عودتهم بأمان إلى أسطولهم بعد مرور أقل من 24 ساعة على عملية الاعتقال. الشيء الوحيد الذي يبدو أن بحارة الولايات المتحدة قد عانوه خلال الساعات القليلة التي قضوها على الأراضي الإيرانية هو الملل. وأصدر المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني (الذي انخرط في التعامل مع الحادث على الجانب الإيراني) بيانا علنيا أقر خلاله أن اقتحام الزوارق الأمريكية للمياه الإقليمية الإيرانية كان أمرا غير مقصود.

نحن لا نعرف كيف يشعر المتشددون الأمريكيون حقا حيال هذه النتيجة. ولكن لفترة من الوقت، فقد حاولوا توظيف الحادث على أي حال. السيناتور «توم كوتون»، الذي كتب في العام الماضي رسالة شائنة للإيرانيين يخبرهم فيها أن الولايات المتحدة ينبغي ألا يتم الوثوق في التزامها تجاه الاتفاقات الدولية التي تتفاوض حولها، تحدث إلى «سي إن إن» حول من وصفهم بـ«الرهائن الأمريكيين» وكيف يستخدم الإيرانيون هذا الحادث لإحراج الرئيس «أوباما». وقال «ماركو روبيو» إن «إيران تختبر حدود عزم هذه الإدارة»، على الرغم من وجود أي دليل على أن إيران ترغب في اختبار أي شيء. كتب «جيب بوش» على «تويتر» أن «سياسة أوباما تتعرض للإذلال مرة أخرى»، وهو أمر يبدو غير مناسب، باستخدام أخف العبارات، بالنظر إلى إطلاق سراح البحارة وقواربهم بعد فترة وجيزة.

واحدة من أهم الاستنتاجات المستفادة من الحادث هو ما يخبره بنا حول التفكير في المستويات العليا والتوازنات بين القوى السياسية على الجانب الإيراني. ربما لن يكون بإمكاننا أن نعرف على وجه التحديد نتيجة التفاعلات التي دارت هذا الأسبوع بين حكومة «روحاني»، والمتشددين في الحرس الثوري والمرشد الأعلى. ولكن خلاصة القول أن التعاون قد غلب على المواجهة في التعامل مع الولايات المتحدة. علينا أن نفترض، مع ذلك، أن التوازن السياسي داخل إيران لا يزال حساسا وقابلا للتغيير وأنه قد يتغير إذا جعلت الولايات المتحدة التعاون أقل جاذبية بالنسبة إلى طهران. إذا حدث ذلك، فإن الحادث البحري القادم في الخليج لن يكون مشابها للذي وقع هذا الأسبوع، وسوف يكون أكثر شبها بالحادث الذي وقع قبل 9 سنوات حيث قمت إيران باحتجاز 15 بحارا بريطانيا كان يعلمون في المناطق الأراضي المتنازع عليها على طول الحدود بين إيران والعراق.

الاستنتاج الآخر يتعلق بقيمة الدبلوماسية الأمريكية الإيرانية المباشرة التي تأسست مع التفاوض على الاتفاق النووي بعد سنوات طويلة من غياب أية محادثات. على وجه الخصوص، شهدت القناة بين وزير الخارجية الأمريكي «كيري» ووزير الخارجية الإيراني «ظريف»، تطورا كبيرا خلال المفاوضات النووية، ومن الواضح أنها قد أسهمت بسرعة ونجاح في حل الأزمة التي وقعت هذا الأسبوع. وكما قال «كيري» نفسه: «تم حل هذه المسألة سلميا، وهو دليل على أن القنوات الدبلوماسية تعلب دورا حاسما في الحفاظ على سلامة بلادنا وأمنها».

وقال «كيري» أيضا: «كبحار سابق فأنا أعرف قيمة الوجود البحري في جميع أنحاء العالم، وهناك عمل حاسم يجري القيام به من قبل قواتنا البحرية في الخليج».

ومع ذلك فإن المتشددين سوف يظلون على قيد الحياة سواء أكانوا في الجانب الأمريكي أم على الجانب الإيراني. وسوف تستمر محاولات التخريب، حتى إذا كانت تنطوي على التصريحات التي، شأنها شأن تصريحات هذا الأسبوع، ليس لها أي علاقة بما قامت أو ستقوم به إيران فعليا.

المصدر | ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

إيران الاتفاق النووي الولايات المتحدة العلاقات الإيرانية الأمريكية

طهران تفرج عن 10 بحارة أمريكيين والجيش الإيراني يعتبره درسا لـ«الكونغرس»

«الحرس الثوري»: البحارة الأمريكيون رهن التحقيق ولا حديث عن إطلاق سراحهم

إيران .. المتشددون يخشون على مستقبلهم السياسي

دخول الاتفاق النووي مع إيران حيز التنفيذ يهوي بسوق الأسهم الخليجية

«ناشيونال إنترست»: الاتفاق النووي لم يجعل إيران أكثر اعتدالا

«أميركان إنترست»: لماذا لا يمكن أن نشهد إيران أكثر اعتدالا؟

«ناشيونال إنترست»: كيف تستعد كل من السعودية و(إسرائيل) لانهيار الاتفاق النووي؟