استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المشروع الإيراني في المنطقة العربية!

الجمعة 6 مايو 2016 08:05 ص

الراصد لأداء الحكومة الإيرانية وعلاقتها بالمنطقة العربية، يجد أن لديها تصوراً وبرنامجاً وخطة عمل للدخول والانتشار بالدول العربية، من خلال فكرة تصدير الثورة ونشر الفكر الشيعي، ليس حباً بالإسلام أو بالمبدأ الشيعي، ولكن كوسيلة لاختراق المجتمعات العربية، من خلال انتهاج آليات وأساليب متعددة ومختلفة، انطلاقاً من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، ومنها نشر البلبلة والتفكك الاجتماعي والسياسي، ومحاولة الاستحواذ على بعض الفعاليات الاقتصادية في بعض الدول العربية، وبالذات الخليجية أو دول شمال أفريقيا. كما تمارس إيران دوراً عدوانياً واستفزازياً لبعض الدول العربية، كانتهاجها للحرب الإلكترونية واختراقات بعض الكيانات العربية وبث ونشر الفرقة لتضعيف الجبهة الداخلية للدول العربية، وإمكان استيلائها على بعض المرافق السياسية والاقتصادية كما حدث في لبنان وسورية والعراق واليمن. كما تحاول توسيع نشاطها الاستيطاني في دول الخليج وبعض دول شمال أفريقيا. وقامت دار الخليج بتجميع وتحليل ما كتبه بعض الكتاب والمفكرين، وما نشر في وسائل الإعلام عن هذا المشروع.

ولتحضير إيران مشروعها، قامت بدرس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع العربي، وتعرفت على نقاط الخلل والضعف، إذ إن معظم الدول العربية تفتقد متطلبات التنمية الوطنية كالخدمات العامة والإسكان وتوافر المرافق لمجتمعاتها، كما أن وسائل الإعلام العربية تشكو من حال فقر دم وضعف رؤية وضحالة في الطرح وفقدان في الهوية. وعلى هذه السلبيات وضعت إيران برنامجها لاختراق المجتمعات العربية من الداخل. وقد درس الإيرانيون الواقع العربي، وتبين لهم عدم وجود رؤية للتنمية البشرية في المجتمعات العربية والتناحر داخل تلك المجتمعات والإقصائية والإقليمية والمناطقية وضيق الأفق عند بعض الشباب وتصنيف المجتمعات والتراشق بين المجتمع السني وضعف وسائل الإعلام في تكوين جيل له القدرة على العطاء ويعطي ولا يأخذ ويتسلم المعلومات ويفلترها، كما تبين لهم ضعف ظاهرة الحب بين أعضاء المجتمع، إذ إن ثلثي الأمة العربية شباب، والشباب يفتقدون ابسط الحقوق في الحياة المدنية كتوافر الوظائف والسكن والرعاية الصحية والتربوية، لذا فهم قنابل موقوتة تُضلل من القنوات الفضائية ووسائل الإعلام.

إن سياسة إيران تقوم على تنفيذ أهداف «مشروعها» الطائفي وتمكينه كما تحقق في لبنان والعراق واليمن وسورية وبعض دول شمال أفريقيا لأغراض السيطرة السياسية، إذ أنشأت في سبيل ذلك المراكز التي تبث آراء وثقافة «المشروع الإيراني»، وتوزع الكتب والمجلات من أجل الترويج له وتمكين مبادئه، وتوسيع أركانه ونفوذه وشراء كثير من الذمم في المنطقة العربية لتحقيق ذلك.

إن ما يصبو إليه المشروع الإيراني في أكثر من قطر عربي هو التفتيت الطائفي والاجتماعي، والاستحواذ على بعض الفعاليات والمشاركات الاقتصادية بالمشاركة مع بعض مواطني الدول العربية كما يحدث في بعض دول الخليج العربي. وهذا المشروع سيسهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في إشغال المجتمعات العربية عن القضية الرئيسة وهي القضية الفلسطينية وعن مواجهة المشروع الصهيوني العالمي والانشغال بالتنازع الداخلي. وهذا ما أشار إليه كثير من الكتاب والسياسيين وبعض المفكرين من أن إيران بمشروعها هذا تقع في خانة «العداوة»، لأنه مشروع مُعادٍ للأمة العربية.

إن المشروع الإيراني ونزعته التوسعية الجغرافية في بعض الدول العربية كالعراق وسورية واليمن كأمثلة حية ماثلة للعيان لهذا المشروع والذي يهدف للهيمنة على منطقة الشرق الأوسط ودولها وشعوبها ومواردها وثرواتها وإخضاع الأكثرية فيها ودعم الأقليات فيها وذلك لمحاولة فرض هيمنتها وسلطتها (حلم إعادة الإمبراطورية الفارسية) وربط مسارها ومستقبلها واستقرارها بهذا المشروع ونجاحه وبسط سلطته، من خلال جعل المنطقة تعيش في حالٍ من الفوضى والقلق والصراعات، من خلال تنفيذ خطه فارسية استخباراتية طويلة الأمد لبث الغوغائية بالدول العربية واستغلال الفكر الشيعي، وهو ما يتماشى مع المشروع الغربي لعمل الفوضى الخلاقة بالدول العربية.

إيران لديها مشروعها السياسي مثلها مثل أميركا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل، فمشروعها خطره عظيم لأنه لا يدركه أحد، فهو ينخر الكيانات من الداخل مستغلاً استقطاب الشباب في بعض بلدان المنطقة العربية وتجنيدهم للعمل لمصلحة مشروعها. وتقوم ببعض الأعمال الاستفزازية كعمل مناورات على حدود الخليج والأعمال المخابراتية وتجنيد الشباب وبعض قادة الحركات والمنظمات المريضة سياسياً لتقويتها للعمل لمصالح وخدمة المشروع الإيراني.

إن المشروع الإيراني في المنطقة العربية مشروع عبثي ظاهره اقتصادي وديني (يتماشى مع الفكر الصهيوني للتفرقة العربية)، ولكن حقيقته وباطنه بث الفتن وزعزعة المنطقة العربية بحجة فكرة التوسع الشيعي، في حين أن الواقع عكس ذلك، فهم يصرفون بلايين الدولارات على هذا البرنامج منتهجين أساليب استخباراتية وإعلامية وعدائية كالحرب الالكترونية والتضليل الإعلامي ونشر مشروعهم التربوي لطمس الهوية العربية، مستخدمين كل الوسائل وشتى الطرق لنشر وإقامة هذا المشروع، ضاغطين على خزانة الدولة في طهران في ظل غياب الهوية العربية والاستراتيجيات الإعلامية الواضحة عند بعض الدول العربية.

يشير كثير من الكتاب والمفكرين إلى أن ما يطمح إليه الإيرانيون الآن ليس عداء الإسلام وإزالته، فهذا ليس من مصلحتهم بعد أن اعتنقوا الإسلام، إذ إن هناك فرقاً بين التشيع كمذهب إسلامي والفكر الفارسي والمشروع العدائي للأمة العربية الذي يهدف إلى تحريف الإسلام والانتقام لمعركة القادسية وانتهاء إمبراطوريتهم إلى مزابل التاريخ.

تخوض إيران حرباً شرسة ضد توحد الدول العربية وتفكيكها، عبر وسائل إعلامية، متلفزة ومسموعة ومطبوعة وإلكترونية، ونشر الفكر الغوغائي والفوضى الخلاقة بين شعوب المنطقة، وهي حرب تسخر لها طهران إمكانات مالية هائلة جداً، وتعبر من خلال بواباتها الإعلامية المنتشرة في العالم العربي أو الغرب إلى الجمهور العربي في محاولة لاستقطابه أو خلخلة مواقفه أو إثارة العداوات تجاه الأنظمة أو تجاه حكام المنطقة وتهييج الشعوب ضد قياداتها وانتهاج التراشق الإعلامي، مستغلة بعض الأخطاء الإدارية أو السياسية أو الاقتصادية في بعض الدول العربية لتحقيق أهدافها.

لقد بدأت إيران منذ عام 2003 فعلياً مخططاً مختلفاً للسيطرة الإعلامية في العالم العربي، وتجلى ذلك بوسائل مختلفة، وزاد ذلك بعد دخولها للعراق وبعد الأزمة السورية، إذ سارعت إيران إلى زيادة تسللها إلى الإعلام العربي، والمراقب للفضائيات والإعلام المطبوع والإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي يجد تمدداً غير طبيعي للتدخل الإيراني في الشؤون الداخلية وزعزعة أمن وتلويث أفكار كثير من أفراد بعض الشعوب العربية من خلال هذه السيطرة.

وتمتلك إيران إمبراطورية إعلامية هي الأكبر على مستوى المنطقة وواحدة من أكبر الإمبراطوريات الإعلامية في منطقة آسيا. وتسيطر وكالة بث الجمهورية الإسلامية الإيرانية IRIB وهي مؤسسة حكومية تشرف على السياسات الإعلامية الخاصة بجميع المحطات التليفزيونية وإذاعات الراديو في البلاد.

يظهر الإعلام الإيراني عداوته لليهود والأميركان، ويرفعها كشعارات في المظاهرات والأماكن العامة، ولكن الواقع أنهم على اتصال مستمر وفي تحالف استخباراتي متواصل. ويمارس الإعلام والفكر الإيراني ازدواجية في المفاهيم، فهم يدعون شيئاً ويمارسون شيئاً آخر وهم يعترضون على عدم أحقية التدخل في الشؤون الداخلية كقضية الأحواز والبلوش، ولكنهم يتدخلون في القضايا العربية ويشتمون الغرب، ولكنهم على تفاهم وجلسات سرية مشتركة بينهم.

ويشير كثير من الكتاب والباحثين إلى أن الدول العربية ليس لديها مشروع قوي لمواجهة المشروع الإيراني، إذ لا بد من معالجة هذا البرنامج من كل الدول العربية. لا بد من وجود استراتيجية إعلامية وحملة توعوية لتهيئة الموارد البشرية لتكوين جيل يعطي ولا يأخذ ويقبل الفكر الآخر ولا يتسلم أي معلومة من دون فلترة، إذ إن نشر الحب بين أفراد المجتمع من سلوكياتنا العربية والإسلامية. ولابد من التفاهم مع عقلاء الشيعة بحقيقة العدو الفارسي وضرورة ولاءاتهم لدولهم. أيضاً لا بد من إشعار جميع أفراد المجتمعات بقبول البعض وعدم إعطاء الفرصة للعدو الخارجي لاختراق الداخل.

ويبقى السؤال القائم الآن ما مدى جاهزية الإعلام العربي والخليجي للتصدي للإعلام الإيراني؟

* د. توفيق السـويلم مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية.

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

إيران المشروع الإيراني المنطقة العربية الدول العربية الشيعة المجتمع العربي العلاقات العربية الإيرانية

«تركي الفيصل»: بالعقل العربي والمال اليهودي يمكننا المضي قدما لمواجهة إيران

هل بالإمكان «تصفير» النفوذ الإيراني في المنطقة؟!

«ناشيونال إنترست»: الاتفاق النووي لم يجعل إيران أكثر اعتدالا

بين «نجاد» و«روحاني»: من يكون واجهة إيران على العالم؟

الحلول السلمية تحت رحمة سلاح التعطيل الإيراني

المسألة الإيرانية ستستمر لزمن أطول مما يحسب الجوار العربي

مستقبل استراتيجية إيران الإقليمية

محور إيران يريد مزيدا من «الحرب المفيدة»

أين أصبحت العواصم الأربع التابعة لإيران؟

دبلوماسي أمريكي: إيران رفضت تسليمنا مقاتلي «القاعدة»

الحزم السعودي والتراجع الإيراني