استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

السعودية وإيران: انتقال السلطة إذ يقترب

الاثنين 13 أكتوبر 2014 08:10 ص

تتعارض أهداف السعودية وإيران ويفترق نظاماهما السياسيان شكلاً ومضموناً. مع ذلك، يبدو أن البلدين يقتربان في وقت واحد من تحدي انتقال السلطة المتوقع في كل منهما، والذي سيكون تاريخياً بكل معنى الكلمة، ومؤثراً بشدة في عملية صنع القرار الإقليمي فيهما.

السعودية: الجيل الثالث يتحين فرصته

يعد العاهل السعودي الملك «عبد الله بن عبد العزيز» (90 عاماً) أكبر أبناء مؤسس المملكة العربية السعودية الملك «عبد العزيز» الأحياء. وقد فتحت وفاة الأميرين «سلطان» و«نايف» في مواقعهما كأولياء للعهد بالعامين 2011 و2012 على التوالي، أبواب التكهنات على مصراعيها بخصوص صعود الجيل الثالث من الأسرة المالكة إلى موقع ولاية العهد، وهو أمر لم يحدث حتى اللحظة.

منذ تأسيسها في العام 1932، تعاقب على حكم السعودية ست شخصيات هي الملك المؤسس «عبد العزيز» خلال الفترة من العام 1932 وحتى العام 1953، ثم تلاه خمسة من أولاده. تولى الملك «سعود» الحكم العام 1953، إلا أن الأمير «فيصل» أجبره على التنحي العام 1964 وحل محله. وبعد اغتيال الملك «فيصل» العام 1975، جاء الملك «خالد» واستمر في الحكم حتى العام 1982، وأعقبه الملك «فهد» الذي حكم من تلك السنة حتى توفي العام 2005، فحل محله الملك «عبد الله» من وقتها وحتى الآن. تتشكل العائلة المالكة من حوالي خمسة عشر ألف أمير، وتشكل نواتها الصلبة النافذة في صنع القرار شريحة تقدر بألفي أمير.

يملك الملك أمور الدولة ويعين الوزراء ويعزلهم، ويمتلك الأمراء من آل سعود حصرياً حقائب الدفاع والداخلية والشؤون الخارجية، ولكن عملية صنع القرار في المملكة ليست فردية كما يبدو على السطح أو من الوهلة الأولى، إذ إن توافقاً ما بين أجنحة العائلة يحكم صنع القرار. أطلق الملك «عبد الله» «هيئة البيعة» العام 2006 لتقنين وراثة العرش في المملكة، وأيضاً بحسب ما يعتقد البعض لتحجيم حصة «السديريين السبعة» في الحكم. والأخيرون هم أولاد الملك عبد العزيز من زوجته المفضلة حصة السديري، وهم الملك الراحل فهد وولي العهد الحالي الأمير سلمان، ووليا العهد الراحلان الأمير سلطان والأمير نايف، فضلاً عن الأمير عبد الرحمن والأمير تركي والأمير أحمد. تتكون «هيئة البيعة» من ثمانية وعشرين عضواً هم أولاد الملك عبد العزيز الأحياء (تسعة أمراء)، وأحفاده من الجيل الثالث (تسعة عشر أميراً)، ويحسم التصويت في هذه الهيئة بالأغلبية البسيطة. ومع تعيين الأمير سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد، ثم الأمير مقرن بن عبد العزيز نائباً لولي العهد، بدت مسألة انتقال السلطة في السعودية وكأنها وجدت طريقها إلى الحل، ولكن الأمور ليست بالبساطة التي قد تبدو عليها. ومرد ذلك أن تقدم عمر الجيل الثاني الحاكم الآن، وازدياد معدلات التعليم والطموح بين أفراد الجيل الثالث من العائلة يخلق فجوة موضوعية يصعب تجسيرها.

ومع تعبئة الشواغر في منصبي ولي العهد ونائبه، يظهر للمتابع بوضوح أن ثلاثة أمراء بارزين من الجيل الثالث يتنافسون من الآن على السلطة في السعودية ويتوزعون على جناح الملك الحالي وجناح «السديرية» وهم: الأمير «متعب بن عبد الله» رئيس الحرس الوطني وابن الملك الحالي، والأمير «محمد بن نايف» وزير الداخلية وابن ولي العهد السابق «نايف بن عبد العزيز»، والأمير «بندر بن سلطان بن عبد العزيز» رئيس الاستخبارات السعودية والسفير السابق لمدة طويلة في الولايات المتحدة الأميركية. ويعتقد البعض أن التغييرات المتوالية التي عرفتها المناصب المفتاحية بشؤون الداخلية والدفاع والاستخبارات في المملكة خلال الشهور الأخيرة، تمثل ترتيباً متمهلاً لانتقال السلطة إلى الجيل الثالث في وقت لا يبدو بعيداً.

البراغماتيون و«الحرس الثوري» وخلافة المرشد

عززت أخبار العملية الجراحية التي أجراها مرشد جمهورية إيران الإسلامية (75 عاماً) قبل أسابيع، التساؤلات المحيطة بخليفته، في ضوء عدم امتلاك أي من الوجوه البارزة في النظام الإيراني للخلفية الدينية والسياسية ذاتها. كان السيد خامنئي - مع الشيخ رفسنجاني (80 عاماً) - في الدائرة الضيقة المحيطة بمؤسس الجمهورية الراحل آية الله الخميني، وتقلد وظائف كبرى في الجمهورية من رئاسة البرلمان إلى رئاسة الجمهورية إلى خلافة السيد الخميني في منصب المرشد في العام 1989. كان انتقال السلطة من السيد الخميني إلى السيد خامنئي صعباً، لأن مشروعية الأخير الدينية والسياسية لم تضاهِ مشروعية المؤسس. والآن يبدو الأمر أكثر صعوبة، لأن الشرائط الدينية والسياسية التي يملكها السيد خامنئي لا يملكها معاً أي من رموز النظام راهناً. وحتى لو افترضنا جدلاً أن آية الله أحمد جنتي (87 عاماً) رئيس مجلس صيانة الدستور وآية الله رضا مهدوي كني (83 عاماً) رئيس مجلس الخبراء يملكان مشروعية مقاربة لتلك التي عند السيد خامنئي، فتقدم عمريهما يمنع من النظر إليهما باعتبارهما مرشحين جديين لخلافة المرشد.

في حال غياب المرشد يقوم «مجلس الخبراء» المتكون من نيف وثمانين عضوا بتسمية مرشد جديد بأسرع ما يمكن، وفقاً لأحكام الدستور الإيراني. وحتى تسمية مرشد جديد يقوم مجلس مكون من: رئيس الجمهورية (حسن روحاني حالياً) ورئيس السلطة القضائية (محمد صادق لاريجاني حالياً) وفقيه من مجلس «صيانة الدستور» يختاره مجلس تشخيص مصلحة النظام (رئيسه هاشمي رفسنجاني حالياً) بالقيام مجتمعين بمهام المرشد بحسب ما ينص الدستور الإيراني أيضاً. هنا تبدو فرصة «صانع الملوك» رفسنجاني سانحة، كونه عضواً بارزاً في «مجلس الخبراء» ورئيس «مجلس تشخيص مصلحة النظام» في الوقت ذاته، ما يضعه في موقف قوي لاختيار خليفة المرشد. ولا يخفى أن رفسنجاني لعب دوراً حاسماً ومحورياً في عملية انتقال السلطة من السيد الخميني إلى السيد خامنئي، بحسب ما تفيد المصادر العلمية والبحثية. كما أن العلاقات القوية التي تربط رفسنجاني وروحاني ولاريجاني وجميعهم محسوبون على التيار البراغماتي، تعني أن فرص التيار الأخير يمكن أن تتعزز مع عملية اختيار المرشد القادم.

في المقابل، يصطف التيار المحافظ بالمؤسسة الدينية مع «الحرس الثوري» في مقابل رفسنجاني وتحالفاته، وإن كان التيار المحافظ بالمؤسسة الدينية قد فقد بالتدريج وزنه السياسي، إلا أن سيطرة «الحرس الثوري» على المؤسسات العسكرية - الأمنية في إيران تجعله رقماً صعباً وفاعلاً في المعادلة. وحتى بافتراض أن التيار البراغماتي سيملك الأغلبية في «مجلس الخبراء» الذي ينتخب المرشد، سيبقى «الحرس الثوري» بوزنه الاقتصادي الضخم (حوالي 30 بالمئة من الاقتصاد) وسيطرته التامة على المؤسسات العسكرية - الأمنية رقماً عصياً على التحييد. هنا تظهر مشكلة انتقال السلطة في إيران بأوضح صورها، لأن المرشد الحالي السيد خامنئي يملك أيضاً، فضلاً عن المشروعيتين الدينية والسياسية، نفوذاً معنوياً وسياسياً كبيراً على مؤسسة «الحرس الثوري» لا يملكه غيره من القادة السياسيين في إيران.

صحيح أن موقع المرشد يتحكم في «الحرس الثوري» والمؤسسات الأمنية، إلا أن السيد خامنئي ـ المعروف بحبه للموسيقى الكلاسيكية الغربية ـ برع في قيادة أوركسترا المؤسسات الإيرانية وفي السيطرة على «الحرس الثوري»، فوازن حيناً، ووزع أدوارا حيناً آخر، وفي كل الأحوال منع أحد الأجنحة في السلطة من الهيمنة على الآخر أو القضاء عليه. هذه القابليات والمقومات لن يملكها على الأرجح أي مرشد قادم في إيران، لذلك يبدو الصراع على انتقال السلطة، قد اشتعل نظريا، في مخيلة قادة الأجنحة في الدولة الإيرانية، مع الإعلان عن إتمام العملية الجراحية الأخيرة لخامنئي.

الخلاصة

سيلعب عامل انتقال السلطة دوراً كبيراً في التأثير على سياسات السعودية وإيران الإقليمية في المرحلة المقبلة، لأن هذا الانتقال في ظل تنافس الأجنحة في النظامين سيعني «انتصارا» لأحد الأجنحة على الآخر، ما سينعكس على السياستين الداخلية والإقليمية للبلدين. علينا متابعة أي تغييرات مرتقبة في الصف الثاني من مناصب المؤسسات الأمنية - العسكرية في السعودية، لأن المعنى العملياتي في هذه التغييرات قد يكون حاضراً، ولكن معنى تمهيد الأرضية لتوازنات جديدة بين الأجنحة سيكون الأكثر رجحاناً. وإذ تَطَلَّبَ تحجيمُ جناح «السديري» في الحكم السعودي وقتاً طويلاً نسبياً في عملية متدرجة وغير مباشرة؛ يتوقع أن تتسارع تلك العملية في الشهور المقبلة.

في المقابل، تعد انتخابات «مجلس الخبراء» في العام 2015 في إيران فائقة الأهمية ويتوجب رصدها من الآن، لأنها ستحسم بقدر ما خلافة مرشد الجمهورية، كون هذا المجلس يسمي المرشد الجديد بأغلبية الأصوات، كما يتمثل هذا المجلس في اللجنة المخصصة لتسيير أمور البلاد حتى تسمية مرشد جديد وفق نصوص الدستور الإيراني.

 

المصدر | السفير

  كلمات مفتاحية

إيران السعودية انتقال السلطة

إيران تنتقد تصريحات «سعود الفيصل» حول دورها في سوريا

طهران: «على الدول التي دعمت الجماعات الإرهابية أن تعوض عن أخطائها»

العلاقات «السعودية - الإيرانية»: لا نقلة نوعية

الملك السعودي ... إذا شاء!