«رويترز»: طموح الإمارات العسكري يتجلى في عملية مكافحة الإرهاب باليمن

الأربعاء 29 يونيو 2016 09:06 ص

تعمل الإمارات العربية المتحدة وهي أحد أوثق حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط على نشر قواتها للتصدي لتنظيم «القاعدة» في اليمن وتطرح بذلك مسارًا جديدًا هناك حاجة ماسة إليه من أجل التصدي للإرهاب في المنطقة العربية.

وتتولى قوات خاصة من الإمارات تنظيم مطاردة تنظيم «القاعدة» في الصحارى والجبال النائية لتضيف بذلك قدرات قوات عربية تمرست على القتال في مناطق مثل أفغانستان والصومال إلى حملة اقتصرت المشاركة فيها لفترة طويلة على الجيشين الأمريكي واليمني.

وتظهر هجمات انتحارية أسفرت عن سقوط 38 قتيلًا في المكلا يوم الاثنين حجم التحدي. وفي حين ساعدت الامارات في إخراج القاعدة من تلك المدينة الساحلية الجنوبية في أبريل/نيسان لا تزال تهديدات المسلحين قائمة فقد أعلن المسؤولية عن الهجوم تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي يمثل قوة أقل من تنظيم القاعدة في اليمن.

وكانت قوات الإمارات نشرت في البداية للتصدي لعدو مختلف هو جماعة الحوثي اليمنية عندما انضمت لحملة قادتها السعودية العام الماضي لمحاولة وقف سعي الجماعة للسيطرة على السلطة في البلاد. ويرى كثيرون بين عرب الخليج أن جماعة الحوثي تعمل لصالح ايران.

وأضعفت الحرب الحوثيين لكن تنظيم «القاعدة» انتهز ما نتج عن ذلك من اضطرابات واكتسح الشطر الشرقي من البلاد واستولى على أراض تفوق ما استولى عليه من قبل وجمع عشرات ملايين الدولارات من خلال إدارة المكلا حيث يقع ثالث أكبر المواني في البلاد.

وتلبي الحملة التي تشنها الامارات على تنظيم القاعدة مطلبًا قدمته واشنطن مرارًا أن تبذل دول الخليج العربية المزيد لضمان أمنها.

لكن ما أطلق عليه «مذهب أوباما» الذي يقوم على الاعتماد على حلفاء محليين بدلًا من نشر قوات عسكرية أمريكية في الخارج لمقاتلة الجهاديين اعتبر متعثرًا في العراق وسوريا وأفغانستان رغم تمويل وتدريب شركاء محللين.

ويأمل مؤيدو حملة الإمارات أن يكون اليمن مثالًا أفضل.

قدرة التحمل

جاء رد الإمارات باستخدام القوات الخاصة لمحاولة تركيز حملة مستمرة منذ فترة طويلة على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يعتبر من أقوى فروع شبكات التنظيم الجهادي.

وتعمل قوات الإمارات مع الولايات المتحدة لتدريب المقاتلين اليمنيين وتوجيههم وتزويدهم بالعتاد فيما يشير إلى أن لديهم القدرة على التحمل لمواصلة هذه الحملة التي قد تستمر فترة طويلة بعد التوصل إلى تسوية للمواجهة المنفصلة مع الحوثيين.

وأشادت دول غربية بالقدرة على إدارة عمليات جوية وبحرية وبرية ونشر قوات سرًا وتحمل سقوط العشرات من القتلى وذلك بعد أن يئست تلك الدول من قدرة الجيش اليمني المفكك على التصدي لتنظيم القاعدة.

وقال الجنرال المتقاعد «أنتوني زيني» الرئيس السابق للقيادة المركزية الامريكية إن «الإمارات تمثل قوة عسكرية من الطراز الأول في المنطقة وقدراتها تتزايد على نحو متصاعد مقارنة بما يشير إليه حجمها». 

وأضاف «يظهر هذا أيضًا القدرة على الصمود هناك رغم سقوط ضحايا.. أثبتت الإمارات عزمها على القتال إلى جانب الولايات المتحدة والتحالفات».

وبعد أشهر من التحضير تولت الإمارات تنسيق مهمة دحر «القاعدة» في المكلا من خلال حلفاء يمنيين في عملية معقدة دعمتها المخابرات الأمريكية وعمليات إعادة التزود بالوقود في الجو.

وفي حين قالت «القاعدة» إنها نفذت انسحابًا تكتيكيًا دون خسائر فإن مصادر في قوات التحالف قالت إن التنظيم في الحقيقة تلقى ضربة موجعة.

وقال مسؤول عسكري بارز بالتحالف طلب عدم ذكر اسمه: «كان التركيز على عدم السماح للقاعدة بالتعويض. ننوي دائمًا إبقاءهم في موقف دفاعي».

 مخاطر

وقال مسؤول أمريكي يعمل في مكافحة الإرهاب وهو مطلع على الوضع في اليمن «إنهم أهم قوة في مجال مكافحة الإرهاب على الأرض في اليمن».

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن البعض في الإدارة الأمريكية شككوا في البداية في جدية الإمارات في مهاجمة تنظيم «القاعدة» بجزيرة العرب لكن عملية المكلا أظهرت «أن الأمر ليس كذلك».

غير أن المناورة الإماراتية في مكافحة الإرهاب لم تكن خالية من المخاطر.

فبتوليها دورًا محوريًا كهذا في اليمن تضع الإمارات نفسها في خضم بحور السياسة الهائجة خاصة من خلال وجودها بشكل أساسي في الجنوب حيث تواجه شبكة مخاطر في خضم تقلبات متصاعدة محتملة من حركة انفصالية آخذة في التشكل من جديد وأصبح صوتها أعلى وأوضح في المطالبة بانفصال الجنوب.

ورغم انتماءاتهم الثقافية يتعين على الضباط الإماراتيين مراعاة عدم الوقوف على الجانب الخطأ من القبائل الذين تعتبر تحالفاتهم مع المتشددين الإسلاميين تكتيكيًا أساسيا للنجاة. ولا يزال المتشددون مستمرين في عمليات اغتيال ضباط الجيش الموالين للتحالف وشن تفجيرات انتحارية على مجمعات الجيش والشرطة اليمنية.

وبينما ضخت الإمارات أكثر من 400 مليون دولار في عمليات الإغاثة الإنسانية فإن اليمنيين لا يزالون في أمس الحاجة لإعادة الإعمار.

وقالت «نسمة العذيبي» وهي طالبة عمرها 21 عاما تدرس الهندسة المدنية في عدن إن كثيرين لا يزالون يرون في السعودية والإمارات ملائكة لأنهم أنقذوهم من الحوثيين. لكنها أضافت أن آخرين لديهم اعتقاد بأنهم جاءوا لليمن ليس حبًا ولا رغبة في المساعدة بل بسبب مصالحهم الخاصة.

وحتى الآن لا تهاب الإمارات التحدي وتصر على أن حملتها توفر الحماية للمنطقة بأسرها وتصر على امتلاكها إرثًا عربيًا خليجيًا يمكنها المساعدة في تجاوز الشبكات القبلية المقعدة.

وأكد مسؤول التحالف أنهم يملكون قدرة على التعامل مع المقاتلين اليمنيين وكسب ثقتهم لكونهم ليسوا أجانب.

وتولي واشنطن لذلك أهمية. فالتحرك الأمريكي ضد «القاعدة» تعثر في البداية بسبب الحرب ضد الحوثيين التي أجبرت الولايات المتحدة في أوائل 2015 على إجلاء أفرادها.

لكن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) قالت بعد عملية المكلا إنها نشرت عددًا صغيرًا من الأفراد العسكريين لدعم مساعي مكافحة الإرهاب الإماراتية في بادرة محتملة على زيادة تصميم الولايات المتحدة للعودة للانخراط في العمليات على الأرض.

وقال البنتاغون الأسبوع الماضي إن مهمة الدعم هذه ستمدد بعدما كانت في البداية لمدة قصيرة.

 الحل النموذجي

كتب «مايكل موريل»، النائب السابق لمدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه)، في مجلة بوليتيكو أن الهجوم الذي نسقته الإمارات في المكلا كان «الحل النموذجي للتعامل مع المجموعات الإرهابية التي تسيطر على مساحات من الأرض».

وقال مسؤول عسكري بارز بقوات التحالف إن فريق عمليات خاصة قوامه ثمانية أفراد من المراقبة الجوية المتقدمة هبط بطائرة (تي.إتش-47-شينوك) في شبه جزيرة عدن الصغرى في سرية تامة بين 13 و15 أبريل/ نيسان 2015 أي بعد أيام من بدء القتال.

وأضاف المسؤول أن الفريق انضم إلى حليف يمني على الأرض يعمل ضمن المقاومة الجنوبية للحوثيين.

وخلال عشرة أيام نفذت عملية إنزال برمائي لمزيد من القوات. وفي الأسابيع التالية تولت فرق ضمت كل منها ما بين أربعة وستة من عناصر القوات الخاصة الإماراتية مجموعات يمنية قوام كل منها 50 شخصًا وقدمت القيادة وأنشأت تشكيلًا من 2000 مقاتل من المقاومة في عدن.

وفي يوليو/ تموز 2015 أي بعد أشهر من التحضير والتواصل مع الشركاء بقيادة السعودية نجحت تلك القوة في طرد الحوثيين من عدن ومن قاعدة جوية كبيرة غير بعيد. وذهبت الإمارات لتدريب أربعة آلاف مقاتل يمني في عصب بإريتريا لتشكيل قوة مهمتها منع الفوضى في المدينة.

وفي الخريف أدارت الإمارات بيسر عملية مناوبة آلاف من قواتها في مسرح العمليات وخططت في الوقت نفسه لعملية المكلا.

ووصف «محمود السلامي» الأستاذ بجامعة عدن ما قامت به الإمارات من إعادة بناء لمستشفيات ومدارس بأنه دور استثنائي. وأضاف أن التحالف ظهر في البداية وكأنه متسامح للغاية مع المتشددين في الجنوب بسبب اشتراكهم في نفس العقيدة المناوئة للحوثيين لكنهم سرعان ما شنوا حملة عليهم.

ويشعر اليمنيون في الجنوب بالامتنان للتحالف لأنهم الآن «سواء انفصلوا أم لا فإن الجنوب عاد لأيدي أبنائه وتحقق هذا بفضل دول التحالف».

ويقول «مايكل نايتس» من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن عمليات التصدي للمسلحين في اليمن قد تستمر سنوات طويلة. وأضاف «لكن الإماراتيين قادرون على الوفاء بذلك الالتزام».

  كلمات مفتاحية

الإمارات اليمن حرب اليمن عاصفة الحزم القاعدة المكلا التحالف العربي الحوثيين أمريكا أبوظبي

محاربة «القاعدة» في اليمن طريق الإمارات لتوسيع نفوذها العسكري

مواطنون: اليمن على حافة الانهيار الشامل

«الدولة الإسلامية» يتنبي 4 تفجيرات في المكلا اليمنية أودت بحياة 40 شخصاً

أبوظبي تدعو بشكل سري قائد الجيش اليمني و3 جنرالات لزيارتها

وسائل إعلام إيرانية: الإمارات تجند شباب «شبوة» لصالح مخطط تقسيم اليمن

محلل يمني: أولويات الإمارات باليمن تتحول لمواجهة «القاعدة» وملاحقة «الإخوان»