هل سينقل «الدولة الإسلامية» إمارته من سرت إلى الجنوب الغربي لليبيا؟

الأربعاء 13 يوليو 2016 01:07 ص

انحصرت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» في ليبيا، على منطقة محدودة في مدينة سرت، وسط الساحل الليبي بعدما كان نفوذه على الساحل الأوسط، يمتد من بن جواد شرقا، والتي تبعد 600 كيلومتر عن طرابلس، إلى منطقة السدادة غربا، والتي لا تبعد عن شرق مصراته سوى بـ90 كيلومترا.

وفي ظل عدم وجود حاضنة شعبية لـ«الدولة الإسلامية» في ليبيا، من المرجح أن تكون المنطقة الرخوة في الجنوب الغربي من الصحراء الليبية، المحاذية لحدود النيجر والجزائر، والقريبة من شمالي مالي، ملاذا آمنا للعناصر الفارة من معركة سرت لتقترب من فرع «الدولة الإسلامية» في نيجيريا المعروف بجماعة «بوكو حرام».

وتعرف منطقة الجنوب الغربي نشاطا واسعة للمهربين والجماعات المسلحة، والتي تتنازع قبائل ليبية في الجنوب الغربي على السيطرة على طرق التهريب التي تقطع الصحراء الليبية.

ولجوء عناصر «الدولة الإسلامية» إلى الجنوب الغربي في ليبيا، سيسمح لهم بالتواصل مع تنظيمات «إرهابية» أخرى، منتشرة في المنطقة على غرار تنظيم «بوكو حرام» فرع «الدولة الإسلامية» في نيجيريا، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنظيم الموقعون بالدماء وجماعة «أنصار الدين»، وحركة «التوحيد والجهاد» في غرب إفريقيا.

وترى الكاتبة الأمريكية المختصة في الجماعات المسلحة «اميلي استيل»، في تصريح لقناة «فوكس نيوز»، الأسبوع الماضي، أن خطر تنظيم «الدولة الإسلامية» مازال داهما وموجودا، ومن الخطأ الاعتقاد أن القضاء على التنظيم في سرت سيضع حدا لتهديده في الشمال الإفريقي.

وترى «استيل» أن «سرت ليست بهذه الأهمية للتنظيم، وهي مدينة صغيرة يمكن للتنظيم أن يتخلى عنها دون ندم، وأن هناك مصادر تفيد أن التنظيم كان يستعد منذ شهر أبريل/ نيسان الماضي للانسحاب من سرت، وحضر ملاذا آمنا جديدا جنوب غربي ليبيا».

وتواصل «استيل» أن «التنظيم يعمل على التأسيس لنفسه قاعدة أخرى في الصحراء الليبية، تتقاطع فيها طرق التهريب والتجارة غير المشروعة الرابطة بين جميع أنحاء القارة الإفريقية، ولجنوب غرب ليبيا أهمية إستراتيجية أكبر بسبب هذا الأمر، فقد يستفيد التنظيم من هذه الطرقات ويمكنه أن يندمج في شبكات المتشددين في جميع أنحاء غرب أفريقيا».

وبحسب المصدر نفسه، فإنه «يمكن للتنظيم تعميق علاقاته الحالية مع بوكو حرام في نيجيريا، وإقامة علاقات جديدة مع عدد من الجماعات المسلحة الناشطة شمال مالي، في الوقت نفسه، سيكون قادرا على زعزعة استقرار ليبيا ومواصلة هجماته الإرهابية في تونس والجزائر».

لكن هذه القراءة تختلف عن عدد من التقارير الإعلامية الأمريكية والأوروبية ذهبت إلى القول أن خطر التنظيم في ليبيا سينتهي بعد معركة سرت، التي أصبح واضحا أنها مسالة وقت لا أكثر، خاصة أن التنظيم سبق وأن هُزم أكثر من مرة في ليبيا، على غرار طرد تنظيمات إسلامية محلية لـ«الدولة الإسلامية» من مدينة درنة، التي تبعد عن شرق بنغازي بنحو 300 كيلومتر في 2015، وفي صبراتة التي تبعد 170 كيلومتر غرب طرابلس، حيث تمكنت كتائب فجر ليبيا من طرد تجمعات للتنظيم من ضواحي المدينة بعد قصف طائرة أمريكية لمركز تدريب للتنظيم في المدينة، قضت فيه على نحو 50 عنصرا من التنظيم.

واليوم يتراجع «الدولة الإسلامية» كل يوم في معقله الأخير بمدينة، سرت، خاصة أنه لم يعد يملك سوى مئات المقاتلين، تقدر عدد من المصادر العسكرية أنهم أقل من 500 مقاتل محاصرون في مسافة لا يتجاوز قطرها الخمس كيلومترات وسط مدينة سرت، بعدما كانت تقدرهم تقارير أمريكية وأممية بما بين 5000 و6000 عنصر في سرت لوحدها.

غير أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «جون برينان»، قال نهاية الأسبوع الماضي، في تصريح إعلامي تناقلته وسائل إعلام أمريكية وأوروبية، أن «تنظيم الدولة اليوم أكثر تطورا وخطورة»، وأشار إلى أنه يسعى لتوسيع نفوذه في إفريقيا ومهاجمة أوروبا، وهي تصريحات قد يبدوا للوهلة الأولى أنها تتناقض تماما مع مجريات الأمور وصيرورة المعارك الحالية في سرت، و كذلك الأمر في العراق وسوريا، حيث أصبح ملاحظا أن التنظيم اليوم يخسر مساحات ومدن ولم يعد يتقدم.

كما لا تنسجم تصريحات مدير الاستخبارات الأمريكية كذلك مع تصريحات عدد من المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين من بينهم «جون كيري»، الذي سبق وأشاد بجهود حكومة الوفاق الوطني في ليبيا في مواجهة التنظيم، واعتبر المبعوث الأمريكي الخاص «بريت ماكجورك» أن القوات الموالية للحكومة الليبية تحقق «تقدما حقيقيا» ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

وحول إمكانية أن يتحول التنظيم إلى الجنوب الليبي ليتمركز فيه، يطرح «السنوسي البسيكري» رئيس المركز الليبي للبحوث والتنمية رؤية مخالفة لـ«استيل»، قائلا لـ«الأناضول» إنه «على عكس ما يُتصور أو يُصور، من الصعب جدا إحداث اختراق اجتماعي في الجنوب الليبي، صحيح الجنوب الليبي يمكن اعتباره منطقة أمنية رخوة نسبيا وهو ملاذ للمهربين وللهجرة غير الشرعية، غير أنه من الصعب أن يجد فيه التنظيم موطئ قدم ليستقر فيه، ليس هناك مكون اجتماعي في الجنوب الليبي مستعد لاستقبال التنظيم أو التعامل معه، زد على ذلك الجنوب الليبي عاش ومازال يعيش صراعات بين مكوناته الاجتماعية والقبلية، ومناخ الصراعات جعلته صلبا ويصعب اختراقه».

غير أن «البسيكري» لم يستبعد أن يكون هناك عناصر من تنظيم «الدولة الإسلامية» هربوا من سرت باتجاه الجنوب، ولكن كعناصر أو خلايا صغيرة تبحث عن ملاذ آمن، وليس على مناطق تعيد التمركز فيها والسيطرة عليها وإقامة إمارة كما رأينا هذا في سرت، أو الرقة. ويضيف «البسيكري»: «تاريخيا، يعتبر الجنوب الليبي من مناطق نشاط القاعدة، و حتى في السنوات القليلة الفارطة عندما وصل تنظيم الدولة ذروته في العراق وسوريا وليبيا، لم تخسر القاعدة هذه المنطقة لحساب التنظيم».

أما «بشير الجويني» الباحث في المركز الليبي لدراسات الجنوب، فيرى أن القضاء على «الدولة الإسلامية» في سرت «مسألة وقت لا أكثر»، وأن التنظيم «لا يملك المقدرات التي تسمح له بالاستمرار هناك».

وتابع: «عسكريا التنظيم تبين أنه ضعيف وأن قدراته القتالية أضعف بكثير مما كان متوقعا، وكذلك اجتماعيا وقبليا التنظيم الآن معزول في سرت وفي كل ليبيا ولا يملك حاضنة بإمكانه أن يلجأ إليها للحصول على الدعم والمدد البشري والمادي».

وبوجه عام، رأى «الجويني» في تصريح لـ«الأناضول»، أن «القضاء على التنظيم في سرت لا يعني القضاء عليه بالكامل في كل ربوع ليبيا، هناك عناصر تابعة للتنظيم نجحت في الفرار من سرت وقد تعمل على إعادة بناء خلايا في مدن ليبية أخرى ولكن من الصعب أن يعود التنظيم للسيطرة على مدينة ليبية مرة أخرى تكون منطلقا له ولعملياته، كما وقع في سرت أو في درنة، ولكن هذا لا يعني أن خلايا التنظيم كلها انهارت في كل المناطق الليبية».

واختتم: «ليبيا مازالت تعاني من ضعف أمني وانقسامات وصراعات قد تتيح لبعض الخلايا الإرهابية النشاط هنا وهناك والقيام بعمليات إرهابية من حين لآخر في ليبيا أو في دول الجوار».

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية سرت ليبيا تراجع

«حفتر» يخسر قطاعات من قواته وقوات «الوفاق» تتقدم نحو سرت

5 دول عربية تبحث في الجزائر نتائج «اتفاق ليبيا»

«الدولة الإسلامية» يدعو أهالي سرت الليبية لـ«الاستتابة» و«مبايعته» قبل أكتوبر المقبل

«الدولة الإسلامية» يسيطر على مطار «سرت» شمالي ليبيا

سقوط مقاتلة لحكومة الوفاق الليبية في سرت.. و«الدولة الإسلامية» يعلن مسؤوليته

تحقيق أممي حول الجهات الموردة للسلاح إلى ليبيا