استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

شيخوخة الديمقراطية والفوضى العالمية (1 - 2)

الأحد 17 يوليو 2016 07:07 ص

قد تُظهر الأحداث في بريطانيا نفسِها أن مقولة رئيس وزرائها السابق، ونستون تشرشل، بخصوص الديمقراطية، تحتاج إلى إعادة نظر.

لم يكن السياسي الداهية مفتونًا بالنظام الديمقراطي على الإطلاق، فهو يقول إنه "أسوأ نظام للحكم باستثناء الأنظمة الأخرى التي جرﱠبتها البشرية"، بمعنى أنه يُدرك وجود إشكالات عديدة في الديمقراطية، لكنه يحكم عليها قياسًا على ما سبقها من تجارب إنسانية للحكم لم تُحقق، بإجمال، ما حققتهُ هي من نجاح، ولو نسبي، على الأقل في مجال إشراك أكبر عدد ممكن من الناس العاديين في صناعة قرارات تتعلق بحياتهم، من خلال آليات الانتخاب والتمثيل النيابي.

لكن تطورات الأحداث في بريطانيا، ومعها أمريكا وأوروبا بأسرها، بدأت تُظهر من الثغرات والمشاكل ما يوحي بضرورة مراجعة النظام الديمقراطي، كتجربةٍ أخرى من تجارب البشرية، وأن الأوان ربما حان للبحث في نظامٍ قد يكون أفضلَ منها، أو في ضرورة تطويرها بشكلٍ جذري في أقل الأحوال.

لا علاقة لهذا التحليل بأوهام تتحدث عن "انهيار الغرب" غدًا أو بعد غد، أو بشماتةٍ يتمثل زادُها في تغذية الحلم بسقوطه مع كل خبرٍ أو واقعة. فنحن، عربًا ومسلمين، على هامش صناعة الواقع العالمي الراهن، وإذا كان لواقعنا من "إسهامٍ" في الموضوع، فإنه يتمثل في إظهار عورات النظام الديمقراطي، عالميًا، بشكلٍ غير مباشر، ومن خلال معادلات حضارية مُعقدة ليس هذا مقام التفصيل فيها.

فأوروبا وأمريكا بحاجةٍ لإعادة النظر في ديمقراطيةٍ شاخت، فيما يبدو، ولم يعد بمقدورها استيعاب حيويةِ الإنسان التي تبقى فتيةً على الدوام. وهي حيويةٌ تحمل ما هو سلبي وما هو إيجابي بنفس القَدرِ والقُدرة. وحاجة أوروبا وأمريكا للمراجعات تزداد إلحاحًا مع تتابع الأحداث والوقائع لحمايتها هي نفسها، قبل أي شيءٍ أو أحدٍ آخر، من الفوضى التي تنزلق إليها بأسباب تمتُ إلى الديمقراطية بأكثر من نسب.

من رحمة الله، بطبيعة الحال، أن أي إصلاح حقيقي للنظام الديمقراطي في العالم سيكون للعرب والمسلمين منه نصيب، لكن هذا لا علاقة له بجهدهم وعملهم، كما هي العادة فيما يُصيبهم من خير، منذ زمنٍ بعيد.

عودة للأسئلة التي يثيرها الواقع اليوم: ماذا يعني، مثلًا، أن تُصوت غالبية البريطانيين في استفتاء شعبي للخروج من الاتحاد الأوروبي؟ في حين أن كل الدراسات والإحصاءات تؤكد أن غالبية "ممثلي" البريطانيين أنفسهم في البرلمان هم ضد الخروج منه! بماذا تنفع إذًا آلية التمثيل الشعبي في هذا الموضوع؟ ولو لم يكن ثمة استفتاء، وبقيت بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، هل يعني هذا أن ممثلي الشعب كانوا ضد إرادة مواطنيهم في مثل هذا الموضوع الخطير؟

المفارقة المُعبِّرة جدًا هنا أن موضوع الاستفتاء بأسره حصل نتيجة قرار شخص، هو رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وبسبب مناكفات انتخابية منذ ثلاث سنوات، وجاء على شكل نزوة تحدٍ لمنافسيه عبر المقامرة فيما يتعلق بهذا الموضوع. هكذا، في الديمقراطية المعاصرة، تتحدد مصائر قارةٍ كاملة، اخترعت الديمقراطية للمناسبة، من خلال مشاعر وردود أفعال شخصية لفردٍ واحد في لحظةٍ معينة. ولا تثريب في ذلك، ببساطة، لأنه "مُنتَخب" من الشعب.

صدق لورنس بيتر، خبير التعليم والمفكر الكندي، حين التقط بذكاء أحد جوانب النظام الديمقراطي قائلًا: "الديمقراطية عمليةٌ يمكن من خلالها للناس اختيار الشخص الذي سيوجهون له اللوم".

إضافةً لما سبق، ماذا نفعل بحقوق الناس في تقرير مصيرهم، وهذا من أغلى أهداف وجود النظام الديمقراطي، حين يُحرم أهل مدينةٍ مثل لندن، ومعها سكان بلدين، هما اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، من رغبتهم في البقاء في الاتحاد الأوروبي؟ وحين تُحرم شرائح الشباب في بريطانيا من ذلك، وهي التي ستعيش خمسين عامًا مع القرار، بسبب غلبة قرار من سيعيشون معه خمسة أعوام أو عشرة؟

المضحك المبكي أن وسمًا أو (هاشتاج) يقول: "#ماذا_فعلنا؟" كان من الأكثر انتشارًا في بريطانيا بعد نجاح الراغبين في الانفصال عن أوروبا في معركتهم، حيث انتشر عبر التحليلات أن غالبية هؤلاء لم يكونوا يتوقعون نجاحهم في التصويت في حقيقة الأمر. هل نقول هنا أيضًا عن الديمقراطية ما قاله الكاتب الأمريكي آرت سباندر:"الشيء الرائع فيما يتعلق بالديمقراطية يتمثل في أنها تعطي كل ناخب الحق في القيام بشيءٍ أحمق".

* د. وائل مرزا أكاديمي وإعلامي سوري.

  كلمات مفتاحية

الديمقراطية الفوضى العالمية الخروج البريطاني بريطانيا أوروبا أمريكا العرب المسلمون

بريطانيا تحاكم «قرار الحرب»!

بريطانيا الصغرى والعودة للخليج الدافئ

تداعيات خروج بريطانيا على دول الخليج!

آفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

بريطانيا... من التقسيم إلى الانقسام

شيخوخة الديمقراطية والفوضى العالمية (2-2)