استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الإرهاب والدولة الفاشلة

السبت 23 يوليو 2016 01:07 ص

تطرح بعض الأدبيات الغربية نظرية مفادها أنّ الإرهاب ليس إلا ظاهرة تنتشر بشكلٍ كبير في الدول الفاشلة، أو شبه الفاشلة. ومع إقرارنا بأنّ الإرهاب ينتشر في عددٍ من الدول العربية الفاشلة، مثل العراق وسوريا، فإنّ ظاهرة الإرهاب قد أصبحت مرضاً تعاني منه بعض الدول الموغلة في التقدم، وفي رسوخ مؤسساتها السياسية مثل فرنسا والولايات المتحدة وغيرهما من الدول الغربية.

صحيح أنّ الإرهاب هو عمل عنيف وجبان موجّه ضد المدنيين العُزّل، ومنافٍٍ لأبسط مبادئ الإنسانية والرحمة، وقواعد القانون الدولي والشرائع السماوية التي تمنع التعرّض للمسالمين من نساء وأطفال ورجال مدنيين لا علاقة لهم بالسياسة أو الحرب أو غيرها من القرارات السياسية. غير أنّ الإرهاب كذلك عمل عسكري لا يرقى إلى مواجهة الآلات العسكرية للدول، بل يحاول أن يضرب المجتمعات في مناطق مدنية حسّاسة، كي يؤثر على الرأي العام ليغيّر من التوجهات السياسية لقادته.

وربما كانت تلك البدايات التاريخية لاستخدام العنف المنظم، وحاول بعض منظّريه أن يجدوا حججاً لدعم أعمالهم الإرهابية. غير أنّ الأعمال الإرهابية الحالية بما تخلّفه من دمار وما ترمي إليه من زعزعة الاستقرار والأمن، أصبحت مرفوضة من قِبل عامة الشعوب والدول وقادتها السياسيين، حيث مثّل العنف الذي يقترفه هؤلاء الإرهابيون عنفاً أعمى ينطوي على كراهية ومعاداة للمجتمعات، بل وللأسر ذاتها، قبل أن يكون عدائياً ضد الدولة، والأسرة الدولية.

هذا العنف الأعمى قاد بعض الجهلة إلى اقتراف آثام عظيمة، مثل قتل الأب والأم والأخ وابن العم، تحت مبررات واهية، ليس لها أساس من أي دين أو مذهب، أو إيديولوجية سياسية.

وحين يفعل هؤلاء الإرهابيون ما يفعلونه من قتل للأنفس البريئة، فإنهم يدفعون بساسة متطرفين إلى الساحة السياسية، ويجعلونهم يظهرون أمام شعوبهم بمظهر المنقذين الذين يدافعون عن شعوبهم ومجتمعاتهم، أمام مدّ همجي عنيف. والإرهابيون مثلهم مثل الساسة المتطرفين، جميعهم ينظر إلى الكون بنظرة سوداوية، لا مكان فيها للعقل والمنطق والحوار بين البشر.

وعلى رغم ما نسمعه من زيادة في الأعمال الإرهابية خلال العامين الماضيين في البلدان الغربية، فإن حجم الضحايا في هذه البلدان وصل حتى منتصف شهر يوليو 2016 -حسب إحصاءات الواشنطن بوست- إلى 650 ضحية نتيجةً لـ46 حالة اعتداء على المدنيين.

وفي المقابل، وفي الفترة نفسها، تشير «الواشنطن بوست» كذلك إلى وفاة 28031 شخصاً في البلدان العربية والإسلامية، نتيجةً لـ2063 اعتداءً إرهابياً.

وهكذا، فإنّ المدنيين من المسلمين هم أول ضحايا الإرهاب، سواءً كان ذلك من «داعش» أو غيرها من الحركات الإرهابية، مثل «حزب الله» و«الحوثيين» و«الحشد الشعبي». والغريب أنّ هذا القتل يتم من قِبل مسلمين ضد مسلمين آخرين باسم الدين نفسه، حتى لو كان ذلك في الأشهر الحُرم، وبالقرب من أقدس الأماكن المشرّفة، مثل المسجد النبوي الشريف.

والحقيقة أن أساتذة العلوم الاجتماعية لم يدرسوا الحركات والنزعات الإرهابية بما فيه الكفاية، فكيف يمكن لشخصٍ أن يضع إنساناً آخر في قفص مغلق، ثم يقوم بحرقه حتى يموت!

فمثل هذه الأعمال الهمجية، ربما كانت موجودة في الماضي، وإن كان ذلك في نطاقٍ ضيّق. أما اليوم، فإن من يقوم بذلك يتباهى بجريمته أمام الملأ وينشر صوراً وأفلاماً لأعماله المشينة أمام العالم أجمع.

وفي تصوري أنه لا يمكن لبشر أن يقوم بهذه الأعمال إلا إذا كان قد فقد قدراته العقلية والتحليلية، بل والأخلاقية كذلك. فكيف يمكن لشاب صغير ومتعلّم أن يغدر بابن عمّه على قارعة طريقٍ عام؟ وهذه الدرجة من الكراهية تبدأ في ظني في عمرٍ صغير، ويتم غسل أفئدة هؤلاء الفتية بأفكار ومفاهيم مغايرة لطبيعة البشر، بعد أن يتم عزلهم نفسياً وعاطفياً عن أسرهم الصغيرة، قبل مجتمعهم الكبير.

وما دام الإرهاب يقتلنا كمسلمين وكعرب أكثر من غيرنا، فإنّ علينا التصدّي له ولخطره قبل الآخرين.

فالحياة البشرية حياة تعارف وتداخل واتّكال البعض على الكل، قبل أن تكون حياة صراعية. وما يفرّق حضارتنا عن حياة أسلافنا قبل التاريخ المكتوب، أننا شعوب ودول تأخذ بالحق والقانون، وإن كان ذلك ليس بشكلٍ كامل، ولكن البشر يسعون إلى الكمال دون الوصول إليه بالضرورة، فالكمال لله على الدوام.

اغرسوا في نفوس أبنائكم منذ الصغر احترام الذات واحترام الآخرين، قبل أن تعلّموهم القراءة والكتابة، ولن أنسى ما حييت حين طلبت أسرة يابانية من طفلها الذي لم يبلغ الثالثة من عمره أن ينحني لنا احتراماً وتقديراً لأننا قدّمنا له هدية جميلة.

إن المجتمعات والشعوب ترتكز في حياتها ومعيشتها على الأخلاق، مثلما قال الشاعر الكبير أحمد شوقي:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن همُ ذهبتْ أخلاقهم ذهبوا

* د. صالح عبد الرحمن المانع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الإرهاب الدول الفاشلة الأدبيات الغربية العراق سوريا ليبيا فرنسا الولايات المتحدة

«نيس» وخريطة الإرهاب

الإرهاب والرقابة الإلكترونية

عقبات مواجهة الإرهاب في الخليج

تفجيرات تركيا والإرهاب الذي يستهدف المسلمين

إيران و«حشدها» في الفلّوجة: نموذج لإعادة إنتاج الإرهاب

الديمقراطية حلا لمشكلة الإرهاب

الإرهاب شراكة فيروسية