الحلم الإيراني بالانضمام لمنظمة شانغهاي: فوائد وعوائق الانضمام لنادي الأمن الصيني

الأربعاء 27 يوليو 2016 09:07 ص

صرح الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» في أواخر شهر يونيو/ حزيران، خلال الاجتماع السنوي رقم 15 لمنظمة شانغهاي للتعاون، الكتلة الأمنية التي تقودها الصين، بأن الانتهاء من الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة ورفع العقوبات من عليها قد أنهى أية عوائق أمام إيران للدخول ضمن المنظمة. إلا أن طلب إيران كان قد تم رفضه في يوم سابق لهذا التصريح، وأعلن ممثل الصين بالمنظمة أن رفض طلب إيران جاء بسبب «الفروق التقنية»، وأن أولوية النظر في الانضمام حاليًا للهند وباكستان، ما يعكس اختلاف وجهات النظر بين أكبر قوتين بالمنظمة ناحية انضمام إيران.

وكانت طهران قد تقدمت بطلب لعضوية كاملة في المنظمة عام 2008، وكررت الطلب أكثر من مرة، إلا أن كل ما حصلت عليه هو صفة مراقب من 2005 حتى الآن. كانت المنظمة تعتذرعن ضم أعضاء تقع عليهم عقوبات من الأمم المتحدة، إلا أن عملية الرفض استمرت أيضًا بعد رفع العقوبات الدولية الواقعة على إيران. والسؤال هنا، لماذا تصر إيران على الانضمام  لمنظمة غير مستعدة لضمها، وإذا تم الإنضمام، فإلى أي مدى ستستفيد من عضويتها؟

وخلال سنوات إيران تحت حكم الرئيس «محمود أحمدي نجاد»، سمحت صفة المراقب لإيران في المنظمة بتأسيس سياستها بالتوجه «نحو الشرق»، والتي كانت تهدف لتعويض العلاقات المتدهورة سريعًا مع الغرب. والآن، مع خطوات إصلاح العلاقات مع الغرب التي اتخذها الرئيس الحالي «حسن روحاني»، تظل العضوية في منظمة شنغهاي أحد الكروت الهامة في اللعبة، كما تفيد إيران في تقوية العلاقات الثنائية، ليس فقط مع روسيا والصين، بل ومع الهند أيضًا.

وعلى أجندة العلاقات الدولية الخارجية، فإنّ إيران تشارك منظمة شانغهاي طموحها في تحدي سيطرة الولايات المتحدة ودول الغرب لقيادة النظام العالمي. حتى وإن كانت المنظمة لا تهدف حتى الآن إلى إحلال نظام جدي بدلًا من الموجود، فإنها تكتسب تأثيرًا إقليميًا هامًا يقف ندًا لنفوذ حلف الناتو والولايات المتحدة.

أهداف متبادلة

أما في معرض الحديث عن الأمن، فإن إيران تهدف من عضويتها في المنظمة مواجهة ثلاثي الشر، الإرهاب والانفصالية والتطرف. فكما تواجه المنظمة هذه المخاوف في المنطقة اليوروآسيوية، فإنّ إيران أيضًا موبوءة بهذه القضايا، بالإضافة للتهديدات العابرة للحدود المشتركة بتهريب المخدرات عبر الحدود من أفغانستان. ولكن المنظمة لا تمتلك حتى الآن أية اتفاقيات للدفاع المشترك بين دول المنظمة، مثل الموجود في حلف الناتو أو منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وحتى إن سعت منظمة شنغهاي للتعاون إلى وجود صيغة للدفاع العسكري المشترك، فإنّ ذلك سيتطلب وقتً طويلًا للتوافق والمباحثات الثنائية والجماعية، وصياغة بنود للأمر. وحتى إن اكتفت إيران بوجود المنظمة كداعم سياسي، فإن المنظمة تعرض نفسها للدخول في حرب ليس لها فيها ناقة ولا جمل. ولكن لا تزال إيران لا تجد بديلا عن المنظمة في ظل عدم وجود أي عضوية لها في منظمات أمنية في المنطقة.

وبالنظر إلى الجانب الآخر، نجد أن المنظمة ستستفيد من عضوية إيران بالطبع، وخصوصًا بالنسبة للصين في إطار مشروعها «حزام واحد طريق واحد»، والذي يسيطر على جدول أعمال المنظمة حاليًا. وستمثل إيران بعضويتها ومشاركتها في هذا المشروع جسرًا إلى الشرق الأوسط وإلى أوروبا أيضًا، وربما تفيد في استمرار المشروع في حالة ما ظهرت توترات على السطح بين بكين وموسكو. وجدير بالذكر، أن الصين وإيران مرتبطتان بالفعل عن طريق السكك الحديدية المشتركة، التي تكون أرخص في النقل والشحن، وقد بدأت الشبكة في العمل منذ شهر فبراير/ شباط هذا العام، وتستمر رحلة الشحن ثلث الوقت المقوع عن طريق البحر.

والأبعد من ذلك، ستسمح عضوية إيران للمنظمة برفع احتياطيات الغاز الإجمالية للمنظمة من 30 إلى 50%، كما سترفع من نسبة احتياطيات النفط للمنظمة بالنسبة للاحتياطيات العالمية من نسبة 8% لتصل إلى 18%. كما ستساهم في دعم مقدرة المنظمة على التحكم في الأسعار بكونها أيضًا عضوة في أوبك.

على الرغم من ذلك، فليس من الواضح إذا كانت إيران سيناسبها هذه البيئة الجغرافية الاستراتيجية من صراع على السلطة بين قطبين محنكين مثل روسيا والصين، أو ربما ثلاثة إذا وضعنا في الاعتبار الهند كعضو محتمل. أما عن الأعضاء متوسطي القوة مثل كازاخستان وأوزباكستان وربما إيران في المستقبل، فمن الممكن أن يتورطوا في هذا الصراع دون شك. لكن على الجانب الآخر، فالمنظمة تمثل لإيران أفضل الخيارات في نظام عالمي تسيطر عليه الولايات المتحدة ودول الغرب. وعلى الرغم من السياسات المعلنة للمنظمة، إلا أن أغلب أعضائها يتمتعون بعلاقات ثنائية قوية مع دول الغرب والولايات المتحدة تجاريًا، ففي العام الأخير، وصلت التجارة الثنائية بين الصين والولايات المتحدة إلى 600 مليار دولار، وهو ما يمثل 20 مرة من حجم التجاري بين إيران والصين. وحتى روسيا، فقد وصل حجم التجارة بينها وبين الولايات المتحدة في ظل أزمة أوكرانيا إلى 23 مليار دولار، ما يمثل 18 مرة من حجم التجارة بين إيران وروسيا.

إهمال إيران

أما عن السبب وراء ترك إيران مهملة هو أن هذه الفوائد المحتملة التي يمكن أن تجلبها إيران للمنظمة لا تخضع لقياس دقيق، وربما يكون رفض أعضاء المنظمة لعضوية إيران بشكل متكرر لتخفيف حدة المواجهة مع واشنطن، وهوه ما يأتي بعكس السياسات التي بنيت عليها المنظمة، وقد ظهر ذلك جليًا في تصريحات الأمين العام للمنظمة «بولات نورجالييف» أثناء حكم «أحمدي نجاد» لإيران بأن العضويات الجديدة للمنظمة «لابد أن تقوي المنظمة.. لا أن تجلب لها المشاكل». وحتى بعد رفع العقوبات النووية الواقعة على إيران، فإن دعم إيران لجماعات إرهابية، يضع مصداقيتها أمام المنظمة على المحك.

نعود للقول مرة أخرى في نهاية الأمر، أنه وبالرغم من كل شيء، فإنّ عضوية كاملة بالمنظمة ستكون الرهان الأفضل لإيران لتصبح جزءًا من تحالف دولي ربما يشهد ميلاد نظام إقليمي جديد، إن لم يكن نظام عالمي جديد يقلل من نفوذ النظام الغربي.

المصدر | فورين أفيرز

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا الصين منظمة شنغهاي طريق الحرير

«بوتين»: لا عوائق أمام انضمام إيران لمنظمة شنغهاي

الرئيس الصيني يبدأ الثلاثاء جولة شرق أوسطية تقوده للسعودية وإيران ومصر

100 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين الإمارات والصين بنهاية 2015

الصين تواصل التوغل أوروبيا بتوقيع عقود تجارية بالمليارات في بكين