استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

"الدرس" التركي من سوريا وفيها

الأحد 28 أغسطس 2016 05:08 ص

ليس من قبيل المبالغة القول إن عنصر المفاجأة كان كبيرًا فيما يتعلق بالتدخل التركي العسكري في شمال سوريا. يصحُّ هذا في حق "محللين" و"خبراء" وكُتاب كما يصحُّ في حق دول وحكومات. والأرجحُ أن هذا كان آخر ما يُفكر به هؤلاء جميعًا بعدما شاع تفسيرٌ لسياسات أنقرة الأخيرة يربط هذه السياسات بنوعٍ من الاستسلام الكامل لرؤية روسيا وإيران في سوريا تحديدًا.

في مقالٍ لكاتب هذه الكلمات هنا، قبل أسبوعين من الانقلاب الفاشل، بعنوان "تركيا وإعادة الترتيب بين الأيديولوجي والسياسي"، وبعد الحديث عن أسباب عدم تدخل تركيا في سوريا سابقًا ثم العلاقات السياسية المستجدة لها مع روسيا وإيران وإسرائيل، وَردَ ما يلي: "ومع تطور الأحداث، وجدت تركيا نفسها تنزلق تدريجيًا باتجاه مآزق داخلية وخارجية إستراتيجية. وبحساباتٍ منطقية، بات واضحًا أن توازنات عناصر معادلة الأيديولوجيا والسياسة لديها، والمتعلقة بالشأن السوري، لم تصل بها إلى النتيجة المرجوة. فلا هي استطاعت الاستمرار، بشكلٍ لا نهاية له، في تحمل تبعات الموقف الأخلاقي/الأيديولوجي، أمنيًا واقتصاديًا. أما معادلة السياسة التي تتمحور حول اعتمادها على الناتو وأمريكا فقد أظهرت فشلها الذريع... ثمة تحليلٌ بأن هذه المحاولة تهدف إلى تأكيد موقف تركيا من تغيير نظام الأسد، بمعادلات ومداخل وأوراق أخرى، لكن هذا التحدي كبير، ولا يعرف أحدٌ ثمن تحقيقه سياسيًا واقتصاديًا. إضافةً إلى هذا، يطرح التحول التركي أسئلة جديدة وصعبة على أردوغان وحزبه تتعلق بالتوازنات التي كانوا يحاولون الحفاظ عليها بين مقتضيات "الأخلاقية" وتَبِعات "السياسة" بمفهومها الواقعي السائد عالميًا".

الواضحُ أن تركيا سارت قُدمًا في عملية إعادة الترتيب، ورغم أمل السوريين بأن يكون هذا فعلًا تأكيدًا لموقف سوريا من الأسد ونظامه، بمعادلات وأوراق أخرى، إلا أن النتيجة حتى الآن تتمثل في مشهدٍ راهن يُعيد التذكير بطبيعة السياسة في ثوبها المعاصر، بكل ما فيها من تقلبات وتناقض وحسابات وجَدٍ كثيرًا ما يمتزج بالهزل.

قد يكون من قبيل المبالغة القول بعدم إدراك تركيا لهذه الحقيقة، لكن ما حصل، بعد ذلك، يتمثل في قناعتها الجديدة بأن ممارسة السياسة عمليًا يجب أن تأخذ الحقيقة المذكورة بعين الاعتبار أكثر من ذي قبل، بكثير.

فمن توقيت التدخل العسكري التركي في شمال سوريا يوم وصول نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن، وفي الذكرى الـ500 لمعركة "مرج دابق" التي انتصر فيها السلطان سليم الأول على المماليك ودخل سوريا بعدها، وبعد يوم من زيارة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، ويومين من زيارة قائد قوات الناتو في أوروبا لأنقرة، وبعد عدة أيام من زيارة وزير الخارجية الإيراني للعاصمة التركية، والحديث عن زيارة مرتقبة للرئيس التركي أردوغان إلى طهران، يبدو التدخل المذكور مُحاطًا، عن قصدٍ في أكثر الأحيان، بجملةٍ من المعاني الرمزية على مستوى الجغرافيا/السياسية والتاريخ.

تتعدد الإشارات الكامنة في تلك الرموز نفسها أيضًا. فمن جهة، لا تجد تركيا مسؤولًا يَستقبل نائب الرئيس الأمريكي أعلى مرتبةً من نائب والي العاصمة أنقرة. وفي حين يُبدي بايدن حرارةً منقطعة النظير في إدانة الانقلاب والتغني بعلاقة بلاده مع تركيا، يقول في معرض تفسير الموقف الأمريكي صبيحة ذلك اليوم الفارقِ في تاريخ تركيا: ".. ولكننا في البدء لم نفهم فيما إذا كانت المحاولة حقيقية أم لا، أم إنها خدعةُ إنترنت أو غير ذلك. لم نفهم إن كانت محاولةً جدية أم لا". هذا من اختلاط الجدّ بالهزل، وقد يتناسب مع شخصية بايدن بشكلٍ عام، ومع "اعتذاريته" الشديدة الواضحة في تصريحاته وفي لغة الجسد خلال زيارته لأنقرة.

لأكثر من خمس سنوات، التزمت تركيا بكل ما يُفترض أنه خطوط الغرب وأمريكا والناتو الحمراء، فيما يتعلق بالتدخل في سوريا، مع التزامها بالتعاون مع هؤلاء "الحلفاء"، والتزامها المقابل بما هو أقرب للعداء مع روسيا وإيران. ماذا كانت نتيجة ذلك؟

الاقتراب من الكارثة داخليًا وخارجيًا، وفي جميع المجالات. وما إن قررت تركيا قلبَ المعادلة، حتى شَهِدنا التدخل في سوريا وكأنه أمرٌ عادي، أو "شربة ماء" كما يقولون في الشام. لم نسمع مجرد استنكار من إيران، في حين كان أقصى ما فعلته روسيا هو "التعبير عن القلق"!

ما يثير الدهشة أكثر هو سرعة صدور تصريحات بايدن بالدعم الأمريكي للعملية! لنا أن نتخيل الوضع لو جاء التدخل التركي قبل ثلاثة أشهر فقط.

قلناها ونعيد التأكيد عليها: في عالمٍ لا يفهم إلا لغة المصالح، يمكن لكل سياسةٍ أن تتغير، ويمكن لكل قرارٍ أن يتبدل إذا كانت المصلحة تقتضي حصول ذلك.

أكبر وهمٍ سياسي عربي يتمثل اليوم في وجود تضارب بين الحفاظ على علاقة جيدة مع أمريكا وبين العمل بحزمٍ وجدية لتحقيق مصالح العرب. ثمة حاجةٌ، بطبيعة الحال، للإبداع والابتكار في الفعل السياسي إلى جانب الحزم والجدية. وبوجود العنصرين، يتحقق أيضًا استمرارُ التقارب التركي الخليجي، في وقتٍ أصبح فيه هذا الأمر عاملًا أساسيًا لتحقيق مصالح الطرفين.

* د. وائل مرزا كاتب وأكاديمي سوري. 

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

تركيا سوريا التدخل التركي العسكري روسيا إيران الانقلاب الفاشل (إسرائيل)

بعد جولات من الدبلوماسية الغامضة .. تركيا تتدخل عسكريا في سوريا

تركيا ترسل 10 دبابات إضافية إلى سوريا في إطار عملية جرابلس

«كيري» لنظيره التركي: مقاتلو سوريا الأكراد يتراجعون إلى شرق نهر الفرات

«الجيش السوري الحر»: تركيا لعبت دورا حاسما في السيطرة على جرابلس

تركيا ترسل تعزيزات عسكرية إلى الحدود السورية وتصر على السيطرة على جرابلس

الغموض سيد الموقف

التوافق التركي الروسي والمضيق السوري