الإمارات تتجه للاستغناء عن خدمات شركات النفط الغربية لصالح شركات آسيوية

السبت 1 نوفمبر 2014 12:11 ص

تشرع إمارة أبي ظبي - أكبر وأغنى الإمارات السبعة في دولة الإمارات العربية المتحدة – فى إقامة «غربلة» لصناعة النفط لديها، بعد أن شرعت فى إنهاء امتيازات طويلة لشركات نفط غربية، وتدرس استبدالها – أو بعضها على الأقل - بشركاء من آسيا وأماكن أخرى.

وعلى مدار أكثر من 70 عامًا؛ تقاسمت شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» العمل في حقول النفط في أبي ظبي - أكبر منتجي النفط الساحلي في الإمارات - مع شركات مثل إكسون موبل، ورويال دويتش شل، وتوتال، وبريتش بيتروليوم، تحت مظلة شركة «أبو ظبي للعمليات البترولية البرّية».

الامتيازات – التي استمرت 75 عامًا – تنتهي فعلياً في يناير، لكن شركة أبي ظبي لم تقل كلمتها بعد بشأن أيٍ من هذه الشركات سيكون لها الحق في تجديد تلك الامتيازات لفترة أطول، وتشير توقعات إلى دخول شركات جديدة على الخط مثل: «ستيات أويل»، وشركة «النفط النرويجية»، وشركات غاز طبيعي تشمل شركات أقل مهارة وتقنية من أسواق ناشئة كالصين وكوريا الجنوبية بحسب ما صرّح به مسئولون في «أدنوك».

احتمالية ضم شركاء جدد يعكس واقعيات الاقتصاد المتغيّر في دول الخليج ، ومع تزايد إنتاج النفط الأمريكي نظرًا للطفرة في استخراجات الصخر الزيتي هناك، بالإضافة إلى ركود الطلب في السوق الأوروبية، ينقل أكبر منتجي النفط إنتاجهم الخام باتجاه الشرق، وفي الوقت ذاته فإن الدول الخليجية تتحول من الاعتماد القديم على التكنولوجيا والخبرة القادمة من الولايات المتحدة وأوروبا باتجاه شركاء جدد في آسيا وغيرها.

وراء هذا التغيّر تحوّل زلزالي (أو كما يسميه أصحاب المجال: تحول سيزمي) في سوق النفط، الصين تُلاحق الولايات المتحدة كأكبر مستوردٍ للنفط العام الماضي، كوريا الجنوبية بدورها تعد أحد أكبر المستوردين للنفط الخام في العالم، يبدو أن دول الخليج – و من بينها الإمارات – تفكر الآن أن من مصلحتها بناء شراكات مع هذه الدول من خلال شركات النفط.

ويرى المحللون أن الدول الأسيوية قد عززت من وضعها من خلال البقاء بعيدًا عن السياسات في المنطقة، بينما الدول الغربية تدخلت لفترات طويلة؛ وكان من أشكال هذا التدخل: انتقاد حكومات المنطقة بشأن ملفات حقوق الإنسان، يبدو أن البقاء بعيدًا عن السياسات هو أمرٌ يُرضي دول الخليج؛ والتي أصبحت أكثر حساسيةً منذ اندلاع ثورات الربيع العربي نهايات عام 2010م، وما تلاه من عدم استقرارٍ انتشر على مستوى شمال إفريقيا والشرق الأوسط.

«فكرة فتح المجال مع الدول الأسيوية الذي يُعطي حصصًا استراتيجية للإمارات في قطاع النفط هو أمرٌ هام، لكن من السهل أن تبالغ في القول أن العلاقات الاقتصادية أعمق من السياسية» بحسب بن سيمبفيندورفر - خبير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين دول الشرق الأوسط وآسيا، وعضو مجلس إدارة منتدب بشركة (سيلك روود أسوسييت) في الصين - الذي أضاف: «إنها مسألة إعادة توازن أكثر من الاعتماد المفرط التاريخي على الغرب».

وتنتظر حقول النفط الامتيازات الجديدة لإنتاج حوالي مليون ونصف برميل نفط يوميًا، أكثر من نصف إنتاج أبي ظبي الإجمالي؛ حيث تنتج الإمارة يوميًا 2.8 مليون برميل، وفور إعلان الامتيازات الجديدة فإن «أدنوك» من المتوقع أن تمدّ الشركات بمعلومات فنيّةٍ متطورة للمساعدة في الوفاء بأهدافها الإنتاجية المتمثلة في 1,8 مليون برميل يوميًا من الحقول الساحلية بحلول عام 2017م.

وقد وجدت الشركات الغربية بالفعل مواقعها في صناعة النفط المحلية المتراجعة في السنوات الأخيرة كمجالٍ جديدٍ تذهب إلى كوريا الوطنية للنفط والشركة الصينية الوطنية للبترول.

ويبدوا أن الشركات الغربية على وشك فقدان بعض مما كانت تمتلكه في الإمارات في الوقت الذي أبدى فيه منافسون من المنطقة استعدادهم تقديم شروطٍ تنافسية تسمح لهم بالدخول إلى سوق يبدوا مستقبلها مُغريًا. بشأن المشروع النووي - على سبيل المثال – دخلت كوريا الجنوبية على خط التنافس مع فرنسا.

ومن المتوقع أن تقدم الشركات مقترحات تجارية لأبي ظبي خلال هذا الخريف في الوقت الذي سيتم فيه تحديد العطاءات النهائية التي تُتيح للاتحادات الجديدة العمل مع بداية 2015م. لكن العملية ربما تكون بطيئة لأن العطاءات كان من المتوقع صدورها قبل نهاية الامتيازات في يناير.

ربما تناضل الشركات الغربية لتحقيق ما يعتقدون أنه تفاصيل جيّدة في أبي ظبي. الرسوم المدفوعة من قِبل أبي ظبي منخفضة جدًا. وفي ظل الامتيازات المنتهية فإن الشركات حصلت فقط على دولارٍ في مقابل كل برميل. وتسعى الشركات جاهدةً لتحسين الشروط.

ومما يدعوا لمزيد من الإحباط أن هيكل الاتحاد – 60% مملوكة لأبي ظبي و40% لمستثمرين دوليين يديرون الحقول من المتوقع أن يبقى كما هو. في السابق؛ كان هناك حديث عن تقسيم الامتيازات لتتمكن كل شركة من العمل كوحدة واحدة، وربما ترغب في الاستعانة بتقنيات جديدة بعد هذا التقسيم.

بعض الشركات الغربية ربما لم تعد ترغب بالعمل بمقتضى تلك الشروط. إكسون موبيل أعلنت عن رغبتها في العمل على الحقل بمفردها بدلاً من مشاركة تقنيياتها مع منافسين، وقد أبلغت انسحابها من عملية المناقصة. وعندما سُئلت الشركة عن موقفها قالت في 11 أكتوبر/تشرين الأول: «خبرة إكسون موبيل الطويل تمنعها من التعليق أمور تجارية».

في يناير/كانون الثاني؛ تفاوضت الشركة على عقدٍ جديدٍ بـ15 عامًا بناءً على عقدٍ جديدٍ لحقل النفط الساحلي في أبي ظبي المعروف باسم (زاكوم العلوي).

وبحسب «روبن ميلز» - رئيس الاستشارات في شركة منار للطاقة – فإن «شركة إكسون قامت بتجديد حقل زاكوم العلوي طبقًا للشروط المُتفق عليها، ومن ثمّ فهي ليست بحاجة لموطيّء قدم في مشروعاتٍ كبيرة ذات ربحٍ منخفض. لو افترضنا أن إكسون أصبحت خارج المعادلة، فإن أبا ظبي في الغالب ستُبقي على شل وتوتال للعمل في حقولها. هي بحاجة على القل لأن تحافظ على بعض الشركاء القُدامى لخبرتهم التقنية ومعرفتهم العميقة بالحقول، فضلاً عن ثقتها فيهم».

مع توسيع إكسون موبيل لوجودها في حقل (زاكوم العلوي) – أحد أكبر الحقول – وتوقع فوز توتال وشل بالتجديدات مع اتحاد (أدنوك)، فإن الشركاء القُدامى ما زالوا يتمتعون بموقعٍ صلب. ويرى «ميلز» أن أي شركات جديدة تدخل على الخط لن تحوز إلا على نسبة بسيطة من حصص غير مؤثرة.

وعلى الرغم من أن قطاع النفط الإماراتي ربما لا يكون الأكثر ربحًا، إلا إنه لديه أدوات الجذب التي تؤهله لذلك. إنها واحدة من الدولة الشرق أوسطية التي تسمح للشركات الأجنبية بحق تطوير حقول النفط، الكميات من السهل إنتاجها، والحقول تمثّل مصدر معقول من الاحتياطي في عالم يصعب فيه العثور على النفط، والذي ربما يشرح لماذا الشركات حريصة على الحصول على امتيازات أبي ظبي؛ بحسب ما أفاد به «أوزوالد كلينت»؛ المحلل البارز في شركة «سانفورد بيرنشتاين».

خسارة حقول النفط الإماراتية قد يؤثر بشدّة على على الخط الاحتياطي للشركة. على سبيل المثال؛ فإن إجمالي الربح تراجع 12% في الربع الماضي بعد الانخفاض في إنتاج النفط؛ وكانت الخسارة الكبرى بسبب فقدان براميل أبي ظبي.

وتوقع باتريك دو لاشيفارديير - المدير المالي لشركة توتال الفرنسية العملاقة – في يوليو/تموز الماضي أن شركته تمتلك فرصة لا تقل عن 50% للفوز بـ10% من الحصص في الامتياز الجديد،

الشركات الغربية محل الثقة من المحتمل أن تبقى في الصورة، ليس فقط بسبب لأن النفط يُستخدم كآداة سياسية في سياسة دول الخليج الخارجية بحسب «ف.جريجوري جوز الثالث» – أستاذ الشئون الدولية ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة فيرمونت – الذي أضاف: «الإمارات تواصل حفاظها على وجود علاقات عسكرية وسياسية مع الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، أكثر من اقترابها من روسيا أو الصين. إذا كانت القضايا السياسية العسكرية توجّه القرار، فإني أرى أن الشركات الغربية سيكون لها اليد الطولى».

المصدر | نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

اقتصاد النفط النفط

مؤشرات على ارتفاع مستمر بإنتاج النفط الإماراتي

وزير نفط الإمارات: من المبكر البت في سقف إنتاج «أوبك» ونظيره السعودي يقلل مخاوف تراجع الأسعار

وزير الاقتصاد الإماراتي: لن نتأثر بهبوط أسعار النفط و90 دولارا للبرميل «سعر عادل»

شركات الطاقة الكبرى تتبنى استراتيجيات مختلفة للخروج من أزمة أسعار النفط