الغرب يجمع شمل الشتات الكردي

الأربعاء 5 نوفمبر 2014 07:11 ص

استقبل الأكراد في تركيا مقاتلي البيشمركة القادمين من أربيل للمشاركة في المواجهات الحاصلة في عين العرب بهتافات التحية لأمريكا، فما أن لاحظ أكراد مدينة شانلي أورفة التركية مقاتلي البيشمركة حتى بدأت ألسنتهم تهتف بـ«Biji Serok Obama» أي «يعيش أوباما».

قد يصف البعض هذا الموقف بالعفوي، ويغض الطرف عنه, ولكن الحقيقة التي لم يعد يحجبها عنا إعلام الديكتاتوريات والقوميين، أصبحنا نعيشها واقعاً، وهي أننا في طريقنا لخسارة عنصر أساسي من عناصر المشرق الإسلامي لصالح القوى الغربية .
ففي ظل الأحداث الجسام التي تعم الدول العربية، وضياع القرار في المنطقة، يسعى الأكراد لجمع شمل الشتات الذي أصابهم، والخروج من دوامة الأحداث هذه بمكسب سياسي ومناطق حكم ذاتية، قد تتطور لمساعي جادة تهدف لبناء الدولة الكردية .

في المقابل تقوم أمريكا والدول الغربية خاصة ألمانيا بعملية إبتزاز لتركيا في الوقت الحالي من خلال العمل على تجاهلها، والتواصل بشكل مباشر مع الإنفصاليين من الأكراد في المناطق الحدودية السورية «Rojavaya»، بذريعة مواجهة تنظيم الدولة، وبدا التباين بين الموقف الأمريكي والتركي في هذه القضية واضحاً جداً، حيث شددت تركيا منذ اللحظة الأولى على أن الطرفين المتناحرين في عين العرب «كوباني» إرهابيين، وكانت تسعى لإرسال رسائل مفادها بأنه لا ينبغي الفزع لأجل إنقاذ أحدهم على حساب الآخر، مما استدعى موقفاً أمريكياً رفض هذه المقاربة، واعتبر أن حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي ليس حزباً إرهابياً، وجرى التأكيد على أن لقاءات مباشرة جرت بين الأمريكان والحزب في فرنسا، واعترفت أمريكا كذلك بوجود عمل استخباري مشترك بين الطرفين .

وأما عن التعويل الغربي على الأكراد فهو يعود بالأساس لمصالح تريد تلك الدول تحقيقها من خلالهم، وذلك عبر تصديرهم كعنصر فاعل جديد في المنطقة يرتبط وجوده ومصيره بالدعم الذي تقدمه تلك الدول، واستخدامهم كورقة ضغط أيضاً للدفع بتركيا نحو الإستجابة للضغوطات الغربية .

وتريد الولايات المتحدة الأمريكية توظيف العنصر الكردي في المواجهات الحاصلة مع تنظيم الدولة لصالحها, في ظل تضاؤل فرص هزيمة التنظيم من خلال الإقتصار على الضربات الجوية، حيث سيمثل الأكراد حجر الزاوية في المواجهة الميدانية مع التنظيم، ففي إحصائية نشرتها «مجموعة الأزمات الدولية» في بداية العام قالت أن «وحدات حماية الشعب» تدفع رواتب شهرية تبلغ نحو 150 دولارا لما بين 25 و30 ألف مقاتل، في إشارة إلى القوة البشرية التي يتمتع بها الأكراد في سوريا .

كانت الأطراف الغربية مترددة في بداية الأمر في التعامل مع الأكراد حرصاً على عدم استفزاز الأتراك، وكي لا يتم تفسير التعاون معهم, على أنه تواصل ضمني وقبول بالنظام السوري لعلاقة حزب الإتحاد الديمقراطي المشبوهة بالنظام، وبالتوازي مع ذلك كان الأكراد يسعون لتحسين صورتهم وتصدير أنفسهم على أنهم الأقدر على خدمة الغرب في المنطقة، وبدا ذلك في دخولهم المواجهة ضد تنظيم الدولة مبكراً، وهذا ما ظهر بشكل واضح في عبور مقاتلين من وحدات الحماية الشعبية الحدود إلى العراق للمساعدة في إجلاء الأيزيديين في شهر أغسطس الماضي, وحينها قال مسؤول غربي إن هذا الدور ساهم في تحسين صورة حزب الاتحاد الديمقراطي .
بالإضافة إلى أن وجود منطقة كردية متماسكة في سوريا، سيشكل عائق أساسي وكبير أمام تمدد تنظيم الدولة، فعين العرب تقع بين منطقتين رئيسيتين يسيطر عليهما التنظيم وهما 
«جرابلس» في الغرب و «تل أبيض» في الشرق .

وتحتل كردستان العراق كذلك أهمية كبيرة بالنسبة لأمريكا، فهي على رأس الجسر الإيراني وتتمتع بإحتياطي نفطي جيد، ومنطقة جغرافية مستقرة نوعاً ما.

وبالنظر إلى الموقف التركي نجد أن الأتراك لديهم مواقفهم واضحة، من خلال سعيهم لتجنب أي انعكاسات قد تشكل خطر على البنية الإجتماعية عندهم، فتركيا لا تزال تحتفظ بوجود أمني قوي داخل المنظمات الكردية، ولديها قدرة على توجيه بعض الأحداث لصالحها، وتسخر جهودها الدبلوماسية كذلك لمنع تعاظم قوة الإنفصاليين، وتحتفظ بعلاقات واسعة مع القيادات الكردية المتدينة والمعتدلة خاصة في كردستان العراق .
وأمام هذه التطورات المتسارعة، والتكاتف الكردي والتعامل الغربي معهم على أساس وجودهم القومي، لا يليق بالعرب السنة أن يتغاضوا عن هذا الأمر، وإلا فأن فاتورة هذا التغاضي ستكون باهظة على جميع المستويات.

المصدر | محمد الأخرس، الجزيرة توك

  كلمات مفتاحية

الأكراد كوباني عين العرب كردستان تركيا

«أردوغان»: أمريكا أخطأت بإسقاط إمدادات عسكرية جوا للأكراد في «كوباني»

سيطرة داعش على منطقة عين العرب يجهض "الفدرالية الكردية "

«كوباني» ... صورة الإقليم ومحصلته

إيران: استقلال كردستان مشروع "صهيوني" لن نسمح به ودور السعودية غير بناء

البيت الأبيض يعارض استقلال كردستان .. والأكراد: من حقنا تقرير مصيرنا