99 عاما مرت على وعد «بلفور»

الأربعاء 2 نوفمبر 2016 09:11 ص

قبل 99 عامًا، كان الفلسطينيون على موعدٍ مع تاريخ يصفونهم بـ«الأكثر شؤما» في تاريخهم، تجسدّ في «وعد بلفور»، الذي منحت بموجبه الحكومة البريطانية آنذاك حقا لليهود بإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين.

و«وعد بلفور»، هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها وزير خارجية بريطانيا "آرثر جيمس بلفور" بتاريخ 2 من نوفمبر/ تشرين الثاني 1917، إلى أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية اللورد ليونيل والتر روتشيلد، تعهد من خلالها بإنشاء «وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين».

واشتهرت الرسالة باسم «وعد بلفور»، فيما أطلق عليها الفلسطينيون «وعد من لا يملك (في إشارة لبريطانيا) لمن لا يستحق (اليهود)».

وجاء في نص الرسالة: «عزيزي اللورد روتشيلد (..) إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية».

وأضاف: «على أن يكون مفهومًا بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين (..) وسأكون ممتنًّا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علمًا بهذا التصريح».

وهذا الوعد جاء بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى، واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا والحفاظ على مصالحها في المنطقة.

وفور إعلان هذا الوعد سارعت دول أوروبا، وعلى رأسها أمريكا وفرنسا وإيطاليا بإعلان التأييد له.

واحتلت فلسطين بشكل كامل من قبل الجيش البريطاني في عام 1917، وتم انتداب بريطانيا عليها من قبل «عصبة الأمم»، (منظمة دولية سبقت الأمم المتحدة)، وتم إدارة الانتداب في فلسطين بواسطة المندوب السامي البريطاني الذي مارس بالكامل جميع السلطات الإدارية والتشريعية فيها.

وفي عام 1948، خرجت بريطانيا من فلسطين، واستولت «منظمات صهيونية مسلحة» على أراضٍ فلسطينية أقاموا عليها دولة (إسرائيل)، فيما عرف فلسطينيا بـ«النكبة».

ووقعت ثلاثة أرباع فلسطين تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين حكمت الأردن الضفة الغربية ووقع قطاع غزة تحت السلطة المصرية.

وفي الرابع من يونيو/حزيران 1967، احتلت (إسرائيل)، الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية.

وبعد توقيع اتفاقية أوسلو بين (إسرائيل) ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، خضعت الضفة الغربية (بدون القدس) وقطاع غزة، للحكم الذاتي الفلسطيني.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قال الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» إن على بريطانيا أن تعتذر عن وعد بلفور، وأن تعترف بالدولة الفلسطينية.

وأضاف «عباس» في كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة إن الشعب الفلسطيني عانى كثيرا بسبب وعد بلفور الذي قالت فيه بريطانيا إنها تؤيد إقامة وطن للشعب اليهودي بفلسطين، وإنه ينبغي ألا يقوض ذلك حقوق الآخرين الذين يعيشون هناك.

ويرى «عبد الستار قاسم» أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت برام الله، أن القضية الفلسطينية تعيش «أسوأ مراحلها» بعد نحو 100 عام على وعد بلفور.

ويضيف «قاسم» لوكالة «الأناضول»: «ما تعيشه الساحة الفلسطينية في الوقت الراهن هو نتيجة لهذا الوعد، الذي أسس لمرحلة من الظلم، وأعطى الحرية الكاملة لـ(إسرائيل) في التصرف في الأرض والمقدسات».

ولفت إلى أن المجتمع الدولي بعد كل هذه العقود الطويلة لم ينصف الفلسطينيين، ولم يقدم لهم أي حلول أو أفق سياسية تنهي مسلسل «العذابات والانتهاكات».

وتابع: «تهويد القدس مستمر، الاستيطان لا يتوقف، مصادرة الأراضي، كل ما يجري على الأرض من انتهاكات يومية هو تجسيد لوعد بلفور».

ويوم 31 ديسمبر/ كانون أول 2014، استخدمت واشنطن، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار عربي ينص على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بنهاية عام 2017.

ويرى «عدنان أبو عامر»، الكاتب السياسي، وعميد كلية الآداب بجامعة الأمّة في غزة، أن فلسطين وخلال العقود الماضية مرت بأكثر من وعد بلفور.

وأضاف «أبو عامر»: «كل ما جرى خلال القرن الماضي، كان عبارة عن وعود شبيهة بوعد بلفور، (..)، اليوم (إسرائيل) تصادر الأراضي الفلسطينية دون حسيب أو رقيب، وللأسف حالة الضعف العربي، وما يجري في الإقليم تساعد (إسرائيل) في المضي قدما للاستمرار في سياستها الرامية لإنكار أي حق للفلسطينيين».

ولفت إلى أن (إسرائيل) كثفت من اعتداءاتها بشكل مطرد خلال العقود الماضية، مستفيدة مما وصفه بحالة الهوان العربي، ودعم القوى العالمية لها.

وتابع: «لم يعد للفلسطينيين أي شيء من أراضيهم، التي يتم مصادرتها والاستيلاء عليها، ما يعني أننا أمام نسخة أسوأ من وعد بلفور».

وكشف تقرير صادر عن الإحصاء المركزي الفلسطيني، (حكومي)، في شهر مايو/أيار 2015 أن (إسرائيل) تستولي على 85% من أراضي فلسطين التاريخية وتواصل نهب المقومات الفلسطينية.

ووفق الإحصاء، فإن (إسرائيل) تستغل أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27 ألف كيلومتر مربع ولم يتبقَ للفلسطينيين سوى حوالي 15% فقط من مساحة تلك الأراضي.

ويُحيي الفلسطينيون، الذكرى السنوية لـ«وعد بلفور» بمسيرات غاضبة، ودعوات تطالب بريطانيا بتقديم الاعتذار عن تداعيات وآثار الوعـد، ومنحهم "دولة فلسطينية".

حيث نظم العشرات من الفلسطينيين، في قطاع غزة، الأربعاء، وقفة احتجاجية، رافعين لافتات كُتب على بعضها: «لن ننسى الوعد المشؤوم»، و«99 عام على وعد بلفور».

الوقفة دعت إليها «لجنة القوى والفصائل الفلسطينية» (تجمع يضم الفصائل الفلسطينية الرئيسية)، أمام مقر منظمة «يونسكو» التابعة للأمم المتحدة، غربي مدينة غزة.

وقال «وليد العوض» عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني، في كلمة باسم الفصائل، ألقاها على هامش الوقفة: «إن وعد بلفور جريمة ارتكبتها بريطانيا، من خلال منح إسرائيل وطن قومي على أراض فلسطينية».

وأضاف: «يجب على بريطانيا أن تتحمل مسؤوليتها اتجاه هذا الوعد، والاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس».

ودعا «العوض»، بريطانيا، بتصحيح ما وصفه بـ«الخطيئة التاريخية التي تسببت للشعب الفلسطيني بالتهجير والتدمير».

كما طالب من المجتمع الدولي، والعربي، وكافة المؤسسات الحقوقية «تحمل مسؤوليته»، تجاه الشعب الفلسطيني، لتمكينه من العيش «بسلام وتحرر من الاحتلال الإسرائيلي».

  كلمات مفتاحية

وعد بلفور فلسطين وقفة احتجاجية (إسرائيل)

في الذكرى الـ68 لنكبة فلسطين.. «مشعل» يجدد رفض حماس الاعتراف بـ(إسرائيل)

”النكبة الفلسطينية“ أمام الأزمات العربية .. للخلف در!

وعد بلفور أَمْ ثورة 1919؟!

وعد بلفور الذي لم يتحقق ...!