استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

النهاية المدهشة للحرب الباردة!

الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 03:11 ص

حدث ذلك عام 1989 عندما انهار الحائط الذي قسم برلين إلى شطرين، شرقي يدين بالولاء للكتلة الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفييتي، وغربي رأسمالي. كان حدثاً يفوق في حجمه ونتائجه كل التنبؤات والتوقعات. ولم يكن أي ألماني في شرق وغرب ألمانيا يتوقع أن يأتي اليوم الذي سينهار فيه هذا الحائط الذي بقي قائماً في وجه كل من يطمح إلى استعادة حرية ووحدة ألمانيا منذ بدأ إنشاؤه على أيادي الألمان الشرقيين، وبدعم من الرئيس السوفييتي نيكيتا خروتشوف عام 1961.

وكان من الطبيعي أن ينظر الشعب الألماني ومعه شعوب العالم أجمع إلى هذا الحدث وفق منظور أبعد من مجرد عملية تحطيم لجدار إسمنتي ضخم هائل الطول، لأنه أوحى بحلول لحظة بداية النهاية للنظام الشيوعي السوفييتي. لقد كان لابد لهذا النظام الاستبدادي الذي عمّ جميع دول أوروبا الشرقية أن يشهد لحظة انهياره. وعندما رأي المجريون والتشيكوسلوفاكيون هذا الذي يحدث في برلين، ثارت ثائرتهم وبدأوا عصيانهم المدني للمطالبة باستعادة حريتهم المفقودة.

وهكذا، وعلى نحو مفاجئ، وجد سكان برلين أنفسهم أحرارا في التنقل بين شطري عاصمتهم التاريخية. وكانت أعداد كبيرة منهم قد تسلقت الحائط المحطم لتحتفل من فوقه، وتصرخ بأعلى صوتها: لقد سقط السدّ المنيع.

ونحن نعيش الآن أسبوع استعادة ذكريات هذا الحدث بعد مرور ربع قرن. وتناولته مئات المقالات من ناحية كونه المؤشر الأول الذي بشّر بنهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي ذاته بعد ذلك بعامين، وكنت أنا واحداً من كثيرين شاركوا في إحياء هذه الذكرى. وبدا بوضوح أن هناك تعدداً في الآراء والمواقف عند تفسير أسباب وتداعيات هذا الحدث.

ولو ابتعدنا في الحديث قليلاً عن هذا الحدث التاريخي المتميز، يتبادر إلى أذهاننا السؤال الأكثر شمولاً : «متى يمكننا أن نبدأ الشعور بأن الأشياء في طريقها إلى التغيّر، ومتى يمكننا أن نشعر بأن التراكيب التي بنيناها بأيدينا سوف تؤول إلى الانهيار قريباً، وكيف يمكننا أن نميز بين الانفجار المفاجىء المدوّي والضغوط المتزايدة؟»

عندما قال رئيس الوزراء البريطاني «هارولد مكميلان» أمام أعضاء برلمان جنوب أفريقيا عام 1960 إن «رياح التغيير» بدأت تعصف بالقارّة، فلم يكن مبعث شعوره هذا نابعاً من وجود ثورة أو غليان شعبي معين في مكان ما، بل كان يحذّر في كلامه هذا السياسيين المحافظين في جنوب أفريقيا من أن الظروف المكتظة بالاضطرابات هناك لن تكون نهايتها وشيكة. ويمكن التعبير بطريقة أفضل عما كان يقصده بعبارته، فلقد كان من الواضح تماماً بأن نهاية حكم البيض للأفارقة السود لا مناص منها على الرغم من أن المؤشرات التي كانت قائمة على الأرض لم تكن توحي بذلك أبدا. وكانت تتم مواجهة مثل هذه المؤشرات والبوادر الثورية بمنتهى الحزم والقوة في دول مثل روديسيا والجزائر (قبل استقلالها عن فرنسا). وفي بعض الأحيان، تكون آمالنا وأحلامنا غير واضحة الخطوط والمعالم، وفي أحيان أخرى لا ندرك فحواها ولا نستشعر وجودها أبداً.

وقبل سقوط حائط برلين بخمسة أشهر، اجتاحت قوات الأمن الصينية جموع المتظاهرين الغاضبين في ساحة تيانامين. حدث ذلك في وقت كانت فيه المؤشرات القائمة على الأرض توحي بأن تفجير الثورات السياسية هناك كان مصيره الفشل بأكثر مما يُقدّر له النجاح. وكان «الانتقال الهادئ» للسلطة من خلال «الثورة المجيدة»، التي اندلعت في إنجلترا عام 1688 يعاكس في مجراه تماما الأحداث الدموية، التي شهدتها الثورة الفرنسية قبلها بنحو قرن كامل من الزمان.

وسبق لمحللين يتصفون بالحذر الشديد في إطلاق أحكامهم أن وصفوا الاضطرابات غير المسبوقة التي يشهدها العالم اليوم بقولهم: «عليكم أن تحرصوا تماماً على تحديد ما ترغبون بحدوثه». وعندما سيحل موعد رحيل بوتين عن السلطة في آخر المطاف، على سبيل المثال، فهل يكون علينا أن نتوقع أن يخلفه الإصلاحيون الليبراليون، أم النشطاء الروس الثوريون؟ وهل سيعني تغيير النظام في دولة إيران الحالية تحولاً جذرياً باتجاه الغرب أم ضده؟ ومن هو الذي تتملكه الجرأة ليخبرنا عن الحال الذي ستكون عليه الصين بعد 10 سنوات؟

في حقيقة الأمر، نحن نلعب دور المراقبين، والمتفرجين على الأحداث بأكثر مما نلعب دور الصانعين لها. وعندما أسرّ الزعيم الإصلاحي الروسي «ميخائيل جوراتشوف» للرئيس «جورج بوش» عام 1991 بأن اتحاد الجمهوريات السوفييتية في طريقه إلى التفكك والانهيار، التفت بوش إلى مستشاره المقرّب «برينت سكوكروفت»، وهمس في أذنه: «هل سمعت ما سمعته أنا الآن؟ وهل يمكن أن يحدث هذا بالفعل؟». وهذا المشهد الذي ينطوي على عنصر المفاجأة بأكثر من أي شيء آخر، هو الذي شعر به سكان برلين عندما فتحوا نوافذ بيوتهم ذات صباح ليروا أن الحائط الكريه قد أصبح حطاماً، وراحوا يتساءلون بينهم وبين أنفسهم: هل هذا الذي نراه بأم أعيننا يحدث بالفعل على أرض الواقع؟

إن من شرعة التاريخ أن يفاجئنا بين الحين والآخر بوقوع أحداث خطيرة قد تغير الكثير من الأشياء، والتي تكون نتائجها وثيقة الارتباط بحياتنا. 

* بروفيسور بول كنيدي أستاذ التاريخ والأمن الدولي بجامعة «ييل»

المصدر | خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"

  كلمات مفتاحية

الحرب الباردة جدار برلين

خوف وكراهية وضريح عثماني في الحرب الباردة بين «الدولة الإسلامية» وتركيا

”ما أتوقعه ولا أتمناه“ .. هكذا رأى الفيلسوف التونسي مسار انتكاس الثورة العربية في تونس

مستقبل العرب بلا عروبتهم: إسرائيل و«داعش» تحت المظلة الأمريكية

نحن والحرب النفطية الباردة

الأصولية السلطوية وانهيار «الدولة» العربية