«إيكونوميست»: الدروس المستفادة من مصير حلب المأساوي

السبت 17 ديسمبر 2016 04:12 ص

غروزني، دريسدن، غرنيكا: هذه بعض المدن التي تم تدميرها عبر التاريخ. وحلب، أكبر مدينة سورية، سوف تنضم قريبا إلى صفوفهم. تحول التراث الإسلامي في المدينة البالغ من العمر 1000 إلى تراب. استهدفت الطائرات الروسية المستشفيات والمدارس؛ تعرض مواطنوها، للقصف والتجويع والقتل بالغاز.

 لا أحد يعرف كم من عشرات الآلاف الذين ما زالوا في آخر جيب للعرب السنة سوف يموت حشرا داخل الأنقاض. ولكن حتى لو حصلوا على ممر آمن كما الوعد، فليس هناك ضمان للناس الأبرياء بعد محنتهم لمدة أربع سنوات في حلب أن يكونوا بمنأى عن ويلات الحرب. بل إن الواقع الوحشي يهدد العالم بأشكال أكثر خطورة.

لقياس عمق مأساة حلب، نتذكر الاحتجاجات الأولى ضد الرئيس السوري، «بشار الأسد»، في عام 2011 حيث كان السنة يسيرون بمرح جنبا إلى جنب مع الشيعة والمسيحيين والأكراد. ومنذ البداية، مع مساعدة واسعة من إيران، قام «الأسد» بالعمل على تدمير نطاق المقاومة السلمية باستخدام العنف. وفي وقت مبكر، كانت دعواه أن جميع المتمردين هم «إرهابيون».

كان يمكن أن يكون هناك نقاط تحول عند الغرب لو تدخل من خلال إنشاء منطقة حظر الطيران، أو ملاذ للمدنيين؛ أو حتى برنامج واسع النطاق لتسليح الثوار. ولكن شلل الغرب كان لأسباب مثل إرث العراق وأفغانستان. ومع ترسخ القتال نمت الحاجة إلى التدخل، شهرا بعد شهر . ولكن خطر وتعقيد التدخل نما بشكل أسرع. وعندما كان «الأسد» على وشك السقوط، انضمت روسيا الى المعركة، وعملت بشكل مدمر بلا ضمير. سقوط حلب هو دليل على أن الرئيس «الأسد» والنفوذ الإيراني قد ساد. ولكن النصر الحقيقي يعود إلى روسيا، التي تعود مرة أخرى إلى الشرق الأوسط.

وبالمثل، فإن الهزيمة ليست مجرد ضربة لمعارضي «الأسد»، ولكن أيضا للسياسة الخارجية الغربية، وللقيم. بعد الإبادة الجماعية في رواندا في عام 1994، عندما تم ذبح قبائل التوتسي، اعترفت الدول بأن لديهم واجب لتقييد القوة الغاشمة. عندما تقبل أعضاء الأمم المتحدة مسؤولية حماية ضحايا جرائم الحرب، أينما كانوا، وقعت اتفاقيات ضد استخدام الأسلحة الكيميائية وكانت هناك رغبة في تعزيز الحرية والديمقراطية.

الغبار والرماد

أظهرت الحملات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق أنه حتى أقوى دولة في التاريخ لا يمكنها فرض الديمقراطية بالقوة وحدها. في مأساة حلب التي كانت تواجه فظائع «الأسد»، ما فعله الغرب لا يزيد عن تكرار العبارات الدبلوماسية. ومن خلال عدم الوقوف على ما كان من المفترض أن الغرب يؤمن به، فقد تبين أن قيمه هي مجرد كلمات، وأنه يمكن تجاهلها و الإفلات من العقاب.

الكثير من الناس يتشاركون اللوم. فبعد قذف «الأسد» شعبه بغاز الأعصاب، وعبور الخط الأحمر الأميركي، صوت البرلمان البريطاني على عدم شن عمل عسكري حتى لو كان محدودا. وفي حين فر الملايين من الناس إلى الدول المجاورة لسوريا، بما فيها لبنان والأردن، أما معظم البلدان الأوروبية فقد وضعت حواجز لمنع اللاجئين من الدخول.

يقع اللوم أيضا على «باراك أوباما». وقد تعامل الرئيس الأميركي مع سوريا كفخ ينبغي تجنبه. تنبأ «أوباما» معتدا بذاته أن روسيا سوف تتعثر في «المستنقع»، وقد ثبت أن هذا سوء تقدير تاريخي. طوال فترة رئاسته، سعى «أوباما» لجر العالم من نظام تتصرف فيه أميركا بمفردها للدفاع عن قيمها، إلى عالم انخفضت مهمة المعايير الدولية التي تحمي جميع البلدان. حلب هي مقياس لمدى فشل هذه السياسة. ومع تراجع أمريكا إلى الوراء، تم ملأ الفراغ من قبل الدول المسؤولة عن الوضع الراهن من أمثال روسيا وإيران التي ترى في تعزيز القيم الغربية مؤامرة ماكرة لإحداث تغيير في النظام في موسكو وطهران.

عالم الصفقات

من الناحية النظرية، يمكن للرئيس الأميركي المقبل أن يسعى إلى عكس ذلك. ومع ذلك، فإن «دونالد ترامب» يجسد عبر ترشيح سكرتيره الجديد للبلاد، «ريكس تيلرسون»، رئيس شركة إكسون موبيل، رسالة حملته الانتخابية: أن السيد «ترامب» يريد تحقيق الصفقات، وليس دعم القيم.

إبرام الصفقات هو جزء أساسي من الدبلوماسية، خصوصا مع خصوم مثل روسيا وإيران ومنافسين مثل الصين. ولكن السياسة الخارجية ستترنح مع صفقات تتم من دون استراتيجية أو بسبب الصفقات التي تتجه بالقيم نحو مخاطر جسيمة.

  كلمات مفتاحية

حلب سقوط حلب روسيا بشار الأسد الدولة الإسلامية المعارضة السورية السياسة الغربية

طيران «الأسد» ينضم للمدفعية في خرق اتفاق الهدنة بحلب

مبعوث «بوتين» إلى سوريا يصل طهران في زيارة مفاجئة