ترسانة إعلامية إماراتية في مصر ضد السعودية.. تلاقي للمصالح

الأربعاء 22 فبراير 2017 08:02 ص

رصدت الإمارات العربية المتحدة، ملياري دولار، بالتعاون مع مصر، لإنشاء ترسانة إعلامية بالقاهرة، هدفها الرئيسي الهجوم على المملكة العربية السعودية وإضعاف سلطاتها وسياساتها.

كشفت ذلك، مصادر إعلامية بارزة، لموقع «عربي 21»، حين قالت إن المخطط الإماراتي المصري ياتي برعاية من الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي»، وإشراف مباشر من مدير مكتبه اللواء «عباس كامل».

وأكدت المصادر إن ضباطا بالمخابرات الإماراتية، التقوا مسؤولين بالمخابرات المصرية، في اجتماع عُقد بمكتب «كامل»، في ديسمبر/ كانون الأول 2016، لتنسيق التعاون بين الجهازين المصري والإماراتي فيما يتعلق بالمشروعات الإعلامية التي تموّلها الإمارات في مصر.

تطهير

وأوضحت أن الجانب المصري قدم خلال الاجتماع تصوره الخاص بإدارة تلك المشروعات، لافتة إلى أن التصور شمل الاستغناء عن كل الكوادر الصحفية ذات الميول الثورية واستبدالها بعناصر أخرى من الموالين بوضوح لنظام «السيسي».

واستغنت مجموعة قنوات ««ON TV وهي إحدى المشروعات الإعلامية المموَّلة من الإمارات وتشرف عليها مخابرات «السيسي» عن طريق رجل الأعمال «أحمد أبو هشيمة»، عن نحو 200 صحفي ومعد برامج، في عملية تشبه «التطهير» بناء على هذا الاتفاق.

وسرعان ما بدأت خطة تطهير «ON TV» بطرد المذيع والناشط السياسي وأحد شباب ائتلاف الثورة «خالد تليمة» من القناة، حيث أبلغته الإدارة هاتفيا بإنهاء علاقته بالمحطة دون إبداء أسباب، تلا ذلك منع المراسل «البراء عبد الله» من دخول المقر الإداري للقناة، وإبلاغه بقرار فصْله، الذي قال عنه لوسائل إعلام محلية، إنه جاء معاقبة له على مواقفه السياسية بـ«أثر رجعي»، بسبب كتاباته الناقدة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكانت إدارة «ON TV»، قد أنهت تعاقدها مع المذيعة المعروفة بمعارضتها للسلطة في مصر «ليليان داوود»، مقدمة برنامج «الصورة الكاملة» بعد شهر واحد من استحواذ «أبو هشيمة» على القناة، وبعدها هاجمت قوة من الأمن منزلها، وقامت باصطحابها إلى مطار القاهرة وترحيلها إلى بيروت بحجة انتهاء مدة إقامتها في مصر.

وأكدت المصادر، أن الشرط الأبرز الذي عرضه الجانب الإماراتي انحصر في ضرورة بلورة موقف هجومي ضد السعودية، داخل تلك المنصات الإعلامية، وهو ما لاقى ترحيبا من الجانب المصري، لا سيما مع وجود اتجاه قوي داخل المخابرات المصرية يقف ضد اتفاقية «تيران صنافير»، وهو ما وصفته المصادر بأنه تلاقي مصالح.

وأضافت المصادر، أنه «من خلال الضباط العاملين بمكتب الأمانة العامة للأمن القومي والمخابرات داخل الرئاسة، الذي يتابع أعماله اللواء كامل، يتم تلقّي الأموال الواردة من الإمارات، ليتم استخدامها في أغراض مختلفة، على رأسها المنصات الإعلامية المتعددة التي أصبحت كلها تقريبا تحت سيطرة السيسي ورجاله بدعم وتمويل من الإمارات».

صفقات

ومن أبرز المشروعات التي استحوذت الإمارات عليها في مصر، موقع وصحيفة «الدستور»، التي أسسها الصحفي «إبراهيم عيسى» قبل أن يستولي عليها رجل الأعمال «رضا إدوارد»، أواخر أيام «حسني مبارك» ليحوِّلها من صحيفة «معارضة» إلى «موالية».

وقالت المصادر إن الصفقة السرية التي أُبرمت بين «إدوارد» والمخابرات الإماراتية، تمت برعاية «كامل»، حيث أبلغ «إدوارد» تليفونيا، أنه لا مفر من بيع الصحيفة للإماراتيين، فوافق الأخير على الفور ووقع العقود.

أما تفاصيل باقي الصفقة، فبحسب صحيفة «وطن»، فهو تعيين «محمد الباز» الصحفي السابق في صحيفة «الفجر»، التي أسسها «عادل حمودة»، والمعروف بولائه لـ«السيسي»، رئيسا لتحرير «الدستور».

وكان «الباز» قد أشرف سابقا على موقع وصحيفة «البوابة»، وهي إحدى المشروعات الإعلامية الإماراتية في مصر، قبل الانتقال إلى «الدستور».

ويُعرف عن «الباز» موقفه المعادي بشدة تجاه السعودية وقطر، وله كتابات «هجائية» ضد الدولتين.

ومؤخرا، استحوذ «أبو هشيمة» رجل الأعمال المصري المقرب من «السيسي» على صحيفة «صوت الأمة» التي كان يرأس تحريرها المعارض «عبد الحليم قنديل»، وقام بفصْل العشرات من الصحيفة، وإسناد إدارتها إلى «خالد صلاح» رئيس تحرير صحيفة «اليوم السابع»، وهي إحدى مؤسسات «أبو هشيمة» أيضا.

«دحلان» على الخط

وقالت المصادر إن الزيارة الأخيرة التي قام بها «محمد دحلان» القيادي المفصول من حركة «فتح»، المقيم في الغمارات، إلى القاهرة، عقد خلالها اجتماعا مع مسؤولين مصريين على رأسهم رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء «خالد فوزي»، ومدير مكتب «السيسي»، تمحور حول بناء موقف معاد للسعودية داخل مؤسسات الإعلام في مصر.

خاصة أن أبوظبي والقاهرة يريان أن موقف الرياض من جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وفرعها في غزة «حماس» قد تغيّر من العداء إلى القبول.

وكان السياسي المصري المعروف «نادر فرجاني»، قد انتقد بشدة زيارة قام بها «دحلان» إلى مقر صحيفة «اليوم السابع» في سبتمبر/ أيلول 2015، واعتبرها نوعا من التسول.

وقال في تدوينة في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «استقبلت صحيفة اليوم السابع تاجر السلاح محمد دحلان المكلف بتوزيع الرشوة الإماراتية على الصحف، كما يُستقَبل رؤساء الدول».

وأضاف: «لم يتضمن الحوار معه كلمة واحدة عن اتهامات الفساد والاختلاس الموجهة إليه، وحتى تهم تورطه باغتيال المبحوح في دبي مع الموساد الإسرائيلي، حيث كشفت شرطة دبي عن وجود اثنين من أتباع دحلان بانتظار المبحوح في مطار دبي قبل اغتياله من قبل الموساد».

واختتم «فرجاني» تدوينته قائلا: «حامل أكياس محمد بن زايد تفقد مكاتب الصحيفة وموظفيها نفرا نفرا في مشهد مخجل ومعيب، ارتضته الصحيفة لنفسها في عملية تسوِل مفضوح على رؤوس الأشهاد».

وتعتبر قناة «الغد العربي» أحد المشروعات الإماراتية، والتي أُسندت إدارتها للإعلامي المصري «عبد اللطيف المناوي»، قبل الإطاحة به من إدارة القناة دون أسباب معلومة.

لكن البعض رجَّح أنها قد تكون بسبب حملة الدعاية التي أطلقتها القناة في مصر وكانت عبارة عن «بانرات» تحمل صورة مرشد الثورة الإيرانية «على خامنئي»، والتي تسببت في أزمة بين «المناوي» والممولين الإماراتيين.

واتخذت القناة منذ انطلاقها مقرا في العاصمة البريطانية لندن، بالإضافة إلى مكاتب أخرى في القاهرة وبيروت وعواصم عربية أخرى، بتمويل قُدر بـ200 مليون دولار.

واتسمت القناة منذ انطلاقها بعدائها لثورات الربيع العربي والتيارات الإسلامية.

وتعتبر الإمارات، أحد أبرز الدول التي دعمت الانقلاب في مصر على «محمد مرسي» أول رئيس مدني منتخب ديموقراطيا في يوليو/ تموز 2013، وقدمت للسلطة الحاكمة عدة مليارات من الدولارات.

وتمر العلاقات السعودية المصرية بأسوأ أطوارها منذ انقلاب يوليو/تموز 2013 في مصر، إذ أخذ كل فريق بالتلويح بالأوراق البديلة التي يملكها في وجه الآخر، فيما باتت خريطة التقارب بين الدول الإقليمية الكبرى (مصر والسعودية وتركيا وإيران) آخذة في التشكل من جديد في ضوء المعطيات الجديدة.

رجح مراقبون تصاعد التوتر في العلاقات الخليجية المصرية خلال الفترة المقبلة لاسيما أن الوزن الاستراتيجي للدول النفطية قد تراجع لدى القاهرة بعد الاتفاق النووي الغربي مع إيران وتوقيع «الكونغرس» قانون «جاستا» وانهيار أسعار النفط بشكل دفع مصر للبحث عن حلفاء جدد ربما تتوفر لديهم كميات من «الرز» قادرة على انتشال الاقتصاد المصري من أزمته.

ويرى محللون أن حكام الخليج تخلوا عن «السيسي» الذي لم ترضيهم بوصلته أو عدم تحديد بوصلته بتعبير أدق، لذلك من الطبيعي أن تتوقف مساعدات مالية أو منتجات بترولية كانت تأتي في وقت ما من الرياض للقاهرة، خصوصا في ظل حكم براجماتي يمثله الملك «سلمان».

  كلمات مفتاحية

مصر الإمارات إعلام دحلان السيسي عباس كامل

الاتفاق على تشكيل آلية تشاور سياسية ثنائية بين الإمارات ومصر

«بن سلمان» يشترط تسليم تيران وصنافير وإقالة «شكري» لتصحيح العلاقات مع مصر

الإمارات تضخ الملايين للإعلام المصري ليهاجم السعودية وخصومها

تعهدات مصرية بتدريب عسكري لجيش طبرق المدعوم من مصر والإمارات

الإمارات ومصر تخططان لعودة دحلان على ظهر الدبابات الإسرائيلية