رغم عمليات النزوح.. 3 أسباب تُبقي على العلاقة بين الأقباط ونظام «السيسي»

الاثنين 6 مارس 2017 09:03 ص

قال خبراء ومراقبون للشأن المصري، إن عمليان النزوح القبطي من مدن شمال سيناء، جراء تهديدات «تنظيم الدولة» لن تؤثر على العلاقة المتينة التي تجمع بين نظام الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» والكنيسة الأرثوذكسية في البلاد.

واعتبر الخبراء، أن «معرفة الأقباط بالهدف من وراء الاستهداف وهو إذكاء الصراع الطائفي»، وثانيا «استجابة السيسي لعدد من المطالب المسيحية»، وثالثا «علاقته القوية ببابا الأقباط تواضرس الثاني» التي من أبرز علاماتها زيارة الرئيس المصري للكنيسة سنويا في الأعياد، تحول دون أي توتر بين الجانبين.

ويعد الأقباط من أبرز الداعمين للانقلاب العسكري على «محمد مرسي»، أول رئيس مدني منتخب، والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو/تموز 2013، وتصدروا في أكثر من استحقاق انتخابي طوابير الناخبين للتصويت لصالح «السيسي» في الانتخابات الرئاسية، وتعديل الدستور الذي تم في عهده خلال عام 2014.

متخصصون يقرون بوجود غضب مكتوم داخل الصف القبطي، لكنه لن ينتج رفضا ضد الرئيس المصري لاسيما مع تخوف مسيحي من عدم وجود بديل رئاسي مناسب، ومن الإسلاميين الذي يواجهون اتهامات ينفونها بالتطرف.

وخلال الفترة الأخيرة اضطرت للنزوح من سيناء نحو 258 أسرة مسيحية، وفق مسؤول حكومي، من أصل 270 أسرة كانت هناك، حسب تقديرات كنسية غير موثقة، وذلك على خلفية مقتل 7 مسيحيين هناك خلال الأسابيع الماضية.

هذا النزوح ردت عليه الرئاسة المصرية، الأسبوع الماضي باجتماع رفيع المستوى برئاسة السيسي، لرفض ما يحدث، وتحرك وزاري لدعم من أسمتهم بـ«الوافدين» من سيناء، وسط تأكيد «السيسي» أن ما يحدث «مخطط جبان لزعزعة الثقة فى الدولة».

ثلاثية بقاء العلاقة

المفكر المصري القبطي، «جمال أسعد»، يذكر أن هذا النزوح لم يكن الأول بل سبقته أعمال إرهابية ضد المسيحيين لم تؤثر على العلاقة بين النظام والمسيحيين.

ويري أن الرأي العام سواء مسيحي أو مسلم يعلم أن الهدف من هذه التهديدات التي صدرت من قبل «تنظيم الدولة» هو ضرب العلاقة بين نظام أحداث 30 يونيو/حزيران 2013 (مهدت للإطاحة بالإسلاميين من الحكم)، والمسيحيين، الذين يخشون من عودة حكم جماعة الإخوان.

ويتفق معه الناشط المسيحي، «إسحق فرانسيس»، في أن النزوح الأخير لن يساهم في تراجع شعبية «السيسي» لدى المسيحيين.

ويقول «فرانسيس» إن الهدف من اشتعال الأحداث في الأصل هو إذكاء الصراع الطائفي بالبلاد، وإحداث فرقة بين النظام والمسيحيين، متوقعا عدم خروجهم من عباءة النظام حاليا.

وهذا ما يؤكد عليه، «مختار غباشي»، نائب مدير المركز العربي للدراسات الاستراتيجية (غير حكومي)، قائلا إن «ما يحدث لمسيحيي سيناء لن يغير من دعمهم للسيسي».

واتفق «أسعد» و«فرانسيس»، على سبب آخر طرحه «غباشي»، وهو أن النظام السياسي استجاب لبعض مطالب الكنيسة، وأقر قانون بناء الكنائس (بموافقة برلمانية في 30 أغسطس/آب الماضي) بعد مماطلة واسعة في العهود التي سبقته.

وذهب الخبراء السابقون، أصحاب الرأى القائل بعدم تأثر العلاقة بين السيسي ومسيحيي مصر، إلي أن السبب الثالث في عدم تراجع شعبية الرئيس بين المسيحيين أنه أقر عرفا جديد بزيارته شخصيا للكنيسة كل عام في احتفالات عيد الميلاد، إضافة للعلاقة الوطيدة بيه وبين البابا «تواضروس»، بحسب وكالة أنباء «الأناضول».

وحول ما يتردد عن وجود اختلاف بين الرؤية الرسمية للكنيسة، وما يفضله أعضاؤها، قال المفكر «جمال أسعد»، إن «هناك كتلة صامتة هي الأكبر بين الأقباط (تقدر الكنسية مسيحيي مصر بـ15 مليون نسمة من بين نحو 93 مليونا هم سكان البلاد)، يمكن تسميتها بحزب الكنبة (غير المؤدلجين) غالبيتهم يحبذون رأي الكنيسة».

وأضاف أن «التقارب بين الكنيسة والنظام السياسي، يعود على هؤلاء الناس غير المؤدلجين سياسيا، وبالتالي وجهة نظر الكنيسة السياسية يتبعونها دائما».

وكان البابا «تواضروس الثاني» قال خلال استقباله المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» بالمقر البابوي، الخميس الماضي:«نحن واثقون في الله الذى يبارك بلادنا.. واثقون في قدرة القيادات السياسية والاجتماعية والتشريعية في بلادنا».

واستدرك «مع ثورة 30 يونيو 2013 التى قام بها الشعب المصري من مسلمين ومسيحيين، وحماها الجيش المصرى (..) وانتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسي (..) ظهرت ملامح جيدة على تحسن الوضع المسيحي المصري مثل: إقرار أول قانون لبناء الكنائس فى مصر، وانتخاب 39 عضوًا مسيحيًّا بالبرلمان مقارنة بعضو واحد سابقًا، وزيارات الرئيس للكاتدرائية ليلة الكريسماس واهتمام الدولة بتعمير وإصلاح الكنائس التى أحرقت ودمرت فى أحداث أغسطس (آب) 2013».

تراجع شعبية «السيسي»

رؤية أخرى، تقول إن الأحداث التي وقعت للمسيحين لاسيما في سيناء، أثرت بالسلب على علاقتهم بنظام «السيسي» وشعبيته، إلا أنهم عاجزون عن التعبير عن هذا الغضب كبقية المصريين نظرا لغياب البديل القوي، وخوفهم من صعود الإسلاميين.

وقال «حسن نافعة»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، (حكومية)إن «رؤية الكنيسة المصرية، لا تنطبق على غالبية الأقباط في مصر، فالكنيسة أرثوذكسية، وهي طائفة قبطية واحدة، ضمن طوائف أخري للأقباط كالكاثوليك، والبروتستانت، وبالتالي الرأي الكنسي لا يعبر عن الجميع».

وفيما تشير التقديرات الكنسية إلى أن عدد المسيحيين بمصر 15 مليون نسمة، تعترف بمصر بثلاثة طوائف هي الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية، وتتقدم الطائفة الأولى بشكل كبير على مستوى الأتباع، بنحو 75% وفق تقديرات غير موثقة

وذهب «نافعة» إلى أن «هناك يسار ويمين، وأغنياء وفقراء بين المصريين المسيحيين وليسوا كتلة صماء برأي واحد».

وقال، إن «الكنيسة المصرية رغم أنها مؤسسة دينية، إلا أنها منخرطة في العمل السياسي، وعندما يكون هناك نقص في حماية الدولة للأقباط تدخل الكنيسة على أنها صوتهم».

وأرجع ذلك إلى عدم وجود حزب سياسي يعبر عن الأقباط المصريين وبالتالي يكون صوت الكنيسة هو الأعلى.

وأقر «نافعة»، بوجود حالة غضب كبيرة حاليا في الشارع المصري، ليست في صفوف المسيحيين وحدهم، إلا أنه لا يوجد سبيل لحدوث هبة شعبية، أو ثورة جديدة.

وأرجع ذلك إلى أن القوى السياسية الحليفة للنظام أو المعارضة له أو الصامتة، في مصر منقسمة على نفسها ومشتتة تماما ولايجري بينها حوار حقيقي لتشخيص الوضع.

لا يوجد بديل

وعطفا على ما سبق اتفق «سعيد صادق» أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، مع «نافعة»، في أن هناك غضبا واسعا بين المصريين سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين من أداء النظام السياسي.

وقال، إن حالة الغضب أوصلت البعض للإحباط، لكن على أرض الواقع لا يوجد بديل سياسي قادر حتى الآن على سحب البساط من تحت أرجل «السيسي».

وأضاف أن تجربة المصريين مع الثورات قاسية جدا، خصوصا بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتدني مستوى المعيشة، وتراجع الأداء الأمني، وارتباط فكرة التغيير لدي كثيرين بالفوضى وهو ما يجهض أي محاولة تدعو للتغيير.

يشار إلى أن المحافظات المصرية شهدت حوالي 37 اعتداءً طائفيًا وقعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة على الأقباط حسب تصريحات لبابا الكنيسة المصرية «تواضروس الثاني»، في يوليو/تموز الماضي.

ورغم الأحداث التي وقعت للمسيحيين المصريين خلال السنوات الثلاث الماضية، وصف البابا «تواضروس الثاني» بابا الكنيسة الأرثوذكسية، في لقاء متلفز يناير/ كانون ثان الماضي، الرئيس «عبد الفتاح السيسي» بأنه «قائد روحي للدولة المصرية»، نافيا أن تكون العلاقة بين الرئيس والأقباط بها أية شوائب معتبرا ذلك «كلاما مغرضا».

وفي ديسمبر/كانون أول الماضي، شهدت الكنيسة البطرسية المجاورة للمقر البابوي بالقاهرة تفجيرا ضخما هو الأول من نوعه، أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، وتبنى «تنظيم الدولة» مسؤوليته عنه، مهددا باستهداف المسيحيين في بث مصور الشهر الماضي.

وبخلاف ذلك شهدت محافظة «الإسكندرية» شمالي مصر واقعة ذبح لمسيحي بخلاف وقائع الاستهداف السبعة الأخيرة في شمال سيناء.

وأظهر استطلاع رأي، أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة» (غير حكومي/مقره القاهرة)، مؤخرا عن انخفاض نسبة الموافقين على أداء الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» بنسبة 68% مقارنة بحوالي 82% قبل شهرين، مع أجواء مرتبطة بارتفاع الأسعار وتراجع سعر الجنيه المصري.

  كلمات مفتاحية

الأقباط عبدالفتاح السيسى البابا تواضروس الثاني الكنيسة الأرثوكسية النزوح الجماعي

الأقباط لـ«السيسي»: أيّدناك وخدعتنا .. ونخشى خطرا طائفيا

لأول مرة .. حركة «تمرد» في مصر لعزل بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية