استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عقدة الأقليات في المشرق العربي

الأحد 30 نوفمبر 2014 04:11 ص

بعد عقود من الاستبداد والتسلط تنهار الدول الوطنية في العالم العربي، ليصحو العرب في سورية والعراق، ومن قبلهما في لبنان، ومن بعدها اليمن، ليجدوا أن لا شيء يجمع سكان تلك المنطقة من العالم سوى الجغرافيا.

فيعودوا إلى هوياتهم الأولية الطائفية والقبلية لحماية «جماعاتهم» بعد أن فشلت الدولة القُطرية في صناعة هوية بديلة جامعة. أو تعزيز الهوية العربية سياسياً كهوية تعاقدية تحت ظل الدولة من خلال ترسيخ العدل والحرية وتداول السلطة. لخلق شروط موضوعية لاستمرارية الدولة الوطنية.

الأسوأ من الانزلاق إلى حروب أهلية طائفية في العالم العربي هو العجز عن رؤية الواقع على حقيقته. أو تجاهل بعض سماته عمداً، فيتم الاستسلام لرؤية واحدة، وتعميمها على العالم العربي كله. 

لا توجد حروب عرجاء، فالحروب بالتعريف قتال بين طرفين وإن تفاوتت القوة. أما المعارك من طرف واحد، فتسمى إبادة أو تطهير عرقي لا حرباً. ما يحدث في العالم العربي اليوم هو حرب طائفية متعددة الأطراف بقوة متفاوتة. وهذا ما يتم تجاهله لمصلحة مقولات «اضطهاد الأقليات» و«الإرهاب». الذي هو بالضرورة -بحسب الصورة المغلوطة السائدة- إسلامي وسني وسلفي. 

فهم الوضع العربي قائم على دراسة مكوناته. مفهوم الغالبية والأقلية أساسية لفهم ما يحدث. لكنه يستخدم بشكل منقوص وأعرج، باعتبار الغالبية والأقلية مسألة ديموغرافية بحتة. وهذا مبرر في بعض السياقات، لكنه بحاجة إلى مزيد تفصيل. الأقلية والغالبية مفهوم سياسي مرتبط بالقوة داخل الدولة، أكثر من كونه مسألة ديموغرافية عددية. ومعنى أن هذا المفهوم سياسي أنه يعتمد على الموجودين في مراكز القوة والنفوذ ومن بيدهم السلطة، فعندما تستفرد أقلية «بالمعنى الديموغرافي» بالحكم، لا تصبح أقلية بالمفهوم السياسي، وهي تملك السلطة والمال والنفوذ، وتتحكم بأجهزة الدولة وجيشها.

نظام المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في لبنان قائم على فكرة سياسية لا حقائق ديموغرافية.

بالسياق ذاته الحديث عن تهديد «داعش» للأقليات يُظهر نصف الحقيقة، فهو يتجاهل أن بشار الأسد يشن حرباً وقودها ما يسمى «أقليات» من أبناء الطائفة العلوية والميلشيات الشيعية العراقية واللبنانية. وهذا ما يعني أن ما يحدث في سورية ليس تهديد «داعش» للأقليات، كما يحاول محبو بشار الأسد تصوير الأمر، لاستجداء تعاطف دولي؛ لمساندة الرئيس المناضل، بل يمكن تصوير الوضع بأنه حرب من أقليات تملك النفوذ والسلطة (وهم هنا العلويون) على أكثرية الشعب.

الأمر لا يختلف كثيراً في العراق. فالإسلام السياسي الشيعي يقوم بإدارة الدولة منذ قرابة العقد من الزمان. والساسة الشيعة يؤكدون دائماً أنهم غالبية «ديموغرافياً»، ولذا يحق لهم حكم البلد كيفما شاؤوا، وتم قمع المقاومة «السنية» باستخدام ميلشيات شيعية كفيلق بدر ضمن أجهزة الدولة «قوات مكافحة الإرهاب».

فالواقع في العراق ليس فقط أن مسألة الغالبية والأقلية معكوسة «التأكيد على أن الشيعة هم الغالبية» بل أيضاً الميلشيات الطائفية الشيعية تعمل تحت ظل الدولة، وبإذنها، باسم قوات مكافحة الإرهاب تارة، ويتم تجنيدها بنداء المرجعيات الدينية -حتى من يدَّعي اعتزال السياسة كالسيستاني- لمواجهة «داعش»، تارة أخرى.

في اليمن لا يختلف الوضع كثيراً، مع تنامي قوة الحوثيين واستيلائهم على صنعاء وغيرها نجد تداخل العوامل الطائفية مع المسألة القبلية التي فشلت الدولة اليمنية الوطنية في حلها. بل لعب النظام السابق على وترها من أجل توطيد سلطته، إلا أن عاملاً جديداً برز على الساحة اليمنية، وهو الدعم الإيراني للحوثيين وميلهم إلى التشيع الإثني عشري. هذه المستجدات كلها سوية تقلب الرؤية السائدة عن معارك الغالبية - الأقليات في المنطقة-، فلا السنة غالبية ولا الأقليات بريئة.

تضخيم دور «داعش»، والتي لم تحارب إلا على ساحات مفككة وفي مواجهة دول وجيوش منهارة. وسيطرتها على الساحة العربية كمجرم أوحد بشكل يتجاهل بقية المجرمين، يأتي لأسباب عدة، أهمها: الخضوع لأسطورة الغالبية في مواجهة الأقليات. وباعتبار «داعش» يمثل الغالبية السنية على رغم عدم دقة هذا الوصف، فـ«داعش» ميلشيا عقائدية قتلت من السنة كما قتلت من غيرهم. والسنة مهمشون سياسياً في الساحات التي يقاتل فيها «داعش»، فليسوا غالبية سياسياً. الأمر الآخر: الاستسلام للتعريف الأميركي للإرهاب والذي يحصره في القاعدة-داعش أو «الإرهاب السني» ويتجاهل الميلشيات الشيعية العراقية أو قوات الدفاع الشعبي السورية العلوية أو ميلشيات الحوثي كميلشيات إرهابية لا تختلف عن «داعش» في شيء.

العامل الثالث في تضخيم «داعش» إعلامياً، يعتمد عليه نفسه. والتي تستخدم ما يمكن تسميته «الصور السينمائية» في القتل والإبادة لأغراض عسكرية. فقطع الرؤس وتصوير الإعدامات الجماعية يأتي كقوة ردع في يد «داعش» لإرهاب الآخرين. ويجد تنظيم «داعش» أن هذه الطرق مفيدة جداً، كما حدث في الموصل عندما هربت «قوات المالكي» قبل أشهر. يستخدم التنظيم هذا العرض السينمائي على رغم كلفته الباهضة على شعبيته.

فالناس تدين وتتقزز من قطع رأس أحدهم بالسكين أكثر بكثير من إبادة العشرات ببرميل متفجر أو قصفهم بالطائرات من دون طيار «الدرونز». تصوير الوضع في المشرق العربي على أنه حرب «الغالبية السنية السلفية الإرهابية المتطرفة» على الأقليات الضعيفة المحتاجة إلى الحماية الدولية لا يعدو أن يكون مغالطة صارخة. ففي المنطقة لا نجد أنفسنا أمام «غالبية-أقليات» بالمعنى التقليدي أو الجوهراني الثابت. بل نحن أمام غالبيات وأقليات باختلاف موازين القوة ومن هم في السلطة وتبدل الداعمين الدوليين والسردية التي تروّج لها وسائل الإعلام.

 

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

المشرق العربي السنة الأغلبية الأقليات الحوثي التشيع الاثناعشري لبنان الجغرافيا الإرهاب

فورين بوليسي: تهميش المملكة العربية السعودية لشيعتها سيؤدي إلى كارثة

العروبة تعطي المنطقة هويتها .. وإسرائيل دولة «الشرق الأوسط» الوحيدة!

2015 بين المفاجآت والتحولات

للمرة الأولي .. تركيا تسمح ببناء كنيسة في اسطنبول

خرائط جديدة للمشرق العربي: حروب أهلية تكمل ما بدأه «داعش»؟!

السعودية تتبرع بـ50 مليون دولارلصالح مسلمي «ميانمار» وتطالب بوقف التمييز ضدهم

الاضطراب الإثني والديني