تركيا والتعويضات وشروط التأمين.. عقبات أمام مصر تمنع عودة السياحة الروسية

الأربعاء 15 مارس 2017 07:03 ص

«السياحة بتركيا.. وملف تعويضات ضحايا الطائرة المنكوبة.. وشروط تأمين الرحلات»، ثلاثة ملفات رئيسية تقف عقبة أمام عودة السياحة الروسية إلى مصر، والمتوقفة منذ أكثر من عام ونصف على خلفية حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء في أكتوبر/ تشرين الأول 2015.

صحيفة «العربي الجديد»، نقلت عن مصادر قولها إن إعلان وزير النقل الروسي «مكسيم سوكولوف»، أن مصر وافقت بشكل عام على الشروط الروسية لتوقيع اتفاقية أمن الطيران التي ترغب موسكو في إبرامها مع القاهرة، كمقدمة لعودة الطيران والسياحة الروسية إلى مصر، «غير دقيق».

ولفتت إلى أن حالة من الغضب، سيطرت على أوساط قطاعي السياحة والطيران المصريين، خاصة أن «مصر ما زالت تتحفظ على بعض الشروط الروسية، مثل تحديد مواعيد دورية للتفتيش الروسي على سلامة الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية المستخدمة في رحلات الطيران الروسي، بالإضافة لتحديد عدد أدنى وأقصى من الرحلات اليومية المتبادلة، وتحديد المطارات الدولية التي يمكن أن تستخدمها الدولتان في رحلاتهما المتبادلة كمحطات مؤقتة (ترانزيت)».

واعتبرت المصادر أن وزارتي الطيران والسياحة، «ما زالتا تريان بعض هذه الشروط مجحفة وستؤدي لإرباك في نظم إدارة المطارات المصرية وتعاملها مع الرحلات القادمة من الدول الأخرى، لا سيما أنها أصعب من تلك التي حددتها كل من بريطانيا وألمانيا لاستئناف رحلات الطيران، بالإضافة إلى أنها وُضعت بعد أكثر من 10 حملات روسية تفتيشية في مصر، منها اثنتان خلال العام الحالي إثر تفتيش لجنتين روسيتين لـ5 مطارات، من بينها المطارات الثلاثة الرئيسية في القاهرة والغردقة وشرم الشيخ».

وأضافت المصادر أن «تصريحات الوزير الروسي تأتي من باب الضغط على مصر لتقديم مزيد من التنازلات، وأن وزير الطيران الحالي شريف فتحي، منح الجانب الروسي جميع التنازلات الممكنة، بما فيها بعض الأمور التي من المستحيل أن توافق عليها حكومة أخرى في العالم، وذلك بتعليمات من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، لاجتذاب السياحة الروسية وإرضاء موسكو».

غير أن سعي «السيسي» لإرضاء روسيا في هذا الملف يصطدم بثلاثة أمور رئيسية.

السياحة بتركيا

أول هذه العقبات، هي أن نظيره الروسي «فلاديمير بوتين»، لا يبدو حريصاً على إعادة السياحة الروسية لمصر في ظل انتعاش العلاقات بينه وبين تركيا، خصوصاً في ظل تصريحاته الأخيرة التي قرأتها وسائل الإعلام كدعاية للسياحة في تركيا.

إذ قال «بوتين»، خلال مؤتمره الصحفي المشترك مع الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» في موسكو، الجمعة: «نشعر بكرم الضيافة في تركيا، وشخصياً قضيت عطلتي مرات عدة فيها».

وعلى الرغم من حادث مقتل السفير الروسي في أنقرة، والخلافات المعلقة بين البلدين فيما يتعلق بالشأن السوري، إلّا أن «بوتين» ما زال يعتبر تركيا بلداً أكثر أمناً من مصر بالنسبة للمواطنين الروس، أخذاً في الاعتبار أن 60% من السياحة الروسية المعتادة لمصر، توجهت إلى تركيا بعد قرار تعليق الطيران، بحسب إحصائيات مصرية رسمية، بينما توزعت النسبة الباقية بين روسيا (رغم أنها أغلى من المدن المصرية) والمغرب.

وأشارت المصادر إلى أن «تشجيع بوتين للسياحة في تركيا سيبطئ بالتأكيد جهود استعادة السياحة الروسية التي يراهن السيسي عليها، لردّ الروح تدريجياً لسوق السياحة والعملة المحلية المتراجعة»، واصفة الأمر بأنه «يتنافى مع ما تشيعه وسائل إعلام السيسي عن قوة العلاقة بين القاهرة وموسكو».

ملف التعويضات

أما الأمر الثاني، الذي يحول دون إتمام هذا الملف، فهو إصرار روسيا على إنهاء ملف تعويضات ضحايا حادث طائرة سيناء قبل عودة السياحة.

وأوضحت المصادر أن «موسكو توجه أصابع الاتهام بالتقصير أو التواطؤ لقيادات مطار شرم الشيخ وقطاع الطيران المدني، وتصر على وضع حدود لهذه الاتهامات توطئة لمطالبة مصر بتعويضات مالية إضافية لأسر الضحايا».

قواعد التأمين

أما العقبة الثالثة، بحسب مصادر الصحيفة، فهي أن وزارة الطيران الروسية أوعزت إلى الشركات السياحية المحلية المتعاملة مع مصر (وبعضها له فروع ثابتة في سيناء والقاهرة، وبعضها الآخر مشارك في ملكية بعض الفنادق والمنتجعات)، بضرورة إبرام اتفاقيات جديدة مع وزارة الطيران المصرية لوضع قواعد جديدة للسفر والترانزيت وتأمين الرحلات، بالإضافة لإبرام اتفاقيات مع وزارة الداخلية المصرية لتأمين العاملين بالشركات والمتعاملين معها، وهو ما تتحفظ عليه مصر، وتعتبره إمعاناً في الضغط عليها.

يذكر أن الرئاسة المصرية أعلنت مرات عدة أن «بوتين» وعد «السيسي» باستئناف الرحلات الجوية الروسية لمصر قريباً، وذلك على مدار العام الماضي والشهر الأول من العام الحالي.

والأحد الماضي، نقلت وكالة «تاس» عن وزير النقل الروسي «ماكسيم سوكولوف»، أن مصر وروسيا اتفقتا بشكل عام على البروتوكول، إلا أن «الجانب المصرى لم يحدد تاريخ ومكان وتوقيت توقيع الاتقاقية»، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق على جميع القضايا الأخرى.

وكانت الحكومة الروسية قد وافقت، الشهر الماضى، على نص البروتوكول حول سلامة الطيران بين موسكو والقاهرة، المعد من قبل وزارة النقل الروسية.

تنص الوثيقة على أن شركات الطيران الروسية والمصرية لن تتمكن من تنفيذ رحلاتها إلا بعد عقد اتفاقية حول سلامة الطيران مع الجهة الروسية المختصة.

وتشير الوثيقة إلى أن هذه الجهة ستقوم بمراقبة الوضع في مجال سلامة الطيران، وتحديدا مراقبة الإجراءات الخاصة بضمان سلامة الطائرات والمسافرين والشحنات والحقائب والبريد والوجبات الغذائية المقدمة على متن الطائرات المتوجهة من الأراضى المصرية إلى الأراضى الروسية.

وقبل أسبوعين، قالت «فالنتينا ماتفيينكو» رئيسة المجلس الفيدرالي الروسي، خلال زيارة قامت بها إلى مصر، إنه «تم تنفيذ الكثير من الإجراءات الضرورية لاستئناف الرحلات الجوية.. وتم تقريبا تنفيذ نحو 90% من خارطة الطريق لاستئناف الرحلات.. ويتبقى 4 نقاط فقط لاستكمال تنفيذ هذه الخارطة (لم تعلن طبيعتها)».

وتابعت «ماتفيينكو»: «تحطم الطائرة الروسية كان مأساة في تاريخ روسيا، لذا يجب الأخذ بعين الاعتبار جميع الإجراءات لتأمين المطارات.. ويمكن القول بارتياح إن السلطات المصرية والروسية وأجهزة الأمن في الجانبين اتخذت قرارات في هذا الشأن».

وأشارت إلى أن فريقا من الخبراء الروس سيزور مصر لتقديم الإمكانيات لاستئناف الرحلات الجوية وذلك بعد استكمال تنفيذ النقاط الأربعة الباقية.

والشهر الماضي، قال وزير السياحة المصري «محمد يحيي راشد»، إنه لا توجد لديه معلومات مؤكدة حول عودة السياحة الروسية لمصر ولكنه «متفاءل» بأن ذلك سيحدث قريبا.

وكانت موسكو قد علقت رحلات الطيران من وإلى مصر، بعد تحطم طائرة ركاب من طراز «إير باص-321» تابعة لإحدى شركات الطيران الروسية فوق سيناء فى نهاية شهر أكتوبر/ تشرين أول 2015، والتى أودت بحياة 224 شخصا كانوا على متنها، فيما تبين بعد أنها تحطمت جراء تفجير بعبوة ناسفة تبناه تنظيم «الدولة الإسلامية».

وفي سبتمبر/أيلول 2016، وضع الجانبان خطة تهدف لاستئناف رحلات الطيران بين مطاري موسكو والقاهرة كمرحلة أولى، ومن ثم استئناف رحلات الطيران النظامية بين العاصمة الروسية ومدينتي شرم الشيخ والغردقة، ليعود بعدها المسؤولون الروس والمصريون إلى مناقشة مسألة استئناف رحلات الطيران العارضة «تشارتر» بين البلدين.

وعلى مدار الشهور الماضية، توالى وصول الوفود الأمنية إلى مطار شرم الشيخ الدولي، ومطار القاهرة الدولي، لتفقد الإجراءات الأمنية قبيل عودة السياحة الروسية لمصر، التي كان قد أعلن عن استئنافها قبل نهاية 2016، إلا أن ذلك لم يحدث.

وكانت مصادر في وزارة الطيران المدني المصرية، قالت في وقت سابق، إن قرار موسكو بعدم عودة السياحة إلى مصر، يعود لاعتبارات سياسية، أكثر منها أمنية.

يشار إلى أن القرار الروسي بمنع سياحها، تسبب في صدمة كبيرة للعاملين بالقطاع السياحي في مصر.

وبعد صدور قرار باستئناف الرحلات، سيعود السياح الروس إلى مصر، التي تعتمد على السياحة بشكل أساسي، فقبل تعليق الرحلات السياحة شكلت السياحة الوافدة من روسيا نحو 50% من إجمالي سياح العالم، الذين يتجهون إلى مصر.

أما ألمانيا، فرفعت في يناير/ كانون الثاني الماضي، حظر طيرانها عن مناطق بجنوب سيناء، دون شمالها، حيث أصدرت وزارة النقل الفيدرالية الألمانية إعلانا تعفي فيه شركات الطيران الألماني من الالتزام بالطيران على ارتفاع 26 ألف قدم فوق جنوب سيناء، خاصة أن تقديرات الاستخبارات الألمانية تشير إلى مخاطر على الطيران المدني فوق شمال سيناء، ومن ثم تم التفاهم على رفعه عن الجنوب وتعديل مسار الرحلات المتجهة إلى مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء.

وتواجه السياحة المصرية أزمة حادة، جراء الإجراءات التي اتخذتها الدول ضدها، حتى تراجع إجمالي عدد السياح الوافدين إلى مصر بنحو 42% خلال الشهور العشرة الأولى من 2016 (من يناير/كانون ثاني حتى أكتوبر/ تشرين الأول) مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ليبلغ نحو 4.339 مليونًا، حسب بيانات رسمية.

  كلمات مفتاحية

مصر روسيا بوتين تركيا عودة السياحة استئناف الطيران السيسي

لتنشيط السياحة.. مصر تمنح مقيمي الخليج تأشيرات دخول مجانية

ارتفاع أعداد السياح الروس إلى تركيا بنسبة 5000%

قلق مصري من مشروع سياحي سعودي منافس بالبحر الأحمر

روسيا تنتظر ردا مصريا على بروتوكول أمن المطارات لعودة السياحة

تركيا وروسيا توقعان بروتوكول تعاون في قطاع السياحة