العيون تتجه صوب سوق الأوراق المالية السعودية

الخميس 18 ديسمبر 2014 07:12 ص

ربما يكون فتح سوق الأسهم السعودية أمام الاستثمار الأجنبي المباشر بعد أشهر من الآن، ولكن مديرو الأصول في الشرق الأوسط يستعدون بالفعل لالتقاط تدفقات الاستثمار المتوقع أن تصب في أكبر بورصة في العالم العربي. وتُظهر خططهم - إنشاء صناديق مالية جديدة تركز على السعودية، وإنشاء أو توسيع مكاتب لهم في العاصمة الرياض - أنهم لا يريدون تفويت أي فرصة في سوق ناشئة تبلغ استثماراتها 543 مليار دولار أمريكي على وشك أن تفتح أبوابها.

«إن فتح السوق السعودية سيكون بمثابة المُحرك الهائل الذي يسوق رؤوس الأموال للدخول إلى المنطقة» بحسب ما ذكره «ديفيد مارشال»، الرئيس التنفيذي الأول لدى «الإمارات دبي الوطني لإدارة الأصول» ذراع إدارة الأصول التابعة لبنك الإمارات دبي الوطني ثاني أكبر بنوك الإمارات العربية المتحدة. والذي أضاف «أعتقد أن المستثمرين الأجانب سيخصصون الأموال للمديرين الإقليميين. الأرجح أنها سيسعون لشراء حصة في خبرة تلك الشركات في تحليل واختيار الأسهم».

المبادرة السعودية التي تم الإعلان عنها من قبل «هيئة السوق المالية» في البلاد خلال شهر يوليو/تموز الماضي تُبشر بالحفاظ على التوسع في قطاع إدارة الأصول الناشئة سريعة النمو في المنطقة. وزادت الصناديق الاستثمارية التي تديرها قائمة «الشرق الأوسط 20» (وهي ترتيب حصري صادر عن «انستيتيوشنال انفستور» لأكبر مديري الاستثمار في المنطقة) زادت بنسبة 22.6% في 12 شهر انتهت في 30 يونيو/حزيران بأصول مالية بلغت 78.1 مليار دولار.

حافظت شركة «الأهلي كابيتال» - ذراع إدارة الأصول في البنك الأهلي التجاري بالمملكة العربية السعودية – على موقعها على رأس القائمة بأصول مالية بلغت 15.7 مليار دولار. وحل بعدها البنك البحريني «انفستكورب» في المركز الثاني بأصول بلغت 11.4 مليار دولار، ومجموعة «أبراج» في دبي - أكبر شركة أسهم خاصة في المنطقة – ثالثة بأصول بلغت 7.5 مليار دولار. 

وعلى الرغم من أن أصول قطاع إدارة الأصول تتضاءل بالمقارنة مع ما يقرب من 2 تريليون دولار تديرها صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي الست النفطية الغنية - البحرين الكويت عمان قطر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة – إلا إن مديري الأصول والتجزئة متفائلون بشأن آفاق النمو. ويشير الواقع إلى تزايد أعداد مديري الأصول في الشرق الأوسط - وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي - بشكل ملحوظ في السنوات القليلة الماضية؛ حيث وصل إلى ما يقرب من 170 شركة من حوالي 130 قبل ثلاث سنوات فقط، وفقًا لــ«برايس ووترهاوس كوبرز».

ويقول «رمزي عبدالجابر» - العضو المنتدب ورئيس تطوير الشركات بشركة انفستكورب - «لقد كان الدافع وراء جمع الأموال هذا العامأولاً عن طريق الاتفاق بين عدة شركات في المنطقة هو التوسيع والتعميق. ثانيا؛ هناك المزيد من المستثمرين الراغبين في التنويع البعيد جغرافيا ووفقًا لفئات الأصول. كما أن المستثمرين أصبحوا أكثر مهارة».

ومع ذلك؛ فإن الطريق أمامنا لا يخلو من التحديات التي تواجه مديري الأصول في المنطقة. وفي أكتوبر خفض «صندوق النقد الدولي» توقعاته للنمو في عام 2014م لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان إلى 2.7% و0.4 نقطة مئوية أقل من توقعاته في يوليو/تموز،  وخفض أيضًا توقعاته لعام 2015م بــ0.9 نقطة، بنسبة 3.9%. وعزا صندوق النقد الدولي خفض توقعات النمو للاضطرابات السياسية.وتراجعت منذ صدور هذا التقرير أسعار النفط العالمية بشكل حاد موجهة ضربة أخرى لاقتصادات المنطقة، ومهددة بدفع الميزانيات الحكومية إلى المنطقة الحمراء.

وقد ارتفع النمو بشكل أفضل في معظم أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي؛ حيث تتمركز غالبية قائمة «الشرق الأوسط 20»، ولكن وزير المالية الكويتي «أنس الصالح» حذر في أكتوبر/تشرين الأول أن ضعف أسعار النفط من شأنه أن يجبر الحكومات على تخفيضات في الإنفاق العام.

ورغم ذلك فإن مديري الأصول متفائلون بشأن التوقعات. «لقد كانت دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة قصة نمو هائلة خلال العقد الماضي» بحسب «عبدالجابر» الذي تابع : «تنمو الشركات بشكل هائل. نحن نحاول التقاط كمية متناسبة من هذا النمو، سواء في جانب جمع الأموال أو الجانب الاستثماري. نعمل على زيادة تواجدنا». ويخطط بنك «انفستكورب» – الذي لديه بالفعل مكاتب في المنامة والرياض وأبو ظبي - لفتح فرع آخر في العاصمة القطرية الدوحة العام المقبل، وكذلك زيادة عدد مديري العلاقات الميدانيين في هذه المدن، ودعم فريق الاستثمار إجمالاً في المنطقة. ورفض «عبدالجابر» إعطاء أرقام محددة للموظفين.

بالنسبة للكثير من مديري الصناديق فإن طموحات النمو مُركزة على المملكة العربية السعودية؛ لأنها تستعد لجذب جزء من تدفق جديد متوقع للأموال في النصف الأول من عام 2015م عندما يسمح للأجانب بشراء وبيع الأسهم المحلية للمرة الأولى. وفي الوقت الراهن فإن الأجانب - باستثناء مواطني دول الخليج الأخرى – يمكنهم  الوصول إلى السوق السعودية فقط من خلال مقايضات رتبتها البنوك الدولية، ومن خلال عدد محدود من الصناديق المتداولة في البورصة. ويقدر محللون أن الأجانب يمتلكون أقل من 5% من سوق «تداول»، سوق أسهم أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. وتبدو احتمالات الاستثمار الأجنبي مشرقة نظرًا لكون المملكة العربية السعودية صاحبة أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط كما تمتلك أكبر سوق للأسهم؛ بما في ذلك كبرى الشركات مثل مجموعة البتروكيماويات السعودية للصناعات الأساسية. ومن المفترض أن يصاحب افتتاح البورصة للأجانب تأثيرات أكبر إذا أنه يؤدي إلى إدراج «تداول» في مؤشرات الأسهم العالمية. وقال «مورجان ستانلي كابيتال انترناشيونال» إن المملكة العربية السعودية قد تُضاف إلى مؤشر الأسواق الناشئة في عام 2017 على أقرب تقدير.

ويرى «سليم خوخار» - رئيس إدارة الأسهم بمجموعة إدارة الأصول في بنك أبوظبي الوطني، أكبر بنك في دولة الإمارات العربية المتحدة - أن المملكة العربية السعودية يمكن أن تجتذب ما بين 35 مليار و40 مليار دولار من خلال التدفقات المباشرة ومن ثمّ ينبغي أن تحصل على تصنيف الأسواق الناشئة. «نتطلع إلى تأسيس مكتب في السعودية في العامين المقبلين أو نحو ذلك» هكذا قال «خوخار» الذي صعدت شركته هذا العام درجة واحدة محتلة المركز العاشر في «الشرق الأوسط 20» بقيمة في الأصول بلغت 2.96 مليار دولار. مُضيفًا: «سيكون لدينا فريق إدارة أصول مُسجّل محليًا وكذلك مديرين للصناديق». 

وأطلق «بنك الإمارات دبي الوطني» لإدارة الأصول - والذي تراجع إلى المرتبة الــ 12 بأصول بلغت 2.56 مليار دولار - صندوقًا مقره لوكسمبورج ليركز على المملكة العربية السعودية في محاولة لجذب المستثمرين الدوليين.

وأنشأت مجموعة بنك «الاستثمار الإسلامي الأوروبي رسملة» - بنك استثماري يتخذ من دبي مقرًا حل في الترتيب الــ15 في القائمة الحصرية - فريقًا بدوام عمل كامل في دبي عام 2012م للتحدث مع المستثمرين الإقليميين والدوليين، وتحديد كيف ينبغي للشركة اختيار وضعها المناسب عندما يفتح السوق السعودي بحسب «زاك حيدري» - الرئيس التنفيذي للمجموعة. وتابع «نحن نرى العديد من المستثمرين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يرغبون في بذل المزيد من الجهد في السعودية بمجرد فتح السوق، كما يقوم المستثمرون الدوليون بمتابعة الموقف من مناطق بعيدة مثل الولايات المتحدة وأوروبا أو الدول الشرقية ويطرحون تساؤلاتهم بشأن الوضع».

ويمتلك بنك «انفستكورب» تسعة موظفين في مكتب الرياض الذي افتُتح قبل خمس سنوات، ويخطط لــ«زيادة الموظفين بشكل كبير» للعمل في جمع الأصول والاستثمارات بحسب ما ذكره «عبدالجابر». ويمتلك «انفستكورب» ما مجموعه 400 مليون دولار أمريكي قيد الاستثمار في أربع شركات في المملكة العربية السعودية؛ من بينها شركة لتأجير السيارات، وأخرى لإدارة سلسلة للياقة البدنية، وصناعة الذهب والمجوهرات. وبالنسبة للشركة؛ فإن انفتاح  السوق السعودي قد يجعل البورصة «قضية أكثر جاذبية لخروج نهائي من شركات الحوافظ المالية في المنطقة» بحسب «عبدالجابر».

وأعرب بعض مديري الأصول الإقليمي عن شكوكهم بشأن اكتساب صناعتهم اعتمادات كبيرة من الخطوة العربية السعودية المقبلة. ويرى «روبرت برامبرجر» - القائم بأعمال رئيس إدارة الأصول في شركة «المستثمر الأول» بالدوحة؛ الذراع المصرفية الاستثمارية لبنك بروة في قطر الذي يحتل المركز الــ14 في الترتيب – أن المستثمرين الأجانب على الأرجح سيتثمرون في المملكة العربية السعودية من خلال مديري أصول من خارج دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف: «لن يرى مديرو الأصول المحلية الكثير من تلك التدفقات. سيحاول مديرو الأصول الأوروبية والأمريكية الحفاظ على المال في المؤسسة، بينما قد يرغب مديرو الأصول الصغار من غير دول مجلس التعاون الخليجي في تحويل ذلك إلى مديري أصول من غير دول مجلس التعاون الخليجي».

وبالإضافة إلى خطط التوسع في المملكة العربية السعودية، فإن هناك بعض الشركات التي تبحث عن النمو من التعاون الوثيق مع صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي. ويقول «مارشال» من «بنك الإمارات دبي الوطني» إن شركته تدير بعض الأصول السيادية - تحدث عن اتفاق سري رفض الإفصاح عن تفاصيله - وأن هناك «رغبة أكبر» من هذه الصناديق أن تُدار أصولها من قبل لاعبين إقليميين. وأردف: «قبل بضع سنوات لم تكن الصناديق السيادية متفائلة بشأن الاقتصادات الإقليمية. لكن هذا قد تغير، وأنا على علم بأننا واثنين من منافسينا تلقينا تفويضات من صناديق ثروة سيادية».

المصدر | فيتا بيكر، انستيتيوشنال انفستور

  كلمات مفتاحية

سوق الأسهم السعودية السوق المالية السعودية السعودية

ماذا يعني فتح السوق السعودية أمام المستثمرين الأجانب؟

البورصة السعودية تصعد مع خطة لفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب