استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بالأرقـام.. الاقـتـصاد القـطري أقـوى من حـصارهم

الأربعاء 14 يونيو 2017 06:06 ص

بالأرقام.. الاقتصاد القطري أقوى من حصارهم

مع فجر كل يوم جديد ينبثق، تتضح الصورة أكثر لحجم التآمر على قطر، وأن القضية ليست كما تدعي هذه الدول عبر بياناتها وأبواقها المتبادلة الأدوار، فكل ما يساق من تهم ما هي إلا مزاعم من أجل الضغط على قطر للتنازل عن سياساتها وتوجهاتها الداعمة لقضايا الأمة، وانتزاع وصاية على القرار الوطني، وهذا لن يتم، حتى ولو استمرت هذه الأعمال والإجراءات العدائية 100 عام، فقطر قادرة على الصمود، بل والمضي قدماً في مشاريع التنمية الشاملة دون تأخير أو ارتباك فيها.

فهذا البلد ليس دولة هامشية أو يعيش على الأطراف، بل هو دولة محورية، وهذا ما رأيناه خلال الأيام الماضية من حجم التأييد الرسمي على مستوى الدول والحكومات، ناهيك عن التأييد الشعبي، والتضامن من كل أحرار العالم، وهو أحد الأسباب التي دفعت الحلف الثلاثي إلى القفز مرة واحدة إلى أقصى درجات العدوان في علاقات الجيرة، بعد نحو 10 أيام من تحريض إعلامي غير مسبوق في العلاقات حتى بين الأعداء، فما بالك بالأشقاء، كما يزعمون، بعد أن رأوا أن الحملات الإعلامية لم تسفر عن خلخلة الجبهة الداخلية في قطر.

بل على العكس خلقت التفافاً حول قيادتها بصورة لم تظهر في أي دولة، وحاولوا البحث عن أي شخصية وبأي ثمن للادعاء بوجود معارض، فلم يجدوا حتى ولو طفلاً يستمع إليهم، فأطفالنا صغار في السن.. كبار في العقول.. فسقط في أيديهم، فكان الهروب من الفشل إلى فرض حصار على قطر، ومقاطعة شاملة، لم تحدث في جزيرة العرب بهذه الصورة إلا مرة واحدة قبل هذا الحصار، وهو حصار «شعب بني طالب» في بداية الدعوة النبوية، ليكون هذا هو الحصار الثاني في تاريخ الجزيرة العربية.

ولكن التساؤل: هل قطر بهذا الضعف حتى يمكن من خلال حصار اقتصادي «تركيعها»، أو فرض «إملاءات»، أو تغيير قرارها السيادي، أو فرض الوصاية عليها؟ 

هل الجبهة القطرية الداخلية لديها القدرة على الصمود؟ وما هي خيارات قطر الاقتصادية الخارجية؟ وكم يشكّل التبادل التجاري بين قطر والدول الثلاث المقاطعة؟ 

من خلال الأرقام التالية يمكن الوقوف على وضع الاقتصاد القطري:

يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي 170 مليار دولار، فيما تبلغ تجارة قطر مع العالم الخارجي 89 مليار دولار، ولا تزيد تجارتها مع دول الخليج عن 11 %، أي تجارتها مع دول الخليج لا تمثل سوى عُشر حجم تجارتها مع دول العالم، فأكبر الشركاء التجاريين لقطر: اليابان ثم كوريا الجنوبية تليها الهند ثم الصين.

واردات قطر من الدول المقاطعة لا تتجاوز 14 % من مجموع وارداتها، حيث تبلغ الواردات من الإمارات 8.8 %، ومن السعودية 4.3 %، ومن البحرين 0.9 %، أي لم تكمل حتى 1 %، بينما البقية من دول العالم، أما صادرات قطر إلى الدول المقاطعة فهي 7.5 % من مجموع صادراتها الخارجية.

نسبة النمو حسب صندوق النقد الدولي لهذا العام 3.4 %، وهي الأولى خليجياً، ومن بين الأعلى عالمياً، والفائض المالي في شهر أبريل الماضي فقط 2.7 مليار دولار.

حجم الاستثمارات التي يتم تنفيذها حالياً في قطر نحو 200 مليار دولار، فيما الاستثمارات في البنية التحتية تبلغ 115 مليار دولار.

لديها أكبر ميناء في الشرق الأوسط، وواحد من أكبر المطارات على مستوى العالم، والمطار العربي الوحيد ضمن أفضل مطارات العالم (السادس عالمياً)، وخطوطها القطرية الأولى عالمياً، وتمتلك 196 طائرة من أحدث الطرازات، وتصل إلى 155 محطة في العالم.

وبالأمس أعلنت «موانئ قطر» أنها بدأت بتسيير رحلات مباشرة إلى ميناء صحار بسلطنة عمان الشقيقة لنقل البضائع، أي إنها استطاعت أن توجد البديل لميناء جبل علي خلال 48 ساعة فقط، كما أن الشقيقة عمان وضعت كل موانئها تحت تصرف قطر، وأبدت استعدادها لتزويد قطر بما تحتاجه، والشقيقة الكويت سارت على المنوال نفسه، أما تركيا فقد بدأت مباشرة منذ اليوم الأول في تسيير جسر جوي مباشر لنقل المواد الغذائية، تبعته بتفعيل الاتفاقية العسكرية الموقعة في 2014 بإرسال قوات تركية إلى قطر، في تأكيد لعمق العلاقات الأخوية التي تجمع بين البلدين الشقيقين.

تحتل قطر المرتبة الأولى عربياً في مؤشر التنافسية، والمرتبة 13 عالمياً، والمرتبة الثانية عربياً و12 عالمياً في مؤشر حرية الاقتصاد، والأولى عربياً في مكافحة الفساد، والأولى على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر السلام، والـ 30 عالمياً من بين 163 دولة، والأولى عالمياً في الادخار الوطني، والأولى عربياً في التنمية البشرية.. وغيرها من الأرقام. كما أن الدخل السنوي للفرد فيها هو الأعلى عالمياً، حيث يصل إلى 129 ألف دولار.

قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، حيث تبلغ صادراتها سنوياً 77 مليون طن، وبالمناسبة 20 % من طاقة بريطانيا يتم استيرادها من قطر، أما الشقيقة الإمارات فتستورد 30 % من طاقتها من قطر، ولن تأتي على ذكر هذا أبداً، فإجراءات المحاصرة والمقاطعة التي اتخذتها بحق قطر تناست هذا الأمر، ولم تأتِ على ذكره. 

وتبلغ احتياطيات قطر من الغاز نحو 24.7 تريليون متر مكعب، وهو رقم مهول، يكفي لعقود من الزمن. 

جهاز قطر للاستثمار يحتل المركز التاسع عالمياً كأكبر صندوق استثماري سيادي، حيث تبلغ أصوله في العام الماضي 335 مليار دولار، وله استثمارات في مختلف قارات العالم وفي جميع المجالات، منها قطاع التكنولوجيا والمعلومات، والسيارات، والفضاء، والعقارات، ومحلات التجزئة، والسلع، والبورصات، والسياحة، والبنى التحتية.. فضلاً عن الاستثمارات في قطاع الأمن الغذائي، حيث تمتلك قطر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في أستراليا تبلغ نحو ثلث مساحة قطر، إضافة إلى استثمارات زراعية وثروة حيوانية في تركيا والسودان والهند وباكستان.

والأمر الآخر المهم، عدا هذه الأرقام الاقتصادية التي تبرز مكانة قطر وحيوية اقتصادها، أن علاقات قطر الدولية، والمصداقية التي تتمتع بها قيادتها، وحضورها الفاعل في مختلف مؤسسات المجتمع الدولي، هي التي تتحدث عن قضيتها العادلة أمام هذه الهجمة العدوانية غير المقبولة في عالم اليوم، الذي تحكمه قوانين وأنظمة ومعاهدات واتفاقيات، فنحن لسنا في عصر الغاب.

قطر لديها خيارات وبدائل متعددة في التعامل مع هذا الاعتداء الذي تعرضت له من الأشقاء، فكل الدول الفاعلة أبدت تضامنها ومساندتها لمواقف قطر، وبالتالي أي حصار اقتصادي لن يجدي، ولو استمر هذا الأمر 100 عام، لكن المؤلم بالنسبة لنا في قطر هذه القطيعة في الأرحام، وضرب النسيج الاجتماعي في المجتمع الخليجي، والدفع نحو شحناء وبغضاء بين الأسر والعوائل، ومحاولة تكميم الأفواه، بعدما عجزت الدول الثلاث عن إقناع مواطنيها -بالدرجة الأولى- بصدق ادعاءاتها، وهو ما دفعها إلى سن تشريعات وقوانين تجرّم حتى التعاطف مع قطر، ووصلت إلى السجن 15 عاماً وغرامات مالية «مليونية»، وهذا دليل على «تضعضع» الجبهة الداخلية، والرفض لما أقدمت عليه هذه الدول.

ولا أستبعد أن يتم تجريم حتى من يأتيه طيف في المنام بشيء عن قطر!! .

قطر امتصت صدمة المقاطعة في يومها الأول، وأعادت ترتيب أمورها بكل رشاقة، بعيداً عن أي ارتباك حقيقي في سير العمل، أو الحياة اليومية، وهو ما يؤكد جاهزيتها لأي أمور طارئة، وأدارت الأزمة بكل وعي سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الدبلوماسي.

أجزم أن الطرف المقاطع لم يكن في حسبانه الكثير من الأمور، ومن المؤكد أن جهازه «الاستخباراتي» قد ضلله، وأدخله في نفق مظلم.

البعض قد يقول إن الخطوات التي اتخذتها قطر، وتعاملت مع الأزمة بها، قد تحملها تكاليف مالية أعلى مما كانت تدفعه، خاصة فيما يتعلق بالشحن الجوي، قد يكون هذا صحيحاً، لكن في المقابل الدول الأخرى قد خسرت أيضاً اقتصادياً، خاصة قطاعها الخاص، فقطر هي الدولة الأولى في النمو، وبها مشاريع ضخمة تتولاها الحكومة.

فمشاريع كأس العالم وحدها تبلغ نحو 100 مليار دولار، فضلاً عن مشاريع البنية التحتية المختلفة، وهذا يعني أن الدول الثلاث قد خرجت من السوق القطري الأكثر نمواً، ومن حصة المشاريع الكبرى، وشخصياً عرفت عدداً من الشركات -خاصة من السعودية والإمارات- قد خسرت تعاقدات «مليارية» في قطر، وقطر لن يعجزها إيجاد البديل، بل على العكس تماماً هناك العديد من الدول وشركاتها التي تتزاحم للدخول إلى السوق القطري.

مرة أخرى.. قطر لن تتعامل مع الأشقاء بالعقلية نفسها التي تعاملوا بها سوياً، وستظل أياديها ممدودة للخير، ولن تقحم الشعوب في هذه الأزمة، سواء كان ذلك من الأشقاء بدول مجلس التعاون من الدول المقاطعة، أو شعوب الدول التي قاطعت أو خفضت تمثيلها، فدورهم ومكانتهم ستظل محفوظة، ولن يمسوا بأي سوء، ولهم الحرية الكاملة في التواجد معنا، نعتز بوجودهم في بلدهم قطر، التي ترفض تحميل الشعوب وزر اختلافات السياسة.

* جابر الحرمي كاتب صحفي 

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد القطري دول الحصار الجبهة القطرية الداخلية الناتج المحلي الإجمالي خيارات قطر

وزير المالية القطري: الحصار دفعنا لتعزيز قوتنا السياسية والاقتصادية

قطر الرابعة عالميا والأولى عربيا في «نمو الناتج المحلي»