لماذا يتعين على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في سياستها التقشفية في شرق المتوسط؟

السبت 27 ديسمبر 2014 03:12 ص

أشعل اكتشاف حقول ضخمة من الغاز الطبيعي في المياه الساحلية لقبرص وإسرائيل سباقًا كبيرًا، والذي بدوره يؤكد على ضرورة قيام إدارة الرئيس الأمريكي «بارك أوباما» بإعادة النظر في سياستها التقشفية في منطقة شرق المتوسط.

وسوف يجعل اكتشافات الغاز كلاً من إسرائيل وقبرص من الدول المصدرة للطاقة لعقود قادمة من الزمن، وبالتالي تعزيز أيدي اثنين من حلفاء واشنطن الموثوق بهم في مجال الحرب على الإرهاب. لقد وقّعت إسرائيل صفقة لتزويد الأردن بالغاز الطبيعي بقيمة 15 مليار دولار من حقل «لڤياثان» العملاق على مدار الــ 15 عامًا المقبلة بحسب ما أوردته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، كما وقّعت إسرائيل مذكرة تفاهم مع القاهرة لبيع ما يصل إلى 2.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لعملاء صناعيين غير حكوميين في مصر. وأبرمت شركة «هاليبرتون» - ومقرها تكساس - اتفاقًا مع قبرص لحفر ما يصل الى 54 بئر غاز خلال السنوات القليلة المقبلة، والذي بمقتضاه يتمّ استثمار أكثر من خمسة مليارات دولار في تكاليف الإنتاج.

وتتطلع مصر - التي تمتلك محطة لتحويل الغاز الطبيعي المُسال على أراضيها – إلى أن تكون مستوردًا لأصول النفط والغاز؛ ربما عبر قبرص.

وتُعدّ مسألة الأمن قضية رئيسية لمنصات الغاز في المياه الساحلية وحماية خطوط الأنابيب القابعة في قاع البحر، والتي تحتاج واشنطن للنظر فيها  بجدية عالية. خطوط أنابيب الغاز التي تتكلف مليارات اليورو من إسرائيل إلى قبرص إلى اليونان هي حل النقل الذي تدعمه إسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا، كما تم الإعلان في 19 نوفمبر خلال مؤتمر في روما لوزراء الطاقة في جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط.

ويمكن تغذية خط الأنابيب الذي ينتظر أن ينقل الغاز من خلاله إلى دول الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2022م - وفقًا لمسئولين قبارصة - عبر خط أنابيب البحر الأدرياتيكي الأوروبي.

وتتفق جميع الآراء أنّ تحالفات شرق المتوسط التي أوجدت «باكس أمريكانا» خلال الحرب الباردة قد انهارت. تركيا شريك في منظمة حلف شمال الأطلسي، ولكنها واحدة لا يمكن الاعتماد عليها. واصطفت الدبابات التركية على الحدود مع سوريا خلال حصار أغسطس لمدينة «عين العرب» رافضة التدخل بشدّة. وأصاب التحالف الإسرائيلي التركي في المجالين الأمني والاستراتيجي التوتر في السنوات الأخيرة، وتراجعت العلاقات التركية الأمريكية منذ عام 2003م عندما رفضت تركيا في البداية السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة «إنجرليك» الجوية في عملية غزو العراق.

ويواجه دور الولايات المتحدة الذي كان يومًا ما هو المهيمن كصانع للقرار السياسي في المنطقة تحديًا في ظل تمركز الأسطول الروسي في المنطقة بكامل طاقمه ومعداته، بينما الأسطول السادس الأمريكي لا يُوجد بنفس القوة التي كان عليها في السابق. ونتيجة لانسحاب الجيش الامريكي وسياسة الإدارة المتعمدة لتجنب المخاطر جزئيا فقد سارعت روسيا إلى سدّ فراغ السلطة من خلال التوسط في عملية بين الولايات المتحدة وسوريا في عام 2013م حول قضية الأسلحة الكيميائية، وإنشاء العلاقات التجارية في مجال الطاقة مع تركيا، وتأمين وجودها العسكري في سوريا، ومغازلة جميع البلدان في المنطقة من أجل مرافق الموانيء لأجل تمركز أسطولها الروسي.

وفي هذه الأمواج السريعة من إعادة الترتيب في المنطقة، تأمل إسرائيل وقبرص أن تساعدهم حليفتهم الولايات المتحدة في التوصل إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة. ومع ذلك؛ فإنه منذ عام 2011م فإن إدارة أوباما تبذل قصارى جهدها لتحويل أصولها العسكرية إلى القارة الآسيوية. وكما أوردت مجلة «ميدل ايست كورترلي»: «في حين أن الجيش الأمريكي لا يزال قادرًا على العمل في شرق البحر الأبيض المتوسط، فإن التصور العام في المنطقة يشير إلى أن إدارة أوباما تفتقر إلى الإرادة السياسية والمهارات اللازمة للقيام لذلك».

وأكد «دان بيرتون» - الجمهوري السابق بالكونجرس - على أهمية المشاركة الاستراتيجية والعملية من قبل بلاده في المنطقة من أجل ضمان الاستقرار الإقليمي وأمن الطاقة لدى حلفاء الولايات المتحدة. وتحدث أمام مؤتمر للطاقة في مقر «واشنطن تايمز» هذا الشهر: «وبصفتي عضو للكونجرس الأمريكي لمدة 30 عامًا أستطيع القول إن الكونجرس يمكنه مع ذلك فعل الكثير من خلال تمويل أو عدم تمويل المشاريع التي تقدم بها البيت الأبيض».

ويدعم البيت الأبيض ادعاءات قبرص بأحقيتها في الطاقة بالمنطقة. ويتعين أن يكون هناك الآن علامة على الاستثمار في تعزيز الأمن في المنطقة. وقال الرئيس القبرصي «نيكوس أناستاسيادس» إنه يرحب بالعمل مع مجموعة «الشراكة من أجل السلام»؛وهي شبكة من الدول تعمل على هامش حلف شمال الأطلسي. وبصفتها عضو في الاتحاد الأوروبي فإن قبرص أيضًا حليف في الأمن الدولي ضد الإرهاب.

كما أنه يمكن القول أن من صالح الولايات المتحدة الأمريكية وقبرص زرع الأصول الأمريكية العسكرية في قبرص. ومن شأن هذه الخطوة أن تدعم قوات الأمن البحرية في اليونان وإسرائيل، وستمهد الطريق لقبرص للانضمام إلى دول «الشراكة من أجل السلام» ثم منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في نهاية المطاف. وفي الوقت الذي تظهر فيه اليد الطولى للإسلاميين في تركيا وسوريا والعراق ومصر، فقد حان الوقت للعب بورقة قبرص.

المصدر | واشنطن تايمز – ماريوس إفثيمايوباولوس

  كلمات مفتاحية

الطاقة في شرق المتوسط

خط إسرائيل ـ قبرص ـ إيطاليا: الطاقة تعيد رسم التحالفات الإقليمية

إسرائيل وقبرص واليونان تقدم للاتحاد الأوروبي رؤيتها لخط أنابيب الغاز

«أوباما» يكشف التوصل لانفراجة مع الهند بشأن ملف التعاون النووي

غاز شرق المتوسط: خلافات وعراقيل