دول الخليج و”إسرائيل“: هل يقود التعاون السري إلى مصالحة؟

الأحد 28 ديسمبر 2014 03:12 ص

يعتقد الكثيرون أن عملية «الجرف الصامد» فتحت أمام إسرائيل فرصة تعزيز علاقاتها مع التكتل السني الملكي في المنطقة؛ والذي مثله مثل (القدس) لا يهتم فحسب باحتواء إيران، لكنه أيضًا يسعى إلى إضعاف القوى الإقليمية (سواء كانت جهات حكومية أوغير حكومية) ذات العلاقة بالإسلام الراديكالي. ورغم ذلك؛ فإنه ينبغي للمرء أن يضع في اعتباره أن تلك العملية من المصالح المشتركة لم تبدأ اليوم بل هي موجودة داخل التطورات الدبلوماسية التاريخية.

ومع إطلاق «مبادرة فهد» في عام 1982م، فإن المملكة العربية السعودية تخلت - علنًا على الأقل – عن سياستها التي كانت حتى ذلك الحين ترفض حق إسرائيل في الوجود.

وتمّ تعزيز العلاقت بين الجانبين بعض الشيء في أعقاب مؤتمر مدريد، حيث تعاونا معًا من خلال خمس مجموعات عمل لمعالجة مختلف القضايا الإقليمية شملت المياه والبيئة والاقتصاد واللاجئين والحد من التسلح.

مبادرة الملك «عبد الله» المعروفة؛ والتي أصبحت بعد قمة بيروت عام 2002 تعرف بـ«مبادرة السلام العربية» أخذت خطوة للأمام وبشّرت بــ «علاقات طبيعية» لإسرائيل مع العالم العربي والإسلامي تكون مرهونة بانسحاب إسرائيلي إلى حدود 4 يونيو عام 1967م، وإيجاد حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين تمشيًا مع قرار الأمم المتحدة رقم 194.

وفشلت إسرائيل في استخدام المبادرة كأساس للحوار مع العالم العربي. وفي الوقت الذي أعلن فيه بعض كبار المسئولين في إسرائيل - ولا سيما وزير الخارجية «أفيجدور ليبرمان» - بالفعل عن بعض الدعم من أجل تسوية إقليمية شاملة بروح المبادرة العربية، رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي «بنيامين نتنياهو» ذلك علنًا في الآونة الأخيرة فقط.

وإذا نحينا مبادرة الملك «عبد الله» جانبًا، فإن السعوديين أيضًا ظلوا سلبيين إلى حد كبير، وأظهروا اكتراثًا محدودًا بشأن فكرة وجود اتفاق سلام في المنطقة. وقد يكون هذا دليلا على أن المبادرة تم تصميمها من البداية لتُحدث تغييرًا في الصورة السلبية في المملكة في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001م والهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة.

ومع ذلك فقد أسست سلطنة عُمان وقطر لعلاقات رسمية وإن كانت جزئية - بصرف النظر عن إغضاب السعودية أو إرضاء الولايات المتحدة - وفتحت إسرائيل بعثات لها في كلا البلدين لكن عملية «الرصاص المصبوب» تسببت في إغلاقها من جديد.

الشركات الإسرائيلية تقدم مساعدات عسكرية لدول خليجية

وقد رفضت دول الخليج العربية في السنوات الأخيرة تبني «إجراءات بناء ثقة» علنية تجاه إسرائيل كجزء من جهود حشد الدعم الإقليمي لعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ومع ذلك؛ فإن الوثائق المنشورة على موقع «ويكيليكس» تتحدث عن «حوار سري ومتواصل» بشأن القضية الإيرانية.

كما تردد أيضًا أن الشركات الإسرائيلية تساعد دولاً خليجية في مجال الاستشارات الأمنية، والتدريبات العسكرية المحلية، ومبيعات الأسلحة والأنظمة المتطورة ووسائل التكنولوجيا. كما يعقد كبار المسئولين من كلا الجانبين في الوقت ذاته اجتماعات مستمرة داخل المنطقة وخارجها.

وتشير التقارير أيضًا أن إسرائيل خففت قيودها بشأن تصدير الأسلحة إلى دول في الخليج، وكذلك محاولاتها تقييد مبيعات الولايات المتحدة من الأسلحة المتقدمة إلى دول الخليج؛ وهو أمر يبدو كإشارة تُظهر إمكانية وجود شراكة بدلاً من وجود تهديد محتمل. وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن إسرائيل تتمتع بقدر مُعين من الوصول إلى الأسواق في منطقة الخليج ما دامت المنتجات لا تملك مسميات أو ماركات إسرائيلية.

ولا تغفل المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج قدر القوة العسكرية الإسرائيلية وكذلك علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة (ونفوذها في الكونجرس)، ويرون قيمة الحفاظ على مستوى معين من التنسيق مع (القدس). ومع ذلك؛ تزعم تلك الدول أن وجود «علاقات طبيعية» – كما يحلو للسعوديين تسميتها – أمر غير ممكن طالما ليس هناك تقدّم كبير في العملية السياسية مع الفلسطينيين.

تلاقي المصالح بشأن إيران

من وجهة نظر دول الخليج؛ فإن ضررعلاقات مفتوحة مع إسرائيل في هذه المرحلة من الزمن قد تكون أكبر من نفعها. هم يستفيدون حاليًا من حقيقة أن العلاقات غير الرسمية السرية تسمح لهم بالتمتع بمزايا العلاقات مع إسرائيل دون الحاجة إلى دفع ثمن في الرأي العام العربي. لذا فإن أي محاولة للإعلان عن العلاقات من الممكن أن تفضي إلى تقويضها.

ويمكن فقط لتقدم حقيقي في عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين أن تُوسّع الأرضية المشتركة، ويعزز إمكانية أن تقوم دول الخليج بدعم اتفاق كامل - من وجهة النظر السياسية والدينية والاقتصادية.

علاوة على ذلك؛ فإن حقيقة أن إيران تمثّل تهديدًا مشتركًا قد لا تؤدي بالضرورة إلى سهولة التعاون بين دول الخليج وإسرائيل. ولا تعني المصالح المشتركة أن وجهة النظر الخاصة بالبيئة الاستراتيجية أيضًا مشتركة.

وهكذا؛ فإنه على سبيل المثال ربما تأمل دول الخليج حقًا في في الحصول على ضربة إسرائيلية ضد البُنى التحتية النووية الإيرانية، ولكن لديهم تحفظات على الظهور بمظهر المتعاون مع إسرائيل خشية أن تكون هناك حاجة لدفع ثمن الهجوم الإسرائيلي.

وفي المقابل؛ فإن أي اتفاق مستقبلي بين القوى العالمية وإيران بشأن القضية النووية، وخوفهم من هذا الاتفاق من الممكن أن يدفع دول الخليج نحو التشبث بخيار أفضل عن طريق الاقتراب من إيران بطريقة مدروسة، ومن ثمّ تصبح أكثر صخبًا بشأن أنشطة إسرائيل النووية - على غرار: «إذا كانت إيران، فلماذا لا تكون إسرائيل".

وعلى الرغم مما سبق؛ فإنه ينبغي للمرء ألا يقلل من أهمية العلاقات، وخاصة وأن هذه العلاقات بين دول لا تعترف رسميًا ببعضها البعض. ويساعد الحوار بين الطرفين على الحفاظ على الاستقرار الإقليمي، وبالتأكيد لن تكون هناك مشكلة من الترويج لتسوية سياسية.

السعودية: مبادرة السلام العربية «لا تزال على الطاولة»

وفي السياق ذاته؛ فإن السعوديين يشيرون في الآونة الأخيرة إلى أن مبادرة السلام العربية لا تزال «على الطاولة»، وأنهم يعرضونها على أساس للمفاوضات وليس الإملاءات، وأنه يمكن تعديلها لتتناسب مع الواقع الإقليمي المتغير.

وبالتزامن مع هذه التصريحات الإيجابية؛ لم يعد كبار المسئولين السعوديين يخجلون تمامًا من الاجتماعات العامة مع مسئولين إسرائيليين. وقد شهدنا مؤخرًا لقاءًا ضمّ رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير «تركي الفيصل» واللواء «عاموس يادلين» رئيس معهد دراسات الأمن القومي.

وظهرت دول الخليج بعد عملية «الجرف الصامد» وكأنها تحاول مرة أخرى - على مستوى التصريحات على الأقل - إحياء مبادرة السلام العربية وتقديمها إلى إسرائيل باعتبارها أفضل حل للصراع.

«وتكمن الأخبار الجيدة في أنه إذا أرادت إسرائيل تحقيق اتفاقية كبيرة مع العرب فإنه لا وقت أنسب من الآن»؛ بحسب مأمون فندي مدير برنامج الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن.

وأضاف فندي لصحيفة الشرق الأوسط اليومية المملوكة للسعودية: «إن الدول العربية في أسوأ حالتها السياسية منذ سنوات؛ وذلك بسبب معاناتها اضطرابات سياسية داخلية. الدول العربية الآن على استعداد لتوقيع اتفاقٍ شاملٍ مع إسرائيل».

قد يجادل البعض بأن الحالة الضعيفة الحالية للدول العربية هي السبب وراء إحجام إسرائيل عن إبرام أي اتفاقات معهم في هذا الوقت؛ حيث إن الشركاء في تلك الاتفاقيات من شأنهم أن يناضلوا من أجل التمسك بها. ومع ذلك؛ فإن بين التوصل إلى تسوية سياسية إقليمية شاملة وعدم التعاون بأي شكل من الأشكال يوجد مجال معقول للعمل فيه، وبإمكان إسرائيل الاستفادة من هذا.

المصدر | يوئيل جوزنسكي، يديعوت أحرنوت

  كلمات مفتاحية

السعودية إسرائيل

موقع بريطاني: طائرة خاصة تحلق سرا بين أبوظبي وتل أبيب مرتين أسبوعيا!

تحقيق لـ«هآرتس» يكشف عن خط طيران ”سري“ بين مطاري «بن جورين» و«دبي»

العلاقات «السعودية - الإسرائيلية» مرة أخرى

السعودية تبحث عن التحالف مع إسرائيل

تركي الفيصل لمؤتمر إسرائيل للسلام: السلام ممكن بالعودة للمبادرة العربية

"إسرائيل" ستقبل المبادرة العربية لتتحالف مع السعودية ودول الخليج

الأمير تركي الفيصل "يناظر" قائد الاستخبارات الإسرائيلي السابق

عندما يقود الخليج