السعودية.. التقشف الحكومي والأزمة الخليجية يعصفان بالقطاع الخاص

الأحد 24 سبتمبر 2017 09:09 ص

توقع خبراء دوليون دخول القطاع الخاص السعودي في أزمة تمويل خلال العام الجاري، بسبب التقشف الحكومي، فضلا عن نقص التمويل المتاح في البنوك المحلية والمخاطر الجيوسياسية، التي سببتها الأزمة الخليجية.

وبحسب تقرير لصحيفة «العربي الجديد»، حذر خبراء غربيون من مخاطر التسرع في تنفيذ التحول الاقتصادي السعودي من النفط إلى القطاعات غير الأحفورية، ضمن ما يطلق عليها «رؤية 2030».

وأشار الخبراء إلى تأثير ذلك سلبا على الاستقرار السياسي، وتحويل عملية التخصيص إلى منفعة لفئة محدودة من العائلات التجارية المرتبطة بحكام المملكة.

ونقلت الصحيفة عن «جين مايكل ساليبا» الخبير الاقتصادي في مصرف «بنك أوف أمريكا ميريل لينش» الأمريكي، في تقرير نشر على موقع البنك الأسبوع الماضي، إن الخطة السعودية تحاول تحقيق توازن غير ممكن بين التقشف والنشاط الاقتصادي في القطاع الخاص، لكن هذا يمكن أن يؤدي إلى ركود القطاعات غير النفطية.

واستعرض التقرير تعليق «غاربس ارديان» كبير خبراء الاقتصاد في معهد التمويل الدولي في واشنطن، الأسبوع الماضي، الذي قال فيه إن تحقيق 450 ألف وظيفة سنويا في القطاع الخاص، وفق الرؤية هدف صعب، بينما يواجه القطاع الخاص سياسة التقشف الحكومية في الإنفاق ورفع الدعم الحكومي عن سلع أساسية وخدمات.

وأشار التقرير إلى تحذير الخبيرة الأمريكية «كارن اي يونغ» من ارتكاب أخطاء خطط الإصلاح في السعودية، مثلما حدث في أوروبا الشرقية في التسعينات، وأدت إلى ثورات شعبية ضد الحكومات وقتها، أو ارتكاب أخطاء مثل تلك التي ارتكبها الاتحاد السوفيتي السابق، حينما باعت الدولة في عهد الرئيس «بوريس يلتسن»، ثروات متراكمة لتحالف حفنة من التجار ورجال الحكم وخلق مليارديرات كثر على حساب فقر الشعب الروسي.

ورأت «يونغ» المتخصصة في شؤون منطقة الخليج أن أزمة الخليج الحالية وضعت شكوكا كبيرة حول خطة الإصلاح الاقتصادي في السعودية ومستقبل «مجلس التعاون الخليجي».

وكانت «يونغ» التي أصدرت حديثا كتابا عن الاقتصاد السياسي للطاقة في منطقة الخليج، قد أشارت فيه إلى العقبات التي تواجهها «رؤية 2030»، لافتة إلى أن الحكومة السعودية اعتمدت لعقود طويلة على صرف الثروة النفطية عبر كتابة الشيكات، وفشلت في تلبية حاجة المواطن لخلق فرص عمل منتجة ومفيدة للدولة وللمواطن في صناعة الثروة.

وأوضحت أنه على الرغم من أن أهداف «رؤية 2030» المعلنة، هي تنمية وخدمة المواطن السعودي العادي، إلا أنها توقعت أن تؤدي في النهاية إلى خدمة العائلات التجارية المرتبطة بالدولة ولديها علاقات بالعائلة المالكة، مشيرة إلى أنه توجد دلائل الآن على أن العطاءات تعطى للشركات التي لديها صلات وثيقة بالعائلة المالكة.

ورأت أن التحول الاقتصادي يحتاج إلى شفافية ونظم رقابية تشرف على بيع مؤسسات الدولة التي تعرض للبيع، معتبرة أن عمليات «الإصلاح بالصدمة»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية تماما.

وأوضحت أن التسرع في خفض الوظائف الحكومية ورفع الدعم عن فواتير الكهرباء والماء والوقود، يمكن أن يؤدي إلى زيادة نسبة البطالة، وبالتالي زيادة معدلات الفقر في المجتمع السعودي.

فشل رؤية 2030

وكانت تقارير اقتصادية صادرة في وقت سابق من سبتمبر/أيلول الجاري عن وكالة «بلومبيرغ» الاقتصادية الأمريكية، قد رجحت أن تواجه السعودية عجزا ماليا، وتباطؤا غير مسبوق في النمو، مشيرة إلى فشل «رؤية المملكة 2030»، التي أثارت ضجة كبيرة خلال الأشهر الأولى من العام الماضي 2016.

ووصفت الوكالة «رؤية 2030» بأنها كانت مثل «الصبي الطموح»، ما دعا الحكومة السعودية في وقت لاحق إلى الإعلان عن إجراءات من شأنها تعديل هذه الرؤية.

وكشفت بيانات صادرة عن «مؤسسة النقد العربي السعودي»، في أغسطس/آب الماضي، عن أن المملكة خسرت أكثر من نصف احتياطيها العام في عامين ونصف العام، بعد أن تهاوى إلى 617.3 مليارات ريال (164.6 مليارات دولار) في يوليو/تموز 2017، مقابل 1.3 تريليونات ريال (346.6 مليارات دولار) في ديسمبر/كانون الأول 2014.

وجاء تهاوي الاحتياطي الأجنبي، رغم ارتفاع اللجوء إلى الاقتراض لسد العجز المالي، حيث تم تمويل حوالي 34% من العجز المتراكم في السنتين الأخيرتين من خلال إصدار سندات دين محلية وأجنبية.

وأوضح تقرير صحفي أن الحكومة السعودية تركز على برنامجين أساسيين هما «صندوق الاستثمارات العامة» (صندوقها السيادي) والخصخصة، ضمن رؤيتها حتى عام 2030.

وتهدف السعودية، إلى رفع الاستثمار الأجنبي المباشر المتدفق للبلاد بنسبة 133% إلى 70 مليار ريال (18.7 مليارات دولار) بحلول عام 2020، من 30 مليار ريال (8 مليار دولار) عام 2015.
وتستهدف الرؤية السعودية، رفع الإيرادات الحكومية غير النفطية من 163 مليار ريال (43.5 مليار دولار) في 2015، إلى نحو تريليون ريال سنويا (267 مليار دولار).

وشكلت الإيرادات غير النفطية 38% من إيرادات الدولة في 2016، فيما بلغت حصة الإيرادات النفطية 62% وهي أقل من المعدلات التي اعتادت السعودية عليها سنوات طويلة، سيطر فيها النفط على قرابة 90% من الإيرادات.

وكانت وكالة «بلومبيرغ، قد كشفت في وقت سابق من سبتمبر/أيلول الجاري، أن السعودية تتجه إلى رفع أسعار الوقود بمعدلات قياسية تصل إلى 80% في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، من أجل توفير موارد مالية للحد من عجز الموازنة.

وكشف وزير المالية السعودي «محمد الجدعان»، في أبريل/نيسان الماضي، أن عجز الموازنة بلغ نحو 26 مليار ريال (6 مليارات و923 مليونا و580 ألف دولار)، بينما المتوقع كان نحو 50 مليار ريال (13 مليارا و314 مليونا و600 ألف دولار).

وأعلنت السعودية في ديسمبر/كانون أول الماضي، موازنة العام 2017، بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليارات دولار)، مقابل إيرادات قيمتها 692 مليار ريال (184.5 مليار دولار)، بعجز قيمته 198 مليار ريال (52.8 مليارات دولار).‏

  كلمات مفتاحية

السعودية القطاع الخاص التمويل رؤية 2030 النفط عجز الموازنة الأزمة الخليجية

تراجع واردات السعودية من التبغ 71% بسبب الضريبة الانتقائية

16 مليار دولار خسائر متوقعة للكهرباء السعودية خلال عامين

إيكونوميست: دول الخليج فشلت في تحويل وجهة مواطنيها للقطاع الخاص