مجزرة «قانا» تفجر السجال السياسي في (إسرائيل)

الخميس 8 يناير 2015 01:01 ص

عاد لبنان وبقوة إلى السجال السياسي في إسرائيل، وهذه المرة ليس من بوابة الخشية من احتمالات حرب مستقبلية وإنما من كشف معطيات تتعلق بالماضي.

ويطال الأمر هذه المرة زعيم حزب «البيت اليهودي» نفتالي بينت، الذي يعتبر نجماً صاعداً في سماء السياسة الإسرائيلية جراء تطرفه ونزعته العسكرية.

ويتعلق الأمر بكشف معطيات تثبت أنه كان لبينت دور مركزي في الخطوات التي قادت إلى مجزرة قانا، في العدوان الذي عُرف بـ «عناقيد الغضب» في نيسان العام 1996.

وقد انفجر السجال مجدداً حول لبنان، بعدما نشر اثنان من كبار الصحافيين الإسرائيليين معلومات، سواء في صحيفة أو على صفحة «تويتر»، يشيران فيها إلى بينت بوصفه المسؤول عن تدحرج الأمور إلى إطلاق القذائف على معسكر الأمم المتحدة.

وكتب يجئال سارينا في ملحق «يديعوت أحرونوت» الأسبوعي بعنوان «كولونيل كورتس وكابتن بينت»، محملاً بينت مسؤولية وقوع المجزرة. وأشار إلى أن بينت كان يقود قوة كبيرة من الجنود في تلك المنطقة، وأنه عند انكشاف أمره طلب الإسناد فسقطت القذائف على موقع لجوء المدنيين اللبنانيين. وربط سارينا بين سلوك بينت ومقتل المدنيين اللبنانيين. وكتب أن بينت كان يحتقر قادته وأنه غيّر خطة العمل المقررة وتصرف بطريقته فتعرّض لنيران «حزب الله».

ولكن الاهتمام العام جاء أساساً من تغريدة نشرها المعلق السياسي للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي رافيف دروكر، جاء فيها أن «عسكرياً رفيع المستوى ومطّلع جداً على التحقيقات في قرية قانا العام 1996 قال لي قبل زمن ما: في شبكة الاتصالات ظهر الضابط الصغير بينت هيستيرياً، وساهم توتره بشكل لا بأس به في الخطأ الفظيع».
وعلى الفور ردّ بينت على دروكر: «أتذكر جيداً تلك الليلة في العام 1996. كنت مع جنودي، في عمق لبنان، قبالة العدو. أين كنت يا دروكر في تلك الليلة؟».

فرد دروكر «يا بينت، أتذكر جيداً تلك الليلة. نمت في سريري الدافئ، محمياً من أبطال إسرائيل مثلك، ممن امتلكوا الحق في قيادتنا ببطولة سامية، وعلى الطريق نالوا إعفاء من التفسيرات.

فأبطال إسرائيل، أمثالك، لا يحتاجون لتبرير كيف وجد مراقب الدولة ثمانية ملايين شيكل من الحزب الذي تقوده ببطولة، تختفي في الانتخابات، من دون فواتير، لأن بطلاً مثلك لا يضطر لتبرير كيف استأجرت خدمات محقق خاص، ووعدته بدفع الأتعاب خارج الفاتورة، وعندما وصل التحقيق إلى بطل مثلك حبيب على قلبك، نيسان سلومينسكي رفضت تسليم الأوراق للشرطة».

وأضاف «أنني في نومي تلك الليلة كنت أفكر في عدد الأبطال الذين سيستخدمون بطولتهم من أجل عدم الإجابة على أسئلة مثل علاقة البيت اليهودي بتحقيقات الفساد الجارية». وتحدّى بينت أن يكشف فعلاً حقيقة ما جرى تلك الليلة التي قُصف فيها المدنيون اللبنانيون.

وقادت خمس قذائف مدفعية إسرائيلية من عيار 155 مليمتراً التي سقطت على المنشأة الدولية إلى مقتل 102 من اللبنانيين، جلهم من النساء والأطفال والشيوخ، وهو ما قاد إلى استنكار دولي واسع ومحاولة إسرائيلية للتنصل من عواقب هذه الجريمة. ورافقت ذلك في حينه «حرب جنرالات» في إسرائيل، حيث ادعى رئيس الأركان حينها أمنون شاحاك أن الجيش الإسرائيلي لم يكن يعرف بوجود مدنيين في المنشأة، في حين أكد رئيس شعبة الاستخبارات حينها الجنرال موشي يعلون العكس.

وتمسّك الجيش الإسرائيلي برواية أن القائد المناوب العميد «ف»، عرف أن القذائف تتجه إلى معسكر القوات الدولية، لكنه لم يكن يعلم أن المئات من المدنيين لجأوا إلى هناك. وهناك مَن يعتقد أن هذه المجزرة كانت بين الأسباب خلف سقوط شمعون بيريز في الانتخابات وفوز بنيامين نتنياهو للمرة الأولى برئاسة الحكومة الإسرائيلية.

وخلال تلك الحرب عملت قوات خاصة إسرائيلية، خصوصاً من «سييرت متكال» و «ماجلان» و «شلداغ»، في الجنوب اللبناني. وحينها كان زعيم «البيت اليهودي» حالياً نفتالي بينت، قائد سرية في وحدة «ماجلان» أوكلت إليه مهمة قيادة مجموعة كبيرة من الجنود. لكن عناصر «حزب الله» اكتشفوا هذه القوة وأمطروها بالنيران، خصوصاً قذائف الهاون. وقام بينت بإبلاغ غرفة القيادة الخلفية بانكشاف قوته وطلب إسناداً بنيران قوية للنجاة. وتقول إسرائيل إن هذا قاد إلى كارثة إطلاق القذائف على مقر القوات الدولية وبالتالي إلى وقف العملية برمّتها.

وكان بينت قد انتقل إلى وحدة «ماجلان»، التي تولى فيها قيادة سرية الاستطلاع، بعد أن كان خدم في «سييرت متكال»، واعتبر متخصصاً في العمليات في القطاع الشرقي. ويروي ضباط عن بينت أنه كان متوحشاً في عملياته مثل أرييل شارون وأن «سكيناً بين أسنانه».

وقد علق بينت على ما نشر بشأنه في عدوان نيسان العام 1996 ودوره في مجزرة قانا، قائلاً «في الأيام الأخيرة خرجت للدفاع عن مقاتلي لواء جفعاتي، بعد أن فتح تحقيق جنائي ضدهم (لجرائم اقترفوها في حرب غزة)، وأنا أكرّر: تحقيق جنائي ضدهم على أدائهم تحت النيران بعد اختطاف الضابط هدار غولدن بأيدي حماس. وقررت بشكل واضح: ضد البطولة لن يفتح تحقيق. ويستحق مقاتلو جفعاتي أوسمة لا محامين».

وأضاف بينت، في كلمة ألقاها أمام مؤتمر للتجارة الخارجية عقد في تل أبيب أمس، «بعد أن أعربت عن موقفي بشأن مقاتلي جفعاتي، بدأت حملة منظمة ضدّي حول مسؤوليتي كقائد مزعوم عن مجزرة قانا قبل حوالى 20 عاماً». وشدد على «أنني لا أنوي الدفاع عن نفسي هنا. قبل 20 عاماً، في ربيع العام 1996، فعلاً خرجت إلى لبنان دفاعاً عن سكان الشمال، وطوال ثمانية أيام، مع عشرات المقاتلين، فعلنا هذا بالضبط. لن أعتذر عن ذلك، وأنا فخور بما فعلت».

وبشأن الاتهامات بمسؤوليته عن مجزرة قانا، قال بينت «لا مشكلة عندي، واصلوا مهاجمتي على ما فعلت في وحدة ماجلان، ويمكنكم حتى العودة إلى سييرت متكال واختراع قصص. وأنا واثق أن هناك من يفتش عن ذلك في هذه الدقائق فعلاً. هاجموني كما تشاؤون، لكن من أجل الله أتركوكم من جنود جفعاتي». 

وفي إطار السجال حول دور بينت في مجزرة قانا نشر عشرات من الضباط متخرجي وحدة «ماجلان» بيان تأييد لبينت، قالوا فيه إنهم بمعزل عن آرائهم وميولهم السياسية والحزبية «نرفض الحملات التي تشن على نفتالي بينت في الأيام الأخيرة في وسائل الإعلام».

وحسب البيان فإن بينت، كقائد سرية في «ماجلان»، «عمل باحتراف، برودة أعصاب، وعزم ومسؤولية كبيرة، وبانضباط عالٍ، وكل محاولة لعرض الأمور بشكل مغاير ليست صحيحة، مضللة ومغرضة».  

 

المصدر | حلمي موسى | السفير

  كلمات مفتاحية

زعيم حزب إسرائيل بيتنا نفتالي بينيت مجزرة قانا جنوب لبنان 1996

قضايا الاقتصاد تهيمن على الاسرائيليين قبل انتخابات مارس 2015

مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون: العلاقات بين واشنطن وتل أبيب وصلت حضيضا غير مسبوق

جدعون ليفي يكتب في هآرتس: حذارِ .. يا اسرائيل!

المخابرات الأميركية: بعد 2025 لن يكون هناك اسرائيل

أردوغان: لن تعود علاقتنا مع إسرائيل لطبيعتها طالما واصلت عدوانها علي فلسطين