تحول عقيدة الجيش المصري من العداء إلى الشراكة مع (إسرائيل)

الأربعاء 4 أكتوبر 2017 02:10 ص

تزامنا مع الاحتفالات المصرية بالذكرى الـ44 لـ«نصر أكتوبر 1973»، أعلن وزير الدفاع اليوناني «بانوس كامينوس» أن بلاده تنوي المشاركة في تدريب عسكري مشترك بين سلاح الجو المصري و(الإسرائيلي) والقبرصي؛ بينما لم يصدر عن الجيش المصري أي نفي أو تأكيد للخبر.

الخبر الذي أحدث صدمة في أوساط المصريين الذين لا يزالون ينظرون إلى (إسرائيل) على أنها «عدو»، طرح تساؤلات أيضا حول صحة ما يقوله معارضون مصريون منذ إعلان 3 يوليو/تموز 2013، حول تغيير للعقيدة العسكرية المصرية ليصير «العدو» بالنسبة لها هو «الإرهاب» وليس (إسرائيل)، ويمكنها وفقا للعقيدة العسكرية الجديدة زيادة تدخلاتها السياسية والدبلوماسية والبقاء في السلطة، بدلا من أن يكون العدو هو الكيان الصهيوني وسلاح الجيش موجه إلى الخارج وحفظ الحدود فقط.

ورغم أن الجيش المصري سبق أن خاض حروبا عديدة ضد (إسرائيل)؛ فإن الدفء يظلل العلاقات الحالية بينهما في ظل توجه «السيسي» للتقارب العلني مع (إسرائيل)، ليس فقط من إيمان ببرجماتية العلاقة مع (الإسرائيليين)؛ وإنما لمروره بأزمات ضخمة داخل مصر، كما أن التنسيق الأمني والاستخباراتي فيما يخص قضايا الحدود المشتركة والقضية الفلسطينية وغزة وصل لأبعد من ذلك في علاقات دبلوماسية وعسكرية معلنة.

علاقات دافئة

وفي سابقة؛ التقى «السيسي» بـ«نتنياهو» مؤخرا ولأول مرة علنا على هامش مشاركتهم في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكشفت صحف (إسرائيلية) عن لقاءين سريين العام الماضي والجاري جمعا «السيسي» بـ«نتنياهو» في العقبة الأردنية والقاهرة، وقد أقر «نتنياهو» بذلك واعترف «السيسي» كذلك ضمنا. 

كما أعلن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، في لقاء تلفزيوني مع شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، أن 50 دولة عربية وإسلامية ستطبع العلاقات مع (إسرائيل) في حال توصلت لتسوية سياسية مع الفلسطينيين، مشيرا إلى أن مصر تعتبر أحد أهم الدول التي تشارك في الدفع بتلك التسوية.

وظهر التطور العلني للعلاقات المصرية ­ (الإسرائيلية) جليا خلال مشاركة السفير المصري «حازم خيرت» في مؤتمر «هرتسيليا» السادس عشر في «الأراضي المحتلة» المتخصص في مراجعة السياسات الأمنية والدفاعية للدولة العبرية وعنوانه «أمل إسرائيلي، رؤيا أم حلم؟».

وبحسب تصريح السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر «حاييم كوهين»، فإن «مصر و(إسرائيل) تتمتعان حاليا بعلاقات قوية».

وفي مداخلة لسفير (إسرائيل) في القاهرة «ديفيد غوفرين» في «معهد أبحاث الأمن القومي INS» في جامعة تل أبيب، فإن العلاقات بين (إسرائيل) ومصر تعتمد إلى حد كبير على الجانب العسكري وأنه من أجل تثبيت السلام يجب أن يقوم على قدمين؛ الأولى عسكرية والثانية مدنية اقتصادية والدمج بين الجانبين يضمن بقاء التعاون على المدى البعيد بين الطرفين.

اليد الطولى لـ(إسرائيل)

وبحسب مراقبين، فإن المعضلة ليست فقط في التدريبات العسكرية المشتركة بينهما، ولكن في نوعية السلاح الذي جرى اختياره لتلك التدريبات العسكرية، حيث يقام ذلك التدريب مع اليد الطولى للجيش (الإسرائيلي) التي سبق أن أذاقت الجيش المصري خسارة فادحة في حرب يونيو/حزيران 1967.

وتحدثت تقارير عسكرية عن أن سلاح الجو المصري الذي تم تدميره تماما تقريبا عام 1967، وأعيد بناؤه خلال الأعوام الستة اللاحقة، وشارك بفعالية عالية خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، تراجعت قدراته العسكرية، خاصة في ظل حديث تقارير عن سقوط 13 طائرة عسكرية مصرية في حوادث منفصلة، ولم يكشف الجيش عن سبب سقوط هذه الطائرات، كان آخرها في 12 أغسطس/آب الماضي، حيث سقطت طائرة عسكرية في محافظة الدقهلية وسط الزروع، وأسفر ذلك عن مصرع قائدها.

كما أن المناورات العسكرية التي شارك فيها سلاح الجو المصري كانت محدودة، وباستثناء فرنسا، فإنها أقيمت مع بلدان لا تحظى بسمعة عالمية في تطور أسلحتها الجوية أو كفاءتها العالية، إذ أجرى سلاح الجو المصري مناورات محدودة مع سلاح الجو الإماراتي والسعودي والكويتي والفرنسي واليوناني، وكان آخرها تدريبات جوية مع طيران السعودية حملت اسم «فيصل 11». 

في المقابل؛ فإن سلاح الجو (الإسرائيلي) الذي تنوي القوات الجوية المصرية الاشتراك معه في تدريبات عسكرية، تعتبره (إسرائيل) يدها الطولى، وتحافظ على تفوق شايع بينه وبين بقية أسلحة الجو لجيوش المنطقة، وغالبا ما يتم تزويده بأحدث الطائرات، فبينما تسمح أمريكا للجيش المصري بشراء عدد محدود من طائرات F16، تدعم بسخاء الجيش (الإسرائيلي) بطائرات F35.

وبخلاف الاعتماد الحديث على سلاح الجو (الإسرائيلي) في معارك غزة وجنوب لبنان على نطاق واسع، فقد سبق لهذا السلاح قديما أن أذاق مصر الهوان فجر الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، إذ أغار على جميع المطارات المصرية؛ حتى تلك السرية منها والمقامة في عمق الداخل المصري، ودمر المقاتلات المصرية في مرابضها على الأرض، مما ترك الجنود المصريين بلا غطاء جوي أثناء النكسة، وأصبحوا صيدا سهلا للمقاتلات (الإسرائيلية).

العقيدة العسكرية.. أين ذهبت؟

التدريبات العسكرية المشتركة بين مصر و(إسرائيل) يطرح تساؤلا عما إذا «باتت (إسرائيل) شريكا لمصر بعدما كانت عدوا وقاتلة ومحتلة؟!»، حيث بنيت العقيدة المصرية للجيش المصري منذ 1948 على اعتبار (إسرائيل) العدو الأول.

وسبق أن خاض الجيش المصري 5 حروب ضد (إسرائيل)، ورغم معاهدة السلام التي وقعها الرئيس المصري الراحل «محمد أنور السادات»، فقد ظل الجيش المصري يعتبر (إسرائيل) العدو الأول له، ولم تفلح كل محاولات التطبيع والضغوط الأمريكية في تغيير العقيدة العسكرية للجيش المصري، كما كشفت تقارير صحفية أن أمريكا سبق أن حاولت وطيلة العقود الماضية تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري، لكن المشير «محمد حسين طنطاوي» الذي كان حينها وزيرا للدفاع رفض ذلك.

وأظهرت البرقيات الدبلوماسية التى نشرها موقع «ويكيليكس» خلافا فى وجهات النظر بين واشنطن والقاهرة بشأن تطوير مهمة الجيش المصرى مع إصرار القيادة المصرية على إعداده فى المقام الأول لمواجهة عسكرية تقليدية.

وكشفت البرقيات، التى تعود إلى 2008 و2010، عن أن واشنطن ترغب فى تطوير الجيش المصرى لتوسيع نطاق مهمته وزيادة تركيزها على التهديدات الجديدة، فى حين تتمسك القاهرة بمهمته التقليدية فى حماية البلاد.

تدريبات للعقيدة الجديدة

وبعد صعود الفريق «عبدالفتاح السيسي» ليتولى وزارة الدفاع أعلن عن تشكيل «قوات التدخل السريع»، وأعلن أن تلك القوات التي تم تشكيلها للمرة الأولى في القوات المسلحة، تأتي لتعزيز قدرة الجيش على مواجهة «التحديات التي تواجه مصر في الداخل» والخارج؛ وهو الدور الذي حاولت واشنطن طيلة عقود أن تجعله أولوية الجيش المصري بدلا من مواجهة (إسرائيل).

وقال «السيسي» حينها إن القوات المسلحة «يعاد تنظيمها وتطويرها وفقا لأحدث النظم القتالية لتنفيذ جميع المهام، وزيادة قدرة الجيش المصري على بذل أقصى جهد لمجابهة التهديدات والتحديات التي قد تواجه الوطن وأمنه القومي»، وإن قوات التدخل السريع شكلت للقيام بمهام «خاصة جدا».

وقال مراقبون إن التوجه الجديد للقوات المسلحة، يقول إن القادة الجدد للجيش المصري قد بدؤوا بالفعل في تغيير عقيدة القوات المسلحة من «قتال (إسرائيل)» إلى «محاربة الإرهاب».

وخلال مناورات «النجم الساطع» التي جرت بين أمريكا والجيش المصري الشهر الماضي، مثلت نوعية التدريبات دلالة واضحة للدور المطلوب من الجيش المصري خلال الفترة المقبلة، إذ توجهت معظم التدريبات نحو العمليات الموجهة ضد «العمليات الإرهابية»، وليس إلى تعزيز القدرات العسكرية لمواجهة الحروب النظامية.

وقالت المصادر العسكرية الرسمية حينها إن التدريبات شملت التحضير والتنظيم لمعركة هجومية على عناصر إرهابية متمركزة داخل قرية حدودية، بدءا من عزل العناصر الإرهابية ودفع عناصر الاستطلاع والمهندسين للتغلب على الموانع وتأمين طرق وخطوط الاقتحام وتنفيذ عمليات جوية لعناصر من قوات الصاعقة للمعاونة في استعادة السيطرة على القرية وقطع وعزل الإمدادات الخارجية لتطهير القرية والسيطرة عليها والقبض على كافة العناصر الإرهابية المتمركزة داخلها ودفع عناصر التأمين الطبي والإداري والمعنوي لإعادة تشغيل المرافق وطمأنة السكان المحليين.

وفي كل مرة جرى ذكر كلمة «العدو» خلال البيانات العسكرية الرسمية، فإن تم ذكر كلمة الإرهاب في أعقابها، بينما لم تتم الإشارة أبدا إلى (إسرائيل)، ولا حتى مقارنة من طرف خفي بين القدرات العسكرية المصرية ونظيرتها في بقية جيوش المنطقة بشكل عام.

  كلمات مفتاحية

مصر إسرائيل السيسي نتنياهو الجيش أكتوبر الإرهاب

«السيسي» يمدد بقاء القوات المصرية لـ«حماية الخليج» ومغردون: «يحمي مكتبه أولا»

15 قتيلا من الجيش والشرطة في تفجيرات بسيناء .. وتغييرات في القيادة العسكرية على وقع الإخفاق

«السيسي» يكلف القوات المسلحة بإنشاء مجمع سكني باسم «محمد بن زايد»