طموح يناطح السحاب .. هل تنتقل القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي إلى دول الخليج؟

السبت 10 يناير 2015 04:01 ص

تتطلع دبي دومًا إلى تحقيق أرقام قياسية. فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ لديها أطول مبنى في العالم (برج خليفة)، وأكبر مركز تسوق (مول دبي)، وأطول سلسلة ذهبية يدوية (5.52 كم).

ولكن ما هو أبعد من مجرد التباهي، فإن إمارة دبي لديها المزيد من الإنجازات الكبيرة التي تُحسب لها؛ فقد تفوّق مطار دبي في سبتمبر/أيلول على مطار «هيثرو» الشهير في لندن ليصبح أكثر المراكز العالمية ازدحاما بالركاب، الذين وصل عددهم حوالي 68.9 مليون راكب يستخدمونه سنويا.

وحوّلت الثروة النفطية والجغرافيا والاستثمار الطموح الجذاب إمارة دُبي إلى مركز عبور رئيسي، خاصة للأشخاص والبضائع التي تتحرك داخل أو عبر منطقة الشرق الأوسط. ويُعدّ «طيران الإمارات» - الناقل الرئيسي في دبي - أحد أبرز شركات الطيران الرائدة على مستوى العالم. وحصل ميناء «جبل علي» على الترتيب التاسع عالميًا من حيث الازدحام. علاوة على ذلك؛ فإن «دبي وورلد سنترال» - مركز الخدمات اللوجستية حول المطار الجديد - سيكون ضعف حجم هونج كونج عند اكتماله. وتقوم دولة الإمارات العربية المتحدة - التي تُعدُّ دبي أحد إماراتها السبعة - ببناء سكة حديد كجزء من شبكة مقترحة بقيمة 25 مليار دولار أمريكي لربط الدول الست في مجلس التعاون الخليجي.

وبحسب «فادي غندور» - مؤسس شركة «آرامكس» للخدمات اللوجستية في دبي - فإن المدينة تمتلك «بنية تحتية ناعمة» ممتازة.

ويضيف: «في دبي مسؤولون أرسوا أسس القوانين المناسبة التي يُعمل بها في مختلف المجالات، ويتعاملون بشفافية مع الوكلاء التجاريين ويوفّون دائمًا بوعودهم التي يعلنون عنها». ومن الأمثلة على ذلك الممر الخالي من رسوم الجمارك بين الميناء والمطار؛ والذي يسمح للشركات باستيراد وتصدير المواد الخام من دون تكلفة. لا تُوجد هناك ضوابط تقيّد الصرف ولا حتى ضرائب. ولا عجب أن شركة «دي إتش إل» للخدمات اللوجستية وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الـ12 في مؤشر الترابط العالمي السنوي - وهو مقياس للعولمة - متخلفة درجة واحدة وراء هونج كونج لكنها قبل فرنسا وإيطاليا.

البحث عن النفوذ السياسي

ويرجع ذلك جزئيًا إلى النمو في إمارة دبي، وقد أصبحت الإمارات العربية المتحدة مركزًا اقتصاديًا جذاباً، ما شجع بدوره لتصبح أكثر حزمًا من الناحية السياسية (طموح شجع عليه جزئيًا مجاورتها لإمارة أبو ظبي).

«إنها لحظة حاسمة لدول مجلس التعاون الخليجي لأخذ زمام القيادة» هكذا قال «ناصر السعيدي»، الخبير الاقتصادي اللبناني المقيم في دبي.

وأضاف: «لدى دولة الإمارات العربية المتحدة وحدها الطاقة والشباب والرؤية للقيام بذلك، ويبدو أنها حريصة على ذلك».

وسارعت القوات الجوية الإماراتية بتحمّل دور بارز في المهمة القتالية التي قادها حلف الأطلسي على ليبيا في عام 2011م، كما أنها حاليًا جزء من التحالف ضد «الدولة الإسلامية» في سوريا (رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تقوم بغالبية الضربات الجوية). وبالتعاون مع المملكة العربية السعودية القوة التقليدية في منطقة الخليج - تمّ ضخ الأموال في مصر دعمًا للمشير «عبد الفتاح السيسي»؛ الجنرال الذي أطاح بجماعة الإخوان المسلمين من الحكم في عام 2013. ومارست الإمارات العربية المتحدة ضغوطًا على دول أخرى؛ بما في ذلك المملكة المتحدة للحد من نفوذ الإسلام السياسي.

وتعتمد نجاحات دبي على موقعها المتميز بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، بالإضافة إلى استقرارها في منطقة تعاني الحرب والسياسة الراكدة. «دبي هي الملاذ الوحيد الآمن للجميع في بحر من المشاكل في كل مكان»، بحسب «السعيدي».

وبلا شك فإن حكام دبي كانت لهم رؤية. فعندما أسس السيد «غندور» شركة «آرامكس» في عام 1982م قام بوضع مركز الخدمات اللوجستية في البحرين أعقبه بمركز مالي رائد في المنطقة، وبحلول منتصف الثمانينيات من القرن الماضي كان قد انتقل إلى دُبي. وتسعى دول خليجية أخرى في الوقت الراهن إلى محاكاة واستنساخ نجاح دبي.

على بعد ما يزيد على الساعة تقريبًا على الطريق من دبي تقوم أبو ظبي بتوسيع مطارها؛ قاعدة «الاتحاد للطيران» أحد شركات الطيران الأخرى في الإمارات المعروفة على مستوى العالم. كما توسّع أبوظبي حاليًا ميناء الخليفة مستعينة بقرض بلغ 300 مليون درهم إماراتي (ما يعادل 82 مليون دولار أمريكي).

وافتتحت قطر مُؤخرًا مطارا جديدا، وتنافس الخطوط الجوية القطرية - أكبر من الاتحاد للطيران ولكن أصغر من طيران الإمارات - بشراسة على حركة المسافرين والبضائع. وتأتي الخطوط القطرية على بعد نقطتين فقط وراء دولة الإمارات العربية المتحدة في مؤشر الأداء اللوجستي للبنك الدولي.

وتعتبر سلطنة عمان ميناءها في الدقم الواقع على المحيط الهندي أكثر ملاءمة وأكثر استراتيجية من «جبل علي»؛ حيث إن السفن لا تحتاج أن تمر عبر مضيق هرمز المزدحم للوصول إليه.

وتستثمر المملكة العربية السعودية 500 مليار دولار في البنية التحتية بحلول عام 2020م؛ بما في ذلك بناء مدن جديدة لتحفيز التنمية الاقتصادية ومركز مالي ومترو وجامعات ومدارس جديدة. وتنفق البحرين والكويت على البنية التحتية ببذخ عالٍ هي الأخرى.

وهناك سؤال يطرح نفسه الآن بشأن ما إذا كانت مثل هذه المشروعات العملاقة ذات مغزى من الناحية الاقتصادية في ظل انهيار أسعار النفط وتراجع أسواق الأسهم في جميع أنحاء المنطقة. فحتى دبي أثبتت أنها ليست في مأمن أو معصومة. لقد مر فقط ست سنوات منذ انهيار سوق العقارات الذي أجبر «دبي العالمية» - الشركة العامة القابضة - للخروج من أبوظبي. وتم تغيير اسم برج دبي البالغ ارتفاعه 828 متر سريعًا إلى «برج خليفة» بعد أن أنقذه الشيخ «خليفة».

المصدر | ذي إيكونوميست

  كلمات مفتاحية

دبي أبوظبي الإمارات جبل علي طيران الإمارات برج خليفة

دبي تدخل موسوعة «جينيس» مجددا بـ«شاشة برج خليفة» كأكبر شاشة فى العالم

«آبل» تعتزم فتح أكبر متجر لها على الإطلاق في دبي

برج «المملكة» بجدة يتصدر أطول أبراج العالم "حتي الآن"

«دبي العالمية» تسعى لتعديل خطة إعادة هيكلة ديون بـ 25 مليار دولار

15 حقيقة مبهرة لا تعرفها عن دبي!!

«تشاتام هاوس»: المستقبل السياسي لدول الخليج في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية

الشعب السعودي يريد «جودة الحياة»